https://follow.it/amir-samdani?action=followPub

Wednesday 18 October 2023

فنون الشعر الأندلسي المتطورة

الشعر التعليمي: ويراد به الأراجيز والمنظومات التاريخية والعلمية، وهو لا يلتقي مع الشعر الفني الذي يغلب عليه عنصرا الخيال والعاطفة إلا في صفة النظم، ويستقل في الرجز كل شطر بقافية. من الأراجيز التاريخية أرجوزة يحيى ابن حكم الغزال (ت250هـ) شاعر عبد الرحمن الثاني (الأوسط) وهي في فتح الأندلس، وأرجوزة تمام بن عامر بن علقمة (ت283هـ) في فتح الأندلس وتسمية ولاتها والخلفاء فيها ووصف حروبها، وأرجوزة ابن عبد ربه في مغازي عبد الرحمن الثالث، وأرجوزة أبي طالب عبد الجبّار (القرن الخامس الهجري) وكان مواطنوه يلقبونه بالمتنبي وقد قصر شعره على الوصف والحرب والتاريخ، وأرجوزة لسان الدين بن الخطيب (ت776هـ) «رقم الحلل في نظم الدول» وهو تاريخ شعري للدولة الإسلامية في المشرق والأندلس. ويلي كل قصيدة شرحها. ومن الأراجيز العلمية أرجوزة ابن عبد ربه في (العروض) وأرجوزة الشاطبي، القاسم بن فيّرة (ت590هـ) في القراءات وعنوانها «حرز الأماني». وألفية ابن مالك (ت بدمشق سنة 672هـ) في النحو، وأرجوزة لسان الدين بن الخطيب المسماة «المعتمدة» في الأغذية المفردة، وأرجوزة أبي بكر محمد بن عاصم (829 هـ) في القضاء وعنوانها «تحفة الحكام في نكت العقود والأحكام»، وتذكر في نطاق الشعر التعليمي منظومة حازم القرطاجني (ت684هـ) وهي منظومة ميمية في النحو عدد أبياتها سبعة عشر ومئتان، وبديعية ابن جابر الضرير (ت780هـ) التي نظمها في مدح الرسول الأعظم e ، وضمنها نحو ستين فناً بديعياً، وسماها «الحلة السيرا في مدح خير الورى». وصف الطبيعة: ألهبت طبيعة الأندلس الجميلة قرائح الشعراء، فرسموا لوحات شعرية متنوعة أودعوها أخيلتهم وعواطفهم. رأى عبد الرحمن الداخل نخلة بالرصافة (شمالي قرطبة)، فلم يصفها في طولها ولا في التفافها ولا في ثمرها، وإنما عقد بينه وبينها شبهاً في النوى والبعد عن الأهل. ووصف ابن عبد ربه الطبيعة بمعناها العام المتمثل في الرياض وأزهارها فخلع على صياغته من نفسه ومهارته ما جعلها مصورة البيئة الأندلسية أدق تصوير وأحلاه. وقد ردد ابن حمديس (ت527هـ) أصوات القدماء في الطبيعة كما ردد أصوات المحدثين، ووصف الخيل والإبل والغيث والبرق، وأقحم عبارات امرئ القيس، ثم حاكى أبا نواس في الدعوة إلى نبذ الوقوف على الأطلال، ودعا إلى الشراب، وكثيراً ما وصف ترحاله وتغربه عن صقلية التي أبعد عنها وهو حدث (471هـ) لما غزاها النورمان. تغنى الشعراء الأندلسيون بجمال الطبيعة الأندلسية، فابن سفر المريني يتعلق بالأندلس فيراها روضة الدنيا وما سواها صحراء، وابن خفاجة الذي لقب «بالجن ّ ان» و « بصنوبري الأندلس» يشبهها بالجنة فهو يقول: يــا أهــل أندلـــس لله دركـــم مــاء وظل وأنهار وأشــــجار مـا جنة الخلد إلا في دياركـم ولـــو تخيرت هذي كنت أختار ووصف شعراء الأندلس أقاليم الأندلس وربوعها وصفاً دقيقاً، فحمدة بنت زياد (من شواعر القرن الخامس الهجري) تصف وادي آش Guadix القريب من غرناطة فترسم أكثر من صورة متحركة. وبدافع من التطور الحضاري أدخل الأندلسيون إلى قصورهم المنيعة الماء ليملأ البرك في باحتها، ولينتشر من أفواه التماثيل كما في وصف ابن حمديس بركة في قصر المتوكل بن أعلى الناس بإفريقية. أما وصف مجالس الأنس فقد بدأ ظاهرة اجتماعية في أخريات الدولة الأموية في الأندلس،ثم أخذت المجالس بالانتشار والشيوع ويغلب على هذا الشعر الارتجال، وفيه وصف للساقي والخمر. كذلك رأى الشعراء الأندلسيون في المرأة صورة من محاسن الطبيعة، وقد ألح ابن زيدون في ديوانه على ثنائية ولادة والطبيعة. وفي بعض أشعارهم ميل إلى النزعة القصصية، ومن ذلك قول جعفر بن عثمان المصحفي (ت372 هـ ) في سفرجلة تتبع وصفها مذ كانت تختال على شجرتها إلى أن ذبلت في كف الشاعر. ويغلب على الوصف في الشعر الأندلسي التشبيهات والاستعارات ويمثل لها بشعر ابن سهل (ت649هـ)، فقد صور الشاعر الطبيعة فأحسن المزج بين الألوان، وجمع بين الحس المرهف، والملاحظة الدقيقة. رثاء الممالك الزائلة: وهو تجربة إنسانية قل نظيرها في الأدب ال عربي لما اتصف به من حدة وحماسة، وجرأة في نقد المجتمع، ودعوة لاسترجاع ما ذهب. لقد رثى المشارقة المدن التي استبيح حماها، كما صنع ابن الرومي حين رثى مدينة البصرة عندما أغار عليها الزنج سنة 255هـ، لكن هذا اللون لم يظهر في الأدب المشرقي كما ظهر في الأدب الأندلسي فناً قائماً بذاته ي سير في ثلاثة اتجاهات: الأول هو رثاء المدن التي كانت عامرة فخربت أو ضاعت، ويمثل لـه بشعر أبي إسحق الألبيري يصف إلبيرة Elvira وما أصابها من دمار وخراب. أما الثاني فرثاء الدويلات التي زالت في أثناء الحكم ال عربي في الأندلس وفيه يعدد الشعراء ما حل بأرباب نعمتهم من أسر أو قتل أو تشريد كما في رثاء ابن اللبانة (ت507هـ) دولة بني عباد، ورثاء ابن عبدون (ت527هـ) دولة بني الأفطس في قصيدته الرائية «البس ّ امة» وأما الاتجاه الثالث فهو الشعر الذي نظمه أصحابه في رثاء المدن الضائعة مما سقط في يد العدو كما في قصيدة أبي البقاء الرندي (ت684هـ) التي تتوزعها ثلاث فكر هي الاعتبار بزوال الدول، وتصوير سقوط المدن، ثم دعوة المسلمين إلى الجهاد. شعر الاستغاثة: ويقوم على استنهاض عزائم ملوك المغرب والمسلمين لنجدة إ خوانهم في الأندلس أو التصدي للاجتياح الإسباني. وقد أورد المق ّ ري في نفح الطيب قصيدة ابن الأبَّار (ت658هـ) التي استغاث فيها بسلطان تونس أبي زكريا الحفصي سنة 636هـ ومطلعها: أدرك بخيلك خيــل الله أندلســـا إن الســبيل إلى منجاتها درســا فاستوعبت معظم الاتجاهات والمعاني التي أتى بها شعراء الاستغاثة. الموشحات والأزجال: أحدث الأندلسيون فناً جديداً يتجاوب مع البيئة التي شاع فيها الغزل والشراب والغناء وهو الموشح الذي يعتمده أكثر من وزن وأكثر من قافية، فيعمد الوشاح فيه إلى ضرب من التنويع والافتنان العروضي. نشأ هذا الفن في القرن الثالث الهجري على يد رجلين من قرية قبرة cabra بالأندلس هما: محمد بن حمود الضرير، ومقدم بن معافى، كما قال ابن بسام وابن خلدون. وإن كان بعض الدارسين، ومنهم المستشرقان الإسبانيان خوليان ر يبيرا Ribera وغارثيا غومث Garcia Gomez ، يرون أن الموشح تقليد لشعر رومانسي كان الإسبان يتغنون به، وقد أبقوا منه الخرجة الأعجمية، فالموشح يتألف من مطلع ومجموعة أدوار وخرجة، فالمطلع هو القفل الأول، أما الدور فيتألف من مجموع القفل والغ ص ن. ويأتي القفل على سمط أو اثنين أو أكثر، وكذلك الغصن، أما الخرجة فهي القفل الأخير من الموشحة. نظم الموشح في الأغراض المختلفة، وظهرت أسماء لامعة لوشاحين كان أغلبهم شعراء من أمثال أبي بكر عبادة بن ماء السماء (ت422هـ)، وعبادة القزاز (ت484هـ)، وابن اللبانة (ت507هـ)، والأعمى الت ُّ طيلي (ت520هـ)، وابن بقي (ت540هـ)، وابن زهر الحفيد (ت595هـ)، وابن سهل الإشبيلي (ت659هـ)، وأبي الحسن الششتري (ت668هـ)، وأبي حيان الغرناطي (ت745هـ)، ولسان الدين بن الخطيب (ت776هـ)، وابن زمرك (ت797هـ)، وابن عاصم الغرناطي. ولما شاع فن التوشيح في أهل الأندلس، نسجت العامة على منواله بلغة غير معربة قريبة إلى اللغة التي يتكلم بها الناس في مخاطباتهم اليومية ما سموه بالزجل. وقد مرت الأزجال بأدوار متلاحقة أولها دور الأغنية الشعبية، ثم دور القصيدة الزجلية، واتسعت الأزجال لأغراض كثيرة كالمديح والغزل والتصوف والوصف. ومن أشهر الزجالين ابن قزمان (554هـ)، وله ديوان أزجال كبير ويخلف بن راشد، وكان إمام الزجل قبل ابن قزمان، ومدغل ّ يس (أحمد ابن الحاج) الذي كان شاعراً وشاحاً ، والششتري وقد برع في القصيدة والموشح، وهو أول من استخدم الزجل في التصوف كما استخدم محيي الدين بن عربي التوشيح فيه.

تمام بن علقمة الوزير

تمام بن عامر بن أحمد بن غالب بن تمام بن علقمة الثقفي الوزير (803 / 810-896) كان مسؤولًا عربيًا رفيعًا وشاعرًا في إمارة قرطبة. قدم مساهمة تاريخية مهمة في أدب الأندلس. كان ابن علقمة من نسل أبي غالب تمام بن علقمة من بني ثقيف. في بعض الأحيان يتم الخلط بينه وبين سلفه. تختلف السجلات حول سنة ولادته والمؤكد أنه قد عمر عمرًا طويلا زائداً على عمر جده الأكبر. قيل أنه كان يبلغ من العمر 96 عامًا قمريًا عندما توفي عام 896 ميلاديًا (283 هـ)، مما يعني أن ولادته كانت عام 803م (187هـ). على الجانب الآخر، يقول أبو بكر الرازي، نقلًا عن ابن الأبار، أنه ولد عام 809 أو 810م (أي 194 هـ). كان ابن علقمة وزيرًا تحت قيادة كل من محمد بن عبد الرحمن (852-886)، المنذر بن محمد (886-888) ثم عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن (888-912). وعزله عبد الله من المنصب. على الرغم من شهرته كشاعر عربي، إلا أنه لم يتبقى لدينا سوى بضعة أسطر من شعر ابن علقمة. اقتبس منها ابن الأبار الذي مدح أرجوزته المفقودة التي غطت الفتح الإسلامي لإسبانيا (711) وجميع الحروب التي حدثت هناك من ذلك الوقت وحتى نهاية عهد عبد الرحمن الأوسط في سنة 852، وهو على الأرجح الوقت الذي كتب فيه أرجوزته. ويبدو أنها احتوت على معلومات تاريخية قيمة، وذكرت أسماء ولاة الأندلس قبل الإمارة وأسماء الأمراء بعد الإمارة. ويعتقد أن ما عرفه ابن القوطية عن سارة القوطية كان مأخوذا من أرجوزة ابن علقمة المفقودة. يستشهد ابن دحية بابن علقمة كمصدر لقصة إرسال يحيى الغزال إلى الفايكنج. ويسجل أن ابن علقمة قد حصل على معلوماته عن ذلك الأمر من محادثاته مع الغزال، لكن يعتقد أن ابن دحية ليس مصدرًا موثوقًا به تمامًا. لا دليل على وجود أعمال نثرية لابن علقمة. كان ابن علقمة عالمًا أديبًا، ذكر ذلك ابن حيان. وقال أبو بكر الرازي: ولد عامر ابن أحمد تمامًا؛ ولى الوزارة والخيل والقيادة. ومن شعره: يكلفنى العذال صبرًا على التي أبي الصبر عنها أن يحل محلها إذا ما قرعت النفس يوماً فأبصرت سبيل الهدى عاد الهوى فأضلها وكم من عزيز النفس لم يلق ذلة أقاد الهوى من نفسه فأذلها عجبت لمعذول على حب نفسه يكلفه عذاله أن يملها

المهند البغدادي

المهند البغدادي واسمه طاهر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن موسى بن إبراهيم، شاعر من أهل بغداد؛ يكنى أبا العباس. وصل إلى الأندلس في جمادى الأولى سنة 340هـ. وكان شاعرًا مفلقا مدح الخلفاء وكسب المال بالأدب. وكان قد شك في آخر أمره، وقال في الزهد. وله رسائل عجيبة، ومقالات في معاني الزهد على مذاهب المتصوفة. وكان: قد لزم ضيعته ببلده، وكانت واسعة مغلة. فكان قليل الشهود بقرطبة. ولد ببغداد في شهر رمضان سنة 315هـ. وتوفي بقرطبة يوم الجمعة، يوم عاشوراء سنة 390هـ. ودفن بمقبرة الربض.

