https://follow.it/amir-samdani?action=followPub

Wednesday 18 October 2023

المعتصم بن صمادح

المعتصم بالله والواثق بفضل الله أبو يحيى محمد بن معن بن صمادح التجيبي ثاني حكام طائفة ألمرية من بني صمادح التجيبيين في عهد ملوك الطوائف. تولى أبو يحيى محمد بن معن بن صمادح في عام 443 هـ حكم طائفة ألمرية خلفًا لأبيه معن بن صمادح بإجماع بني عمه ورجال دولته، ولم يكن قد استكمل الثامنة عشرة من عمره. وقد كان أبوه قد أخذ له البيعة بولاية عهده، بعد أن عرضها على أخيه أبي عتبة صمادح بن معن، فاعتذر عن قبولها، واتخذ محمد لقبي المعتصم بالله والواثق بفضل الله. تعرض المعتصم في بداية عهده، لثورة من ابن شبيب صاحب لورقة واستنصر ابن شبيب بعبد العزيز المنصور صاحب بلنسية، فلبّى عبد العزيز دعوته، وأمده ببعض قواته، وزحف المعتصم في جيشه على لورقة، وبعد أن أمده باديس بن حبوس صاحب غرنطة ببعض قواته، فهزم المعتصم ابن شبيب واستعاد لورقة. ولما توفي عبد العزيز عام 452 هـ، وخلفه ابنه عبد الملك، بعث المعتصم بن صمادح بعض قواته فأغارت على بعض حصونه بمساعدة من باديس، ولكن دون نجاح يذكر. وفي عام 459 هـ، طمع المعتصم في أراضي غرناطة فهاجم وادي آش واستولى عليها، ثم استعادها باديس بعدئذ. ولما توفي باديس عام 465 هـ وخلفه حفيده عبد الله بن بلقين، وقعت بين المعتصم وعبد الله منازعات كثيرة بسبب حصون غرناطة الواقعة على الحدود، وانتهى الأمر بأن اتفقا على أن يهدم عبد الله تلك الحصون للمحافظة على المودة بينهما. وبعد أن سقطت طليطلة في يد ألفونسو السادس ملك قشتالة عام 478 هـ، اتفق معظم ملوك الطوائف على استدعاء المرابطين، وهو الأمر الذي لم يكن ابن صمادح من المتحمسين له، وهو ما كان جليًا حيث أنه لم يشهد معركة الزلاقة عام 479 هـ، متعللاً بكبر سنه، وأرسل قواته بقيادة ولده معز الدولة. ولما تحصّن القشتاليون في حصن لييط فيما بين مرسية ولورقة، عبر يوسف بن تاشفين إلى الأندلس عام 481 هـ، وتعاون الأندلسيون مع المرابطين على حصار حصن لييط، وكان المعتصم من المساهمين في الحصار الذي طال لأربعة أشهر، ولم ينجح المسلمون في اقتحام الحصن، ثم اضطر ألفونسو لإخلائه بعد أن قُتلت معظم حاميته. ولما رأى ابن تاشفين ما عليه ملوك الطوائف من شقاق وفرقة، أرسل جيوشه لإسقاطهم، ففي عام 484 هـ، حاصر جيش أبي زكريا بن واسنو أحد قادة ابن تاشفين ألمرية. وفي ربيع الآخر 484 هـ، توفي المعتصم بن صمادح، وقد اختلفت الروايات حول ما إذا كان المرابطون قد حاصروا ألمرية قبل وفاة المعتصم، أو أنه توفي قبل مقدم المرابطين. اهتم المعتصم بعمارة ألمرية، فابتنى قصرًا كبيرًا زينه بالعديد من مظاهر الأبهة والعظمة، كما جلب الماء إلى المدينة ووصلها إلى جامع ألمرية، ونظم وصول الماء إلى الحدائق الملحقة بقصره، كما ابتنى قصورًا أخرى خارج ألمرية ألحق بها حدائق جمع لها غرائب الأشجار والثمار، وجعل في إحدى تلك الحدائق بحيرة كبيرة أحاطها بمجالس مفروشة بالرخام الأبيض، وأطلق عليها اسم «الصمادحية». وقد اشتهر المعتصم بن صمادح بكونه أديبًا وشاعرًا، يضم بلاطه العديد من شعراء عصره، كوزيره