https://follow.it/amir-samdani?action=followPub

Wednesday 18 October 2023

دوراليهود في المجتمع الأندلسي

 


: دور اليهود في المجتمع الأندلسي  

توجد إشارات قليلة في الروايات التاريخية تتحدث عن العلاقات بين اليهود وحكامها مما يدل إلي هدوء العلاقات بينهم، فنري أنه لم يقم اليهود طوال هذه المدة التي تزيد عن ثلاثة قرون بأي تمرد على السلطة الحاكمة في الأندلس، كما لم تثبت مشاركتهم في أيٍّ من التمردات العديدة، وحركات الخروج على الحاكم التي قام بها غيرهم، بل كانوا يتعاونون في بعض الأحيان مع السلطة ضد الخارجين عليها.

قصة اليهودي الكاهن

ويروي لنا المقري في نفح الطيب عن قصة اليهودي في بلاط حاكم المغرب عبد الرحمن ابن حبيب وكان يتكهن له ويخبره بتغلب قرشي مرواني واسمه عبد الرحمن ذو ضفيرتين وأنه سوف يملك الأندلس ويجعل الحكم في سبطه. فاتخذ عبد الرحمن عند ذلك ضفيرتين، فلما جيء بعبد الرحمن ونظر إلى ضفيرتيه قال لليهودي: ويحك هذا هو، وأني قاتله، فقال له اليهودي: إنك إن قتلته فما هو به، وإن غُلبت على تركه إنه لهو. فقام ابن حبيب بالتنكيل بكل من يأتي إليه من بني أميه حتي هرب منه عبد الرحمن الداخل إلي القيروان. وتوضح لنا هذه الرواية مكانة اليهودي داخل بلاط عبد الرحمن بن حبيب هذا بالإضافة إلى مساعدته لعبد الرحمن الداخل في النجاة بحياته.

يهودي يخبأ فقهيا مسلماً في بيته

عجب الحكم الأول (180-206هـ / 796- 822م) من تصرف اليهودي الذي أخفى في بيته لمدة سنة الفقيه طالوت، المطلوب للسلطة، بسبب مشاركته في ثورة الربض سنة (202هـ / 817م)، وقال للوزير الذي دله وحرضه عليه عندما لجأ إليه طالوت ليشفع له: "يا أبا البسام، رجل من اليهود حفظ فيه علة من العلم والدين، وخاطر معنا بنفسه وماله وأنت غدرته، وقد وثق بك، أردت أن تهلكه هو وأهله، اخرج عني، فو الله لا رأيت لي وجها أبدا "، وعفا عن طالوت وعن اليهودي وعقبه من بعده وعزل أبا البسام. ويتضح لنا بتصرف الحكم إزاء اليهودي والتعامل معه أنه لم يتخذ في نفسه رأياً مسبقاً بسبب كونه يهودي بل تصرف معه بتفهم وإحسان، وهذا دليل أيضاً علي متانة العلاقات بين اليهود والسلطة الحاكمة في هذا الوقت، وأيضاً ثقة اليهود في الفقهاء ودفاعهم عنهم وهذا يدل علي أن الفقهاء لم يكونوا يحرضون السلطة ضد اليهود.

لم يتم فرض زي معين علي اليهود، بل كانت لهم حرية الاختيار وكانوا يتحدثون العربية، وكانت لهم حريتهم في تيسير أمورهم كما يروا، وكانوا يتقاضون فيما بينهم إلا إذا طلب اليهودي أن يقاضي أمام قاضي مسلم.

تاجر يهودي يلجأ للقضاء ضد الأمير محمد بن عبد الرحمن الأوسط

ويحكي لنا ابن سعيد في كتابه حلي المغرب عن التاجر اليهودي الذي كان يعيش في ماردة وكان يريد أن يبيع جارية لديه لمحمد بن عبد الرحمن الوالي علي ماردة، فأخذها دون أن يدفع ثمنها. فلجأ اليهودي إلي القضاء وكان واليه أنداك سليمان بن أسود فهدده أن يذهب إلي قرطبة لوالده عبد الرحمن الأوسط (206 – 238 هـ / 822 – 852 م) إذا لم يعطي لليهودي حقه. وضحت لي هذه الوقعة شيئين، أولهما عدم خوف اليهودي من التظلم أمام القضاء وخصمه الوالي ابن الأمير ويبدو أنه قام بذلك لثقته في نزاهة القضاء وأنه لم يكن يوجد اضطهاد علي أساس الدين وأن الكل سواسية أمام القانون، ثاني شيء وهو موقف القاضي واتخاذه جانب اليهودي علي حساب الوالي بل وتهديده بتصعيد الأمر لأبيه الأمير.