المعتمدبن عباد

أبو القاسم المعتمد على الله محمد بن عبَّاد (وكذلك لُقِّب بـالظافر والمؤيد) (431 هـ - 488 هـ / 1040 - 1095م) هو ثالث وآخر ملوك بني عبَّاد في الأندلس، وابن أبي عمرو المعتضد حاكم إشبيلية، كان ملكاً لإشبيلية وقرطبة في عصر ملوك الطوائف قبل أن يقضي على إمارته المرابطون. ولد في باجة (إقليم في البرتغال حالياً)، وخلف والده في حكم إشبيلية عندما كان في الثلاثين من عمره، ثم وسَّع ملكه فاستولى على بلنسية ومرسية وقرطبة، وأصبح من أقوى ملوك الطوائف فأخذ الأمراء الآخرون يجلبون إليه الهدايا ويدفعون له الضرائب. وقد زعم شاعره أبو بكر بن اللبانة أنه امتلك في الأندلس 200 مدينة وحصن، وأنه ولد له 173 ولداً. وجابر على رأس جيشٍ لانتزاع مالقة من بني زيري، فحاصراها، إلا إنَّ المدينة قاومت مقاومة شديدة، وبحسب إحدى الروايات فقد سقطت في أيدي المعتمد وأخيه لفترةٍ قصيرة، لكن سرعان ما جاءها بعد ذلك باديس بن حبوس بقوَّة للنجدة وخاض مع بني عبَّاد معركة شديدة، فقتل وأسر الكثير منهم، وفرَّ المعتمد وجابر مع ما بقي من جيشهما إلى رندة. وقد غضب المعتضد كثيراً من ابنيه لهزيمتهما، فكتب إليه المعتمد من رندة أطول قصائده على الإطلاق ليستعطف والده، وفاتحتها: سكّن فؤادك لا تذهبْ بك الفِكَرُ ماذا يُعيد عليك البتُّ والحذرُ؟ سيرته تولّيه الحكم توفّي أبو عمرو المعتضد في 2 جمادى الآخرة عام 461 هـ (1069م)، وترك لابنه المعتمد بن عبَّاد إمارة قويَّة، فتولَّى المعتمد الحكم وعمره 30 عاماً. ما إن تولَّى المعتمد حتى استدعى ابن عمَّارٍ من منفاه، وطلب منه اختيار أيّ منصبٍ يريده في الدولة، فاختار أن يلي مدينته ومسقط رأسه شلب في غربيّ الأندلس، وقد حزن المعتمد لأنه سيبتعد عنه، لكنه رضي بالأمر نزولاً على رغبته. ومع مرور الوقت لم يتحمَّل المعتمد بُعْدَ ابن عمَّار عنه، فاستدعاه إلى إشبيلية وعيَّنه كبير وزرائه، وبقي يستعين به لاستشارته ونصحه. الحرب مع طليطلة في عام 435هـ/1043م (خلال عهد والد المعتمد، المعتضد عبَّاد) تولَّى المأمون بن ذي النون إمارة مدينة طليطلة، فعقد حلفاً مع مملكة قشتالة لمساعدته في إسقاط محمد بن جهور أمير قرطبة والاستيلاء على مدينته. وعندما سمع المعتضد حاكم إشبيلية وبنو الأفطس حكام بطليوس بالأمر سارعوا إلى قرطبة لإيقافه، وسرعان ما توافد باقي ملوك الطوائف فشكَّلوا حلفاً كبيراً. لكن وعندما آلت الحال إلى هذا، لم يرسل المعتضد لقرطبة سوى قوة صغيرة، وبينما كان باقي ملوك الطوائف منشغلين سار بجيوشه واستولى على لبلة وولبة وجزيرة شلطيش، وبعد ذلك بأعوامٍ على قرمونة. استمرَّت الحرب بين قرطبة وطليطلة طويلاً، حتى بدأت قرطبة تُهزَم ووقعت تحت الحصار، فأرسل إليها المعتضد على الفور جيشاً فك الحصار عنها ثم استولى عليها وأسقط إمارة بني جهور، وبات المعتضد أقوى ملوك الطوائف في الأندلس. تخوَّف ملك طليطلة من ذلك، فحاول عقد حلفٍ مع صهره عبد الملك المظفر أمير بلنسية، إلا إنَّه رفض، فتحالف مع ملك قشتالة فرناندو الأول، واستوليا معاً على بلنسية في عام 457 هـ (1065م). إلا إنَّ وفاة فرديناند المفاجئة ونشوب الحرب بين أبنائه على حكم قشتالة تسبَّبا بإيقاف خطة الهجوم على بني عباد، فاستمرَّت الأمور متوقّفة على هذه الحال حتى وفاة عباد المعتضد وتولّي ابنه المعتمد الذي حكم الإمارة، في عام 461هـ (1069م). أخذ المأمون حاكم طليطلة بتوسيع حكمه أكثر في عام 1073م، فاستولى على مرسية وأريولة، وعقد حلفاً وثيقاً مع ألفونسو السادس حاكم قشتالة الجديد - الذي انتهى الصراع بين أبناء فرديناند لصالحه -، كما تحالف مع بني الأفطس حكام بطليوس وبني هود حكام سرقسطة. وهكذا، لم يبقَ من منافسٍ للمأمون بن ذي النون وحلفائه في الأندلس سوى بني عباد، فشنوا الحرب على المعتمد، وسُرعَان ما سقطت قرطبة بمقاومة بسيطة في عام 468هـ، بعد أن تسلَّل إليها قائدٌ للمأمون يدعى ابن عكاشة في الليل مع رجاله، وقُتِلَ في المعركة ابن المعتمد عبَّاد سراج الدولة، وأخذت البيعة من أهل قرطبة للمأمون. لكن في هذه الأثناء توفّي المأمون بن ذي النون في عام 468هـ (1074م)، فتوقَّفت الحرب، وعاد المعتمد بعدها بثلاث سنوات في عام 471هـ واستعاد قرطبة من جديد، وقتل ابن عكاشة قائد جيش ابن ذي النون انتقاماً لابنه. كان القادر حفيد المأمون وخليفته في حكم طليطلة حاكماً ضعيفاً، فاستغلَّ المعتمد الفرصة وهاجم طليطلة، ونجح بالاستيلاء على الكثير من المدن التابعة لها مثل بلنسية. غزو مرسية ومقتل ابن عمَّار في تلك الفترة زادت أطماع ابن عمَّارٍ بتوسيع الدولة وتقويتها، فأغرى المعتمد بالاستيلاء على مرسية من حاكمها أبي عبد الرحمن بن طاهر، وفي طريقه توقَّف في مرسية فتفاوض مع بعض وجهائها، وقدَّم لهم إغراءاتٍ ووعوداً للثورة على حاكمها، وكان حريصاً فذهب إلى ملك برشلونة الكونت ريموند برانجيه وتحالَفَ معه بعرض منحه عشرة آلاف مثقالٍ من الذهب لقاء مساعدته بفتح مرسية. لكن ابن عمار وضع شروطاً أخرى، فعرض رهن ابن أخ برانجيه عند المعتمد لضمان أن يساعده ملك برشلونة، وفي المقابل يصبح ابن المعتمد وقائد الحملة الرشيد رهينةً عند برانجيه إذا لم يصل المال الذي وُعِدَ به، إلا إنَّ ابن عمار لم يخبر المعتمد بهذا الشرط. ضرب الجيشان الحصار على مرسية، وعاد المعتمد إلى قرطبة ومعه الرهينة، وتأخَّر بإرسال المال عن الموعد المُحدَّد، فظنَّ كونت برشلونة أنه خدع، فقبض على الفور على ابن عمار والرشيد، وفشل جيش إشبيلية بتحريرهما. عاد المعتمد إلى إشبيلية، وسجن ابن أخ الكونت، وبعد بضعة أيامٍ أطلق سراح ابن عمار، فكان خجلاً من مقابلة المعتمد، وأرسل إليه قصيدة مطولة، إلا إنَّ المعتمد أحسَّ بأنه كان هو المخطئ، ودعا ابن عمار للعودة إليه. لكن عند الاتجاه إلى الصلح مع كونت برشلونة مقابل تسليمه المال وتبادل الرهائن، طالب هذا بمضاعفة أمواله ثلاث مرات، لتصل إلى ثلاثين ألف مثقالٍ من الذهب، ولم يكن في استطاعة المعتمد تدبير هذا المبلغ، فصنع عملة زائفة من خليط من الذهب والمعادن، ولم ينتبه الكونت لذلك، فتمَّت المبادلة، وعاد ابن أخ ريموند إليه في حين عاد الرشيد إلى المعتمد. ومع الفشل في الاستيلاء على مرسية، حاول ابن عمَّار إقناع المعتمد بضرورة إعادة الكرَّة، ونجح في الحصول منه على جيش، بل وطالبه بجمع البضائع النفسية من تجار إشبيلية لإغراء أهل مرسية بها، وقد وافق المعتمد على ذلك، لكنه بدأ يتشكَّك، فقال لابن عمار وهو خارج مع الحملة: «سر إلى خيرة الله ولا تظنَّ أني مخدوع»، وأما ابن عمَّار فقد أجاب لثقته بعدم قدرة المعتمد على التخلِّي عنه: «لستَ بمخدوعٍ ولكنك مضطَّر». وصل ابن عمار إلى مدينة مولا، مركز تموين مرسية، فاستولى عليها، ثم سرعان ما سقطت مرسية تحت وطأة الحصار والمجاعة، وفتحت أبوابها بالخيانة، وأخذت البيعة للمعتمد. ازدادت ظنون وشكوك المعتمد بابن عمَّارٍ مع تماديه في إعلاء نفسه وتجاهله أوامره، كطلبه إطلاق سراح حاكم مرسية السابق أبو عبد الرحمن بن طاهر، فشعر المعتمد بالحزن والأسى، وكتب إليه شعراً ساخراً يهجوه، ممَّا أغضب ابن عمار، فردَّ على ذلك بقصيدة شتم بها المعتمد وزوجته وأبناءه، ورغم أن ابن عمار بعد كتابته القصيدة ندم عليها وأحرقها، فقد كان بين حاشيته رجل يهودي من المياسير سارع إلى أخذها وإرسالها إلى أبي بكر بن عبد العزيز حاكم بلنسية، الذي أرسلها بدوره إلى المعتمد، فغضب هذا غضباً شديداً، لكنه لم يُقْدِم على أيّ إجراءٍ اتجاه ابن عمار. بعد مدة، تأخَّر ابن عمار في إعطاء جنده بمرسية أجورهم، فثاروا عليه، وفرَّ هارباً، وحاول اللجوء إلى ألفونسو السادس ملك قشتالة لمساعدته باستعادة مرسية، إلا إنَّه طرده، فتوجَّه إلى بني هود في سرقسطة. أغرى ابن عمَّار المقتدر بن هود حاكم سرقسطة بغزو حصن شقورة شمال مرسية، ونجح بذلك، فحصل على جيشٍ صغيرٍ من بني هود وقاده إلى الحصن، لكن غُدِرَ به هناك، فقبض عليه أصحاب الحصن من بني سهيل بخديعة، وسجنوه، وفرَّ جيشه عائداً إلى سرقسطة، فعرض بنو سهيلٍ بيعه لمن يدفع أكبر ثمنٍ من ملوك الأندلس. فقرَّر المعتمد شراءه، وأرسل ابنه الراضي ليحضره إلى قرطبة، واقتيد إليها مَهيناً مُقيَّداً على ظهر بغل، وأجلسه المعتمد وأخذ يتلو ويعدّد عليه ما فعله له من إحسانٍ وفضائل قبل أن يتمرَّد عليه، وعندما انتهى من ذلك قال ابن عمَّار: «ما أنكر شيئاً ممَّا ذكره مولانا أبقاه الله، ولو أنكرتُه لشهدتْ عليَّ به الجمادات فضلاً عمَّن ينطق، ولكني عثرتُ فأقِل، وزللتُ فاصفَح»، فأجابه المعتمد: «هيهات، إنَّها عثرةٌ لا تُقَال»، وزجَّ به في سجن إشبيلية. أخذ ابن عمار يستعطف المعتمد بالقصائد والأشعار، ويرجوه ويتوسَّل إليه، فبدأ يرقُّ قلب المعتمد، وفكَّر بالصفح عنه. وقد أيقن ابن عمار قرب الإفراج عنه، وغمرته الفرحة، فكتب ذلك إلى ابنه الرشيد، وانتشر الخبر، وبدأت تسري الشائعات بأنَّه يريد التمرُّد بعد خروجه، وقد قال المراكشي عن الإضافات التي ألحقها الناس برسائل ابن عمَّار: «صنتُ كتابي عن ذكرها». وقد وصلت هذه الأخبار للمعتمد، فغضب غضباً شديداً، خصوصاً من ادعاء ابن عمار أنه سيخرج لا محالة. فجاء إليه وقال له: «هل أخبرت أحداً بما كان بيني وبينك في الأمسية الأخيرة؟»، فأنكر تماماً، إلا إنَّ رسول المعتمد قال: «قل له الورقتان اللتان استدعيتهما، كتبتَ في إحداهما القصيدة فما فعلتَ بالأخرى؟» (يعني ورقتين كان قد طلبهما سابقاً من حراس السجن، حيث كان المعتمد قد منع عنه الورق لملله من كثرة الشفاعات التي جاءته للعفو عن ابن عمار ممَّن راسلهم هذا، إلا إنَّ ابن عمار أصرَّ على منحه ورقة لأنه نوى أن يراسل بها ابنه)، فادعى ابن عمار أنه بيَّض بها القصيدة، فقال المعتمد: «قل له هلمَّ المسودة»، فاعترف ابن عمار بأنه كتب بها الرسالة التي أبلغ فيها ابنه الرشيد بالعفو عنه. عند ذلك تملَّك المعتمدَ غضبٌ شديد، فجاء ثائراً ومعه فأسٌ كبير (كان قد أهداها إليه ألفونسو السادس)، ورآه ابن عمَّار وفي عيونه الشَّرر ففزع وأخذ يحاول الزحف مع قيوده إلى قدمي المعتمد وأخذ يقبّلهما، لكن المعتمد انهال عليه وقتله، ثم أمر بغسله وتكفينه، ودُفِنَ في القصر المبارك. العلاقة مع قشتالة بعد وفاة المأمون بن ذي النون أمير طليطلة عقد المعتمد حلفاً مع مملكة قشتالة، فأرسل إلى ألفونسو وزيره ابن عمَّار، واتُّفِقَ على أن تدعم قشتالة المعتمد عسكرياً للاستيلاء على باقي إمارات ملوك الطوائف، مقابل جزية يؤدّيها هو إلى قشتالة، ومقابل أن لا يقاوم القشتاليين في حربهم على طليطلة. وقد كان ذلك ما حدث، فحاصرت جيوش ألفونسو طليطلة، أما المعتمد فسار إلى غرناطة ليضمُّها إلى مملكته، واتُّفِقَ على أن يأخذ المعتمد المدينة ويحصل ألفونسو على أموالها وثرواتها، وعندما حاول المتوكل عمر بن الأفطس أمير بطليوس السير لفك الحصار عن طليطلة حاصر المعتمد مدينته ومنعه، فسقطت طليطلة في 27 من محرم عام 478هـ (1085م). أخذ ألفونسو السادس، بعد سقوط طليطلة، بالإعداد لغزو باقي ممالك الأندلس، إلا أن ابن عبَّاد شعر بالندم على فعلته وتحالفه مع قشتالة، فطلب من ألفونسو ألا يتقدم أكثر في بلاد الأندلس وراء طليطلة، وإلا فإن العهد القائم بينهما سينتهي. إلا أنَّ ألفونسو لم يكترث لذلك، ووجَّه أنظاره نحو مملكة المعتمد، فطلب منه إعطاءه بعض القرى الحدودية، ثم طلب أن يترك زوجته الحامل تلد في جامع قرطبة بناءً على نصيحة القسّيسين (لأن الجامع كان موقعاً لكنيسة في السابق) وكذلك أن تنزل في مدينة الزهراء، إلا أنَّ المعتمد رفض هذه الطلبات، وأخيراً أرسل إليه ألفونسو عام 475هـ (1082م) خمسمائة فارسٍ لأخذ الجزية على رأسهم رجل يهودي اسمه «ابن سالب»، فقال للمعتمد عندما رأى نقود الجزية: «لا تعتقدوني بسيطاً لأقبل مثل هذه النقود المزيفة، لا آخذ إلا الذهب الصافي، السنة القادمة ستكون مَدِيناً»، وعندما سمع المعتمد ذلك ثار وقال: «لا أستطيع بعد أن أتحمل طغيان النصارى الأوغاد»، ثم أمر رجاله بالليل فذهبوا وقتلوا جند قشتالة وطردوا السفير. وفي هذه الأثناء كان ألفونسو سائراً بجيوشه إلى قرطبة ليحاصرها، فلما وصله خبر إعدام البعثة حوَّل جيوشه إلى إشبيلية - عاصمة بني عبَّاد - على الفور. وفي طريقه، قام ألفونسو بتدمير ونهب كل القرى والمدن التي مرَّ بها، واستمرَّ بسيره حتى وصل جزيرة طريف عند الحدود الجنوبية للأندلس، فوطئ مياه المتوسط، وأرسل إلى أمير المرابطين ابن تاشفين، يخبره بمصير ملوك الطوائف، ويدعوه إلى القدوم لقتاله. وصل ألفونسو إلى إشبيلية، فضرب عليها الحصار لمدة ثلاثة أيام. وفي خلال ذلك أرسل إلى المعتمد طالباً منه مروحة لطرد الذباب لإهانته، فردَّ عليه المعتمد: «قرأتُ كتابك، وفهمت خيلاءك وإعجابك، وسأنظر إليك في مراوح من الجلود اللمطية، في أيدي الجيوش المرابطين، تروح منك، ولا تروح عليك إن شاء الله»، وعندما ترجمت هذه الرسالة لألفونسو بدا عليه التفاجؤ، كأنه لم يتوقع فكرة استدعاء المرابطين. ففك ألفونسو بعد الأيام الثلاثة الحصار، ويقال إن ذلك كان بعد أن هزمه ابن عمَّار في لعبة بالشطرنج اشترط عليه فيها أن يترك إشبيلية إن تغلَّب عليه باللعبة، وقد اتجه ألفونسو عوضاً عن ذلك نحو باقي إمارات الأندلس، فأسقط إمارة بني هود في سرقسطة، وبني ذي النون في بلنسية، وأخيراً بني صمادح في المرية، حتى بلغ نابار قريباً من غرناطة. في هذه الأثناء، عقد ألفونسو حلفاً مع سانشو الأول ملك أراغون ونافارا، وبرنغار ريموند كونت برشلونة، لكي يقضوا معاً على ما تبقَّى من الدول الإسلامية في الأندلس. فزحفت جيوشهم إلى قورية وطريف وحتى ضواحي إشبيلية، فأحرقوا ودمَّروا القرى والمزارع المحيطة بها. ويلاحظ بعض الباحثين عدم وضوح تسلسل الأحداث التاريخية للتصاعدات بين المعتمد بن عبَّاد وألفونسو، مثل وقت حصار ألفونسو لإشبيلية، وبلوغه بعد ذلك في غزواته جزيرة طريف، ووقت حدوث قصة وفد ابن سايب، وكذلك بعض الأحداث الأخرى. الاستنجاد بالمرابطين عندما بدأت مدن الأندلس بالتساقط في يد حلف الممالك النصرانية، عُقِدَ اجتماعٌ كبيرٌ في قرطبة، حضره الكثير من فقهاء وقضاة ووجهاء المدينة، وبعد أن ناقش الحاضرون حال الأندلس والخطر المحدق من قشتالة، اتُّفق على أن يكون الحل هو استدعاء مسلمي إفريقية (الزيريون آنذاك) والتحالف معهم على اقتسام الأموال، مقابل أن يساعدوا ملوك الطوائف بحماية ملكهم. وعرضوا هذا المقترح على القاضي عبد الله بن محمد بن أدهم، فقال لهم: «أخاف أن يخرّبوا الأندلس كما فعلوا بإفريقيَّة، ويتركوا الإفرنج ويبدؤوا بكم، والمرابطون أقرب إلينا وأصلح حالاً»، فكان الاتفاق على استدعاء يوسف بن تاشفين ملك المرابطين بدلاً من الزيريّين. وكانت فكرة استدعاء المرابطين تدور في خاطر المعتمد منذ مدة، لذا عندما سمع بهذا، بادر إلى عقد اجتماعٍ مماثل لملوك الطوائف في قرطبة ثم في إشبيلية بزعامته، وقرَّر ملوك الطوائف طلب النجدة من يوسف بن تاشفين، ولم يعارض ذلك أحد منهم سوى تميم بن بلقين حاكم مالقة، فاتهموه بالخيانة والتواطؤ. قام المتوكل بكتابة رسالة الاستغاثة، ووقَّع عليها 13 أميراً من أمراء الأندلس. يقول عددٌ من المؤرخين (مثل ابن دحية في كتابه المطرب من أشعار أهل المغرب) أن المعتمد أبحر إلى المغرب بنفسه في عام 479هـ، حيث التقى بيوسف بن تاشفين في المهدية، فطلب منه نصرته في حربه مع الفرنجة. رغم ذلك، فإن بعض المؤرخين الآخرين يقولون بأنَّ الأمر اقتصر على مراسلاتٍ وسفاراتٍ متبادلة بين المعتمد وابن تاشفين، وقد ذكره المعتمد في تلك الرسائل بألقاب «أمير المؤمنين» و«ناصر الدين»، وذكر ألفونسو باسم «الكلب المسعور»، ووصف له الحال السيئة التي وصل إليها ملوك الطوائف والجرائم التي يرتكبها ملوك النصارى بقرى الأندلس. وكذلك كتب وزير المعتمد ابن عمَّار رسالة أخرى شبيهة كانت خاتمتها: «إن يوسف بن تاشفين قد غدا معقد الآمال، وإنه يُعتَقَد أن الله قد اصطفاه لإنقاذ الإسلام». وقد لامَ المعتمدَ بعض معاونيه على طلبه العون من المرابطين قائلين: «المُلك عقيم، والسيفان لا يجتمعان في غمدٍ واحد» (يقصدون أنه لا يمكن أن يترك المرابطون له ملكه)، فقال لهم جملته التي اشتهرت فيما بعد: «تالله إني لأؤثر رعي الجمال لسلطان مراكش على أن أغدو تابعاً لملك النصارى وأن أؤدي له الجزية، إنَّ رعي الجمال خيرٌ من رعي الخنازير». وقد اعترض عليه ابنه الرشيد قائلاً: «يا أبت، أتدخل على أندلسنا من يسلبنا ملكنا ويبدّد شملنا؟»، فأجاب ابنَه: «أي بني، والله لا يُسمَع عني أبداً أني أعدتُّ الأندلس دار كفر، ولا تركتها للنصارى، فتقوم عليَّ اللعنة في منابر الإسلام مثل ما قامت على غيري»، تأخر ابن تاشفين في السير إلى الأندلس، ممَّا أجبر المعتمد وباقي ملوك الطوائف على دفع الجزية إلى ألفونسو ريثما يصل. وفي هذه الأثناء قرَّر المعتمد الاستجابة إلى طلبٍ من ابن تاشفين وإعطائه الجزيرة الخضراء ليعسكر بها، وقد قال ابنه الرشيد في ذلك: «يا أبتِ، ألا ما تنظر إلى ما طلب؟»