https://follow.it/amir-samdani?action=followPub

Tuesday 17 October 2023

ابن قزمان

أبو بكر بن قزمان (1078 – 1160) كان واحدا من أشهر شعراء الزجل في الأندلس، وهو يعد من أحد أصول هذا النوع من الشعر، ولد في قرطبة وتوفي بها خلال عهد المرابطين، لكن على ما يبدو قضى معظم وقته في اشبيلية. عاش ابن قزمان في القرن الخامس الهجري في أسرة كان لها حضور ثقافي وأدبي وسياسي في البيئة الأندلسية. وكان مبدعا، عاش حياته في اللذة والمتعة واقتناص لذات الحياة حتى في شهر رمضان المبارك. وهو يشبه أبا نواس في وصفه الخمر وذكر اللذات والشهوات الدنيوية. شعره ويعد ابن قزمان زعيم الزجالين خاصة في ديوانه المشهور«إصابة الأغراض في ذكر الأعراض» الذي وثقه الكثير من المستشرقين والدارسين المسلمين. وقد أشاد بشاعرية ابن قزمان الزجلية الدارسون القدماء أمثال: ابن خلدون والمقري وابن سعيد و ابن الأبار وصفي الدين الحلبي... والدارسون المسلمون المحدثون كعبد العزيز الأهواني وإحسان عباس ومصطفى الشكعة... والمستشرقون والمستعربون كجنزبرج Gunzberg، والمستشرق التشيكي نيكلA.R.Nykl، وكولان Colin، والإسباني إيميليو گارسيا كوميث، وكوريينتي، دون أن نغض الطرف عن المستشرق الروسي كراتشكوفسكي والمستشرق الإسباني أنخل گونثالث بالنثيا. أما ديوان الشاعر فقد حملته الأقدار من بلد لآخر، ومن يد لأخرى بصورة عجيبة وغريبة. وذكر علي مكي لهذا الديوان قصة طريفة نقلها عن المستشرق الروسي كراتشوفسكي تصور رحلة الديوان في المكان والزمان. ويتبين لنا من كل هذا أن المستشرقين الغربيين هم الذين اهتموا بابن قزمان وديوانه الشعري إلى أن أفرد له عبد العزيز الأهوان يقسما خاصا به في كتابه«الزجل في الأندلس». وسيتحقق للديوان الظهور في سنة 1990 م، وأن يظفر بتحقيق من قبل الإسباني فيديريكو كوريينتي تحت عنوان«ديوان ابن قزمان القرطبي: إصابة الأعراض في ذكر الأغراض» بتقديم الدكتور محمد علي مكي، وصدر عن المجلس الأعلى للثقافة بجمهورية مصر. وسيظهر لكوريينتي بعد ذلك في سنة 1989م كتاب بعنوان:«ابن قزمان: الزجال الأندلسي». ومن مميزات شعر ابن قزمان أن زجله يعبر عن تمازج الحضارة الإسلامية بالحضارة الأيبيرية، كما تحضر اللغة الرومانثية بشكل ملحوظ في مفرداته وعباراته الشعرية، وهذا دليل على حضور اللاتينية في شعر ابن قزمان. كما يظهر زجله الشعري تشابه الشعر الأندلسي والشعر الأوربي على مستوى البناء والوزن والتقفية. أما إيقاع الزجل فقد أثار اختلافات متفاوتة بين الباحثين المسلمين والمستشرقين، فهناك من سار به مسارا إسلاميا، وهناك من قاربه على ضوء العروض المقطعي اللاتيني، وهناك من دافع عن خصوصيته الأندلسية المحلية. ولابد أن ننتبه إلى أن الأزجال زاخرة بالغنائية الموسيقية المشرقية والأندلسية المحلية. مواضيع متعلقة زجل زجل أندلسي هو محمد بن عيسى بن عبد الملك بن عيسى الزُّهري القرطبيُّ، أبو بكر، المعروف بابن قُزْمان، شاعر وزجال من أشهر الزجَّالين بالأندلس، نشأ في بيت سيادة من بيوت قرطبة، لم يزل أهله بين عالم ووزير. عُرف اثنان باسم ابن قُزمان؛ هذا وعمُّه محمد بن عبد الملك الوزير كاتب المتوكل آخر أمراء بني الأفْطس في بَطَلْيَوس، ومما يُذكر أنَّ صـاحب «نفح الطيب» خلط بينه وبين عمِّه محمد بن عبد الملك؛ وسار على نهجه هذا بعض المُحْدَثين منهم «سيبولد» في «دائرة المعارف». وقد لقَّبه «ابن بسَّـام» بابن قزمان الأصغر تمييزاً له من عمِّه. [5] اشْتُهِرَ بالزَّجل حتى رُوي زجله