يهود مدينة أليسانة وموالاتهم للأمويين

وعندما حدث التمرد الكبير للمولدين في الأندلس، والذي حرض عليه وقاده عمر بن حفصون في أواخر عهد الأمير محمد الأول (238-273هـ / 852-886 م)، خضعت الكثير من المناطق والمدن الواقعة جنوبي قرطبة لسيطرة ابن حفصون، وأعطاه الكثير من سكانها ولاءهم، بينما ظلت مدينة أليسانة يقطنها أغلبية من اليهود وهي قريبة من قرطبة وحصن بلاي حيث الموقعة التي دارت بين ابن حفصون و المنذر ابن الأمير محمد وتعرف بموقعة حصن بلاي، ولقد ظلت أليسانة موالية للسلطة في قرطبة. وأنني أعتقد أن الموقفين السابقين لليهود لم يصدرا عنهم، بدافع من الوفاء أو الالتزام بالعهود والمواثيق، بل لأن مصلحتهم أن تكون هناك حكومة قوية توفر لهم الأمن، وتعطيهم حقوقهم كأهل ذمة، وليس من مصلحتهم أن يخضعوا لمجموعة من المشاغبين والعصاة فيعتدوا على أموالهم ويضيعوا حقوقهم. وأيضاً لما رأوه من أعمال ابن حفصون في مدينة بيانة Baena  التي كان يسكن غالبيتها اليهود إذ يقول ابن عذاري أنه في سنة (276هـ / 889م): "نقض ابن حفصون، وقصد بيَّانة، فحارب أهلها، ثم أعطاهم العهد، فلما نزلوا إليه غدرهم وقتلهم، وأخذ أموالهم، وسبى ذراريهم".

حسداى بن شبروط

وكان من المقربين من الخليفة عبد الرحمن الناصر (300 – 350 هـ / 912 – 961 م) يهودي طبيب يدعي حسداي بن إسحق وهو أول من فتح لأهل الأندلس باباً لتعلم في الفقه والتاريخ وغير ذلك، وكانوا قبل ذلك يضطرون في دراسة فقه دينهم وتاريخهم إلي الاعتماد علي يهود بغداد، فلما اتصل حسداي بالحكم أدخل تواليف اليهود إلي الأندلس، فتعلم اليهود دينهم ولم يضطروا إلي الاعتماد علي يهود بغداد  وله ترجمة لكتاب " الحشائش والنباتات، أو هيولي علاج الطب، أو كتاب الأدوية المفردة " وهو كتاب لـ دياسقوريدوس والذي تم ترجمته في بغداد أيام الخليفة المتوكل العباسي ولم يتم ترجمته بالكامل لعدم المعرفة التامة بالترجمة اليونانية وما يقابلها بالعربية، وفي عام 337 هـ وصل الكتاب إلي الأندلس في زمن عبد الرحمن بن محمد مع هدايا أخري من أرمانيوس ملك القسطنطينية Romanus، والذي بعث له أيضاً عام 340 هـ براهب يدعي نيقولا، وقام بترجمة الكتاب مرة أخري بالاشتراك مع حسداي بن شبروط.

وقد ازداد تقدير الخليفة الناصر لدين الله لحسداي، وصار يعتمد عليه في بعض سفاراته إلى الممالك الفرنجية.

وفي (عام 329 هـ / 941 م) أرسله الخليفة الناصر إلي جليقية Galicia لعقد الصلح مع رذمير الثاني وإطلاق سراح محمد بن هاشم التجيبى قائده الذي أسر في وقعة الخندق قبل عامين وتم إطلاق سراحه عام 330 هـ (941 م) وجاء إلي قرطبة بصحبة حسداي بن إسحق الإسرائيلي.

ومن الدلائل علي ثقة الخليفة الناصر في حسداي أيضاً ما ذكره ابن عذاري حين أخبرنا أنه عام 345 هـ (956 م) " قدم محمد بن حسين رسولاً كان من الناصر إلي الطاغية أردون ابن ردمير ملك جليقية، ومعه حسداي بن شبروط اليهودي، بكتابه إلي الناصر راغباً منه في الصلح، فأسعفه الناصر في ذلك علي اختبار ولده الحكم، وأشتُرط علي الطاغية شروط وانصرفت رسله بذلك "

وقد أسهم حسداي بن شبروط بدور كبير في تشجيع اليهود وجذبهم إلى سفينة الفكر والأدب التي يقودها المسلمون، معتمداً في ذلك على علاقته الحسنة بالسلطة في عهدي الناصر والحكم الثاني (المستـنصر بالله) (350 – 366 هـ / 961 – 976 م)، فقد جعله الناصر رئيساً لكل اليهود

كان يأمنه على الأندلس، وظل كذلك إلى عهد الخليفة المستنصر بالله، ومكنته الدولة من جمع ثروة كبيرة من خلال وظيفته ومهماته الدبلوماسية، فاستطاع أن يوظف ما أعطي له من جاه ومال في دعم الثقافة اليهودية، حيث أخذ يقلد الأمراء المسلمين الذين دعوا العلماء والأدباء إلى مجالسهم، وجعلوها منتديات للعلم والفكر والأدب.

نستنبط مما سبق ما كانت له من مكانة عظيمة في بلاط الخليفة الناصر وكيف إجراء الاتفاقيات والمفاوضات، وأصبح له دور مؤثر في حياة يهود الأندلس فأصبحت الأندلس من أهم سماتها في هذا العصر التسامح مع اليهود، والدليل علي ذلك المكانة التي وصل إليها حسداي الإسرائيلي.