، فأجاب المعتمد: «يا بني، هذا قليلٌ في حقّ نصرة المسلمين»، ثم أرسل المعتمد ابنه يزيد الراضي لتسليم الجزيرة إلى المرابطين. في نهاية الأمر استجاب يوسف بن تاشفين، فعبر مضيق جبل طارق على رأس جيشٍ كبير إلى الأندلس لقتال الممالك النصرانية. معركة الزلاقة وصل جيش ابن تاشفين إلى الجزيرة الخضراء بعد أن عبرت آخر قواته البحر في يوم الخميس بمنتصف ربيع الأول عام 479 هـ (30 يونيو عام 1086م)، فاستقبله المعتمد هناك بنفسه وسط احتفالٍ كبير، وسلَّمه القلعة، ووصف ابن عبَّاد الجيش المرابطيَّ بأنه رأى «عسكراً نقياً ومنظراً بهياً»، ثم سارت الجيوش باتجاه إشبيلية عاصمة بني عباد. بقيت الجيوش في إشبيلية لثمانية أيام (وقيل ثلاثة أيام)، حيث اجتمعت قوات مختلف ملوك الطوائف لتشارك في المعركة، وعمل المعتمد على توفير كمٍّ هائلٍ من المؤن للجيش. انقسم الجيش إلى ثلاثة أقسام، ففي المقدمة 10,000 من الفرسان، تليهم قوات الأندلس التي يرأسها ويقودها المعتمد بن عبَّاد، وأخيراً على مسافة يومٍ كان جيش المرابطين بقيادة يوسف بن تاشفين. وقد استدعى ألفونسو أيضاً على وجه السرعة حلفاءه ملوك أراغون وبرشلونة، فحشدوا جيشاً كبيراً، واجتمعت الجيوش في سهل الزلاّقة، حيث عسكر المعتمد مع الجيش الأندلسي مباشرة أمام جيش النصارى، وأما المرابطون فعسكروا وراء أحد الجبال المجاورة. وقد اختلفت المصادر التاريخية بشكلٍ كبيرٍ فيما يتعلَّق بقوام الجيشين الإسلامي والنصراني وعدد جنودهما. بدأت المعركة في يوم الجمعة 12 رجب عام 479هـ الموافق 23 أكتوبر 1086م، فقاد المعتمد بن عبَّاد الجيش الأندلسي في القلب، وأما الفرسان والأندلسيّين فأخذوا الميمنة والميسرة على التوالي، وخصَّص ألفونسو لمواجهة المعتمد وجيشه جيشاً بقيادة الكونت جارسيان والكونت رودريك. اشتد الهجوم على قلب الجيش الأندلسي، وتكبَّد فرسان المسلمين خسائر كبيرة، ممَّا دفع ببعض ملوك الطوائف إلى الفرار خوفاً من هزيمتهم. بقي المعتمد والفرسان ليومٍ واحد وحدهم وبدؤوا ينهزمون ويتراجعون، لكن في اليوم الثاني جاءتهم النجدة من جيش ابن تاشفين، الذي هاجم جيش قشتالة من الخلف، فحوصر ألفونسو بين جيش المعتمد من جهةٍ وجيش ابن تاشفين من جهةٍ أخرى، فهُزِمَ وانسحب. كان قد جهَّز المعتمد حمامة زاجلة حملها معه إلى المعركة لإرسال الأخبار العاجلة، فأرسل على الفور إلى ابنه الرشيد بإشبيلية يُنبِؤُه بالنَّصر، وأُعْلِنَ الخبر من على منبر المسجد الجامع في المدينة. بعد المعركة استمرَّ المعتمد بقيادة جيشه لاستعادة الأراضي التي كان قد خسرها لقشتالة، ففتح حصوناً في ولاية طليطلة، إلا أنه تراجع بعد ذلك نتيجة هزيمةٍ تلقاها في مرسية. بعد المعركة، وصلت ابن تاشفينَ أنباء وفاة ولده أبي بكر، لذلك قرَّر أن يعود سريعاً إلى مراكش، فسار جنوباً، ومرَّ بإشبيلية فدعاه المعتمد إلى النزول عنده، وقضى هناك ثلاثة أيام. أُخِذَ ابن تاشفين بجمال إشبيلية خلال إقامته بها، وأغدق عليه المعتمد فأراه ترفه في المأكل والمشرب والعيش، وأخذ مساعدو ابنِ تاشفينَ يحاولون إغراءه باتخاذ شيءٍ مماثل، فاعترض قائلاً: «الذي يَلُوح لي من أمر هذا الرجل (المعتمد) أنه مُضَيِّعٌ لما في يديه من الملك، لأن هذه الأموال التي تُعِينه على هذه الأحوال لا بد أن يكون لها أربابٌ لا يمكن أخذ هذا القدر منهم على وجه العدل، فأخَذَهُ بالظُّلم، وأخرَجَهُ في هذه الترَّهات، وهذا من أفحش الاستهتار». ثم سأل أصحابه عن رضا معاوني المعتمد عنه، فقيل له إنَّهم غير راضين. ورغم انزعاج ابن تاشفين من ذلك فقد أكنَّ الاحترام للمعتمد، وكان يقول عنه «إنَّما نحن في ضيافة هذا الرجل وتحت إمرته، وواقفون عند ما يحدُّه». حشد ألفونسو جيشاً جديداً بعد الزلاقة بمساعدة الممالك النصرانية الأخرى، فعبر يوسف بن تاشفين إلى الأندلس من جديد، واجتمع بجيوش المعتمد وبعض ملوك الطوائف الآخرين، وساروا فحاصروا حصن لبيط الذي كان يعسكر فيه آلاف الجنود، إلا أن الحصار فشل بسبب قلة العتاد والسّلاح. لكن عندما قرَّر يوسف والمعتمد متابعة الزحف ضد النصارى اعترض عليهم أمراء مرسية، فدار سجالٌ بين عبد الرحمن بن رشيق صاحب مرسية وبين المعتمد، انتهى بأن أشهر ابن رشيق سيفه على المعتمد، فأمر ابن تاشفين بأسر أمير مرسية على الفور، إلا أنَّ ذلك تسبب في ثورة جند الأمير، فانسحبوا وصاروا يقطعون طرق المؤن على الجيش المرابطي، كما انسحب بعض ملوك الطوائف الآخرين، وأما ابن تاشفين فقد عاد إلى المغرب تاركاً وراءه حامية مرابطية. عاد يوسف بن تاشفين إلى مراكش وفي نفسه من الأندلس «الكثير المقعد» كما يقول المراكشي، وقد رغب بها فقال لوجهائه: «كنتُ أظنُّ أني قد ملكت شيئاً، فلمَّا رأيت تلك البلاد صَغُرَت في عيني مملكتي، فكيف الحالة في تحصيلها؟»، وقد شجَّعه على ذلك أعيانه الذين طمعوا بخيرات الأندلس لأنفسهم، وأشاروا عليه بأن يرسل إلى المعتمد يطلب منه وضع بعض رجال المرابطين في حصون الأندلس، ليكونوا مساعدين له لاحقاً في انتزاعها. وقد أعجبت الفكرة ابن تاشفين، فأرسل خيرةً من رجاله أمَّر عليهم رجلاً يدعى «بُلُجِّين»، ووافق المعتمد، وفيما بعد ساعد هؤلاء الرجال على خلع ملكه. بعد استفتاء أبي حامد الغزالي وعددٍ من الفقهاء والعلماء الآخرين، قرَّر يوسف بن تاشفين أن يضمُّ إمارات ملوك الطوائف إلى الدولة المرابطية بالقوة، وكان أغلب مثقّفي الأندلس والكثير من أهاليها يدعمونه في ذلك ويتأمَّلون قدومه، فعبر إلى الأندلس مرة أخرى، وحاصر غرناطة واستولى عليها من أميرها عبد الله بن بلقين. وقد تعجَّب المعتمد بن عبَّاد من ذلك، فأرسل إليه يستفسر ويطلب مقابلته، إلا أنَّ ابن تاشفين رفض رؤيته. وقال المعتمد في ذلك للمتوكل أمير بطليوس: «والله لا بدَّ أن يسقينا من الكأس التي أسقى بها عبد الله». عيَّن يوسف بن تاشفينَ سير بن أبي بكر قائداً للجيوش التي ستقضي على ملوك الطوائف، وأمره بأن يطلب منهم الرحيل، فإن لم يفعلوا فليحاصرهم وليقاتلهم. وفي عام 484 هـ (1091) اجتازت جيوش المرابطين مضيق جبل طارق، وانقسمت إلى أربع فرق: فتوجَّه جيش بقيادة سير بن أبي بكر إلى إشبيلية، وثانٍ بقيادة أبي عبد الله بن الحاجّ إلى قرطبة، والثالث بقيادة جرور اللتموني إلى رندة، وكلُّها من مدن بني عبَّاد، وأما الجيش الأخير فقد اتَّجه إلى ألمرية، وبقي ابن تاشفين في سبتة بالمغرب ليتدخَّل إذا ما اقتضت الضرورة. كانت أولى مدن المعتمد سقوطًا في أيدي المرابطين هي طريف، وسُرعَان ما وصل جيش ابن الحاج إلى مدينة قرطبة، فنجح في الاستيلاء عليها بعدما سلَّمها أهلها في شهر صفر من عام 484هـ، وقَتَلَ واليها الفتح بن المعتمد (المعروف بالمأمون)، وهربت زوجته زائدة إلى قشتالة، وكذلك قتل ابن المعتمد الراضي في رندة، وأخيراً سقطت قرمونة في شهر ربيع الأول، فلم تبقَ في يد المعتمد بن عبَّاد أي مدينةٍ في الأندلس عدا إشبيلية. اشتبك المعتمد مع المرابطين في معارك صغيرة متكرّرة، آملاً استنزاف قواهم، إلا أنَّه فشل في ذلك. فوصلت جيوش المرابطين أخيراً إلى عاصمته إشبيلية، وحاصرها جيشان، واحدٌ من جهة الغرب - يفصله نهر الوادي الكبير وأسطول للمعتمد عن المدينة - والثاني من الشرق، وبدأ يضيق الخناق على المعتمد، ثم اندلعت ثورة ضدَّه في إشبيلية نفسها، ورغم نصح من حوله له بالقضاء على الثورة بالقوة فقد أبى. أصيب المعتمد باليأس، فراسل ألفونسو السادس ملك قشتالة، وطلب منه إنقاذه، وتغاضى ألفونسو عن خلافاتهما السابقة، فأرسل جيشاً كبيراً إلى قرطبة، إلا أنَّ المرابطين تمكَّنوا من هزيمته بالقرب من حصن المدور. وتفاجأ المعتمد من ذلك، حيث كان يؤمن بالتنجيم، ولذلك كان يعقد آمالاً كبيرة على نبوءات منجّمه أبي بكر الخولاني. أخذت المؤامرات تُحَاك داخل إشبيلية لتسليم المدينة، وكان المعتمد يحاول وضع عيونٍ لمراقبة مثل هذه الأمور، لكنها لم تكن كافية، وعندما يئس ترك إدارة المدينة لابنه الرشيد. في النهاية، نجح بعض الثائرين بحفر ثغرةٍ في سور المدينة، فاقتحمها الجنود المرابطيُّون، وعندها خرج المعتمد من قصره ممسكاً سيفه دون ترسٍ أو درعٍ يحمي جسده، ووجد عند أحد أبواب المدينة (واسمه باب الفرج) فارساً من المرابطين، فرماه الفارس برمحٍ، إلا أنَّه نجا منه، وتمكَّن من قتل عدوّه، وبعد معركةٍ قصيرةٍ تراجع جنود المرابطين الذين اقتحموا المدينة وانسحبوا، فاعتُقِدَ أنها قد نجت. لكن عندما حلَّ عصر اليوم ذاته عاد المرابطون لاقتحام المدينة، واشتدَّت المعركة، وأصيب الأهالي بالهلع وأخذوا يقفزون من على الشرفات ويفرُّون إلى النهر، وسقطت إشبيلية في يوم الثلاثاء من منتصف شهر رجب عام 484هـ بعد مقاومة عنيفة (وقيل كذلك في يوم الأحد 21 من رجب)، وقتل أربعة من أبناء المعتمد خلال المعركة. النفي اقتيد المعتمد وعائلته أسرى من إشبيلية، وأُخِذُوا إلى المغرب حيث قرَّر يوسف بن تاشفينَ نفيهم، فمكثوا أولاً في طنجة لفترةٍ وجيزة، حيث التقى المعتمد ببعض شعراء المدينة، ومن أبرزهم أبو الحسن بن عبد الغني الفهري الذي أهداه كتابه «المستحسن من الأشعار»، فكافأه بمبلغٍ مما تبقَّى معه من المال. غير أنَّ ذلك تسبب بتهافت باقي شعراء طنجة عليه حالما سمعوا بالخبر رجاءً للمكافآت، فردَّهم المعتمد، وكتب شعراً إجابة لهم يرثي فيه حالَه وما آل إليه. نُقِلَ المعتمد مجدداً من طنجة إلى مكناسة ليمكث شهوراً عدَّة، وقد أورد ابن الطوسي في كتابه الاستبصار فيما اختلف من الأخبار أنه نقل أيضاً إلى قلعة فازار في جبال المغرب، رغم أن ذلك لم يرد في معظم المصادر الأخرى. في نهاية الأمر، نُقِلَ المعتمد أخيراً - مع بعض ملوك الطوائف السابقين الآخرين - إلى أغمات، حيث قضى آخر أيام حياته في الأسر بظروفٍ مزرية ومعاملة سيئة، ولعلَّه ممَّا ساهم في إساءة معاملته - على عكس أمراء بني زيري - أن ابنه عبد الجبار حاول شنَّ ثورة على المرابطين بعد سقوط إمارة بني عباد. وربَّما يكون سبب نقل المعتمد إلى أغمات هو إبعاده عن سواحل الأندلس، بحيث لا يكون الفرار عليه سهلاً، ولا الثورة على ابن تاشفين. وقد قال شاعر المعتمد ابن اللبانة في وصف رحيله عن إشبيلية: حان الوداعُ فضجّت كل صارخةٍ وصارخٍ من مُفداة ومن فادِي سارت سفائنُهم والنوْحُ يتبعها كأنها إبل يحدو بها الحادي كم سال في الماء من دمعٍ وكم حملت تلك القطائعُ من قطعاتِ أكبادِ داوم على زيارة المعتمد في أسره عددٌ من شعرائه وأصدقائه القدامى الذين كانوا من المُقرَّبين إليه في أيام ملكه، ومن أبرزهم ابن اللبانة الذي زاره أكثر من مرَّة، وقد ألَّف هذا كتاباً كاملاً عن تاريخ دولة بني عبَّاد أطلق عليه «السلوك في وعظ الملوك». وكذلك شاعره ابن حمديس الصقلي الذي نظم له الكثير من القصائد، وأبو محمد عبد الله بن إبراهيم صاحب كتاب «المسهب». وساعدت هذه الزيارات على تخفيف وطأة السجن عن المعتمد. عانى المعتمد بن عبَّاد في سنتيه الأخيرتين بالأسر من المرض والكرب بسبب ما أصابه، ويقول الفتح بن خاقان في كتاب القلائد عن أيامه الأخيرة: «ولم تزل كبده تتوقَّد بالزفرات، وجلده يتردَّد بين النكبات والعثرات، ونفسه تنقسم بالأشجان والحسرات، إلى أن شفته منيته، وجاءته بها أمنيته»، فتوفّي في أغمات بتاريخ 11 شوال عام 488هـ (أكتوبر 1095م)، وقيل في شهر ذي الحجة من العام ذاته، عن عمر 56 عاماً، وصُلِّيت عليه في جنازته بأغمات صلاة الغريب. وقد أثار سجن المعتمد وإساءة معاملته من طرف المرابطين الكثير من انتقادات المؤرخين إلى يوسف بن تاشفين، وجذبت إلى المعتمد تعاطف الكثير من الأدباء والشعراء. زار قبره بعد وفاته الكثير من الشعراء والأدباء المعروفين، وقد قال أبو بحرٍ بن عبد الصمد في المعتمد، بينما كان يزور قبره في أحد الأعياد يرثيه: ملكَ الملوكِ أسامعُ فأنادي أم قد عدُّتكَ عن السَّماع عوادي العلم والحضارة في عصره شهد عهد المعتمد بن عبَّاد نهضة حضارية كبيرة في إشبيلية والمدن الأخرى التي حكمها. فقد عمرت المدينة بالقصور الكبيرة، التي شيدها بنو عباد ورجالات الدولة الكبار. كما ظهر ونبغ الكثير من الشعراء المشهورين في تاريخ الأندلس خلال عهده، ومن أبرزهم أبو بكر بن عمار وابن زيدون وابن حمديس الصقلي وابن اللبانة وابن وهبون، بل وكان المعتمد نفسه وزوجته اعتماد الرميكية شاعرين. وقد عُرِفَ المعتمد وبنو عبَّاد بصورةٍ عامة بعلمهم وأدبهم، واهتمامهم الكبير بالعلماء والأدباء والشعراء خلال حكمهم لإشبيلية وقرطبة، وإغداقهم الأموال والمكافآت على البارعين منهم. ويقال إن المعتمد لم يكن ينصّب كاتباً أو وزيراً ما لم يكن شاعراً. وقد كانت للمعتمد علاقة وثيقة بالكثير من هؤلاء الشعراء، ومن أبرزهم ابن عمار وابن زيدون. وكان يستخدم أحياناً كثيرة الشعر في مراسلاته معهم، أو يقوم بالتنافس معهم في سرعة تأليف أبيات الشعر. وكانت بينه وبين ابن زيدون مراسلاتٌ يسمّيها المعميات، حيث يتبادلان رسائل بها أبيات من الشعر يَصِفُ كل حرفٍ منها نوعاً من الطيور يسمَّى بيتها «المطيَّر». وكذلك كان يخوض المعتمد مع شعرائه المناقشات النقدية الأدبية، ومنها أنه طلب منهم يوماً ملاحظة عيبٍ في بيت للمتنبي «أزورهم وسواد الليل يشفع لي»، فعجزوا، فقال لهم «الليل لا يُطَابَق بالنهار، ولا يُطابَق بالصباح، لأن الليل كلي والصبح جزئي»، فتعجب الشعراء من ملاحظته. إلى جانب الأدب والشعر، فقد اشتهر عهد المعتمد بن عبَّاد بانتشار العمران وكثرة الخضرة في إشبيلية، وازدهرت المدينة في عهده بالكثير من القصور الكبيرة، مثل قصر المبارك والزاهي والثريا والوحيد. شخصيته قال عنه الإمام الذهبي في كتاب سير أعلام النبلاء: «كان فارساً شجاعاً، عالماً أديباً، ذكياً شاعراً، محسناً جواداً ممدحاً، كبير الشأن، خيراً من أبيه. كان أندى الملوك راحة، وأرحبهم ساحة، كان بابه محطَّ الرحال، وكعبة الآمال». وكذلك وصفه ابن الأبار القضاعي بأنه كان «من الملوك الفضلاء، والشجعان العقلاء، والأجواد الأسخياء المأمونين. عفيف السيف والذيل». يُوصَف المعتمد بأنه كان شبيهاً إلى حدٍّ كبيرٍ بأبيه أبي عمرو المعتضد، إلا إنَّه كان أقلَّ قسوة وشدة، وقد عرف كلاهما بالقوة والشجاعة والكرم والموهبة بالشعر. وقد كان المعتمد شديد البراعة والموهبة في الشعر والأدب، إلا إنَّه لم يتوسَّع في أي علمٍ من العلوم عدا هذين. وكان يقضي معظم وقته إما في مجالسة الشعراء أو مع جواريه الكثيرات، وكان يغدق عليهم الكثير من الأموال، ويكنّ لهم الكثير من المكانة، وكذلك كان يُعجَب بالنابغين في مختلف الأمور ويحبّ تقربتهم منه. شعره كان ابن عباد شاعراً ينظم الشعر، وقد حاول أن يجعل حياته كلها قصيدة من قصائد الشعر المترف، وأن يجعل بلاطه موئل الشعراء، وقد انضم إليه شعراء الأندلس وأفريقية وصقلية. وقد ألف الكثير من الأشعار، كما جمع له شاعره ابن اللبانة كتاباً من شعره باسم «سقيط الدرر ولقيط الزهر». قال أثناء أسره في أغمات عندما رأى بناته بثيابٍ رثة في العيد: فيما مضى كنت بالأعياد مسروراً فسائك العيد في أغمات مأسوراً ترى بناتك في الأطمار جائعةً يغزلن للناس ما يملكن قطميراً برزن نحوك للتسليم خاشعةً أبصارهنَّ حسيرات مكاسيراً يطأن في الطين والأقدام حافيةً كأنها لم تطأ مسكاً وكافوراً أفطرت في العيد لا عادت إساءتُه فعاد فطرك للأكباد تفطيراً قد كان دهرك إن تأمره ممتثلاً فردّك الدهر منهياً ومأموراً من بات بعدك في ملكٍ يسرّ به فإنَّما بات في الأحلام مغروراً وقال يعبّر عن ما يمرُّ به في أسره بعد سقوط دولته: تبدلت مـن ظـل عـز البنود بذل الحـديد وثقل القيود وكان حديدي سناناً ذليقاً وعـضباً رقيقـاً صقيل الحديد وقد صار ذاك وذا أدهماً يعـضّ بساقي عــضَّ الأسود وقال أيضاً: لكِ الله كم أودعت قَلبي أسهماً وكم لكِ ما بين الجوانح من كَلْم لحاظُكِ طولَ الدّهر حربٌ لمُهجتي ألا رحمةٌ تَئنيك يوماً إلى سَلْمِى الأعمال الفنية تم عمل العديد من الأعمال عن سيرة المعتمد بن عباد والأندلس وملوك الطوائف ومنها: كتاب المعتمد، آخر ملك لإشبيلية لبلاس إنفانتي (1920) ومثل شخصيته عدد من الممثلين منهم: أسامة المشيني مسلسل المعتمد بن عباد. محمود سعيد مسلسل ميراث السنين. تيم حسن مسلسل ملوك الطوائف. سامر المصري مسلسل المرابطون والأندلس. غسان صليبا مسرحية ملوك الطوائف الديوان » العصر الأندلسي » المعتمد بن عباد » يقولون صبرا لا سبيل إلى الصبر عدد الابيات : 18 طباعة يَقُولونَ صَبراً لا سَبيلَ إِلى الصَبرِ سَأَبكي وَأَبكي ما تَطاوَل مِن عُمري نَرى زُهرَها في مأتمٍ كُلَّ لَيلَةٍ يُخَمّشنَ لَهَفاً وَسطَهُ صَفحَةَ البَدرِ يَنُحنَ عَلى نَجمَين أَثكَلنَ ذا وَذا وَيا صَبرُ ما لِلقَلبِ في الصَبر مِن عُذرِ مَدى الدهر فَليَبكِ الغَمام مُصابَهُ بِصنوَيهِ يُعذَر في البُكاءِ مَدى الدهرِ بِعَينِ سَحابٍ وَاِكِفٍ قَطر دَمعها عَلى كُلّ قَبرٍ حَلَّ فيهِ أَخو القَطرِ وَبرقٌ ذَكيُّ النارِ حَتّى كَأَنَّما يُسَعَّرُ مِمّا في فُؤادي مِنَ الجَمرِ هَوى الكَوكَبانِ الفَتحُ ثُمَّ شَقيقُهُ يَزيدُ فَهَل بَعدَ الكَواكِب مِن صَبرِ أَفَتحٌ لَقَد فَتَّحتَ لي بابَ رَحمَةٍ كَما بِيَزيدِ اللَهُ قَد زادَ في أَجري هَوى بِكُما المِقدارُ عَنّي وَلَم أَمُت وَأدعى وَفيّا قَد نَكَصتُ إِلى الغَدرِ تَوَلَيتُما وَالسنُّ بَعدُ صَغيرَةٌ وَلَم تَلبثِ الأَيّامُ أَن صَغَّرت قَدري تَوَلَيتُما حينَ اِنتَهَت بِكُما العُلى إِلى غايَةٍ كُلٌّ إِلى غايَةٍ يَجري فَلَو عُدتَما لاخترتُما العودَ في الثَرى إِذا أَنتُما أَبصَرتُمانيَ في الأَسرِ يُعيدُ عَلى سَمعي الحَديدُ نَشيدَهُ ثَقيلاً فَتَبكي العَينُ بالجسّ وَالنَقرِ مَعي الأَخَوات الهالِكات عَلَيكُما وَأمّكما الثَكلى المُضَرّمة الصَدرِ تُذَلِلُها الذِكرى فَتَفزَعُ لِلبُكا وَتَصبر في الأَحيان شُحّاً عَلى الأَجرِ فَتَبكي بِدَمعٍ لَيسَ للقطرِ مِثلُهُ وَتَزجُرُها التَقوى فَتُصغي إِلى الزَجرِ أَبا خالِدٍ أَورَثتَني البَثَّ خالِداً أَبا النَصرِ مُذ وُدّعتَ وَدَّعني نَصري وَقَبلكُما ما أَودَعَ القَلبَ حَسرَةً تُجَدّدُ طولَ الدَهرِ ثكلُ أَبي عَمرِو له في حاله: تَبَدَّلْتُ من ظِلِّ عزِّ البُنُود ** بِذُلِّ الحديد وثِقْل القُيُودِ وكان حديدي سِنانًا ذَلِيقًا ** وعَضْبًا رَقيقًا صَقيلَ الحديد وقد صار ذاك وذا أدْهَمًا ** يَعَضُّ بساقيَّ عَضَّ الأسُودِ وقيل: إنّ بنات المعتمد دخلن عليه السّجنَ في يوم عيدٍ، وكُنَّ يغْزِلن للنّاس بالأُجرة في أغْمات، فرآهنّ في أطمارٍ رثَّةٍ، فَصَدَعْنَ قلبه، فقال: فيما مضى كنتَ بالأعياد مسرورًا ** فساءك العيدُ في أَغْماتَ مأسورا ترى بناتِك في الأطمار جائعةٍ ** يغزلن للناس لا يملكن قِطْميرا بَرَزْنَ نحوك للتّسليم خاشعةً ** أبصارهُنَّ حسيراتٍ مَكَاسيرا يَطَأْنَ في الطِّين والأقدامُ حافيةٌ ** كأنّها لم تَطَأَ مِسْكًا وكافورا من بات بعدَكَ في ملكٍ يُسَرُّ به ** فإنّما بات بالأحلام مغرورا ودخل عليه ولده أبو هاشم، والقيود قد عضّت بساقيه، فقال: قَيْدي، أما تَعْلَمُني مُسْلمًا ** أبيتَ أن تُشْفق أو تَرْحما دمي شرابٌ لك، واللّحم قد ** أكلْتَه، لا تهشم الأعظُما يُبصرني فيك أبو هاشمٍ ** فينثني، والقلب قد هشّما ارحم طفيلاً طائشاً لبّه ** لم يخش أن يأتيك مسترحما وارحم أخيّاتٍ له مثله ** جرّعتهُنَّ السُّمّ والعَلْقَما وللمعتمد وقد أُحيط به: لمّا تماسكتِ الدّموعُ ** وتَنَهْنَهَ القلبُ الصَّدِيعُ قالوا: الخضوعُ سياسةٌ ** فَلْيَبْدُ منك لهم خضوع وألذ من طعم الخضو ** ع على فمي السّمُّ النّقِيعُ إن تَسْتَلِبْ عنِّي الدُّنَا ** مّلْكي وتُسْلِمُني الْجُمُوعُ فالقلبُ بين ضُلُوعِهِ ** لم تُسّلِمِ القلبَ الضُّلُوعُ قد رُمْتُ يوم نِزَالِهم ** أنْ لا تحصِّنني الدُّرُوعُ وبرزت ليس سوى القميـ ** ـصٍ عن الحشَى شيءٌ دَفُوعُ أجَليَ تأخّر، لم يكن ** بهواي ذلّي والخشوع ما سرت قطّ إلى القتا ** ل وكان في أملي رجوع شِيَمُ الأُولَى أنا منهمُ ** والأصل تتْبعهُ الفروعُ رَعى اللَهُ حالَينا حَديثا وَماضيا وَإِن كُنتُ قَد جَرَّدتُ عَزميَ ماضيا فَما لِلَّيالي لا تَزالُ تَرومُني وَيَرمينَ مِنّي صائِبَ السَهمِ قاضيا وَقَد عَلِمَت أَنَّ الخُطوبَ تَطوعُني وَما زِلتُ مِن لِبسِ الدَنياتِ عاريا أُجَدِّدُ في الدُنيا ثياباً جَديدَةً يُجَدِّدُ مِنها الجودُ ما كانَ باليا فَما مَرَّ لي بُخلٌ بِخاطِرِ مُهجَتي وَلا مَرَّ بُخلُ الناسِ قَطُّ بِباليا أَلا حَبَّذا في المَجدِ اِتلافُ طارِفي وَبَذليَ عِندَ الحَمدِ نَفسي وَماليا