ببغداد، وأحسن، فصار شيخ الصِّناعة في الزجل المنظوم بكلام العامَّة في الأندلس. قال المقَّري في «أزهار الرياض»: «لمّا شاع فن التَّوشيح في أهل الأندلس، وأخذ به الجمهور لسلاسته وتنميق كلامه وتصريع أجزائه؛ نسجت العامة من أهل الأمصار على منواله، ونظموا على طريقته بلغتهم الحضريَّة، من غير أن يلتزموا فيه إعراباً، واستحدثوا فنّاً سمّوه بالزَّجل، والتزموا النظم فيه على مناحيهم إلى هذا العهد، فجاؤوا فيه بالغرائب، واتسع فيه للبلاغ مجال … وأوَّلُ من أبدع في هذه الطريقة الزَّجلية أبو بكر بن قُزمان، وإن كانت قيلت قبله بالأندلس، لكن لم تظهر حُلاها، ولا انسبكت معانيها، ولا اشتهرت رشاقتها إلا في زمانه»، وقال ابن سعيد: «رأيت أزجاله مروية ببغداد أكثر مما رأيتها بحواضر المغرب». كان ابن قزمان قرطبيَّ الدار؛ غير أنَّه تردد كثيراً إلى إشبيلية، وانتاب نهرها، خرج مرَّة إلى متنزه مع بعض أصحابه؛ فجلسوا تحت عَريش وأمامهم تمثال أسد من رخام يصب الماء من فيه على صفائح من الحجر، فقال زاجلاً: وعريشْ قد قام على دكَّـان بحــال رُواقْ وأســد قد ابتلعَ الثُّعبـان في غِلَظِ سـاقْ وفتح فمَهْ بحالْ إنســـانْ بـه الفَــواقْ من أزجاله التي سارت في الناس قوله: أُفني زماني على اختيـاري وأقطع العمـر باجتهادْ لم يخْلُ حسّ الطَّربْ بداري حتى يميلْ راسِ للوِسادْ واحدْ مؤذّنْ سـكنْ جِواري شـيخْ مليحْ أزهد العِبادْ إذا طلعْ في السَّحَرْ يَعِظْنِي يقـولْ حيَّ على الفلاحْ خرج بالزجل إلى غير الغزل والمجون، فجعله في الوصف والمديح والشكوى، فمن ذلك قوله شاكياً دهره بالعيد: قُلّي يا عيدْ فيما يسرُّني جِيتْ أو تجدِّدْ عليّ ما قد نسيتْ إذا انقطعْ زمــاني الأطولْ وعليه الثَّنا يكون ما بقيتْ أخذ معاني بعض زجله من شــعراء المشرق والمغرب، من ذلك ما أخذه عن المتنبي، كما يتضح في قوله في العيد في زجله المذكور آنفاً. ظل ابن قزمان زعيم صناعة الزجل وإمام الزجالين بالأندلس مطلقاً، إذ يرجع إلى مهارته في نظم الزجل ولعُ الأندلسيين والمغاربة بهذا الفن المستحدث، فنظموا على طريقته، وخرجوا عن الأوزان الخليلية المعروفة، وإن ظهر النظم في بعض زجلهم، غير أنَّهم تركوا الإعراب في كل حال، ولذلك قال ابن قزمان: وجرَّدت فنِّي من الإعراب كما يُجَرَّدُ السَّيف من القِراب قال ذلك نهياً عن تقصد الإعراب وتتبعه والاستكثار منه؛ لئلا يغلب على معظم أزجالهم. ذكر لسان الدين بن الخطيب أنه كان «نسيج وحده، أدباً وظرفاً ولوذعية وشهرة»، وكان شاعراً أول شأنه؛ غير أنَّ شعره قصَّر عن شعر أعلام العصر كابن خفاجة، فلما انصرف إلى الزَّجل اشْتُهِر، فمن شعره قوله يعتذر ارتجالاً وقد رقص في مجلس شراب، فأطفأ السِّراج بأكمامه: يا أهلَ ذا المجلس السَّامي سرادقُهُ ما مِلتُ لكنَّني مالتْ بيَ الرَّاحُ فإنْ أكنْ مُطفئاً مصبــاحَ بيتِكُمُ فكلّ مَن فيكمُ في البيت مصباحُ لايخلو بعض شعره من تكلُّفٍ في اللفظ، أما سائر غزله فرقيق عذب، يصلح للغناء لحلاوة اللفظ وطلاوته كقوله: يا رُبَّ يومٍ زارني فيه مَن أطلــعَ من غرَّتهِ كوكبا ذو شــفةٍ لمياءَ معسولةٍ ينشعُّ من خدَّيه ماءُ الصبَا تردد ابن قزمان إلى غرناطة غير مرة، وامتدح جماعة من أهلها بقرطبة، وجرت عليه في آخر أيامه محنة كبيرة، بسبب شـراسة خُلُقٍ كان موصوفاً بها، وكانت وفاته بقرطبة والأمير أبو عبد الله محمد بن سعد بن مردنيش إذ ذاك يحاصرها. له «إصابة الأغراض في ذكر الأعراض» وهو جزء من ديوان أزجاله.

No comments:

Post a Comment