صارت عادة الحكام الأمويين اختيار أحد اليهود من كل مدينة يوجد بها يهود ويوكلونه لجمع الجزية من أهل بلدته وتسليمها إليهم، فيروي ابن حيان أنه في عهد الخليفة الحكم المستنصر (350 – 366 هـ / 961 – 976 م) في عام (363 هـ / 973 م) " سجل الحجاج بن متوكل اليهودي علي قسامة قومة يهود اليسانة " ويدل هذا علي الثقة التي كان يحظى بها اليهود داخل دولة الأمويين فلم يجنح الأمويون إلي اختيار مسلم أهل للثقة لديهم لجمع الجزية.

إبراهيم بن يعقوب الإسرائيلي

وينسب إلي طرطوشة، كان يهودياً أو مسلماً من أصل يهودي، رحل إلي كثير من الأقطار الأوربية وخاصة بلاد السلاف (الصقالبة)، وخلال رحلته قابل البابا يوحنا الثاني عشر في روما (350 هـ / 961 م)، وإمبراطور ألمانيا أوتو الكبير في مدينة ماذن برج، ثم عاد إلي الأندلس عام (356 هـ / 967 م)، حيث بدأ في كتابة رحلته في العام التالي وقدم رحلته هذه إلي الخليفة الحكم الثاني وكانت له سفارة ثانية إلي ألمانيا إلي مدينة ماذن برج حيث ألتقي بالعاهل الألماني عام (354 هـ / 965 م).

وفي نهاية عصر الخلافة قام المنصور ابن أبي عامر بتعيين صانع الحرير اليهودي يعقوب بن جاو رئيساً للطوائف اليهودية في الأندلس، ومنحه الصلاحيات التي مُنحت لحسداي بن شبروط في عهد الناصر، وهناك إشارة في كتاب ابن بسام إلي قيام يهودي بتأليف كتاب عن تربيب العسل وإهدائه للمنصور ابن أبي عامر وهذا يدل علي أن مثقفي الأندلس كانوا حريصين علي التقرب من السلطة السياسية في هذا الوقت.

لقد شهد اليهود هجرة واسعة إلي الأندلس حتي نهاية عهد الخلافة، قدرها عبد الله التل بأكثر من نصف مليون نسمة، ولم يكن لليهود أن يتركوا بلادهم ويهاجروا إلي الأندلس إلا بسبب أنهم رأوا كل رعاية وإحسان من الحكام فانتعشت تجارتهم ورأي اليهود في العالم ما آل إليه أحوال اليهود في هذه الأندلس فقرروا ترك بلادهم والهجرة.

 

 


المصادر

1- ابن الخطيب، أعمال الأعلام، تحقيق: سيد كسروي حسن، ط 1، دار الكتب العلمية ـ بيروت، 1424 هـ / 2003 م.

2- العذري (أحمد بن عمر بن أنس)، نصوص عن الأندلس، تحقيق: عبد العزيز الأهواني، منشورات معهد الدراسات الإسلامية بمدريد، د ت.

3- المقري،    نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر بيروت، 1388 هـ / 1968 م.، م 3.

4- ابن القوطية (أبو بكر محمد بن عمر)، تاريخ افتتاح الأندلس، تحقيق: إبراهيم الإبياري، ط2، دار الكتاب المصري – دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر، 1410 هـ -1989 م.

5- ابن عذاري المراكشي (عبد الله بن محمد)، البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، تحقيق: ج . س كولان ـ ليفي بروفنسال، ط2،دار الثقافة ميريت –لبنان، 1400 هـ - 1980 م. ج 2 ؛

6- ابن خلدون (عبد الرحمن بن محمد)، مقدمة ابن خلدون و هي الجزء الأول من تاريخ ابن خلدون المسمى العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، ج 1، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت لبنان، 1421 هـ / 2001 م .ج 4

7- الإدريسي (أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله)، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، مكتبة الثقافة الدينية 2002 م – 1422 هـ، م 2.

8- ابن سعيد المغربي، المغرب في حلي المغرب، تحقيق شوقي ضيف، ط 4، دار المعارف ـ القاهرة، د ت، ج 1.

9- ابن صاعد الأندلسي (ابي القاسم صاعد أحمد بن صاعد)، طبقات الأمم،نشره وذيله بالحواشي: الأب لويس شيخو اليسوعي، المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيين / بيروت 1912

10- ابن جلجل (أبي داود سليمان بن حسان)، طبقات الأطباء والحكماء، تحقيق: فؤاد سيد،  ط 2، مؤسسة الرسالة، 1405 هـ / 1985 م، ص 21).

11- ابن حيان، المقتبس، جـ5، اعتنى بنشره ب.شالميتا، بالتعاون لضبطه وتحقيقه مع ف. كورنيطي و م.صبح وغيرهما، مدريد، المعهد الإسباني العربي للثقافة، 1979م.

12- ابن الحيان، المقتبس (السفر الثاني)، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ط 1، 1424 هـ / 2003 م. 

13- ابن بسام الشنتريني (أبي الحسن علي)، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، تحقيق: إحسان عباس، دار الثقافة بيروت لبنان،، 1417 هـ / 1997 م.