المنذر بن سعيد البلوطي

أبو الحكم المنذر بن سعيد البلوطي (273 هـ / 877م - 355 هـ / 966م)، قاضي وشاعر وخطيب أندلسي، عاصر عهد الدولة الأموية في الأندلس، له كتب مؤلفة في القرآن والسنة والرد على أهل الأهواء والبدع. ولاه الخليفة عبد الرحمن الناصر لدين الله على الصلاة والخطابة في المسجد الجامع في الزهراء، ثم ولاه قضاء الجماعة في قرطبة بعد وفاة القاضي محمد بن عيسى. وأقره على ذلك الخليفة الحكم المستنصر بالله من بعد أبيه. ولد المنذر بن سعيد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن قاسم البلوطي في عام 273 هـ في قرطبة في عهد الأمير المنذر بن محمد، لأسرة من البربر من فخذ يدعى كزنة، وتأتي نسبته إلى مدينة فحص البلوط. سمع بالأندلس من عبيد الله بن يحيى بن يحيى، ثم رحل إلى الحج عام 308هـ، وسمع بالمشرق من محمد بن المنذر النيسابوري، وروى عن أبي جعفر أحمد بن محمد بن النحاس. من كتبه «أحكام القرآن» و«الناسخ والمنسوخ» و«الإبانة عن حقائق أصول الديانة» و«الإنباه على استنباط الأحكام من كتاب الله». تولى قضاء ماردة، وفي عام 330هـ، رحل إلى طرطوشة ليتولى قضاء الثغور الشرقية، ثم تولى قضاء قرطبة في ربيع الآخر 339هـ. وتوفي المنذر في ذي القعدة 355هـ. وصلى عليه ابنه عبد الملك. نهجه في قضائه كان المنذر بن سعيد البلوطي شديد الصلابة في أحكامه وأقضيته، ورغم كونه كان يؤثر المذهب الظاهري، إلا أنه كان يقضي بمذهب مالك السائد حينئذ في الأندلس. كما كان لا يتورع عن نقد الحكام، فيروى أنه نقد الخليفة عبد الرحمن الناصر لدين الله نقدًا لاذعًا مبطّنًا من على المنبر في خطبة الجمعة بسبب إسرافه في الإنفاق على بناء مدينة الزهراء، فتأذى من ذلك النقد عبد الرحمن حيث أسر لابنه الحكم قائلاً: «والله لقد تعمدني منذر بخطبته، وما عني بها غيري، فأسرف علىّ وأفرط في تقريعي وتفزيعي، ولم يحسن السياسة في وعظي، فزعزع قلبي وكاد بعصاه يقرعني». وقد أقسم أن لن يصلي خلفه صلاة الجمعة بعدئذ، ولم يلجأ إلى عقاب القاضي أو مسه بأي ضرر، بعد أن قال له ولده الحكم: «وما لذي يمنعك والإستبدال به؟»، زجره ونهره قائلاً له: «أمثل المنذر بن سعيد في فضله وخيره وعلمه؟ لا أم لك. يعزل لإرضاء نفس ناكبة عن الرشد سالكة غير القصد، وهذا ما لا يكون. وإني لأستحي من الله ألا أجعل بيني وبينه في صلاة الجمعة شفيعًا مثل المنذر في ورعه وصدقه، ولكنه أحرجني، فأقسمت وودت أن أجد سبيلاً إلى كفارة يميني بملكي، بل يصلي بالناس حياته وحياتنا إن شاء الله، فما أظننا نعتاض منه أبدا.» وكتب بعض الأدباء إلى القاضي منذر بقوله: مسألة جئتك مستفتيا ... عنها وأنت العالم المستشار علام تحمر وجوه الظبا ... وأوجه العشاق فيها اصفرار؟ فأجاب منذر بقوله: احمر وجه الظبي إذ لحظه ... سيف على العشاق فيه احورار واصفر وجه الصب لما نأى ... والشمس تبقي للمغيب اصفرار المراجع