عبد العزيز بن أرقم وعبادة القزاز إمام الموشحات وأبو الفضل البرجي وابن الحداد الوادي آشي. وقد نقل ابن الأبار القضاعي في كتابه «الحلة السيراء» عن أبي عامر محمد بن أحمد بن عامر الطرطوشي السالمي قوله أن «ما خاضه المعتصم من الفتن والحروب مع خصومه من ملوك الطوائف، لم يكن مما يتفق وطبيعته الوادعة، وإنما استدرج إليها، وأكره عليها إكراهًا.» كما تميز أبناؤه عز الدولة ورفيع الدولة وبنته أم الكرام بكونهم من الشعراء المصبوغين. اهتم المعتصم بشئون الدين، وإقامة أحكام الشريعة، وكان يعقد المجالس في قصره للمذاكرة، ويخصص يومًا كل أسبوع للفقهاء، يتناظرون بين يديه في كتب التفسير والحديث. نشأ في ملك ضيق الرقعة، فاستعاض منه سعة الخلق وبعد الهمة، وحلية العلم والأدب، والسخاء الشامل، والجود العمم، حتى طاول المعتمد بن عباد كبير ملوك الطوائف ونافسه، وحتى قال أمير المسلمين يوسف بن تاشفين حينما لقيهما بالأندلس (هذان رجلا هذه الجزيرة). قال ابن خلكان: «وكان رحب الفناء، جزيل العطاء، حليمًا عن الدماء، طافت به الآمال، واتسع في مدحه المقال، وأُعملت إلى حضرته الرحال، ولزمه جماعة من فحول الشعراء». وقال الفتح بن خَاقان: « ملكٌ أقام سوق المعارف على ساقها، وأبدع في انتظام مجالسها واتسقها، وأوضح رسمها، وأثبت في جبين أيامه وسمها. لم تخل أيامه من مناظرة، ولا عمرت إلا بمذاكرة أو محاضرة... وكانت دولته مشرعًا للكرم، ومطلعًا لهمم، فلاحت بها شموس، وارتاحت فيها نفوس. ونفقت فيها أقلام الأعلام، وتدفقت بحار الكلام، كإجادة ابن عمار وإبداعه، في قوله معتذرًا من وداعه. أَمُعتصِمًا باللهِ والحربُ ترتمِي بأبطالها والخيلُ بالخيلِ تلتقِي دَعتْنِي المطايا للرَّحيلِ وإنَّنِي لأَفْرقُ مِنْ ذِكر النَّوَى والتَّفرُّقِ وإنِّي إذا غَرَبتُ عنْكَ فإنَّما جبينُك شمسٌ والمرية مَشْرِقِي وكان المعتصم كالمعتمد بن عباد، شاعرًا مجيدًا: كتب إلى الوزير الشاعر ابن عمّار: وزَهَّدني في النَّاسِ معرفتِي بهمْ وطولُ اختباري صَاحبًا بعد صاحبِ فلمْ تُرنِي الأيَّامُ خِلًّا تسُرُّني مبادِيه إلَّا ساءني في العَواقِبِ ولا قُلتُ أرْجُوه لدفْعِ مُلِمَّةٍ مِنَ الدَّهرِ إلَّا كان إِحْدَى المصَائبِ طوى الأمير أربعين عامًا في إمارته، شاع فيها ذكره ونبه اسمه، وحلب الدهر أشطره، ورأى أحداثه وعبره. ثم حُمَّ القضاء وبعث ابن تاشفين جنودَه على ملوك الطوائف تثُلُّ عروشَهم، وتعفي على آثارهم. ولقي (رجلا الجزيرة) الصدمات الأولى فدارت على المعتمد الدائرات، فإذا هو أسير أغمات، وللمعتمد بن عباد قصَّة ملؤها العبرات والزفرات. وعلم ابن حماد بما أصاب صاحبه فملكه الغمُّ، وناء به الحزن، وكان أسعد من صاحبه جدًّا، نجاه الموتُ من الإسار، وأنقذه الحمام من المذلة: (ربَّ عيشٌ أخفّ منه الحِمامُ). ولله ابن بسّام حين يقول: «وكان بين المعتصم وبين الله سريرة أسلفتْ له عند الحِمامِ يدًا مشكورة؛ فمات وليس بينه وبين حلول الفاقرة به إلا أيامٌ يسيرة، وفي سلطانه وبلدِه، وبين أهله وولدِه». دع ما نمَّق الكتاب، وأنشد الشعراء، ودعْ أربعين طواها الزمان كأنها أحلام، وانظر المعتصم ليلة الخميس