المراجع

1- خالد يونس عبد العزيز الخالدي، اليهود في الدولة العربية الإسلامية في الأندلس (92-897 هـ = 711 -1492 م)، رسالة دكتوراه من قسم التاريخ جامعة بغداد 1999، مطبعة دار الأرقم غزة –فلسطين.

2- عبد الله التل، خطر اليهودية العالمية علي الإسلام والمسيحية، دار القلم، 1384 هـ / 1964 م.

3- عبادة كحيلة،تاريخ النصارى في الأندلس، ط 1، المطبعة الإسلامية الحديثة، 1993 / 1414 هـ

4- محمد عبد الله عنان، دولة الإسلام في الأندلس العصر الأول -القسم الأول من الفتح إلي بداية عصر الناصر، ط 4 , مكتبة الخانجي بالقاهرة، 1417– 1997 م

5- حسين مؤنس، تاريخ الجغرافية والجغرافيين، ط 2، مكتبة مدبولي، 1986.

6- محمد محمد مرسي الشيخ، دولة الفرنجة وعلاقاتها بالأمويين في الأندلس حتي أواخر القرن العاشر الميلادي، مؤسسة الثقافة الجامعيه، 1401 هـ / 1981 

حسداي بن شبروط

 حسداي بن شبروط (915 – 975 تقريبًا) (بالعبريةחסדאי בן יצחק בן עזרא אבן שפרוט) طبيب ودبلوماسي يهودي أندلسي، ورئيس الطائفة اليهودية في الأندلس. كان راعي للعلوم، حيث يعتبر من الأوائل الذين وضعوا حجر الأساس للعصر الذهبي اليهودي في الأندلس. كان حسداي سفيراً للخلفاء الأمويين في الأندلس ومبعوثهم الخاص في الدول الأجنبية.



تولى حسداي بعض المهام الدبلوماسية من قبل الخليفة. ففي عام 941 م، أرسله الناصر إلى بلاط راميرو الثاني ملك ليون للتفاوض من أجل إطلاق سراح محمد بن هاشم التجيبي، والاتفاق على شروط للتصالح.[7] وفي عام 949 م/337 هـ، استقبلت قرطبة سفارة من القيصر قسطنطين السابع لدعم الروابط الدبلوماسية مع الأندلس. كان من ضمن الهدايا التي حملتها تلك السفارة، كتابًا طبيًا ونباتيًا مكتوب باليونانية من تأليف ديسقوريدس. ساعد حسداي الراهب اليوناني نيقولا الذي أرسله القيصر البيزنطي قسطنطين عام 340 هـ، لترجمة كتاب ديسقوريدس من اليونانية إلى العربية،[2] وهو الكتاب الذي أصبح مرجعاً كبيراً استخدمه العرب والأوروبيون خلال القرون الوسطى.

وفي عام 955 م، تولى حسداي علاج سانشو الأول ملك ليون من بدانته المفرطة، ثم استقبل حسداي يوحنا الجورزيني [الإنجليزية] سفير الإمبراطور أوتو الأول إلى قرطبة عام 956 م. وفي عام 958 م، عندما استولى أردونيو الرابع على عرش سانشو الأول ملك ليون، طلبت الملكة تودا النافارية من الخليفة الناصر مساعدة حفيدها سانشو على العودة لعرش ليون. فأرسل الناصر حسداي إلى بلاط نافارا، لإقناع تودا بزيارة قرطبة مع ابنها غارسيا وحفيدها سانشو لتقديم ولائهم للخليفة وطلب مساعدتهم بجيوشه. وبعد وفاة الناصر، ظل حسداي في خدمة الخليفة الحكم المستنصر بالله.

أعمالهعدل

عندما علم حسداي بوجود مملكة يهودية مستقلة، حرص على مراسلة بلاطها للتواصل معهم، بعد أن علم بوجودهم من سفيري ملك الصقالبة إلى بلاط قرطبة. وأرسل حسداي معهم رسالة إلى ملك الخزر يصف فيها موقع الأندلس وعلاقاتها الخارجية، وسأله أن يمده بالمعلومات حول الخزر وأصولهم وسياساتهم وقدراتهم العسكرية، وغير ذلك. بعض المؤرخين مثل باير شككوا في الرسالة، وقالوا بأنها كتبت في القرن السادس عشر وأنها ليست من أعمال شبروط.[8] كما أرسل حسداي رسالة إلى الإمبراطورة البيزنطية هيلينا يناشدها منح الحرية الدينية ليهود بيزنطة.[9]

أسس حسداي مدرسة قرطبة التلمودية، واستدعى لها الكثير من علماء اليهود من المغرب والعراق وإيطاليا،[10] وجعل موسى بن حنوخ مديرًا لها،[11] الذي جلبه من إيطاليا، ومن بين هؤلاء العلماء الذي استقطبهم دوناش ابن لبراط النحوي من فاس. في عهد رئاسة حسداي للطائفة اليهودية في الأندلس، بدأ عصر النهضة اليهودي في الأندلس الذي كان بداية لتطور الشعر وعلوم اللغة العبرية.[12][13][14] كما تحوَّلت الأندلس إلى أهم مراكز اليهودية في العالم،[15] حيث أصبحت قرطبة مركزًا للدراسات العبرية. وقد وصفته المراجع اليهودية بمؤسس الثقافة الجديدة لليهود في إسبانيا في القرن العاشر.[1] وحمل ابن شفروط اسم «ريش كلاه» الذي يعني «رأس العرش»، لمنافسة لقب «رأس المثبتا»، الذي كان يُطلَق على رؤساء الحلقات الفقهية التلمودية في سورا بالعراق.[16]