المعتصم بن صمادح

المعتصم بالله والواثق بفضل الله أبو يحيى محمد بن معن بن صمادح التجيبي ثاني حكام طائفة ألمرية من بني صمادح التجيبيين في عهد ملوك الطوائف. تولى أبو يحيى محمد بن معن بن صمادح في عام 443 هـ حكم طائفة ألمرية خلفًا لأبيه معن بن صمادح بإجماع بني عمه ورجال دولته، ولم يكن قد استكمل الثامنة عشرة من عمره. وقد كان أبوه قد أخذ له البيعة بولاية عهده، بعد أن عرضها على أخيه أبي عتبة صمادح بن معن، فاعتذر عن قبولها، واتخذ محمد لقبي المعتصم بالله والواثق بفضل الله. تعرض المعتصم في بداية عهده، لثورة من ابن شبيب صاحب لورقة واستنصر ابن شبيب بعبد العزيز المنصور صاحب بلنسية، فلبّى عبد العزيز دعوته، وأمده ببعض قواته، وزحف المعتصم في جيشه على لورقة، وبعد أن أمده باديس بن حبوس صاحب غرنطة ببعض قواته، فهزم المعتصم ابن شبيب واستعاد لورقة. ولما توفي عبد العزيز عام 452 هـ، وخلفه ابنه عبد الملك، بعث المعتصم بن صمادح بعض قواته فأغارت على بعض حصونه بمساعدة من باديس، ولكن دون نجاح يذكر. وفي عام 459 هـ، طمع المعتصم في أراضي غرناطة فهاجم وادي آش واستولى عليها، ثم استعادها باديس بعدئذ. ولما توفي باديس عام 465 هـ وخلفه حفيده عبد الله بن بلقين، وقعت بين المعتصم وعبد الله منازعات كثيرة بسبب حصون غرناطة الواقعة على الحدود، وانتهى الأمر بأن اتفقا على أن يهدم عبد الله تلك الحصون للمحافظة على المودة بينهما. وبعد أن سقطت طليطلة في يد ألفونسو السادس ملك قشتالة عام 478 هـ، اتفق معظم ملوك الطوائف على استدعاء المرابطين، وهو الأمر الذي لم يكن ابن صمادح من المتحمسين له، وهو ما كان جليًا حيث أنه لم يشهد معركة الزلاقة عام 479 هـ، متعللاً بكبر سنه، وأرسل قواته بقيادة ولده معز الدولة. ولما تحصّن القشتاليون في حصن لييط فيما بين مرسية ولورقة، عبر يوسف بن تاشفين إلى الأندلس عام 481 هـ، وتعاون الأندلسيون مع المرابطين على حصار حصن لييط، وكان المعتصم من المساهمين في الحصار الذي طال لأربعة أشهر، ولم ينجح المسلمون في اقتحام الحصن، ثم اضطر ألفونسو لإخلائه بعد أن قُتلت معظم حاميته. ولما رأى ابن تاشفين ما عليه ملوك الطوائف من شقاق وفرقة، أرسل جيوشه لإسقاطهم، ففي عام 484 هـ، حاصر جيش أبي زكريا بن واسنو أحد قادة ابن تاشفين ألمرية. وفي ربيع الآخر 484 هـ، توفي المعتصم بن صمادح، وقد اختلفت الروايات حول ما إذا كان المرابطون قد حاصروا ألمرية قبل وفاة المعتصم، أو أنه توفي قبل مقدم المرابطين. اهتم المعتصم بعمارة ألمرية، فابتنى قصرًا كبيرًا زينه بالعديد من مظاهر الأبهة والعظمة، كما جلب الماء إلى المدينة ووصلها إلى جامع ألمرية، ونظم وصول الماء إلى الحدائق الملحقة بقصره، كما ابتنى قصورًا أخرى خارج ألمرية ألحق بها حدائق جمع لها غرائب الأشجار والثمار، وجعل في إحدى تلك الحدائق بحيرة كبيرة أحاطها بمجالس مفروشة بالرخام الأبيض، وأطلق عليها اسم «الصمادحية». وقد اشتهر المعتصم بن صمادح بكونه أديبًا وشاعرًا، يضم بلاطه العديد من شعراء عصره، كوزيره عبد العزيز بن أرقم وعبادة القزاز إمام الموشحات وأبو الفضل البرجي وابن الحداد الوادي آشي. وقد نقل ابن الأبار القضاعي في كتابه «الحلة السيراء» عن أبي عامر محمد بن أحمد بن عامر الطرطوشي السالمي قوله أن «ما خاضه المعتصم من الفتن والحروب مع خصومه من ملوك الطوائف، لم يكن مما يتفق وطبيعته الوادعة، وإنما استدرج إليها، وأكره عليها إكراهًا.» كما تميز أبناؤه عز الدولة ورفيع الدولة وبنته أم الكرام بكونهم من الشعراء المصبوغين. اهتم المعتصم بشئون الدين، وإقامة أحكام الشريعة، وكان يعقد المجالس في قصره للمذاكرة، ويخصص يومًا كل أسبوع للفقهاء، يتناظرون بين يديه في كتب التفسير والحديث. نشأ في ملك ضيق الرقعة، فاستعاض منه سعة الخلق وبعد الهمة، وحلية العلم والأدب، والسخاء الشامل، والجود العمم، حتى طاول المعتمد بن عباد كبير ملوك الطوائف ونافسه، وحتى قال أمير المسلمين يوسف بن تاشفين حينما لقيهما بالأندلس (هذان رجلا هذه الجزيرة). قال ابن خلكان: «وكان رحب الفناء، جزيل العطاء، حليمًا عن الدماء، طافت به الآمال، واتسع في مدحه المقال، وأُعملت إلى حضرته الرحال، ولزمه جماعة من فحول الشعراء». وقال الفتح بن خَاقان: « ملكٌ أقام سوق المعارف على ساقها، وأبدع في انتظام مجالسها واتسقها، وأوضح رسمها، وأثبت في جبين أيامه وسمها. لم تخل أيامه من مناظرة، ولا عمرت إلا بمذاكرة أو محاضرة... وكانت دولته مشرعًا للكرم، ومطلعًا لهمم، فلاحت بها شموس، وارتاحت فيها نفوس. ونفقت فيها أقلام الأعلام، وتدفقت بحار الكلام، كإجادة ابن عمار وإبداعه، في قوله معتذرًا من وداعه. أَمُعتصِمًا باللهِ والحربُ ترتمِي بأبطالها والخيلُ بالخيلِ تلتقِي دَعتْنِي المطايا للرَّحيلِ وإنَّنِي لأَفْرقُ مِنْ ذِكر النَّوَى والتَّفرُّقِ وإنِّي إذا غَرَبتُ عنْكَ فإنَّما جبينُك شمسٌ والمرية مَشْرِقِي وكان المعتصم كالمعتمد بن عباد، شاعرًا مجيدًا: كتب إلى الوزير الشاعر ابن عمّار: وزَهَّدني في النَّاسِ معرفتِي بهمْ وطولُ اختباري صَاحبًا بعد صاحبِ فلمْ تُرنِي الأيَّامُ خِلًّا تسُرُّني مبادِيه إلَّا ساءني في العَواقِبِ ولا قُلتُ أرْجُوه لدفْعِ مُلِمَّةٍ مِنَ الدَّهرِ إلَّا كان إِحْدَى المصَائبِ طوى الأمير أربعين عامًا في إمارته، شاع فيها ذكره ونبه اسمه، وحلب الدهر أشطره، ورأى أحداثه وعبره. ثم حُمَّ القضاء وبعث ابن تاشفين جنودَه على ملوك الطوائف تثُلُّ عروشَهم، وتعفي على آثارهم. ولقي (رجلا الجزيرة) الصدمات الأولى فدارت على المعتمد الدائرات، فإذا هو أسير أغمات، وللمعتمد بن عباد قصَّة ملؤها العبرات والزفرات. وعلم ابن حماد بما أصاب صاحبه فملكه الغمُّ، وناء به الحزن، وكان أسعد من صاحبه جدًّا، نجاه الموتُ من الإسار، وأنقذه الحمام من المذلة: (ربَّ عيشٌ أخفّ منه الحِمامُ). ولله ابن بسّام حين يقول: «وكان بين المعتصم وبين الله سريرة أسلفتْ له عند الحِمامِ يدًا مشكورة؛ فمات وليس بينه وبين حلول الفاقرة به إلا أيامٌ يسيرة، وفي سلطانه وبلدِه، وبين أهله وولدِه». دع ما نمَّق الكتاب، وأنشد الشعراء، ودعْ أربعين طواها الزمان كأنها أحلام، وانظر المعتصم ليلة الخميس لثمانٍ بقين من شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانين وأربعمائة - الليلة التي طلع عليه بالرَّدَى فجرُها - هاهو ذا على فراش الموت في قصره بالمرية، ومعسكر ابن تاشفين على مقربة من المدينة ترى خيامه، وتسمع ضوضاءه، ويسمع المعتصم وجبة من الجيش اللجب، والجند المصطخب، فيقول - كأن لم ينعم بالملك والجاه أربعين عامًا -: لا إله إلا الله! نغص عليها كلَّ شيءٍ حتى الموت، قالت (أروى) إحدى جواريه: « فدمعت عيني، فلا أنسى طرفًا إلي يرفعه، وإنشاده لي بصوت لا أكاد أسمعه: ترَفَّقْ بدمْعِك لا تُفنِهِ *** فبين يدَيْك بكاءٌ طويل المصدر: مجلة الرسالة، العدد 30 - بتاريخ: 29 - 01 - 1934م المرجع الألكتروني للمعلوماتية القرآن الكريم وعلومه العقائد الإسلامية الفقه وأصوله الرجال والحديث سيرة الرسول وآله علوم اللغة العربية الأدب العربي الأسرة والمجتمع الأخلاق والأدعية التاريخ الادارة والاقتصاد علم الفيزياء علم الكيمياء علم الأحياء الرياضيات الهندسة المدنية الزراعة الجغرافية القانون اللغة الأنكليزية الأخبار الإعلام مكتبة الصور أقلام بمختلف الألوان إضاءات مفتاح أجوبة الإستفتاءات الشرعية وثائقيات ENGLISH الرئيسية الأخبار مفتاح وثائقيات المكتبة المصورة المكتبة المرئية أقلام بمختلف الألوان اشترك بمسابقة كنز المعرفة آخر المواضيع المضافة الإمام علي (عليه السلام) وحديث الراية مواصفات المؤمن في نظر علي بن أبي طالب (عليه السلام) / التعفف صفات المتقين / كظم الغيظ الدِّينُ وَاسِعٌ ماذا تعني المواد المبللة والناشرة المستخدمة في المبيدات وما هي أنواعها وكيف تعمل؟ قطة ليست بحية ولا ميتة مـــشــروعـــيــة الـــوكـــالـــة مـــن الـبــاطـــن التعريف القضائي في القضاء المقارن التعريف القضائي للموظف العام في القضاء العراقي الإفصاح عن السياسات المحاسبية والتقديرات الهامة في إعداد القوائم المالية الإيضاحـات المرفـقـة للقوائـم الماليـة Notes to the Financial Statements قائمة التغيرات في حقوق الملكية Statement of Changes in Equity و قائمة التدفقات النقدية Cash Flow Statement ما هو تعريفك للمواد المستحلبة Emulsifiers المستخدمة في المبيدات؟ قائمـة الدخـل الشامـل Statement of comprehensive income وافصاحاتـها وبنـود عـرضـها محتوى قائمة الدخل Income Statement وأهدافـها ومحدداتـها الأدب الــعربــي عدد المواضيع في هذا القسم 3299 موضوعاً الأدب النقد البلاغة العروض تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب أبحث عن شيء أخر بنو صمادح 832 04:11 مساءً التاريخ: 12/12/2022 المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب الجزء والصفحة : مج3، ص:366-374 القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي / بنو صمادح 149 - ومن حكاياتهم في العدل أنه لما بني المعتصم بن صمادح ملك المرية قصوره المعروفة بالصمادحية غصبوا أحد الصالحين في جنة وألحقوها بالصمادحية وزعم ذلك الصالح أنها لأيتام من أقاربه ، فبينا المعتصم يوماً يشرب على الساقية الداخلة إلى الصمادحية إذ وقعت عينه على أنبوب قصبة مشمع ، فأمر من يأتيه به ، فلما أزال عنه الشمع وجد فيه ورقة فيها إذا وقفت أبها - الغاصب على هذه الورقة فاذكر قول الله تعالى { إن هذا أخي له تسع ٣٦٦ وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفيلنيها وعزني في الخطاب} ( ص : ٢٣ ) لا إله إلا الله ، أنت ملك قد وسع الله تعالى عليك ، ومكن لك في الأرض ، ويحملك الحرص على ما يفنى أن تضم إلى جنتك الواسعة العظيمة قطعة أرض لأيتام حرمت بها حلالها ، وخبثت طيبها ، ولئن تحجبت عني بسلطانك ، واقتدرت علي بعظم شأنك ، فنجتمع غدا بين يدي من لا يحجب عن حق ، ولا تضيع عنده شكوى . فلما استوعب قراءتها دمعت عيناه ، وأخذته خشية خيف عليه منها ، وكانت عادته رحمه الله تعالى ، وقال : علي بالمشتغلين ببناء الصمادحية ، فأحضروا ، فاستفسرهم عما زعم الرجل ، فلم يسعهم إلا صدقه ، واعتذروا بأن نقصها من الصمادحية يعيبها في عين الناظر ، فاستشاط غضبا وقال : والله إن عيبها في عين الخالق أقبح من عيبها في عين المخلوق ، ثم أمر بأن تصرف عليه ، واحتمل تعويرها لصمادحيته . ولقد مر بعض أعيان المرية وأخيارها مع جماعة على هذا المكان الذي أخرجت منه جنة الأيتام فقال أحدهم : والله لقد عورت هذه القطعة هذا المنظر العجيب ، فقال له : اسكت ، فوالله إن هذه القطعة طراز هذا المنظر وفخره ، وكان المعتصم إذا نظر إليها قال أشعرتم أن هذا المكان المعوج في عيني أحسن من سائر ما استقام من الصمادحية ؟ ثم إن وزيره ابن أرقم لم يزل يلاطف الشيخ والأيتام حتى باعوها عن رضى بما اشتهوا من الثمن ، وذلك بعد مدة طويلة ، فاستقام بها بناء الصمادحية ، وحصل للمعتصم حسن السمعة في الناس ، والجزاء عند الله تعالى . 150 - ولما مات المعتصم بن صمادح ركب البحر ابنه ولي عهده الواثق عز الدولة أبو محمد عبد الله(1)، وفارق الملك كما أوصاه المعتصم والده وفي ذلك يقول(2): ٣٦٧ لك الحمد بعد الملك أصبحت خاملا بأرض اغتراب لا أمير ولا أحلي وقد أصدأت فيها الجذاذة أنملي(3) كما نسيت ركض الجياد بها رجلي فلا مسمعي يصغي لنغمة شاعر وكفي لا تمتد يوما إلى بذل قال ابن اللبانة الشاعر : ما علمت حقيقة جـور الدهر حتى اجتمعت ببجاية مع عز الدولة بن المعتصم بن صمادح فإني رأيت منه خير من يجتمع به ، كأنه لم يخلقه الله تعالى إلا للملك والرياسة وإحياء الفضائل ، ونظرت إلى همته من تحت خموله كما ينم فيرند السيف وكرمه من تحت الصدأ ، مع حفظه لفنون الأدب والتواريخ وحسن استماعه وإسماعه ، ورقة طباعه ولطافة ذهنه ، ولقد ذكرته لأحد من صحبته من الأدباء في ذلك المكان ووصفته بهذه الصفات ، فتشوق إلى الاجتماع به ورغب إلي في أن أستأذنه في ذلك ، فلما أعلمت عز الدولة قال : يا أبا بكر لتعلم أنا اليوم في خمول وضيق لا يتسع لنا معهما ، ولا يجمل بنا الاجتماع مع أحد ، لا سيما مع ذي أدب ونباهة بلقانا بعين الرحمة ، ويزورنا بمنة التفضل في زيارتنا ، ونكابد من ألفاظ توجعه وألحاظ تفجعه ما يجدد لنا هما قد بلي ، ويحيي كمدا قد فني ، وما لنا قدرة على أن نجود عليه بما يرضى به عن همتنا ، فدعنا كأننا في قبر ، نتدرع لسهام الدهر بدرع الصبر ، وأما أنت فقد اختلطت بنا اختلاط اللحم بالدم ، وامتزجت امتزاج الماء بالحمر ، فكأنا لم تكشف حالنا لسوانا ، ولا أظهرنا ما بنا لغيرنا ، فلا تحمل غيرك محملك ، قال ابن اللبانة : فملأ والله سمعي بلاغة لا تصدر إلا عن سداد ونفس أبية متمكنة من أعنة البيان ، وانصرفت متمثلا: لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ولم يبق إلا صورة اللحم والدم وكائن ترى من صامت لك معجب زيادته أو نقصه في التكلم ٣٦٨ وكتب إليه ابن اللبانة(4) : يا ذا الذي هز أمداحي بحليته(5) وعزه أن يهز المجد والكرما واديك لا زرع فيه اليوم تبذله فخذ عليه لأيام المنى سلما فتحيل في قليل بر ووجهه إليه وكتب معه: المجد يخجل من يفديك من زمن ثناك عن واجب البر الذي علما فدونك النزر من منصف مودته حتى يوفيك أيام المنى السلما ومن شعر عز الدولة المذكور(6): أفدي أبا عمرو وإن كان عاتباً فلا خير في ود يكون بلا عتب وما كان ذاك الود إلا كبارق أضاء لعيني ثم أظلم في قلبي وقال الشقندي في الطرف : إن عز الدولة أشعر من أبيه. 151 - وأما أخوه رفيع الدولة(7) الحاجب أبو زكريا يحيى بن المعتصم فله أيضا نظم رائق ، ومنه ما كتب به إلى يحيى بن مطروح يستدعيه لأنس(8) : يا أخي بل سيدي بل سندي في مهمات الزمان الأنكد لح بأفق غاب عنه بدره في اختفاء من عيون الحسد وتعجـل فحبيبي حـاضر وفمي يشتاق كأسي في يدي فأجابه ابن مطروح ، وهو من أهل باغه ، بقوله : ٣٦٩ أنا عبد من أقل الأعبد قبلتي وجه بأفق الأسعد كلما أظمأني ورد فما منهلي إلا بذاك المورد ها أنا بالباب أبغي إذنكم والظما قد مد للكأس يدي وكان قد سلط عليه إنسان مختل إذا رآه يقول : هذا ألف لا شيء عليه ، يعني أن ملكه ذهب عنه وبقي فارغاً منه ، فشكا رفيع الدولة ذلك إلى بعض أصحابه فقال : أنا أكفيك مؤونته ، واجتمع مع الأحمق ، واشترى له حلواء ، وقال له : إذا رأيت رفيع الدولة بن المعتصم فسلم عليه وقبل يده ولا تقل هذا ألف لا شيء عليه ، فقال : نعم ، واشترط الوفاء بذلك ، إلى أن لقيه فجرى نحوه وقبل يده وقال : هذا هو باء بنقطة من أسفل ، فقامت قيامة رفيع الدولة ، وكان ذلك أشد عليه ، وكان به علة الحصى فظن أن الأحمق علم ذلك وقصده ، وصار كلما أحس" به في موضع تجنبه . واستأذن يوماً على أحد وجوه دولة المرابطين فقال أحد جلسائه { تلك أمة قد خلت} (البقرة : ١٣٤ ، ١٤١ ) استحقاراً له واستثقالا للإذن له ، فبلغ ذلك رفيع الدولة فكتب إليه: خلت أمتي لكن ذاتي لم تخل وفي الفرع ما يغني إذا ذهب الأصل وما ضركم لو قلتم قول ماجد يكون له فيما يجيء به الفضل وكل إناء بالذي فيه راشح وهل يمنح الزنبور ما متجه النحل سأصرف وجهي عن جناب تحله ولو لم تكن إلا إلى وجهك السبل فما موضع تحتله بمرفع ولا يرتضى فيه مقال ولا فعل وقد كنت ذا عذل لعلك ترعوي ولكن بأرباب العلا يحمل العذل ١٥٢- وأما أخوهما أبو جعفر ابن المعتصم فله ترجمة في المسهب ۳۷۰ والمطرب والمغرب ، ومن شعره: كتبت وقلبي ذو اشتياق ووحشة ولو أنه يستطيع من يسلم جعلت سواد العين فيه سواده وأبيضه طرساً وأقبلت الثم فخيل لي أني أقبل موضعا يصافحه ذاك البنان المسلم وأما أختهم أم الكرم فذكرناها مع النساء فلتراجع. 153- وقال أبو العلاء ابن زهر(9): تمت محاسن وجهه وتكاملت ما بدا وعليه صدغ مونق وكذلك البدر المنير جماله في أن تكنفته سماء أزرق 154- وقال أبو الفضل ابن شرف : يا من حكى البيدق في شكله أصبح يحكيك وتحكيه أسفله أوسع أجزائه ورأسه أصغر ما فيه 155- وقال ابن خفاجة(10): يا أيها الصب المعنى به ها هو لا خل ولا خمر سود ما ورد من خده فصار فحما ذلك الجمر 156- وقال أبو عبد الله البياسي: صغر الرأس وطول العنق شاهدا عدل بفرط الحمق ولما سمعه أبو الحسن ابن حريق قال: ۳۷۱ صغر الرأس وطول العنق خلقة منكرة في الخلق فإذا أبصرتها من رجل فاقض في الحين له بالحمق 157- وقال أبو الحسن ابن الفضل يذكر مقاماً قامه سهل بن مالك وابن عياش(11): لعمري لقد مر الخلافة قائما بخطبته الغراء سهل بن مالك وأما ابن عياش ومن كان مثله فضلوا جميعاً بين تلك المسالك ومات وماتوا حسرة وحسادة وغيظاً فقلنا هالك في الهوالك وسهل بن مالك له ترجمة مطولة ، رحمه الله تعالى . 158- ومن حكاياتهم في الوفاء(12) وحسن الاعتذار والقيام بحق الإخاء أن الوزير الوليد بن عبد الرحمن بن غانم كان صديقاً للوزير هاشم بن عبد العزيز ، ثابتاً على مودته ، ولما قضى الله تعالى على هاشم بالأسر أجرى السلطان محمد بن عبد الرحمن الأموي ذكره في جماعة من خدامه ، والوليد حاضر ، فاستقصره ، ونسبه للطيش والعجلة والاستبداد برأيه ، فلم يكن فيهم من اعتذر عنه غير الوليد ، فقال : أصلح الله تعالى الأمير ، إنه لم يكن على هاشم التخير في الأمور ، ولا الخروج عن المقدور ، بل قد استعمل جهده ، واستفرغ نصحه ، وقضى حق الإقدام ، ولم يكن ملاك النصر بيده ، فخذله من وثق به ، ونكل عنه من كان معه ، فلم يزحزح قدمه عن موطن حفاظه ، حتى مثلك مقبلا غير مدبر ، مبليا غير فشل ، فجوزي خيرا عن نفسه وسلطانه ، فإنه لا طريق للملام عليه ، وليس عليه ما جنته الحرب الغشوم ، وأيضاً فإنه ما قصد ۳۷۲ جالب التقصير أن يجود بنفسه إلا رضى للأمير ، واجتناباً لسخطه ، فإذا كان ما اعتمد فيه الرضى فذلك معدود في سوء الحظ فأعجب الأمير كلامه ، وشكر له وفاءه، وأقصر فيما بعد عن تفنيد هاشم ، وسعى في تخليصه ، واتصل الخبر بهاشم ، فكتب إليه : الصديق من صدقك في الشدة لا في الرخاء ، والأخ من ذب عنك في الغيب لا في المشهد ، والوفي من وفي لك إذا خانك زمان ، وقد أتاني من كلامك بين يدي سيدنا ـ جعل الله تعالى نعمته سرمداً - ما زادني بمودتك اغتباطاً ، وبصداقتك ارتباطاً ، ولذلك ما كنت أشد يدي على وصلك وأخصك بإخائي ، وأنا الآن بموضع لا أقدر فيه على جزاء غير الثناء ، وأنت أقدر مني على أن تزيد ما بدأت به بأن تتم ما شرعت فيه ، حتى تتكمل لك المنة ، ويستوثق عقد الصداقة ، إن شاء الله تعالى ، وكتب إليه بشعر منه: . أيا ذاكري بالغيب في محفل به تصامت جمع عن جواب به نصري انتي والبيداء بيني وبينها رقى كلمات خلصتي من الأسر لئن قرب الله اللقاء فإني سأجزيك ما لا ينقضي غابر الدهر فأجابه الوليد خلصك الله أيتها البدر من سرارك ، وعجل بطلوعك في أكمل تمامك وإبدارك ، وصلني شكرك على أن قلت ما علمت ، ولم أخرج عن النصح للسلطان بما زكنته من ذلك ، والله تعالى شاهد ، على أن ذلك في مجالس غير المجلس المنقول لسيدي إن خفيت عن المخلوق فما تخفى عن الخالق ، ما أردت بها إلا أداء بعض ما اعتقده لك ، وكم سهرت وأنا نائم ، وقمت في حقي وأنا قاعد ، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا ثم ذكر أبياتاً لم تحضرني الآن . 159- ومن حكاياتهم في علو الهمة في العلم والدنيا أنه دخل أبو بكر ابن الصائغ المعروف بابن باجة جامع غرناطة ، وبه نحوي حوله شباب يقرؤون ، فنظروا إليه ، وقالوا له مستهزئين به : ما يحمل الفقيه ؟ وما يحسن من العلوم ؟ وما يقول ؟ فقال لهم : أحمل اثني عشر ألف دينار ، وها هي تحت إبطي ۳۷۳ وأخرج لهم اثنتي عشرة ياقوتة ، كل واحدة منها بألف دينار ، وأما الذي أحسنه فاثنا عشر علماً أدونها علم العربية الذي تبحثون فيه ، وأما الذي أقول فأنتم كذا ، وجعل يسبهم ، هكذا نقلت هذه الحكاية من خط الشيخ أبي حيان النحوي. رحمه الله تعالى 160- ومن حكاياتهم في الذكاء واستخراج العلوم واستنباطها أن أبا القاسم عباس بن فرناس(13) ، حكيم الأندلس، أول من استنبط بالأندلس صناعة الزجاج من الحجارة وأول من فك بها كتاب العروض للخليل ، وأول من فك الموسيقى ، وصنع الآلة المعروفة بالمنقانة(14) ليعرف الأوقات على غير رسم ومثال ، واحتال في تطيير جثمانه ، وكسا نفسه الريش ، ومد" له جناحين ، وطار في الجو مسافة بعيدة ، ولكنه لم يحسن الاحتيال في وقوعه ، فتأذى في مؤخره ، ولم يدر أن الطائر انما يقع على زمكه ولم يعمل له ذنباً، وفيه قال مؤمن بن سعيد الشاعر من أبيات: يعلم على العنقاء في طيرانها إذا ما كسا جثمانه ريش قشعم وصنع في بيته هيئة السماء ، وخيل للناظر فيها النجوم والغيوم والبروق . والرعود ، وفيه يقول مؤمن بن سعيد أيضاً : سماء عباس الأديب أبي الـ قاسم ناهيك حسن رائقها أما ضراط استه فراعدها فليت شعري ما لمع بارقها لقد تمنيت حين دومها فكري بالبصق في است خالقها ٣٧٤ وأنشد ابن فرناس الأمير محمداً من أبيات: رأيت أمير المؤمنين محمداً وفي وجهه بذر المحبة يثمر فقال له مؤمن بن سعيد قبحاً لما ارتكبته ، جعلت وجه الخليفة متحرثا يثمر فيه البذر ، فخجل وسبه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1- انظر الحلة 3 : 90 حيث سماء أبو مروان عبيد الله. 2- الشعر في المغرب ۲ : ۲۰۱ . 3- المغرب : الهوادة ؛ درزي : منهلي . 4- البيتان في الحملة 3 : 91 وسعهما رد ابن صمادح. 5- ب م ق : بحيلته. 6- هذا الشعر منسوب في الحملة (٢:٩٦) والمغرب ( ۲:۲۰۰) لرفيع الدولة. 7- انظر ترجمة رفيع الدولة في المطمح: 30 والحلة ٢ : ۹۲ والمغرب ۲ : ۱۹۹. 8- المغرب ۲:۲۰۰ 9- سر البيتان ص : ٢٤٧. 10- ديوان ابن خفاجة : ۱۹۰ . 11- ترجمته في القاح : ۱۰۸. 1۲- ب : وابن يعيش. 13- المغرب 1 : ۳۳۳ والمقتبس ( تحقيق مكي ) الورقة 256ب. 14- في الأصول ودوزي : بالمثقالة ؛ وهذه صورة من صور الكلمة وأقربها إلى الفن المغربي ما أثبتناه ، إذ تسمى في المغرب والمنجانة ، وهي البنكام أو البنكان الفارسية أي الساعة أو آلة حساب الوقت ، و قد تصحلت في المغرب إلى . الميقاتة .