لثمانٍ بقين من شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانين وأربعمائة - الليلة التي طلع عليه بالرَّدَى فجرُها - هاهو ذا على فراش الموت في قصره بالمرية، ومعسكر ابن تاشفين على مقربة من المدينة ترى خيامه، وتسمع ضوضاءه، ويسمع المعتصم وجبة من الجيش اللجب، والجند المصطخب، فيقول - كأن لم ينعم بالملك والجاه أربعين عامًا -: لا إله إلا الله! نغص عليها كلَّ شيءٍ حتى الموت، قالت (أروى) إحدى جواريه: « فدمعت عيني، فلا أنسى طرفًا إلي يرفعه، وإنشاده لي بصوت لا أكاد أسمعه: ترَفَّقْ بدمْعِك لا تُفنِهِ *** فبين يدَيْك بكاءٌ طويل المصدر: مجلة الرسالة، العدد 30 - بتاريخ: 29 - 01 - 1934م المرجع الألكتروني للمعلوماتية القرآن الكريم وعلومه العقائد الإسلامية الفقه وأصوله الرجال والحديث سيرة الرسول وآله علوم اللغة العربية الأدب العربي الأسرة والمجتمع الأخلاق والأدعية التاريخ الادارة والاقتصاد علم الفيزياء علم الكيمياء علم الأحياء الرياضيات الهندسة المدنية الزراعة الجغرافية القانون اللغة الأنكليزية الأخبار الإعلام مكتبة الصور أقلام بمختلف الألوان إضاءات مفتاح أجوبة الإستفتاءات الشرعية وثائقيات ENGLISH الرئيسية الأخبار مفتاح وثائقيات المكتبة المصورة المكتبة المرئية أقلام بمختلف الألوان اشترك بمسابقة كنز المعرفة آخر المواضيع المضافة الإمام علي (عليه السلام) وحديث الراية مواصفات المؤمن في نظر علي بن أبي طالب (عليه السلام) / التعفف صفات المتقين / كظم الغيظ الدِّينُ وَاسِعٌ ماذا تعني المواد المبللة والناشرة المستخدمة في المبيدات وما هي أنواعها وكيف تعمل؟ قطة ليست بحية ولا ميتة مـــشــروعـــيــة الـــوكـــالـــة مـــن الـبــاطـــن التعريف القضائي في القضاء المقارن التعريف القضائي للموظف العام في القضاء العراقي الإفصاح عن السياسات المحاسبية والتقديرات الهامة في إعداد القوائم المالية الإيضاحـات المرفـقـة للقوائـم الماليـة Notes to the Financial Statements قائمة التغيرات في حقوق الملكية Statement of Changes in Equity و قائمة التدفقات النقدية Cash Flow Statement ما هو تعريفك للمواد المستحلبة Emulsifiers المستخدمة في المبيدات؟ قائمـة الدخـل الشامـل Statement of comprehensive income وافصاحاتـها وبنـود عـرضـها محتوى قائمة الدخل Income Statement وأهدافـها ومحدداتـها الأدب الــعربــي عدد المواضيع في هذا القسم 3299 موضوعاً الأدب النقد البلاغة العروض تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب أبحث عن شيء أخر بنو صمادح 832 04:11 مساءً التاريخ: 12/12/2022 المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب الجزء والصفحة : مج3، ص:366-374 القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي / بنو صمادح 149 - ومن حكاياتهم في العدل أنه لما بني المعتصم بن صمادح ملك المرية قصوره المعروفة بالصمادحية غصبوا أحد الصالحين في جنة وألحقوها بالصمادحية وزعم ذلك الصالح أنها لأيتام من أقاربه ، فبينا المعتصم يوماً يشرب على الساقية الداخلة إلى الصمادحية إذ وقعت عينه على أنبوب