راجع أيضاعدل

آینہ حق مؤلفہ جناب انور حفیظ خان صاحب پڑھنے کیلئے درج ذیل لنک پرکلک کریں:

https://drive.google.com/file/d/1HBgwBxnMyOPEOYLmVIfYvt1SRGuzUuyA/view?usp=drivesdk 

راہ حق مولفہ جناب انور حفیظ خان صاحب پڑھنے کیلئے درج ذیل لنک پرکلک کریں:

https://drive.google.com/file/d/1HM9xLMN9LCRcW9wNX41lI-EU08XSRNgs/view?usp=drivesdkhttps://drive.google.com/file/d/1HM9xLMN9LCRcW9wNX41lI-EU08XSRNgs/view?usp=drivesdk

جعفرالمصحفي

أبو الحسن جعفر بن عثمان المصحفي (المتوفي عام 372 هـ) حاجب الخليفتين الحكم المستنصر بالله وابنه هشام المؤيد بالله. ينتمي جعفر بن عثمان بن نصر بن قوي بن عبد الله بن كسيلة إلى بربر بلنسية، وقد كان الخليفة عبد الرحمن الناصر لدين الله قد اختار عثمان أبي جعفر مُؤدّبًا لولي عهده الحكم، لذا كان جعفر مقرّب لدى الحكم، الذي اختاره ليكون كاتبه الخاص. ثم اختاره الناصر ليكون واليًا لجزيرة ميورقة. ولما آلت الخلافة للحكم، جعله وزيره، وأبقاه كاتبًا خاصًا له، وضم إليه منصب صاحب الشرطة بعد فترة، ثم جعله حاجبه بعد وفاة الحاجب جعفر بن عبد الرحمن الصقلبي، ثم أصبح المسئول الأول عن تسيير أمور البلاد في العامين الأخيرين من حياة الحكم المستنصر بالله، اللذان قضاهما في نوبات متتابعة من المرض. كما جعله الخليفة هشام المؤيد حاجبه في أول خلافته، وعيّن عددًا من أبناء جعفر وأبناء أخيه في مناصب رفيعة. إبطاله لخطة الصقالبة قاد جعفر المصحفي عملية في إبطال مخطط فتيان قصر الخلافة الصقالبة لتولية المغيرة بن عبد الرحمن الناصر لدين الله الخلافة خلفًا للخليفة الحكم المستنصر بالله بدلاً من ابن الحكم وولي عهده هشام، والذي انتهت بمقتل المغيرة، وتولية هشام المؤيد بالله ابن إثني عشرة عام خليفة تحت وصاية أمه صبح البشكنجية. ثم تعاون مع رجل الدولة القوي وصاحب الشرطة محمد بن أبي عامر على التخلص من نفوذ الفتيان الصقالبة داخل القصر تدريجيًا، لتنحصر السلطة الفعلية في يد المصحفي وابن أبي عامر وأم الخليفة. سجنه ووفاته إلا أن محمد بن أبي عامر استغل علاقته القوية بصبح أم الخليفة، وسوء العلاقات بين جعفر المصحفي وغالب بن عبد الرحمن الناصري صاحب مدينة سالم وقائد جيش الثغر نتيجة اتهام جعفر لغالب بالتقصير في الدفاع عن الحدود الشمالية أمام حملة الممالك المسيحية في الشمال على حدود الدولة بعد وفاة الخليفة الحكم المستنصر بالله. فلجأ محمد بن أبي عامر للتحالف مع غالب ومصاهرته بزواجه من أسماء بنت غالب التي كان جعفر المصحفي قد راسل غالب يطلبها للزواج من ابنه محمد بن جعفر، ثم استصدر محمد بن أبي عامر مرسومًا خلافيًا من خلال حليفته أم الخليفة بعزل محمد بن جعفر المصحفي كحاكم لقرطبة، وتولية محمد بن أبي عامر حاكمًا على قرطبة بالإضافة إلى منصبه كقائد لجيشها. كما استصدر مرسومًا آخر من الخليفة بتولية صهره غالب الناصري الحجابة إلى جانب جعفر المصحفي، مما يعد انتقاصًا من سلطة جعفر المصحفي. وفي 13 شعبان 367 هـ، كانت نكبة جعفر المصحفي بعد أن أصدر الخليفة هشام المؤيد بالله مرسومًا بإقالة الحاجب جعفر بن عثمان المصحفي، وسجنه هو وأبنائه وأقاربه ومصادرة أموالهم. شدد ابن أبي عامر في التنكيل بجعفر المصحفي ونكايته، حتى أنه كان يحمله معه مكبلاً في غزواته، ثم زجه في السجن، فظلّ في محبسه في الزهراء لأعوام إلى أن مات مسمومًا وقيل مخنوقًا في محبسه عام 372 هـ، وأسلم إلى أهله وهو في أقبح صورة. شعره كان جعفر المصحفي شاعرًا بليغًا له الكثير من الأشعار الشهيرة التي تناقلتها كتب التاريخ منها، ما قاله من شعر الغزل: يا ذا الذي لم يدع لي حُبّه رمقًا هذا مُحبك يشكو البثّ والأرقا لو كنت تعلم ما شوقي إليك إذا أيقنت أن جميع الشوق لي خُلِقا لم يُبصر الحُسن مجموعًا على أحدٍ من ليس يُبصر ذاك الخدّ والعنقا وله في نكبته قوله: لا تأمننّ من الزمان تقلُّبا إن الزمان بأهله يتقلبُ ولقد أراني والليوث تهابني وأخافني من بعدُ ذاك الثعلبُ حسبُ الكريم مذلةً ونقيصةً أن لا يزالَ إلى لئيمٍ يَطلبُ وإذا أتتك أُعجوبةٌ فاصبر لها فالدهرُ يأتي بعدُ ما هو أعجبُ المراجع

