https://follow.it/amir-samdani?action=followPub

Tuesday 17 October 2023

ابن عميرة المخزومي

ابن عُمَيْرَة (582 - 656 هـ / 1186 - 1258) هو أبو المطرف أحمد بن عبد الله بن محمد بن الحسين ابن عميرة المخزومي القرشي العربي. أديب وشاعر ومؤرخ، من أهل جزيرة شقر. نشأ في بلنسية وانتقل إلى غرناطة ومات في تونس. جمع ابن هاني السبتي شعره ونثره في مجلدين: «بغية المستطرف، ونخبة المتطرف». والتزم في كتابته السجع، وأكثر فيها وفي شعره من مصطلحات العلوم. ولمحمد بن شريفة كتاب «أبو المطرف ابن عميرة، حياته وآثاره» في سيرته. ذكر ابن الأبار القضاعي في كتابه تحفة القادم بأن ابن عميره اتصف بالإبداع واعترف بأمجاده الجميع. كما قال عنه الغبريني في كتاب عنوان الدراية: هو الشيخ الفقيه المجيد المجتهد، العالم الجليل الفاضل، أعلم العلماء وتاج الأدباء فاق الناس بلاغة وأربى على من قبله وتهادته الدول وولى القضاء بأريوله وشاطبة من الأندلس ومكناسة من العدوة وقسنطينه وقابس من بلاد إفريقية وغيرها. أما صاحب الإحاطة فقد قال في حقه: "وعلى الجملة فذات أبي المطرف فيما ينزع إليه، ليست من ذوات الأمثال، فقد كان نسيج وحده، إدراكاً وتفنناً، بصيراً بالعلوم، محدثاً مكثراً، راوية ثبتاً، سجراً في التاريخ والأخبار، دياناً مضطلعاً بالأصلين، قائماً على العربية واللغة، كلامه كثير الحلاوة والطلاوة، جم العيون غزير المعاني والمحاسن، وافد أرواح المعاني، شفاف اللفظ حر المعنى، ثاني بديع الزمان في شكوى الحرفة وسوء الحظ ورونق الكلام ولطف المأخذ، وتبريز النثر على النظم والقصور في السلطانيات". مؤلفاته كتاب تاريخ ميورقة كتاب اختصار كتاب ثورة المريدين لابن صاحب الصلاة كتاب تعقب فيه الإمام فخر الدين بن الخطيب الرازي في كتابه المعالم في أصول الفقه كتاب التنبيهات على ما في التبيان من التمويهات، وقد رد فيه على كمال الدين الزَّمْلكاني، وهو من معاصريه. رسائل ديوانية رسائل إخوانية قصائده ذكر ابن الأبار في كتابه تحفه القادم قصيدة لابن عميرة المخزومي القرشي يقول فيها: يا والياً أمرَ الجمالِ بسيرةٍ قلَّ الحديث بمثلها عن والِ حتَّى متى قلبي عليك متيّمٌ وإذا سألتُ يُقال قلبُكَ سالِ أرضى رضاك عن الوشاة وأنت لا ترضيك موجدتي على العذالِ وبيانُ حبّك لم أؤخره وفي جدواه عندكَ غايةُ الإجمالِ قد حرت في حالٍ لديك ولستُ من أهلِ الكلام أحارُ في الأحوالِ وأجلتُ فكري في وشاحك فانثنى شوقاً إليك يجول في جوَّالِ أنصفْتَ غصنَ البانِ إذ لم تدعُهُ لَتأَوّدٍ مع عطفكَ الميَّالِ ورحمْتَ دُرَّ العقدِ حين وضعته متوارياً عن ثغركَ المتلال يكيف اللقاء وفِعلُ وعدكَ سينهُ أبداً تخلِّصهُ للاستقبالِ وكُماةُ قومكَ نارهُمْ ووقودها للطَّارقينَ أسِنَّةٌ وعَوالِ وقال من قصيدة أنشدنيها بإشبيلية، إثر نُزهة جمعتنا بخارجها، صدر سنة سبع عشرة وستمائة، وأنا اقترحت وصفها عليه، وأولها: لو غيرُ طرفِكَ مَوْهِناً يأتيني ما كانَ في عَقب الصِّبا يُصبيني وافَى وقد هجعَ الخليطُ فبات في ثَوب الدُّجى أُدْنيه أو يُدنيني وله بعد انفصاله من بلنسية عن وحشةٍ في ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وستمائة: أسيرُ بأرجاءِ الرجاءِ وإنَّما حديثُ طريقي طارقُ الحدثانِ وأُحضرُ نفسي إن تقدمتُ خيفةً لغضِّ عنانٍ أو لعضِّ زمانِ أينزلُ حظِّي للحضيضِ وقد سرى لإمكانِهِ فوق الذُّرى جبلانِ وأخبطُ في ليلِ الحوادثِ بعدما أضاءَ لعيني منهما القمرانِ فيحيى لآمالي حياةً معادةً وإنَّ عزيزاً عِزَّةٌ لمكاني وقالوا اقترح إنَّ الأمانيَّ منهما وإن كنَّ فوق النَّجم تحت ضمانِ فقلت إذا ناجاهما بقَضيَّتي ضميريَ لم أحفلْ بشرح لساني وفاته توفي ابن عميرة المخزومي القرشي في تونس ليلة الجمعة عشرين لذي الحجة من عام 658 هـ. 1260 م. شعر لأبي المطرف ابن عميرة وقال الأديب الكاتب القاضي أبو المطرف ابن عميرة المخزومي. لما قص شعر ملك شرق الأندلس زيان بن مردنيش مزين ، في يوم رفع فيه أبو المطرف شعراً ، فخرجت صلة المزين ، ولم تخرج صلة أبي المطرف(1): أرى من جاء بالموسى مواسي وراحة من أذاع المدح صفرا فأنجح سعي ذا إذ قص شعراً وأخفق سعي ذا إذ قص شعرا واسم أبي المطرف أحمد ، وهو من جزيرة شقر ، من كورة بلنسية.