قصبة مشمع ، فأمر من يأتيه به ، فلما أزال عنه الشمع وجد فيه ورقة فيها إذا وقفت أبها - الغاصب على هذه الورقة فاذكر قول الله تعالى { إن هذا أخي له تسع ٣٦٦ وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفيلنيها وعزني في الخطاب} ( ص : ٢٣ ) لا إله إلا الله ، أنت ملك قد وسع الله تعالى عليك ، ومكن لك في الأرض ، ويحملك الحرص على ما يفنى أن تضم إلى جنتك الواسعة العظيمة قطعة أرض لأيتام حرمت بها حلالها ، وخبثت طيبها ، ولئن تحجبت عني بسلطانك ، واقتدرت علي بعظم شأنك ، فنجتمع غدا بين يدي من لا يحجب عن حق ، ولا تضيع عنده شكوى . فلما استوعب قراءتها دمعت عيناه ، وأخذته خشية خيف عليه منها ، وكانت عادته رحمه الله تعالى ، وقال : علي بالمشتغلين ببناء الصمادحية ، فأحضروا ، فاستفسرهم عما زعم الرجل ، فلم يسعهم إلا صدقه ، واعتذروا بأن نقصها من الصمادحية يعيبها في عين الناظر ، فاستشاط غضبا وقال : والله إن عيبها في عين الخالق أقبح من عيبها في عين المخلوق ، ثم أمر بأن تصرف عليه ، واحتمل تعويرها لصمادحيته . ولقد مر بعض أعيان المرية وأخيارها مع جماعة على هذا المكان الذي أخرجت منه جنة الأيتام فقال أحدهم : والله لقد عورت هذه القطعة هذا المنظر العجيب ، فقال له : اسكت ، فوالله إن هذه القطعة طراز هذا المنظر وفخره ، وكان المعتصم إذا نظر إليها قال أشعرتم أن هذا المكان المعوج في عيني أحسن من سائر ما استقام من الصمادحية ؟ ثم إن وزيره ابن أرقم لم يزل يلاطف الشيخ والأيتام حتى باعوها عن رضى بما اشتهوا من الثمن ، وذلك بعد مدة طويلة ، فاستقام بها بناء الصمادحية ، وحصل للمعتصم حسن السمعة في الناس ، والجزاء عند الله تعالى . 150 - ولما مات المعتصم بن صمادح ركب البحر ابنه ولي عهده الواثق عز الدولة أبو محمد عبد الله(1)، وفارق الملك كما أوصاه المعتصم والده وفي ذلك يقول(2): ٣٦٧ لك الحمد بعد الملك أصبحت خاملا بأرض اغتراب لا أمير ولا أحلي وقد أصدأت فيها الجذاذة أنملي(3) كما نسيت ركض الجياد بها رجلي فلا مسمعي يصغي لنغمة شاعر وكفي لا تمتد يوما إلى بذل قال ابن اللبانة الشاعر : ما علمت حقيقة جـور الدهر حتى اجتمعت ببجاية مع عز الدولة بن المعتصم بن صمادح فإني رأيت منه خير من يجتمع به ، كأنه لم يخلقه الله تعالى إلا للملك والرياسة وإحياء الفضائل ، ونظرت إلى همته من تحت خموله كما ينم فيرند السيف وكرمه من تحت الصدأ ، مع حفظه لفنون الأدب والتواريخ وحسن استماعه وإسماعه ، ورقة طباعه ولطافة ذهنه ، ولقد ذكرته لأحد من صحبته من الأدباء في ذلك المكان ووصفته بهذه الصفات ، فتشوق إلى الاجتماع به ورغب إلي في أن أستأذنه في ذلك ، فلما أعلمت عز الدولة قال : يا أبا بكر لتعلم أنا اليوم في خمول وضيق لا يتسع لنا معهما ، ولا يجمل بنا الاجتماع مع أحد ، لا سيما مع ذي أدب ونباهة بلقانا بعين الرحمة ، ويزورنا بمنة التفضل في زيارتنا ، ونكابد من ألفاظ توجعه وألحاظ تفجعه ما يجدد لنا هما قد بلي ، ويحيي كمدا قد فني ، وما لنا قدرة على أن نجود عليه بما يرضى به عن همتنا ، فدعنا كأننا في قبر ، نتدرع لسهام الدهر بدرع الصبر ، وأما أنت فقد