فنون الشعر الأندلسي المتطورة

الشعر التعليمي: ويراد به الأراجيز والمنظومات التاريخية والعلمية، وهو لا يلتقي مع الشعر الفني الذي يغلب عليه عنصرا الخيال والعاطفة إلا في صفة النظم، ويستقل في الرجز كل شطر بقافية. من الأراجيز التاريخية أرجوزة يحيى ابن حكم الغزال (ت250هـ) شاعر عبد الرحمن الثاني (الأوسط) وهي في فتح الأندلس، وأرجوزة تمام بن عامر بن علقمة (ت283هـ) في فتح الأندلس وتسمية ولاتها والخلفاء فيها ووصف حروبها، وأرجوزة ابن عبد ربه في مغازي عبد الرحمن الثالث، وأرجوزة أبي طالب عبد الجبّار (القرن الخامس الهجري) وكان مواطنوه يلقبونه بالمتنبي وقد قصر شعره على الوصف والحرب والتاريخ، وأرجوزة لسان الدين بن الخطيب (ت776هـ) «رقم الحلل في نظم الدول» وهو تاريخ شعري للدولة الإسلامية في المشرق والأندلس. ويلي كل قصيدة شرحها. ومن الأراجيز العلمية أرجوزة ابن عبد ربه في (العروض) وأرجوزة الشاطبي، القاسم بن فيّرة (ت590هـ) في القراءات وعنوانها «حرز الأماني». وألفية ابن مالك (ت بدمشق سنة 672هـ) في النحو، وأرجوزة لسان الدين بن الخطيب المسماة «المعتمدة» في الأغذية المفردة، وأرجوزة أبي بكر محمد بن عاصم (829 هـ) في القضاء وعنوانها «تحفة الحكام في نكت العقود والأحكام»، وتذكر في نطاق الشعر التعليمي منظومة حازم القرطاجني (ت684هـ) وهي منظومة ميمية في النحو عدد أبياتها سبعة عشر ومئتان، وبديعية ابن جابر الضرير (ت780هـ) التي نظمها في مدح الرسول الأعظم e ، وضمنها نحو ستين فناً بديعياً، وسماها «الحلة السيرا في مدح خير الورى». وصف الطبيعة: ألهبت طبيعة الأندلس الجميلة قرائح الشعراء، فرسموا لوحات شعرية متنوعة أودعوها أخيلتهم وعواطفهم. رأى عبد الرحمن الداخل نخلة بالرصافة (شمالي قرطبة)، فلم يصفها في طولها ولا في التفافها ولا في ثمرها، وإنما عقد بينه وبينها شبهاً في النوى والبعد عن الأهل. ووصف ابن عبد ربه الطبيعة بمعناها العام المتمثل في الرياض وأزهارها فخلع على صياغته من نفسه ومهارته ما جعلها مصورة البيئة الأندلسية أدق تصوير وأحلاه. وقد ردد ابن حمديس (ت527هـ) أصوات القدماء في الطبيعة كما ردد أصوات المحدثين، ووصف الخيل والإبل والغيث والبرق، وأقحم عبارات امرئ القيس، ثم حاكى أبا نواس في الدعوة إلى نبذ الوقوف على الأطلال، ودعا إلى الشراب، وكثيراً ما وصف ترحاله وتغربه عن صقلية التي أبعد عنها وهو حدث (471هـ) لما غزاها النورمان. تغنى الشعراء الأندلسيون بجمال الطبيعة الأندلسية، فابن سفر المريني يتعلق بالأندلس فيراها روضة الدنيا وما سواها صحراء، وابن خفاجة الذي لقب «بالجن ّ ان» و « بصنوبري الأندلس» يشبهها بالجنة فهو يقول: يــا أهــل أندلـــس لله دركـــم مــاء وظل وأنهار وأشــــجار مـا جنة الخلد إلا في دياركـم ولـــو تخيرت هذي كنت أختار ووصف شعراء الأندلس أقاليم الأندلس وربوعها وصفاً دقيقاً، فحمدة بنت زياد (من شواعر القرن الخامس الهجري) تصف وادي آش Guadix القريب من غرناطة فترسم أكثر من صورة متحركة. وبدافع من التطور الحضاري أدخل الأندلسيون إلى قصورهم المنيعة الماء ليملأ البرك في باحتها، ولينتشر من أفواه التماثيل كما في وصف ابن حمديس بركة في قصر المتوكل بن أعلى الناس بإفريقية. أما وصف مجالس الأنس فقد بدأ ظاهرة اجتماعية في أخريات الدولة الأموية في الأندلس،ثم أخذت المجالس بالانتشار والشيوع ويغلب على هذا الشعر الارتجال، وفيه وصف للساقي والخمر. كذلك رأى الشعراء الأندلسيون في المرأة صورة من محاسن الطبيعة، وقد ألح ابن زيدون في ديوانه على ثنائية ولادة والطبيعة. وفي بعض أشعارهم ميل إلى النزعة القصصية، ومن ذلك قول جعفر بن عثمان المصحفي (ت372 هـ ) في سفرجلة تتبع وصفها مذ كانت تختال على شجرتها إلى أن ذبلت في كف الشاعر. ويغلب على الوصف في الشعر الأندلسي التشبيهات والاستعارات