Tuesday 17 October 2023

القحطاني الأندلسي

أبو عبد الله محمد بن صالح المُعافري القحطاني المعروف بالإمام القحطاني (توفي في 379 هـ أو 383 هـ أو 387 هـ، بخارى) فقيه وحافظ أندلسي مالكي، يزعم انه صاحب القصيدة «نونية القحطاني» لكن لا يوجد أي رابط مباشر بين القصيدة وبين عبد الله محمد بن صالح المعافري الأندلسي القحطاني. والأرجح ان صاحبها مجهول اسمه عبد الله بن محمد القحطاني ولد أبو عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن سعد بن نزار بن عمر بن ثعلبة المعافري القحطاني في قرطبة. سمع بالأندلس من ابن وضاح وقاسم بن أصبغ وغيره، وبالمغرب من بكر بن محمد التاهرتي. رحل إلى المشرق للحج فسمع بمصر من أصحاب يونس بن عبد الأعلى وأبي إبراهيم المزني، وبالحجاز من أبي سعيد بن الأعرابي، وبالشام من خيثمة بن سليمان الأطرابلسي، وبالجزيرة من أصحاب عليّ بن حرب، وببغداد من إسماعيل بن محمد الصفار، وتوجه إلى أصبهان وورد نيسابور في ذي الحجة 341 هـ، ثم إلى بخارى حيث توفي في رجب 383 هـ، وقيل عام 378 هـ. جمع القحطاني الكثير من الحديث، كما أن له كتاب في «تاريخ أهل الأندلس». قال عنه غنجار في «تاريخ بخارى»: «كان فقيهاً حافظاً، جمع تاريخاً لأهل الأندلس.» وتنسب إليه نونية القحطاني وهي منظومة نونية في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة. تميزت منظومته النونية بالشدّة على الأشاعرة، حيث يتهمهم بالإدعاء والبدع والأهواء، كما تطرق إلى موضوع خلق القرآن، ويشكك الكثير في نسبتها إليه بسب نقده للمعري المولود سنة 363هـ أي قبل وفاة القحطاني بنحو عشر سنوات النونية القحطانية النونية القحطانية هي منظومة نونية تنسب إلى الإمام القحطاني الأندلسي، يشرح فيها الناظم عقيدته، يبلغ عدد أبيات نونية القحطاني 686 أو 690 بيتًا حسب الطبعة اشتملت النونية على مواضيع العقائد الأساسية ومسائل الإيمان الخلافية والمتنازع عليها، وأركان الإسلام العملية الخمسة، وبعض المسائل الفقهية الفرعية، وذكر كثير من الآداب والأخلاق والنصائح والمواعظ، كل ذلك في نظم واحد تتداخل فيه الموضوعات من غير ترتيب معروف أو تبويب خاص. يا منزل الآيات والفرقان بيني وبينك حرمة القرآن اشرح به صدري لمعرفة الهدى واعصم به قلبي من الشيطان يسر به أمري وأقض مآربي وأجر به جسدي من النيران واحطط به وزري وأخلص نيتي واشدد به أزري وأصلح شاني واكشف به ضري وحقق توبتي واربح به بيعي بلا خسراني طهر به قلبي وصف سريرتي أجمل به ذكري واعل مكاني واقطع به طمعي وشرف همتي كثر به ورعي واحي جناني أسهر به ليلي وأظم جوارحي أسبل بفيض دموعها أجفاني أمزجه يا رب بلحمي مع دمي واغسل به قلبي من الأضغاني أنت الذي صورتني وخلقتني وهديتني لشرائع الإيمان أنت الذي علمتني ورحمتني وجعلت صدري واعي القرآن أنت الذي أطعمتني وسقيتني من غير كسب يد ولا دكان وجبرتني وسترتني ونصرتني وغمرتني بالفضل والإحسان أنت الذي آويتني وحبوتني وهديتني من حيرة الخذلان وزرعت لي بين القلوب مودة والعطف منك برحمة وحنان ونشرت لي في العالمين محاسنا وسترت عن أبصارهم عصياني وجعلت ذكري في البرية شائعا حتى جعلت جميعهم إخواني والله لو علموا قبيح سريرتي لأبى السلام علي من يلقاني ولأعرضوا عني وملوا صحبتي ولبؤت بعد كرامة بهوان لكن سترت معايبي ومثالبي وحلمت عن سقطي وعن طغياني فلك المحامد والمدائح كلها بخواطري وجوارحي ولساني ولقد مننت علي رب بأنعم مالي بشكر أقلهن يدان فوحق حكمتك التي آتيتني حتى شددت بنورها برهاني لئن اجتبتني من رضاك معونة حتى تقوي أيدها إيماني لأسبحنك بكرة وعشية ولتخدمنك في الدجى أركاني ولأذكرنك قائما أو قاعدا ولأشكرنك سائر الأحيان ولأكتمن عن البرية خلتي ولاشكون إليك جهد زماني ولأقصدنك في جميع حوائجي من دون قصد فلانة وفلان ولأحسمن عن الأنام مطامعي بحسام يأس لم تشبه بناني ولأجعلن رضاك أكبر همتي ولاضربن من الهوى شيطاني ولأكسون عيوب نفسي بالتقى ولأقبضن عن الفجور عناني ولأمنعن النفس عن شهواتها ولأجعلن الزهد من أعواني ولأتلون حروف وحيك في الدجى ولأحرقن بنوره شيطاني أنت الذي يا رب قلت حروفه ووصفته بالوعظ والتبيان ونظمته ببلاغة أزلية تكييفها يخفى على الأذهان وكتبت في اللوح الحفيظ حروفه من قبل خلق الخلق في أزمان فالله ربي لم يزل متكلما حقا إذا ما شاء ذو إحسان نادى بصوت حين كلم عبده موسى فأسمعه بلا كتمان وكذا ينادي في القيامة ربنا جهرا فيسمع صوته الثقلان أن يا عبادي أنصتوا لي واسمعوا قول الإله المالك الديان هذا حديث نبينا عن ربه صدقا بلا كذب ولا بهتان لسنا نشبه صوته بكلامنا إذ ليس يدرك وصفه بعيان لا تحصر الأوهام مبلغ ذاته أبدا ولا يحويه قطر مكان وهو المحيط بكل شيء علمه من غير إغفال ولا نسيان من ذا يكيف ذاته وصفاته وهو القديم مكون الأكوان سبحانه ملكا على العرش استوى وحوى جميع الملك والسلطان وكلامه القرآن أنزل آيه وحيا على المبعوث من عدنان صلى عليه الله خير صلاته ما لاح في فلكيهما القمران هو جاء بالقرآن من عند الذي لا تعتريه نوائب الحدثان تنزيل رب العالمين ووحيه بشهادة الأحبار والرهبان وكلام ربي لا يجيء بمثله أحد ولو جمعت له الثقلان وهو المصون من الأباطل كلها ومن الزيادة فيه والنقصان من كان يزعم أن يباري نظمه ويراه مثل الشعر والهذيان فليأت منه بسورة أو آية فإذا رأى النظمين يشتبهان فلينفرد باسم الألوهية وليكن رب البرية وليقل سبحاني فإذا تناقض نظمه فليلبسن ثوب النقيصة صاغرا بهوان أو فليقر بأنه تنزيل من سماه في نص الكتاب مثاني لا ريب فيه بأنه تنزيله وبداية التنزيل في رمضان الله فصله وأحكم آيه وتلاه تنزيلا بلا ألحان هو قوله وكلامه وخطابه بفصاحة وبلاغة وبيان هو حكمه هو علمه هو نوره وصراطه الهادي إلى الرضوان جمع العلوم دقيقها وجليلها فيه يصول العالم الرباني قصص على خير البرية قصة ربي فأحسن أيما إحسان وأبان فيه حلاله وحرامه ونهى عن الآثام والعصيان من قال إن الله خالق قوله فقد استحل عبادة الأوثان من قال فيه عبارة وحكاية فغدا يجرع من حميم آن من قال إن حروفه مخلوقة فالعنه ثم اهجره كل أوان لا تلق مبتدعا ولا متزندقا إلا بعبسة مالك الغضبان والوقف في القرآن خبث باطل وخداع كل مذبذب حيران قل غير مخلوق كلام إلهنا واعجل ولا تك في الإجابة واني أهل الشريعة أيقنوا بنزوله والقائلون بخلقه شكلان وتجنب اللفظين إن كليهما ومقال جهم عندنا سيان يأيها السني خذ بوصيتي واخصص بذلك جملة الإخوان واقبل وصية مشفق متودد واسمع بفهم حاضر يقظان كن في أمورك كلها متوسطا عدلا بلا نقص ولا رجحان واعلم بأن الله رب واحد متنزه عن ثالث أو ثان الأول المبدي بغير بداية والآخر المفني وليس بفان وكلامه صفة له وجلالة منه بلا أمد ولا حدثان ركن الديانة أن تصدق بالقضا لا خير في بيت بلا أركان الله قد علم السعادة والشقا وهما ومنزلتاهما ضدان لا يملك العبد الضعيف لنفسه رشدا ولا يقدر على خذلان سبحان من يجري الأمور بحكمة في الخلق بالأرزاق والحرمان نفذت مشيئته بسابق علمه في خلقه عدلا بلا عدوان والكل في أم الكتاب مسطر من غير إغفال ولا نقصان فاقصد هديت ولا تكن متغاليا إن القدور تفور بالغليان دن بالشريعة والكتاب كليهما فكلاهما للدين واسطتان وكذا الشريعة والكتاب كلاهما بجميع ما تأتيه محتفظان ولكل عبد حافظان لكل ما يقع الجزاء عليه مخلوقان أمرا بكتب كلامه وفعاله وهما لأمر الله مؤتمران والله صدق وعده ووعيده مما يعاين شخصه العينان والله أكبر أن تحد صفاته أو أن يقاس بجملة الأعيان وحياتنا في القبر بعد مماتنا حقا ويسألنا به الملكان والقبر صح نعيمه وعذابه وكلاهما للناس مدخران والبعث بعد الموت وعد صادق بإعادة الأرواح في الأبدان وصراطنا حق وحوض نبينا صدق له عدد النجوم أواني يسقى بها السني أعذب شربة ويذاد كل مخالف فتان وكذلك الأعمال يومئذ ترى موضوعة في كفة الميزان والكتب يومئذ تطاير في الورى بشمائل الأيدي وبالأيمان والله يومئذ يجيء لعرضنا مع أنه في كل وقت داني والأشعري يقول يأتي أمره ويعيب وصف الله بالإتيان والله في القرآن أخبر أنه يأتي بغير تنقل وتدان وعليه عرض الخلق يوم معادهم للحكم كي يتناصف الخصمان والله يومئذ نراه كما نرى قمرا بدا للست بعد ثمان يوم القيامة لو علمت بهوله لفررت من أهل ومن أوطان يوم تشققت السماء لهوله وتشيب فيه مفارق الولدان يوم عبوس قمطرير شره في الخلق منتشر عظيم الشان والجنة العليا ونار جهنم داران للخصمين دائمتان يوم يجيء المتقون لربهم وفدا على نجب من العقيان ويجيء فيه المجرمون إلى لظى يتلمظون تلمظ العطشان ودخول بعض المسلمين جهنما بكبائر الآثام والطغيان والله يرحمهم بصحة عقدهم ويبدلوا من خوفهم بأمان وشفيعهم عند الخروج محمد وطهورهم في شاطئ الحيوان حتى إذا طهروا هنالك أدخلوا جنات عدن وهي خير جنان فالله يجمعنا وإياهم بها من غير تعذيب وغير هوان وإذا دعيت إلى أداء فريضة فانشط ولا تك في الإجابة واني قم بالصلاة الخمس واعرف قدرها فلهن عند الله أعظم شان لا تمنعن زكاة مالك ظالما فصلاتنا وزكاتنا أختان والوتر بعد الفرض آكد سنة والجمعة الزهراء والعيدان مع كل بر صلها أو فاجر ما لم يكن في دينه بمشان وصيامنا رمضان فرض واجب وقيامنا المسنون في رمضان صلى النبي به ثلاثا رغبة وروى الجماعة أنها ثنتان إن التراوح راحة في ليلة ونشاط كل عويجز كسلان والله ما جعل التراوح منكرا إلا المجوس وشيعة الصلبان والحج مفترض عليك وشرطه أمن الطريق وصحة الأبدان كبر هديت على الجنائز أربعا واسأل لها بالعفو والغفران إن الصلاة على الجنائز عندنا فرض الكفاية لا على الأعيان إن الأهلة للأنام مواقت وبها يقوم حساب كل زمان لا تفطرن ولا تصم حتى يرى شخص الهلال من الورى إثنان متثبتان على الذي يريانه حران في نقليهما ثقتان لا تقصدن ليوم شك عامدا فتصومه وتقول من رمضان لا تعتقد دين الروافض إنهم أهل المحال وحزبة الشيطان جعلوا الشهور على قياس حسابهم ولربما كملا لنا شهران ولربما نقص الذي هو عندهم واف وأوفى صاحب النقصان إن الروافض شر من وطئ الحصى من كل إنس ناطق أو جان مدحوا النبي وخونوا أصحابه ورموهم بالظلم والعدوان حبوا قرابته وسبوا صحبه جدلان عند الله منتقضان فكأنما آل النبي وصحبه روح يضم جميعها جسدان فئتان عقدهما شريعة أحمد بأبي وأمي ذانك الفئتان فئتان سالكتان في سبل الهدى وهما بدين الله قائمتان قل إن خير الأنبياء محمد وأجل من يمشي على الكثبان وأجل صحب الرسل صحب محمد وكذاك أفضل صحبه العمران رجلان قد خلقا لنصر محمد بدمي ونفسي ذانك الرجلان فهما اللذان تظاهرا لنبينا في نصره وهما له صهران بنتاهما أسنى نساء نبينا وهما له بالوحي صاحبتان أبواهما أسنى صحابة أحمد يا حبذا الأبوان والبنتان وهما وزيراه اللذان هما هما لفضائل الأعمال مستبقان وهما لأحمد ناظراه وسمعه وبقربه في القبر مضطجعان كانا على الإسلام أشفق أهله وهما لدين محمد جبلان أصفاهما أقواهما أخشاهما أتقاهما في السر والإعلان أسناهما أزكاهما أعلاهما أوفاهما في الوزن والرجحان صديق أحمد صاحب الغار الذي هو في المغارة والنبي اثنان أعني أبا بكر الذي لم يختلف من شرعنا في فضله رجلان هو شيخ أصحاب النبي وخيرهم وإمامهم حقا بلا بطلان وأبو المطهرة التي تنزيهها قد جاءنا في النور والفرقان أكرم بعائشة الرضى من حرة بكر مطهرة الإزار حصان هي زوج خير الأنبياء وبكره وعروسه من جملة النسوان هي عرسه هي أنسه هي إلفه هي حبه صدقا بلا أدهان أوليس والدها يصافي بعلها وهما بروح الله مؤتلفان لما قضى صديق أحمد نحبه دفع الخلافة للإمام الثاني أعني به الفاروق فرق عنوة بالسيف بين الكفر والإيمان هو أظهر الإسلام بعد خفائه ومحا الظلام وباح بالكتمان ومضى وخلى الأمر شورى بينهم في الأمر فاجتمعوا على عثمان من كان يسهر ليلة في ركعة وترا فيكمل ختمة القرآن ولي الخلافة صهر أحمد بعده أعني علي العالم الرباني زوج البتول أخا الرسول وركنه ليث الحروب منازل الأقران سبحان من جعل الخلافة رتبة وبنى الإمامة أيما بنيان واستخلف الأصحاب كي لا يدعي من بعد أحمد في النبوة ثاني أكرم بفاطمة البتول وبعلها وبمن هما لمحمد سبطان غصنان أصلهما بروضة أحمد لله در الأصل والغصنان أكرم بطلحة والزبير وسعدهم وسعيدهم وبعابد الرحمن وأبي عبيدة ذي الديانة والتقى وامدح جماعة بيعة الرضوان قل خير قول في صحابة أحمد وامدح جميع الآل والنسوان دع ما جرى بين الصحابة في الوغى بسيوفهم يوم التقى الجمعان فقتيلهم منهم وقاتلهم لهم وكلاهما في الحشر مرحومان والله يوم الحشر ينزع كل ما تحوي صدورهم من الأضغان والويل للركب الذين سعوا إلى عثمان فاجتمعوا على العصيان ويل لمن قتل الحسين فإنه قد باء من مولاه بالخسران لسنا نكفر مسلما بكبيرة فالله ذو عفو وذو غفران لا تقبلن من التوارخ كلما جمع الرواة وخط كل بنان ارو الحديث المنتقى عن أهله سيما ذوي الأحلام والأسنان كابن المسيب والعلاء ومالك والليث والزهري أو سفيان واحفظ رواية جعفر بن محمد فمكانه فيها أجل مكان واحفظ لأهل البيت واجب حقهم واعرف عليا أيما عرفان لا تنتقصه ولا تزد في قدره فعليه تصلى النار طائفتان إحداهما لا ترتضيه خليفة وتنصه الأخرى آلها ثاني والعن زنادقة الجهالة إنهم أعناقهم غلت إلى الأذقان جحدوا الشرائع والنبوة واقتدوا بفساد ملة صاحب الإيوان لا تركنن إلى الروافض إنهم شتموا الصحابة دون ما برهان لعنوا كما بغضوا صحابة أحمد وودادهم فرض على الإنسان حب الصحابة والقرابة سنة ألقى بها ربي إذا أحياني إحذر عقاب الله وارج ثوابه حتى تكون كمن له قلبان إيماننا بالله بين ثلاثة عمل وقول واعتقاد جنان ويزيد بالتقوى وينقص بالردى وكلاهما في القلب يعتلجان وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني كن طالبا للعلم واعمل صالحا فهما إلى سبل الهدى سببان لا تتبع علم النجوم فإنه متعلق بزخارف الكهان علم النجوم وعلم شرع محمد في قلب عبد ليس يجتمعان لو كان علم للكواكب أو قضا لم يهبط المريخ في السرطان والشمس في الحمل المضيء سريعة وهبوطها في كوكب الميزان والشمس محرقة لستة أنجم لكنها والبدر ينخسفان ولربما اسودا وغاب ضياهما وهما لخوف الله يرتعدان أردد على من يطمئن إليهما ويظن أن كليهما ربان يا من يحب المشتري وعطاردا ويظن أنهما له سعدان لم يهبطان ويعلوان تشرفا وبوهج حر الشمس يحترقان أتخاف من زحل وترجو المشتري وكلاهما عبدان مملوكان والله لو ملكا حياة أو فنا لسجدت نحوهما ليصطنعان وليفسحا في مدتي ويوسعا رزقي وبالإحسان يكتنفاني بل كل ذلك في يد الله الذي ذلت لعزة وجهه الثقلان فقد استوى زحل ونجم المشتري والرأس والذنب العظيم الشان والزهرة الغراء مع مريخها وعطارد الوقاد مع كيوان إن قابلت وتربعت وتثلثت وتسدست وتلاحقت بقران ألها دليل سعادة أو شقوة لا والذي برأى الورى وبراني من قال بالتأثير فهو معطل للشرع متبع لقول ثان إن النجوم على ثلاثة أوجه فاسمع مقال الناقد الدهقان بعض النجوم خلقن زينة للسما كالدر فوق ترائب النسوان وكواكب تهدي المسافر في السرى ورجوم كل مثابر شيطان لا يعلم الإنسان ما يقضى غدا إذ كل يوم ربنا في شأن والله يمطرنا الغيوث بفضله لا نوء عواء ولا دبران من قال إن الغيث جاء بهنعة أو صرفة أو كوكب الميزان فقد افترا إثما وبهتانا ولم ينزل به الرحمن من سلطان وكذا الطبيعة للشريعة ضدها ولقل ما يتجمع الضدان وإذا طلبت طبائعا مستسلما فاطلب شواظ النار في الغدران علم الفلاسفة الغواة طبيعة ومعاد أرواح بلا أبدان لولا الطبيعة عندهم وفعالها لم يمش فوق الأرض من حيوان والبحر عنصر كل ماء عندهم والشمس أول عنصر النيران والغيث أبخرة تصاعد كلما دامت بهطل الوابل الهتان والرعد عند الفيلسوف بزعمه صوت اصطكاك السحب في الأعنان والبرق عندهم شواظ خارج بين السحاب يضيء في الأحيان كذب أرسطاليسهم في قوله هذا وأسرف أيما هذيان الغيث يفرغ في السحاب من السما ويكيله ميكال بالميزان لا قطرة إلا وينزل نحوها ملك إلى الآكام والفيضان والرعد صيحة مالك وهو اسمه يزجي السحاب كسائق الأظعان والبرق شوظ النار يزجرها به زجر الحداة العيس بالقضبان أفكان يعلم ذا أرسطاليسهم تدبير ما انفردت به الجهتان أم غاب تحت الأرض أم صعد السما فرأى بها الملكوت رأي عيان أم كان دبر ليلها ونهارها أم كان يعلم كيف يختلفان أم سار بطلموس بين نجومها حتى رأى السيار والمتواني أم كان أطلع شمسها وهلالها أم هل تبصر كيف يعتقبان أم كان أرسل ريحها وسحابها بالغيث يهمل أيما هملان بل كان ذلك حكمة الله الذي بقضائه متصرف الأزمان لا تستمع قول الضوارب بالحصا والزاجرين الطير بالطيران فالفرقتان كذوبتان على القضا وبعلم غيب الله جاهلتان كذب المهندس والمنجم مثله فهما لعلم الله مدعيان الأرض عند كليهما كروية وهما بهذا القول مقترنان والأرض عند أولي النهى لسطيحة بدليل صدق واضح القرآن والله صيرها فراشا للورى وبنى السماء بأحسن البنيان والله أخبر أنها مسطوحة وأبان ذلك أيما تبيان أأحاط بالأرض المحيطة علمهم أم بالجبال الشمخ الأكنان أم يخبرون بطولها وبعرضها أم هل هما في القدر مستويان أم فجروا أنهارها وعيونها ماء به يروى صدى العطشان أم أخرجوا أثمارها ونباتها والنخل ذات الطلع والقنوان أم هل لهم علم بعد ثمارها أم باختلاف الطعم والألوان الله أحكم خلق ذلك كله صنعا وأتقن أيما إتقان قل للطبيب الفيلسوف بزعمه إن الطبيعة علمها برهان أين الطبيعة عند كونك نطفة في البطن إذ مشجت به الماآن أين الطبيعة حين عدت عليقة في أربعين وأربعين تواني أين الطبيعة عند كونك مضغة في أربعين وقد مضى العددان أترى الطبيعة صورتك مصورا بمسامع ونواظر وبنان أترى الطبيعة أخرجتك منكسا من بطن أمك واهي الأركان أم فجرت لك باللبان ثديها فرضعتها حتى مضى الحولان أم صيرت في والديك محبة فهما بما يرضيك مغتبطان يا فيلسوف لقد شغلت عن الهدى بالمنطق الرومي واليوناني وشريعة الإسلام أفضل شرعة دين النبي الصادق العدنان هو دين رب العالمين وشرعه وهو القديم وسيد الأديان هو دين آدم والملائك قبله هو دين نوح صاحب الطوفان وله دعا هود النبي وصالح وهما لدين الله معتقدان وبه أتى لوط وصاحب مدين فكلاهما في الدين مجتهدان هو دين إبراهيم وابنيه معا وبه نجا من نفحة النيران وبه حمى الله الذبيح من البلا لما فداه بأعظم القربان هو دين يعقوب النبي ويونس وكلاهما في الله مبتليان هو دين داود الخليفة وابنه وبه أذل له ملوك الجان هو دين يحيى مع أبيه وأمه نعم الصبي وحبذا الشيخان وله دعا عيسى بن مريم قومه لم يدعهم لعبادة الصلبان والله أنطقه صبيا بالهدى في المهد ثم سما على الصبيان وكمال دين الله شرع محمد صلى عليه منزل القرآن الطيب الزاكي الذي لم يجتمع يوما على زلل له ابوان الطاهر النسوان والولد الذي من ظهره الزهراء والحسنان وأولو النبوة والهدى ما منهم أحد يهودي ولا نصراني بل مسلمون ومؤمنون بربهم حنفاء في الإسرار والإعلان ولملة الإسلام خمس عقائد والله أنطقني بها وهداني لا تعص ربك قائلا أو فاعلا فكلاهما في الصحف مكتوبان جمل زمانك بالسكوت فإنه زين الحليم وسترة الحيران كن حلس بيتك إن سمعت بفتنة وتوق كل منافق فتان أد الفرائض لا تكن متوانيا فتكون عند الله شر مهان أدم السواك مع الوضوء فإنه مرضى الإله مطهر الأسنان سم الإله لدى الوضوء بنية ثم استعذ من فتنة الولهان فأساس أعمال الورى نياتهم وعلى الأساس قواعد البنيان أسبغ وضوءك لا تفرق شمله فالفور والإسباغ مفترضان فإذا انتشقت فلا تبالغ جيدا لكنه شم بلا إمعان وعليك فرضا غسل وجهك كله والماء متبع به الجفنان واغسل يديك إلى المرافق مسبغا فكلاهما في الغسل مدخولان وامسح برأسك كله مستوفيا والماء ممسوح به الأذنان وكذا التمضمض في وضوئك سنة بالماء ثم تمجه الشفتان والوجه والكفان غسل كليهما فرض ويدخل فيهما العظمان غسل اليدين لدى الوضوء نظافة أمر النبي بها على استحسان سيما إذا ما قمت في غسق الدجى واستيقظت من نومك العينان وكذلك الرجلان غسلهما معا فرض ويدخل فيهما الكعبان لا تستمع قول الروافض إنهم من رأيهم أن تمسح الرجلان يتأولون قراءة منسوخة بقراءة وهما منزلتان إحداهما نزلت لتنسخ أختها لكن هما في الصحف مثبتتان غسل النبي وصحبه أقدامهم لم يختلف في غسلهم رجلان والسنة البيضاء عند أولي النهى في الحكم قاضية على القرآن فإذا استوت رجلاك في خفيهما وهما من الأحداث طاهرتان وأردت تجديد الطهارة محدثا فتمامها أن يمسح الخفان وإذا أردت طهارة لجنابة فلتخلعا ولتغسل القدمان غسل الجنابة في الرقاب أمانة فأداءها من أكمل الإيمان فإذا ابتليت فبادرن بغسلها لا خير في متثبط كسلان وإذا اغتسلت فكن لجسمك دالكا حتى يعم جميعه الكفان وإذا عدمت الماء فكن متيمما من طيب ترب الأرض والجدران متيمما صليت أو متوضئا فكلاهما في الشرع مجزيتان والغسل فرض والتدلك سنة وهما بمذهب مالك فرضان والماء ما لم تستحل أوصافه بنجاسة أو سائر الأدهان فإذا صفى في لونه أو طعمه مع ريحه من جملة الأضغان فهناك سمي طاهرا ومطهرا هذان أبلغ وصفه هذان فإذا صفى في لونه أو طعمه من حمأة الآبار والغاران جاز الوضوء لنا به وطهورنا فاسمع بقلب حاضر يقظان ومتى تمت في الماء نفس لم يجز منه الطهور لعلة السيلان إلا إذا كان الغدير مرجرجا غدقا بلا كيل ولا ميزان أو كانت الميتات مما لم تسل والما قليل طاب للغسلان والبحر اجمعه طهور ماءه وتحل ميتته من الحيتان إياك نفسك والعدو وكيده فكلاهما لأذاك مبتديان أحذر وضوءك مفرطا ومفرطا فكلاهما في العلم محذوران فقليل مائك في وضوئك خدعة لتعود صحته إلى البطلان وتعود مغسولاته ممسوحة فاحذر