اختلطت بنا اختلاط اللحم بالدم ، وامتزجت امتزاج الماء بالحمر ، فكأنا لم تكشف حالنا لسوانا ، ولا أظهرنا ما بنا لغيرنا ، فلا تحمل غيرك محملك ، قال ابن اللبانة : فملأ والله سمعي بلاغة لا تصدر إلا عن سداد ونفس أبية متمكنة من أعنة البيان ، وانصرفت متمثلا: لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ولم يبق إلا صورة اللحم والدم وكائن ترى من صامت لك معجب زيادته أو نقصه في التكلم ٣٦٨ وكتب إليه ابن اللبانة(4) : يا ذا الذي هز أمداحي بحليته(5) وعزه أن يهز المجد والكرما واديك لا زرع فيه اليوم تبذله فخذ عليه لأيام المنى سلما فتحيل في قليل بر ووجهه إليه وكتب معه: المجد يخجل من يفديك من زمن ثناك عن واجب البر الذي علما فدونك النزر من منصف مودته حتى يوفيك أيام المنى السلما ومن شعر عز الدولة المذكور(6): أفدي أبا عمرو وإن كان عاتباً فلا خير في ود يكون بلا عتب وما كان ذاك الود إلا كبارق أضاء لعيني ثم أظلم في قلبي وقال الشقندي في الطرف : إن عز الدولة أشعر من أبيه. 151 - وأما أخوه رفيع الدولة(7) الحاجب أبو زكريا يحيى بن المعتصم فله أيضا نظم رائق ، ومنه ما كتب به إلى يحيى بن مطروح يستدعيه لأنس(8) : يا أخي بل سيدي بل سندي في مهمات الزمان الأنكد لح بأفق غاب عنه بدره في اختفاء من عيون الحسد وتعجـل فحبيبي حـاضر وفمي يشتاق كأسي في يدي فأجابه ابن مطروح ، وهو من أهل باغه ، بقوله : ٣٦٩ أنا عبد من أقل الأعبد قبلتي وجه بأفق الأسعد كلما أظمأني ورد فما منهلي إلا بذاك المورد ها أنا بالباب أبغي إذنكم والظما قد مد للكأس يدي وكان قد سلط عليه إنسان مختل إذا رآه يقول : هذا ألف لا شيء عليه ، يعني أن ملكه ذهب عنه وبقي فارغاً منه ، فشكا رفيع الدولة ذلك إلى بعض أصحابه فقال : أنا أكفيك مؤونته ، واجتمع مع الأحمق ، واشترى له حلواء ، وقال له : إذا رأيت رفيع الدولة بن المعتصم فسلم عليه وقبل يده ولا تقل هذا ألف لا شيء عليه ، فقال : نعم ، واشترط الوفاء بذلك ، إلى أن لقيه فجرى نحوه وقبل يده وقال : هذا هو باء بنقطة من أسفل ، فقامت قيامة رفيع الدولة ، وكان ذلك أشد عليه ، وكان به علة الحصى فظن أن الأحمق علم ذلك وقصده ، وصار كلما أحس" به في موضع تجنبه . واستأذن يوماً على أحد وجوه دولة المرابطين فقال أحد جلسائه { تلك أمة قد خلت} (البقرة : ١٣٤ ، ١٤١ ) استحقاراً له واستثقالا للإذن له ، فبلغ ذلك رفيع الدولة فكتب إليه: خلت أمتي لكن ذاتي لم تخل وفي الفرع ما يغني إذا ذهب الأصل وما ضركم لو قلتم قول ماجد يكون له فيما يجيء به الفضل وكل إناء بالذي فيه راشح وهل يمنح الزنبور ما متجه النحل سأصرف وجهي عن جناب تحله ولو لم تكن إلا إلى وجهك السبل فما موضع تحتله بمرفع ولا يرتضى فيه مقال ولا فعل وقد كنت ذا عذل لعلك ترعوي ولكن بأرباب العلا يحمل العذل ١٥٢- وأما أخوهما أبو جعفر ابن المعتصم فله ترجمة في المسهب ۳۷۰ والمطرب والمغرب ، ومن شعره: كتبت وقلبي ذو اشتياق ووحشة ولو أنه يستطيع من يسلم جعلت سواد العين فيه سواده وأبيضه طرساً وأقبلت الثم فخيل لي أني أقبل موضعا يصافحه ذاك البنان المسلم وأما أختهم أم الكرم فذكرناها مع النساء فلتراجع. 