ويمثل لها بشعر ابن سهل (ت649هـ)، فقد صور الشاعر الطبيعة فأحسن المزج بين الألوان، وجمع بين الحس المرهف، والملاحظة الدقيقة. رثاء الممالك الزائلة: وهو تجربة إنسانية قل نظيرها في الأدب ال عربي لما اتصف به من حدة وحماسة، وجرأة في نقد المجتمع، ودعوة لاسترجاع ما ذهب. لقد رثى المشارقة المدن التي استبيح حماها، كما صنع ابن الرومي حين رثى مدينة البصرة عندما أغار عليها الزنج سنة 255هـ، لكن هذا اللون لم يظهر في الأدب المشرقي كما ظهر في الأدب الأندلسي فناً قائماً بذاته ي سير في ثلاثة اتجاهات: الأول هو رثاء المدن التي كانت عامرة فخربت أو ضاعت، ويمثل لـه بشعر أبي إسحق الألبيري يصف إلبيرة Elvira وما أصابها من دمار وخراب. أما الثاني فرثاء الدويلات التي زالت في أثناء الحكم ال عربي في الأندلس وفيه يعدد الشعراء ما حل بأرباب نعمتهم من أسر أو قتل أو تشريد كما في رثاء ابن اللبانة (ت507هـ) دولة بني عباد، ورثاء ابن عبدون (ت527هـ) دولة بني الأفطس في قصيدته الرائية «البس ّ امة» وأما الاتجاه الثالث فهو الشعر الذي نظمه أصحابه في رثاء المدن الضائعة مما سقط في يد العدو كما في قصيدة أبي البقاء الرندي (ت684هـ) التي تتوزعها ثلاث فكر هي الاعتبار بزوال الدول، وتصوير سقوط المدن، ثم دعوة المسلمين إلى الجهاد. شعر الاستغاثة: ويقوم على استنهاض عزائم ملوك المغرب والمسلمين لنجدة إ خوانهم في الأندلس أو التصدي للاجتياح الإسباني. وقد أورد المق ّ ري في نفح الطيب قصيدة ابن الأبَّار (ت658هـ) التي استغاث فيها بسلطان تونس أبي زكريا الحفصي سنة 636هـ ومطلعها: أدرك بخيلك خيــل الله أندلســـا إن الســبيل إلى منجاتها درســا فاستوعبت معظم الاتجاهات والمعاني التي أتى بها شعراء الاستغاثة. الموشحات والأزجال: أحدث الأندلسيون فناً جديداً يتجاوب مع البيئة التي شاع فيها الغزل والشراب والغناء وهو الموشح الذي يعتمده أكثر من وزن وأكثر من قافية، فيعمد الوشاح فيه إلى ضرب من التنويع والافتنان العروضي. نشأ هذا الفن في القرن الثالث الهجري على يد رجلين من قرية قبرة cabra بالأندلس هما: محمد بن حمود الضرير، ومقدم بن معافى، كما قال ابن بسام وابن خلدون. وإن كان بعض الدارسين، ومنهم المستشرقان الإسبانيان خوليان ر يبيرا Ribera وغارثيا غومث Garcia Gomez ، يرون أن الموشح تقليد لشعر رومانسي كان الإسبان يتغنون به، وقد أبقوا منه الخرجة الأعجمية، فالموشح يتألف من مطلع ومجموعة أدوار وخرجة، فالمطلع هو القفل الأول، أما الدور فيتألف من مجموع القفل والغ ص ن. ويأتي القفل على سمط أو اثنين أو أكثر، وكذلك الغصن، أما الخرجة فهي القفل الأخير من الموشحة. نظم الموشح في الأغراض المختلفة، وظهرت أسماء لامعة لوشاحين كان أغلبهم شعراء من أمثال أبي بكر عبادة بن ماء السماء (ت422هـ)، وعبادة القزاز (ت484هـ)، وابن اللبانة (ت507هـ)، والأعمى الت ُّ طيلي (ت520هـ)، وابن بقي (ت540هـ)، وابن زهر الحفيد (ت595هـ)، وابن سهل الإشبيلي (ت659هـ)، وأبي الحسن الششتري (ت668هـ)، وأبي حيان الغرناطي (ت745هـ)، ولسان الدين بن الخطيب (ت776هـ)، وابن زمرك (ت797هـ)، وابن عاصم الغرناطي. ولما شاع فن التوشيح في أهل الأندلس، نسجت العامة على منواله بلغة غير معربة قريبة إلى اللغة التي يتكلم بها الناس في مخاطباتهم اليومية ما سموه بالزجل. وقد مرت الأزجال بأدوار متلاحقة أولها دور الأغنية الشعبية، ثم دور القصيدة الزجلية، واتسعت الأزجال لأغراض كثيرة كالمديح والغزل والتصوف والوصف. ومن أشهر الزجالين ابن قزمان (554هـ)، وله ديوان أزجال كبير ويخلف بن راشد، وكان إمام الزجل قبل ابن قزمان، ومدغل ّ يس (أحمد ابن الحاج) الذي كان شاعراً وشاحاً ، والششتري وقد برع في القصيدة والموشح، وهو أول من استخدم الزجل في التصوف كما استخدم محيي الدين بن عربي التوشيح فيه.