غرور المارد الخوان وكثير مائك في وضوئك بدعة يدعو إلى الوسواس والهملان لا تكثرن ولا تقلل واقتصد فالقصد والتوفيق مصطحبان وإذا استطبت ففي الحديث ثلاثة لم يجزنا حجر ولا حجران من أجل أن لكل مخرج غائط شرجا تضم عليه ناحيتان وإذا الأذى قد جاز موضع عادة لم يجز إلا الماء بالإمعان نقض الوضوء بقبلة أو لمسة أو طول نوم أو بمس ختان أو بوله أو غائط أو نومة أو نفخة في السر والإعلان ومن المذي أو الودي كلاهما من حيث يبدو البول ينحدران ولربما نفخ الخبيث بمكره حتى يضم لنفخة الفخذان وبيان ذلك صوته أو ريحه هاتان بينتان صادقتان والغسل فرض من ثلاثة أوجه دفق المنى وحيضة النسوان إنزاله في نومه أو يقظة حالان للتطهير موجبتان وتطهر الزوجين فرض واجب عند الجماع إذا التقى الفرجان فكلاهما إن انزلا أو اكسلا فهما بحكم الشرع يغتسلان واغسل إذا أمذيت فرجك كله والانثيان فليس يفترضان والحيض والنفساء أصل واحد عند انقطاع الدم يغتسلان وإذا أعادت بعد شهرين الدما تلك استحاضة بعد ذي الشهران فلتغتسل لصلاتها وصيامها والمستحاضة دهرها نصفان فالنصف تترك صومها وصلاتها ودم المحيض وغيره لونان وإذا صفا منها واشرق لونه فصلاتها والصوم مفترضان تقضي الصيام ولا تعيد صلاتها إن الصلاة تعود كل زمان فالشرع والقرآن قد حكما به بين النساء فليس يطرحان ومتى ترى النفساء طهرا تغتسل أو لا فغاية طهرها شهران مس النساء على الرجال محرم حرث السباخ خسارة الحرثان لا تلق ربك سارقا أو خائنا أو شاربا أو ظالما أو زاني قل إن رجم الزانيين كليهما فرض إذا زنيا على الإحصان والرجم في القرآن فرض لازم للمحصنين ويجلد البكران والخمر يحرم بيعها وشراؤها سيان ذلك عندنا سيان في الشرع والقرآن حرم شربها وكلاهما لا شك متبعان أيقن بأشراط القيامة كلها واسمع هديت نصيحتي وبياني كالشمس تطلع من مكان غروبها وخروج دجال وهول دخان وخروج يأجوج ومأجوج معا من كل صقع شاسع ومكان ونزول عيسى قاتلا دجالهم يقضي بحكم العدل والإحسان واذكر خروج فصيل ناقة صالح يسم الورى بالكفر والإيمان والوحي يرفع والصلاة من الورى وهما لعقد الدين واسطتان صل الصلاة الخمس أول وقتها إذ كل واحدة لها وقتان قصر الصلاة على المسافر واجب وأقل حد القصر مرحلتان كلتاهما في أصل مذهب مالك خمسون ميلا نقصها ميلان وإذا المسافر غاب عن أبياته فالقصر والإفطار مفعولان وصلاة مغرب شمسنا وصباحنا في الحضر والأسفار كاملتان والشمس حين تزول من كبد السما فالظهر ثم العصر واجبتان والظهر آخر وقتها متعلق بالعصر والوقتان مشتبكان لا تلتفت ما دمت فيها قائما واخشع بقلب خائف رهبان وكذا الصلاة غروب شمس نهارنا وعشائنا وقتان متصلان والصبح منفرد بوقت مفرد لكن لها وقتان مفرودان فجر وإسفار وبين كليهما وقت لكل مطول متوان وارقب طلوع الفجر واستيقن به فالفجر عند شيوخنا فجران فجر كذوب ثم فجر صادق ولربما في العين يشتبهان والظل في الأزمان مختلف كما زمن الشتا والصيف مختلفان فاقرأ إذا قرأ الأمام مخافتا واسكت إذا ما كان ذا إعلان ولكل سهو سجدتان فصلها قبل السلام وبعده قولان سنن الصلاة مبينة وفروضها فاسأل شيوخ الفقه والإحسان فرض الصلاة ركوعها وسجودها ما إن تخالف فيهما رجلان تحريمها تكبيرها وحلالها تسليمها وكلاهما فرضان والحمد فرض في الصلاة قراتها آياتها سبع وهن تبياني في كل ركعات الصلاة معادة فيها ببسملة فخذ مثاني وإذا نسيت قراتها في ركعة فاستوف ركعتها بغير توان اتبع إمامك خافضا أو رافعا فكلاهما فعلان محمودان لا ترفعن قبل الأمام ولا تضع فكلاهما أمران مذمومان إن الشريعة سنة وفريضة وهما لدين محمد عقدان لكن آذان الصبح عند شيوخنا من قبل أن يتبين الفجران هي رخصة في الصبح لا في غيرها من أجل يقظة غافل وسنان أحسن صلاتك راكعا ساجدا بتطمن وترفق وتدان لا تدخلن إلى صلاتك حاقنا فالإحتقان يخل بالأركان بيت من الليل الصيام بنية من قبل أن يتميز الخيطان يجزيك في رمضان نية ليلة إذ ليس مختلطا بعقد ثان رمضان شهر كامل في عقدنا ما حله يوم ولا يومان إلا المسافر والمريض فقد أتى تأخير صومهما لوقت ثان وكذاك حمل والرضاع كلاهما في فطره لنسائنا عذران عجل بفطرك والسحور مؤخر فكلاهما أمران مرغوبان حصن صيامك بالسكوت عن الخنا أطبق على عينيك بالأجفان لا تمش ذا وجهين من بين الورى شر البرية من له وجهان لا تحسدن أحدا على نعمائه إن الحسود لحكم ربك شان لا تسع بين الصاحبين نميمة فلأجلها يتباغض الخلان والعين حق غير سابقة لما يقضى من الأرزاق والحرمان والسحر كفر فعله لا علمه من ههنا يتفرق الحكمان والقتل حد الساحرين إذا هم عملوا به للكفى والطغيان وتحر بر الوالدين فإنه فرض عليك وطاعة السلطان لا تخرجن على الأمام محاربا ولو أنه رجل من الحبشان ومتى أمرت ببدعة أو زلة فاهرب بدينك آخر البلدان الدين رأس المال فاستمسك به فضياعه من أعظم الخسران لا تخل بامرأة لديك بريبة لو كنت في النساك مثل بنان إن الرجال الناظرين إلى النسا مثل الكلاب تطوف باللحمان إن لم تصن تلك اللحوم أسودها أكلت بلا عوض ولا أثمان لا تقبلن من النساء مودة فقلوبهن سريعة الميلان لا تتركن أحدا بأهلك خاليا فعلى النساء تقاتل الأخوان واغضض جفونك عن ملاحظة النسا ومحاسن الأحداث والصبيان لا تجعلن طلاق أهلك عرضة إن الطلاق لأخبث الأيمان إن الطلاق مع العتاق كلاهما قسمان عند الله ممقوتان واحفر لسرك في فؤادك ملحدا وادفنه في الاحشاء أي دفان إن الصديق مع العدو كلاهما في السر عند أولى النهى شكلان لا يبدو منك إلى صديقك زلة واجعل فؤادك أوثق الخلان لا تحقرن من الذنوب صغارها والقطر منه تدفق الخلجان وإذا نذرت فكن بنذرك موفيا فالنذر مثل العهد مسئولان لا تشغلن بعيب غيرك غافلا عن عيب نفسك إنه عيبان لا تفن عمرك في الجدال مخاصما إن الجدال يخل بالأديان واحذر مجادلة الرجال فإنها تدعو إلى الشحناء والشنآن وإذا اضطررت إلى الجدال ولم تجد لك مهربا وتلاقت الصفان فاجعل كتاب الله درعا سابغا والشرع سيفك وابد في الميدان والسنة البيضاء دونك جنة واركب جواد العزم في الجولان واثبت بصبرك تحت ألوية الهدى فالصبر أوثق عدة الإنسان واطعن برمح الحق كل معاند لله در الفارس الطعان واحمل بسيف الصدق حملة مخلص متجرد لله غير جبان واحذر بجهدك مكر خصمك إنه كالثعلب البري في الروغان أصل الجدال من السؤال وفرعه حسن الجواب بأحسن التبيان لا تلتفت عند السؤال ولا تعد لفظ السؤال كلاهما عيبان وإذا غلبت الخصم لا تهزأ به فالعجب يخمد جمرة الإحسان فلربما انهزم المحارب عامدا ثم انثنى قسطا على الفرسان واسكت إذا وقع الخصوم وقعقعوا فلربما ألقوك في بحران ولربما ضحك الخضوم لدهشة فاثبت ولا تنكل عن البرهان فإذا أطالوا في الكلام فقل لهم إن البلاغة لجمت ببيان لا تغضبن إذا سئلت ولا تصح فكلاهما خلقان مذمومان واحذر مناظرة بمجلس خيفة حتى تبدل خيفة بأمان ناظر أديبا منصفا لك عاقلا وانصفه أنت بحسب ما تريان ويكون بينكما حكيم حاكما عدلا إذا جئتاه تحتكمان كن طول دهرك ماكنا متواضعا فهما لكل فضيلة بابان واخلع رداء الكبر عنك فإنه لا يستقل بحمله الكتفان كن فاعلا للخير قوالا له فالقول مثل الفعل مقترنان من غوث ملهوف وشبعة جائع ودثار عريان وفدية عان فإذا عملت الخير لا تمنن به لا خير في متمدح منان أشكر على النعماء واصبر للبلا فكلاهما خلقان ممدوحان لا تشكون بعلة أو قلة فهما لعرض المرء فاضحتان صن حر وجهك بالقناعة إنما صون الوجوه مروءة الفتيان بالله ثق وله أنب وبه استعن فإذا فعلت فأنت خير معان وإذا عصيت فتب لربك مسرعا حذر الممات ولا تقل لم يان وإذا ابتليت بعسرة فاصبر لها فالعسر فرد بعده يسران لا تحش بطنك بالطعام تسمنا فجسوم أهل العلم غير سمان لا تتبع شهوات نفسك مسرفا فالله يبغض عابدا شهواني اقلل طعامك ما استطعت فإنه نفع الجسوم وصحة الأبدان واملك هواك بضبط بطنك إنه شر الرجال العاجز البطنان ومن استذل لفرجه ولبطنه فهما له مع ذا الهوى بطنان حصن التداوي المجاعة والظما وهما لفك نفوسنا قيدان أظمئ نهارك ترو في دار العلا يوما يطول تلهف العطشان حسن الغذاء ينوب عن شرب الدوا سيما مع التقليل والإدمان إياك والغضب الشديد على الدوا فلربما أفضى إلى الخذلان دبر دواءك قبل شربك وليكن متألف الأجزاء والأوزان وتداو بالعسل المصفى واحتجم فهما لدائك كله برءان لا تدخل الحمام شبعان الحشا لا خير في الحمام للشبعان والنوم فوق السطح من تحت السما يفني ويذهب نضرة الأبدان لا تفن عمرك في الجماع فإنه يكسو الوجوه بحلة اليرقان أحذرك من نفس العجوز وبضعها فهما لجسم ضجيعها سقمان عانق من النسوان كل فتية أنفاسها كروائح الريحان لا خير في صور المعازف كلها والرقص والإيقاع في القضبان إن التقي لربه متنزه عن صوت أوتار وسمع أغان وتلاوة القرآن من أهل التقى سيما بحسن شجا وحسن بيان أشهى وأوفى للنفوس حلاوة من صوت مزمار ونقر مثان وحنينه في الليل أطيب مسمع من نغمة النايات والعيدان أعرض عن الدنيا الدنية زاهدا فالزهد عند أولي النهى زهدان زهد عن الدنيا وزهد في الثنا طوبى لمن أمسى له الزهدان لا تنتهب مال اليتامى ظالما ودع الربا فكلاهما فسقان واحفظ لجارك حقه وذمامه ولكل جار مسلم حقان واضحك لضيفك حين ينزل رحله إن الكريم يسر بالضيفان واصل ذوي الأرحام منك وإن جفوا فوصالهم خير من الهجران واصدق ولا تحلف بربك كاذبا وتحر في كفارة الإيمان وتوق أيمان الغموس فإنها تدع الديار بلاقع الحيطان حد النكاح من الحرائر أربع فاطلب ذوات الدين والإحصان لا تنكحن محدة في عدة فنكاحها وزناؤها شبهان عدد النساء لها فرائض أربع لكن يضم جميعها أصلان تطليق زوج داخل أو موته قبل الدخول وبعده سيان وحدودهن على ثلاثة أقرؤ أو أشهر وكلاهما جسران وكذاك عدة من توفي زوجها سبعون يوما بعدها شهران عدد الحوامل من طلاق أو فنا وضع الأجنة صارخا أو فاني وكذاك حكم السقط في إسقاطه حكم التمام كلاهما وضعان من لم تحض أو من تقلص حيضها قد صح في كلتيهما العددان كلتاهما تبقى ثلاثة أشهر حكماهما في النص مستويان عدد الجوار من الطلاق بحيضة ومن الوفاة الخمس والشهران فبطلقتين تبين من زوج لها لا رد إلا بعد زوج ثاني وكذا الحرائر فالثلاث تبينها فيحل تلك وهذه زوجان فلتنكحا زوجيهما عن غبطة ورضا بلا دلس ولا عصيان حتى إذا امتزج النكاح بدلسة فهما مع الزوجين زانيتان إياك والتيس المحلل إنه والمستحل لردها تيسان لعن النبي محللا ومحللا فكلاهما في الشرع ملعونان لا تضربن أمة ولا عبدا جنى فكلاهما بيديك مأسوران اعرض عن النسوان جهدك وانتدب لعناق خيرات هناك حسان في جنة طابت وطاب نعيمها من كل فاكهة بها زوجان أنهارها تجري لهم من تحتهم محفوفة بالنخل والرمان غرفاتها من لؤلؤ وزبرجد وقصورها من خالص العقيان قصرت بها للمتقين كواعبا شبهن بالياقوت والمرجان بيض الوجوه شعورهن حوالك حمر الخدود عواتق الأجفان فلج الثغور إذا ابتسمن ضواحكا هيف الخصور نواعم الأبدان خضر الثياب ثديهن نواهد صفر الحلي عواطر الأردان طوبى لقوم هن أزواج لهم في دار عدن في محل أمان يسقون من خمر لذيذ شربها بأنامل الخدام والولدان لو تنظر الحوراء عند وليها وهما فويق الفرش متكئان يتنازعان الكأس في أيديهما وهما بلذة شربها فرحان ولربما تسقيه كأسا ثانيا وكلاهما برضابها حلوان يتحدثان على الأرائك خلوة وهما بثوب الوصل مشتملان أكرم بجنات النعيم وأهلها إخوان صدق أيما إخوان جيران رب العالمين وحزبه أكرم بهم في صفوة الجيران هم يسمعون كلامه ويرونه والمقلتان إليه ناظرتان وعليهم فيهما ملابس سندس وعلى المفارق أحسن التيجان تيجانهم من لؤلؤ وزبرجد أو فضة من خالص العقيان وخواتم من عسجد وأساور من فضة كسيت بها الزندان وطعامهم من لحم طير ناعم كالبخت يطعم سائر الألوان وصحافهم ذهب ودر فائق سبعون الفا فوق ألف خوان إن كنت مشتاقا لها كلفا بها شوق الغريب لرؤية الأوطان كن محسنا فيما استطعت فربما تجزى عن الإحسان بالإحسان واعمل لجنات النعيم وطيبها فنعيمها يبقى وليس بفان آدم الصيام مع القيام تعبدا فكلاهما عملان مقبولان قم في الدجى واتل الكتاب ولا تنم إلا كنومة حائر ولهان فلربما تأتي المنية بغتة فتساق من فرش إلى الأكفان يا حبذا عينان في غسق الدجى من خشية الرحمن باكيتان لا تقذفن المحصنات ولا تقل ما ليس تعلمه من البهتان لا تدخلن بيوت قوم حضر إلا بنحنحة أو استئذان لا تجزعن إذا دهتك مصيبة إن الصبور ثوابه ضعفان فإذا ابتليت بنكبة فاصبر لها الله حسبي وحده وكفاني وعليك بالفقه المبين شرعنا وفرائض الميراث والقرآن علم الحساب وعلم شرع محمد علمان مطلوبان متبعان لولا الفرائض ضاع ميراث الورى وجرى خصام الولد والشيبان لولا الحساب وضربه وكسوره لم ينقسم سهم ولا سهمان لا تلتمس علم الكلام فإنه يدعو إلى التعطيل والهيمان لا يصحب البدعي إلا مثله تحت الدخان تأجج النيران علم الكلام وعلم شرع محمد يتغايران وليس يشتبهان اخذوا الكلام عن الفلاسفة الأولى جحدوا الشرائع غرة وأمان حملوا الأمور على قياس عقولهم فتبلدوا كتبلد الحيران مرجيهم يزري على قدريهم والفرقتان لدي كافرتان ويسب مختاريهم دوريهم والقرمطي ملاعن الرفضان ويعيب كراميهم وهبيهم وكلاهما يروي عن ابن أبان لحجاجهم شبه تخال ورونق مثل السراب يلوح للظمآن دع أشعريهم ومعتزليهم يتناقرون تناقر الغربان كل يقيس بعقله سبل الهدى ويتيه تيه الواله الهيمان فالله يجزيهم بما هم أهله وله الثنا من قولهم براني من قاس شرع محمد في عقله قذفت به الأهواء في غدران لا تفتكر في ذات ربك واعتبر فيما به يتصرف الملوان والله ربي ما تكيف ذاته بخواطر الأوهام والأذهان أمرر أحاديث الصفات كما أتت من غير تأويل ولا هذيان هو مذهب الزهري ووافق مالك وكلاهما في شرعنا علمان لله وجه لا يحد بصورة ولربنا عينان ناظرتان وله يدان كما يقول إلهنا ويمينه جلت عن الإيمان كلتا يدي ربي يمين وصفها وهما على الثقلين منفقتان كرسيه وسع السموات العلا والأرض وهو يعمه القدمان والله يضحك لا كضحك عبيده والكيف ممتنع على الرحمن والله ينزل كل آخر ليلة لسمائه الدنيا بلا كتمان فيقول هل من سائل فأجيبه فأنا القريب أجيب من ناداني حاشا الإله بأن تكيف ذاته فالكيف والتمثيل منتفيان والأصل أن الله ليس كمثله شيء تعالى الرب ذو الإحسان وحديثه القرآن وهو كلامه صوت وحرف ليس يفترقان لسنا نشبه ربنا بعباده رب وعبد كيف يشتبهان فالصوت ليس بموجب تجسيمه إذ كانت الصفتان تختلفان حركات السننا وصوت حلوقنا مخلوقة وجميع ذلك فإني وكما يقول الله ربي لم يزل حيا وليس كسائر الحيوان وحياة ربي لم تزل صفة له سبحانه من كامل ذي الشان وكذاك صوت الهنا ونداؤه حقا أتى في محكم القرآن وحياتنا بحرارة وبرودة والله لا يعزى له هذان وقوامها برطوبة ويبوسة ضدان أزواج هما ضدان سبحان ربي عن صفات عباده أو أن يكون مركبا جسداني أني أقول فأنصتوا لمقالتي يا معشر الخلطاء والأخوان إن الذي هو في المصاحف مثبت بأنامل الأشياخ والشبان هو قول ربي آية وحروفه ومدادنا والرق مخلوقان من قال في القرآن ضد مقالتي فالعنه كل إقامة وأذان هو في المصاحف والصدور حقيقة ايقن بذلك أيما ايقان وكذا الحروف المستقر حسابها عشرون حرفا بعدهن ثماني هي من كلام الله جل جلاله حقا وهن أصول كل بيان حاء وميم قول ربي وحده من غير أنصار ولا أعوان من قال في القران ما قد قاله عبد الجليل وشيعة اللحيان فقد افترى كذبا وأثما واقتدى بكلاب كلب معرة النعمان خالطتهم حينا فلو عاشرتهم لضربتهم بصوارمي ولساني تعس العمي أبو العلاء فانه قد كان مجموعا له العميان ولقد نظمت قصيدتين بهجوه أبيات كل قصيدة مئتان والآن أهجو الاشعري وحزبه وأذيع ما كتموا من البهتان يا معشر المتكلمين عدوتم عدوان أهل السبت في الحيتان كفرتم أهل الشريعة والهدى وطعنتم بالبغي والعدوان فلأنصرن الحق حتى أنني آسطو على ساداتكم بطعاني الله صيرني عصا موسى لكم حتى تلقف افككم ثعباني بأدلة القرآن ابطل سحركم وبه ازلزل كل من لاقاني هو ملجئي هو مدرئي وهو منجني من كيد كل منافق خوان إن حل مذهبكم بأرض أجدبت أو أصبحت قفرا بلا عمران والله صيرني عليكم نقمة ولهتك ستر جميعكم أبقاني أنا في حلوق جميعهم عود الحشا اعيى أطبتكم غموض مكاني أنا حية الوادي أنا أسد الشرى أنا مرهف ماضي الغرار يماني بين ابن حنبل وابن إسماعيلكم سخط يذيقكم الحميم الآن داريتم علم الكلام تشزرا والفقه ليس لكم عليه يدان الفقه مفتقر لخمس دعائم لم يجتمع منها لكم ثنتان حلم وإتباع لسنة أحمد وتقى وكف أذى وفهم معان أثرتم الدنيا على أديانكم لا خير في دنيا بلا أديان وفتحتم أفواهكم وبطونكم فبلغتم الدنيا بغير توان كذبتم أقوالكم بفعالكم وحملتم الدنيا على الأديان قراؤكم قد أشبهوا فقهاءكم فئتان للرحمن عاصيتان يتكالبان على الحرام وأهله فعل الكلاب بجيفة اللحمان يا اشعرية هل شعرتم أنني رمد العيون وحكة الأجفان أنا في كبود الأشعرية قرحة أربو فأقتل كل من يشناني ولقد برزت إلى كبار شيوخكم فصرفت منهم كل من ناواني وقلبت ارض حجاجهم ونثرتها فوجدتها قولا بلا برهان والله أيدني وثبت حجتي والله من شبهاتهم نجاني والحمد لله المهيمن دائما حمدا يلقح فطنتي وجناني أحسبتم يا أشعرية إنني ممن يقعقع خلفه بشنان أفتستر الشمس المضيئة بالسها أم هل يقاس البحر بالخلجان عمري لقد فتشتكم فوجدتكم حمرا بلا عن ولا أرسان أحضرتكم وحشرتكم وقصدتكم وكسرتكم كسرا بلا جبران أزعمتم أن القرآن عبارة فهما كما تحكون قرآنان إيمان جبريل وإيما الذي ركب المعاصي عندكم سيان هذا الجويهر والعريض بزعمكم أهما لمعرفة الهدى أصلان من عاش في الدنيا ولم يعرفهما وأقر بالإسلام والفرقان أفمسلم هو عندكم أم كافر أم عاقل أم جاهل أم واني عطلتم السبع السموات العلا والعرش اخليتم من الرحمن وزعمتم أن البلاغ لأحمد في آية من جملة القرآن هذي الشقاسق والمخارف والهوى والمذهب المستحدث الشيطاني سميتم علم الأصول ضلالة كاسم النبيذ لخمرة الأدنان ونعت محارمكم على أمثالكم والله عنها صانني وحماني أني اعتصمت بجبل شرع محمد وعضضته بنواجذ الأسنان اشعرتم يا اشعرية أنني طوفان بحر أيما طوفان أنا همكم أنا غمكم أنا سقمكم أنا سمكم في السر والإعلان أذهبتم نور القرآن وحسنه من كل قلب واله لهفان فوحق جبار على العرش استوى من غير تمثيل كقول الجاني ووحق من ختم الرسالة والهدى بمحمد فزها به الحرمان لأقطعن بمعولي أعراضكم ما دام يصحب مهجتي جثماني ولأهجونكم واثلب حزبكم حتى تغيب جثتي أكفاني ولأهتكن بمنطقي أستاركم حتى أبلغ قاصيا أو داني ولأهجون صغيركم وكبيركم غيظا لمن قد سبني وهجاني ولأنزلن إليكم بصواعقي ولتحرقن كبودكم نيراني ولأقطعن بسيف حقي زوركم وليخمدن شواظكم طوفاني ولأقصدن الله في خذلانكم وليمنعن جميعكم خذلاني ولأحملن على عتاة طغاتكم حمل الأسود على قطيع الضان ولأرمينكم بصخر مجانقي حتى يهد عتوكم سلطاني ولأكبتن إلى البلاد بسبكم فيسير سير البزل بالركبان ولأدحضن بحجتي شبهاتكم حتى يغطي جهلكم عرفاني ولأغضبن لقول ربي فيكم غضب النمور وجملة العقبان ولأضربنكم بصارم مقولي ضربا يزعزع أنفس الشجعان ولأسعطن من الفضول أنوفكم سعطا يعطس منه كل جبان إني بحمد الله عند قتالكم لمحكم في الحرب ثبت جنان وإذا ضربت فلا تخيب مضاربي وإذا طعنت فلا يروغ طعاني وإذا حملت على الكتيبة منكم مزقتها بلوامع البرهان الشرع والقرآن أكبر عدتي فهما لقطع حجاجكم سيفان ثقلا على أبدانكم ورؤوسكم فهما لكسر رؤوسكم حجران إن أنتم سالمتم سولمتم وسلمتم من حيرة الخذلان ولئن ابيتم واعتديتم في الهوى فنضالكم في ذمتي وضماني يا اشعرية يا اسافلة الورى يا عمي يا صم بلا آذان أني لأبغضنكم وأبغض حزبكم بغضا أقل قليله أضغاني لو كنت أعمى المقتلتين لسرني كيلا يرى إنسانكم إنساني تغلي قلوبكم علي بحرها حنقا وغيظا أيما غليان موتوا بغيضكم وموتوا حسرة وأسا علي وعضوا كل بنان قد عشت مسرورا ومت مخفرا ولقيت ربي سرني ورعاني وأباحني جنات عدن آمنا ومن الجحيم بفضله عافاني ولقيت أحمد في الجنان وصحبه والكل عند لقائهم أدناني لم أدخر عملا لربي صالحا لكن بإسخاطي لكم أرضاني أنا تمرة الأحباب حنظلة العدا أنا غصة في حلق من عاداني وأنا المحب لأهل سنة أحمد وأنا الأديب الشاعر القحطاني سل عن بني قحطان كيف فعالهم يوم الهياج إذا التقى الزحفان سل كيف نثرهم الكلام ونظمهم وها لهم سيفان مسلولان نصروا بألسنة حداد سلق مثل الأسنة شرعت لطعان سل عنهم عند الجدال إذا التقى منهم ومن أضدادهم خصمان نحن الملوك بنو الملوك وراثة أسد الحروب ولا النسا بزوان يا أشعرية يا جميع من أدعى بدعا وأهواء بلا برهان جاءتكم سنية مأمونة من شاعر ذرب اللسان معان خرز القوافي بالمدائح والهجا فكأن جملتها لدي عواني يهوي فصيح القول من لهواته كالصخر يهبط من ذرى كهلان إني قصدت جميعكم بقصيدة هتكت ستوركم على البلدان هي للروافض درة عمرية تركت رؤوسهم بلا آذان هي للمنجم والطبيب منية فكلاهما ملقان مختلفان هي في رؤوس المارقين شقيقة ضربت لفرط صداعها الصدغان هي في قلوب الأشعرية كلهم صاب وفي الأجساد كالسعدان لكن لأهل الحق شهد صافيا أو تمر يثرب ذلك الصيحاني وأنا الذي حبرتها وجعلتها منظومة كقلائد المرجان ونصرت أهل الحق مبلغ طاقتي وصفعت كل مخالف صفعان مع أنها جمعت علوما جمة مما يضيق لشرحها ديواني أبياتها مثل الحدائق تجتنى سمعا وليس يملهن الجاني وكأن رسم سطورها في طرسها وشي تنمقه أكف غواني والله أسأله قبول قصيدتي مني وأشكره لما أولاني صلى الإله على النبي محمد ما ناح قمري على الأغصان وعلى جميع بناته ونسائه وعلى جميع الصحب والإخوان بالله قولوا كلما أنشدتم رحم الإله صداك يا قحطاني ▲