153- وقال أبو العلاء ابن زهر(9): تمت محاسن وجهه وتكاملت ما بدا وعليه صدغ مونق وكذلك البدر المنير جماله في أن تكنفته سماء أزرق 154- وقال أبو الفضل ابن شرف : يا من حكى البيدق في شكله أصبح يحكيك وتحكيه أسفله أوسع أجزائه ورأسه أصغر ما فيه 155- وقال ابن خفاجة(10): يا أيها الصب المعنى به ها هو لا خل ولا خمر سود ما ورد من خده فصار فحما ذلك الجمر 156- وقال أبو عبد الله البياسي: صغر الرأس وطول العنق شاهدا عدل بفرط الحمق ولما سمعه أبو الحسن ابن حريق قال: ۳۷۱ صغر الرأس وطول العنق خلقة منكرة في الخلق فإذا أبصرتها من رجل فاقض في الحين له بالحمق 157- وقال أبو الحسن ابن الفضل يذكر مقاماً قامه سهل بن مالك وابن عياش(11): لعمري لقد مر الخلافة قائما بخطبته الغراء سهل بن مالك وأما ابن عياش ومن كان مثله فضلوا جميعاً بين تلك المسالك ومات وماتوا حسرة وحسادة وغيظاً فقلنا هالك في الهوالك وسهل بن مالك له ترجمة مطولة ، رحمه الله تعالى . 158- ومن حكاياتهم في الوفاء(12) وحسن الاعتذار والقيام بحق الإخاء أن الوزير الوليد بن عبد الرحمن بن غانم كان صديقاً للوزير هاشم بن عبد العزيز ، ثابتاً على مودته ، ولما قضى الله تعالى على هاشم بالأسر أجرى السلطان محمد بن عبد الرحمن الأموي ذكره في جماعة من خدامه ، والوليد حاضر ، فاستقصره ، ونسبه للطيش والعجلة والاستبداد برأيه ، فلم يكن فيهم من اعتذر عنه غير الوليد ، فقال : أصلح الله تعالى الأمير ، إنه لم يكن على هاشم التخير في الأمور ، ولا الخروج عن المقدور ، بل قد استعمل جهده ، واستفرغ نصحه ، وقضى حق الإقدام ، ولم يكن ملاك النصر بيده ، فخذله من وثق به ، ونكل عنه من كان معه ، فلم يزحزح قدمه عن موطن حفاظه ، حتى مثلك مقبلا غير مدبر ، مبليا غير فشل ، فجوزي خيرا عن نفسه وسلطانه ، فإنه لا طريق للملام عليه ، وليس عليه ما جنته الحرب الغشوم ، وأيضاً فإنه ما قصد ۳۷۲ جالب التقصير أن يجود بنفسه إلا رضى للأمير ، واجتناباً لسخطه ، فإذا كان ما اعتمد فيه الرضى فذلك معدود في سوء الحظ فأعجب الأمير كلامه ، وشكر له وفاءه، وأقصر فيما بعد عن تفنيد هاشم ، وسعى في تخليصه ، واتصل الخبر بهاشم ، فكتب إليه : الصديق من صدقك في الشدة لا في الرخاء ، والأخ من ذب عنك في الغيب لا في المشهد ، والوفي من وفي لك إذا خانك زمان ، وقد أتاني من كلامك بين يدي سيدنا ـ جعل الله تعالى نعمته سرمداً - ما زادني بمودتك اغتباطاً ، وبصداقتك ارتباطاً ، ولذلك ما كنت أشد يدي على وصلك وأخصك بإخائي ، وأنا الآن بموضع لا أقدر فيه على جزاء غير الثناء ، وأنت أقدر مني على أن تزيد ما بدأت به بأن تتم ما شرعت فيه ، حتى تتكمل لك المنة ، ويستوثق عقد الصداقة ، إن شاء الله تعالى ، وكتب إليه بشعر منه: . أيا ذاكري بالغيب في محفل به تصامت جمع عن جواب به نصري انتي والبيداء بيني وبينها رقى كلمات خلصتي من الأسر لئن قرب الله اللقاء فإني سأجزيك ما لا ينقضي غابر الدهر فأجابه الوليد خلصك الله أيتها البدر من سرارك ، وعجل بطلوعك في أكمل تمامك وإبدارك ، وصلني شكرك على أن قلت ما علمت ، ولم أخرج عن النصح للسلطان بما زكنته من ذلك ، والله تعالى شاهد ، على أن ذلك في مجالس غير المجلس المنقول لسيدي إن خفيت عن المخلوق فما تخفى عن الخالق ، ما أردت بها إلا أداء بعض ما اعتقده لك ، وكم سهرت وأنا نائم ، وقمت في حقي وأنا قاعد ، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا ثم ذكر أبياتاً لم تحضرني الآن . 