تمام بن علقمة الوزير

تمام بن عامر بن أحمد بن غالب بن تمام بن علقمة الثقفي الوزير (803 / 810-896) كان مسؤولًا عربيًا رفيعًا وشاعرًا في إمارة قرطبة. قدم مساهمة تاريخية مهمة في أدب الأندلس. كان ابن علقمة من نسل أبي غالب تمام بن علقمة من بني ثقيف. في بعض الأحيان يتم الخلط بينه وبين سلفه. تختلف السجلات حول سنة ولادته والمؤكد أنه قد عمر عمرًا طويلا زائداً على عمر جده الأكبر. قيل أنه كان يبلغ من العمر 96 عامًا قمريًا عندما توفي عام 896 ميلاديًا (283 هـ)، مما يعني أن ولادته كانت عام 803م (187هـ). على الجانب الآخر، يقول أبو بكر الرازي، نقلًا عن ابن الأبار، أنه ولد عام 809 أو 810م (أي 194 هـ). كان ابن علقمة وزيرًا تحت قيادة كل من محمد بن عبد الرحمن (852-886)، المنذر بن محمد (886-888) ثم عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن (888-912). وعزله عبد الله من المنصب. على الرغم من شهرته كشاعر عربي، إلا أنه لم يتبقى لدينا سوى بضعة أسطر من شعر ابن علقمة. اقتبس منها ابن الأبار الذي مدح أرجوزته المفقودة التي غطت الفتح الإسلامي لإسبانيا (711) وجميع الحروب التي حدثت هناك من ذلك الوقت وحتى نهاية عهد عبد الرحمن الأوسط في سنة 852، وهو على الأرجح الوقت الذي كتب فيه أرجوزته. ويبدو أنها احتوت على معلومات تاريخية قيمة، وذكرت أسماء ولاة الأندلس قبل الإمارة وأسماء الأمراء بعد الإمارة. ويعتقد أن ما عرفه ابن القوطية عن سارة القوطية كان مأخوذا من أرجوزة ابن علقمة المفقودة. يستشهد ابن دحية بابن علقمة كمصدر لقصة إرسال يحيى الغزال إلى الفايكنج. ويسجل أن ابن علقمة قد حصل على معلوماته عن ذلك الأمر من محادثاته مع الغزال، لكن يعتقد أن ابن دحية ليس مصدرًا موثوقًا به تمامًا. لا دليل على وجود أعمال نثرية لابن علقمة. كان ابن علقمة عالمًا أديبًا، ذكر ذلك ابن حيان. وقال أبو بكر الرازي: ولد عامر ابن أحمد تمامًا؛ ولى الوزارة والخيل والقيادة. ومن شعره: يكلفنى العذال صبرًا على التي أبي الصبر عنها أن يحل محلها إذا ما قرعت النفس يوماً فأبصرت سبيل الهدى عاد الهوى فأضلها وكم من عزيز النفس لم يلق ذلة أقاد الهوى من نفسه فأذلها عجبت لمعذول على حب نفسه يكلفه عذاله أن يملها

المهند البغدادي

المهند البغدادي واسمه طاهر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن موسى بن إبراهيم، شاعر من أهل بغداد؛ يكنى أبا العباس. وصل إلى الأندلس في جمادى الأولى سنة 340هـ. وكان شاعرًا مفلقا مدح الخلفاء وكسب المال بالأدب. وكان قد شك في آخر أمره، وقال في الزهد. وله رسائل عجيبة، ومقالات في معاني الزهد على مذاهب المتصوفة. وكان: قد لزم ضيعته ببلده، وكانت واسعة مغلة. فكان قليل الشهود بقرطبة. ولد ببغداد في شهر رمضان سنة 315هـ. وتوفي بقرطبة يوم الجمعة، يوم عاشوراء سنة 390هـ. ودفن بمقبرة الربض.