الشاعرات الاندلسيات

أشهر الشّاعرات ومن أقدم الشاعرات الأندلسيات التي تعرّضت لها الباحثة الإسبانية”حسّانة التميمية”و هي من” إلفيرا” بغرناطة ولدت خلال إمارة عبد الرحمان الداخل (756 -788م) وأوردت قصيدة مدح لها بعثت بها الى الأمير الحاكم الأول، تطلب منه فيها حمايتها من جور حاكم غرناطة . ومن أشهر الشّاعرات الأندلسيات التي ورد ذكرها في كتاب “نفح الطيّب” للمقرّي، وهو من أكبر المصادر القديمة التي حوت ثبتا لكثير من أسماء الشاعرات الاندلسيات، وفي” جدوة المقتبس” للحميدي، و”الصلة” لإبن بشكوال، و”التكملة ” لابن الآبّار، و فى سواها من المصادر العربية الاخرى نجد “لبنى” كاتبة الحاكم المستنصر، والشاعرة الغسّانية، وحفصة بنت حمدون الحجارية،وأمّ الكرام بنت المعتصم ابن صمادح،وغاية المنى ، وإعتماد الرميكية زوجة المعتمد، وعائشة بنت قادم القرطبية، ومريم بنت أبي يعقوب الأنصاري ،وأمّ العلاء بنت يوسف البربرية ، وحمدة بنت زياد المؤدّب وأختها زينب ، وقمر جارية إبراهيم اللخمي ، وأنس القلوب ، ومولاة أبي المطرف بن غلبون العروضية،ومهجة ومتعة القرطبيتين ،ونزهون الغرناطية ،والعبّادية والدة المعتمد، وبثينة بنت المعتمد ابن عبّاد، وأم المنى، و الأديبة الشلبية،وأسماء العامرية ،وحفصة الركونية، والشاعرة الأميرة الشهيرة ولاّدة بنت المستكفي الخ. نماذج من أشعارهنّ ونكتفي كمثال لشعر هذه الأسماء الوافرة بشاعرتين أندلسيتين إثنتين تقدّمان لنا الدليل على مدى تفوّق وسيطرة الشّاعرات العربيات في الأندلس على ناصية الشعر، و تمكنهنّ من قرضه.و قد أثبتت الباحثة الاسبانية مقطوعات شعرية لاحداهنّ و هي ولاّدة صاحبة ابن زيدون التي تقول: ترقب إذا جنّ الليل زيارتي فإنّي رأيت الليل أكتم للسرّ ولي منك ما لوكان بالشمس لم تلح وبالبدر لم يطلع وبالنجم لم يسر كما أنّها إشتهرت ببيتين من الشعر قيل إنّها كانت تكتب كل واحد منهما على جهة من ثوبها: أنا واللّه أصلح للمعالي وأمشي مشيتي وأتيه تيها وأمكّن عاشقي من صحن خدّي وأعطي قبلتي من يشتهيها وولاّدة هي بنت الخليفة “المستكفي بالله”، كانت واحدة زمانها في الأدب و الشعر، حسنة المحاضرة لطيفة المعاشرة ،مع الصيانة والعفاف. وكان ابن زيدون يتعشقها و له فيها القصائد الطنانة والمقطوعات البديعة،أشهرها نونيته التي يقول في مطلعها: أضحى التنائي بديلا عن تدانينا وناب عن طيب لقيانا تجافينا ويقول فيها أو عنها كذلك: إنّي ذكرتك بالزهراء مشتاقا والافقّ طلق ووجه الأرض قد راقا وللنّسيم إعتلال فى أصائله كأنّما رقّ لي فاعتلّ إشفاقا وكانت ولاّدة أولا تطارحه شعرا بشعر، وتبادله حبّا بحب،ثم قلبت له ظهر المجن وصارت تهجوه، وكان لها مجلس يغشاه أدباء قرطبة وظرفاؤها ،فيمّر فيه من النوادر و إنشاد الشعر شيء كثير. وأمّا الشاعرة الثانية فهي ” حمدة أوحمدونة بنت زياد المؤدّب” التي كان يقال لها خنساء المغرب لقوّة شعرها، و سموّ إبداعها ،ولها المقطوعتان العجيبتان المشهورتان بالمشرق و المغرب و اللتان مازال أهل البلاغة يجعلونهما مثلا أعلى للنسج على منوالهما و الحذو على حذوهما، تقول في المقطوعة الأولى: ولمّا أبى الواشون إلاّ فراقنا وما لهم عندي وعندك من ثار وشنّوا على أسماعنا كلّ غارة وقلّ حماتي عند ذاك و أنصاري غزوتهم من مقلتيك وأدمعي ومن نفسي بالسيف و السّيل والنار وتقول في المقطوعة الثانيةالجميلة وهي مشهورة جدّا: وقانا لفحة الرمضاء واد سقاه مضاعف الغيث العميم حللنا دوحه فحنا علينا حنوّ المرضعات على الفطيم و أرشفنا على ظمأ زلالا ألذّ من المدامة للنديم يصدّ الشمس أنّى واجهتنا فيحجبها ويأذن للنّسيم يروع حصاه حاشية العذارى فتلمس جانب العقد النظيم .

العذرى

أحمد بن عمر بن أنس العذري، (1003 - 1085)، من المولدين، كان جغرافيّاً ومؤرّخاً أندلسياً. من مؤلفاته: «دلائل النبوة»، و«نظام المرجان في المسالك والممالك». هو الإمام الحافظ المحدث الثقة أبو العباس، أحمد بن عمر بن أنس بن دلهاث بن أنس بن فلذان بن عمر بن منيب العذري نسبة إلى عذرة، الأندلسي ثم المريي نسبة إلى المرية ثم الدلائي نسبة إلى دلاية وهي من قرى المرية في جنوب الاندلس. ولد في 4 ذو القعدة 393هـ. وتوفي في شعبان 478 هـ.

السميسر الألبيري

(000 - نحو 480 ه = 000 - نحو 1087 م) هو أبو القاسم خلف بن فرج الألبيري المعروف بالسميسر. ذكره أبو الصّلت في الحديقة. كان كثير الهجاء وله كتاب لقّبه شفاء الأمراض في أخذ الأعراض. أدرك الدولة العامرية وانقراضها، وقال في رثائها من أبيات: (أصاب الزمان بني عامر وكان الزمان بهم يفخر) وكانت بينه وبين ابن الحداد (محمد بن أحمد) مهاجاة. وأورد ابن بسام بعض أخباره ومختارات من شعره توفي عام 480ه ------ خريدة القصر وجريدة العصر خنتم فهنتم وكم أهنتم زمان كنتم بلا عيون فأنتم تحت كلّ تحت وأنتم دون كل دون سكنتم يا رياح عاد وكل ريح الى سكون تَحَفَّظْ مِنْ ثِيَابِكَ ثُمَّ صُنْهَا تَحَفَّظْ مِنْ ثِيَابِكَ ثُمَّ صُنْهَا وَإلاَّ سَوْفَ تَلْبُسُهَا حِدَادَا وَظُنَّ بِسَائِرِ الأجْنَاسِ خَيْراً وَأَمَّا جِنْسُ آدَمَ فَالبِعَادَا أَرَادُونِي بِجَمْعِهُمُ فَرُدُّوا عَلَى الأعْقَابِ قَدْ نَكَصُوا فُرَادَى وَعَادوا بَعْدَ ذَا إخْوَانَ صِدْقٍ كَبَعْضِ عَقَارِبٍ عَادَتْ جَرَادَا