159- ومن حكاياتهم في علو الهمة في العلم والدنيا أنه دخل أبو بكر ابن الصائغ المعروف بابن باجة جامع غرناطة ، وبه نحوي حوله شباب يقرؤون ، فنظروا إليه ، وقالوا له مستهزئين به : ما يحمل الفقيه ؟ وما يحسن من العلوم ؟ وما يقول ؟ فقال لهم : أحمل اثني عشر ألف دينار ، وها هي تحت إبطي ۳۷۳ وأخرج لهم اثنتي عشرة ياقوتة ، كل واحدة منها بألف دينار ، وأما الذي أحسنه فاثنا عشر علماً أدونها علم العربية الذي تبحثون فيه ، وأما الذي أقول فأنتم كذا ، وجعل يسبهم ، هكذا نقلت هذه الحكاية من خط الشيخ أبي حيان النحوي. رحمه الله تعالى 160- ومن حكاياتهم في الذكاء واستخراج العلوم واستنباطها أن أبا القاسم عباس بن فرناس(13) ، حكيم الأندلس، أول من استنبط بالأندلس صناعة الزجاج من الحجارة وأول من فك بها كتاب العروض للخليل ، وأول من فك الموسيقى ، وصنع الآلة المعروفة بالمنقانة(14) ليعرف الأوقات على غير رسم ومثال ، واحتال في تطيير جثمانه ، وكسا نفسه الريش ، ومد" له جناحين ، وطار في الجو مسافة بعيدة ، ولكنه لم يحسن الاحتيال في وقوعه ، فتأذى في مؤخره ، ولم يدر أن الطائر انما يقع على زمكه ولم يعمل له ذنباً، وفيه قال مؤمن بن سعيد الشاعر من أبيات: يعلم على العنقاء في طيرانها إذا ما كسا جثمانه ريش قشعم وصنع في بيته هيئة السماء ، وخيل للناظر فيها النجوم والغيوم والبروق . والرعود ، وفيه يقول مؤمن بن سعيد أيضاً : سماء عباس الأديب أبي الـ قاسم ناهيك حسن رائقها أما ضراط استه فراعدها فليت شعري ما لمع بارقها لقد تمنيت حين دومها فكري بالبصق في است خالقها ٣٧٤ وأنشد ابن فرناس الأمير محمداً من أبيات: رأيت أمير المؤمنين محمداً وفي وجهه بذر المحبة يثمر فقال له مؤمن بن سعيد قبحاً لما ارتكبته ، جعلت وجه الخليفة متحرثا يثمر فيه البذر ، فخجل وسبه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1- انظر الحلة 3 : 90 حيث سماء أبو مروان عبيد الله. 2- الشعر في المغرب ۲ : ۲۰۱ . 3- المغرب : الهوادة ؛ درزي : منهلي . 4- البيتان في الحملة 3 : 91 وسعهما رد ابن صمادح. 5- ب م ق : بحيلته. 6- هذا الشعر منسوب في الحملة (٢:٩٦) والمغرب ( ۲:۲۰۰) لرفيع الدولة. 7- انظر ترجمة رفيع الدولة في المطمح: 30 والحلة ٢ : ۹۲ والمغرب ۲ : ۱۹۹. 8- المغرب ۲:۲۰۰ 9- سر البيتان ص : ٢٤٧. 10- ديوان ابن خفاجة : ۱۹۰ . 11- ترجمته في القاح : ۱۰۸. 1۲- ب : وابن يعيش. 13- المغرب 1 : ۳۳۳ والمقتبس ( تحقيق مكي ) الورقة 256ب. 14- في الأصول ودوزي : بالمثقالة ؛ وهذه صورة من صور الكلمة وأقربها إلى الفن المغربي ما أثبتناه ، إذ تسمى في المغرب والمنجانة ، وهي البنكام أو البنكان الفارسية أي الساعة أو آلة حساب الوقت ، و قد تصحلت في المغرب إلى . الميقاتة .

No comments:

Post a Comment