ابن عسكر المالقي

اجم عبر التاريخ محمد بن علي بن خضر الغساني المالقي ابن عسكر مشاركة تاريخ الولادة 584 هـ تاريخ الوفاة 636 هـ العمر 52 سنة مكان الولادة غير معروف مكان الوفاة غير معروف أماكن الإقامة مالقة - الأندلس الأساتذة الطلاّب نبذة القَاضِي العَلاَّمَةُ ذُو الفُنُوْنِ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خضر الغساني، المالقي، المالكي، ابن عسكر. وذكره ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: رَوَى عَنْ أَبِي الحَجَّاجِ ابْنِ الشَّيْخِ، وَأَبِي زَكَرِيَّا الأَصْبَهَانِيّ، وَأَبِي الخَطَّابِ بنِ وَاجِبٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ بنِ حَوْطِ اللهِ، وَعِدَّةٍ. وَاعْتَنَى بِالرِّوَايَةِ عَلَى كِبَرٍ، وَكَانَ جَلِيْلَ القَدْرِ، دَيِّناً، صَاحِبَ فُنُوْن؛ فَقهٍ وَنَحْوٍ وَأَدَبٍ وَكِتَابَةٍ، وَكَانَ شَاعِراً مُتَقَدِّماً فِي الشُّرُوْطِ، حَسَنَ العِشْرَةِ، سَمْحاً، جَوَاداً. وَلِيَ قَضَاءَ بَلَدِهِ بَعْدَ أَنْ حَكَمَ نِيَابَةً، وَصَنَّفَ وَمَالَ إِلَى الاجْتِهَادِ، تَأَسَّفَ عَلَى تَفْرِيْطِهِ فِي تَرْكِ الأَخْذِ عَنِ الكِبَارِ. ولد في حدود سنة 584 هـ/ 1188 م في مالقة ونشأ فيها، وأصله من قرية بغربيها. تتلمذ على شيوخها، فأخذ عن: أبي إسحاق إبراهيم بن علي الخولاني الزوالي، وأبي جعفر أحمد بن المربيطري يعرف بابن قنترال،‌ وعبد الحميد الجيار المالقي، وأبي الحسن علي بن أحمد الغافقي الشقوري، وأبي الحجاج يوسف المالقي، وأبي زيد عبد الرحمن بن محمد القمارشي، وأبي سليمان داوود بن حوط الله الأنصاري، وأبي علي عمر بن عبد المجيد الرندي، وأبي عمر سالم بن صالح المالقي، وأبي الفضل عياض بن محمد، وأبي محمد عبد الله بن الحسن الأنصاري القرطبي، وأبي القاسم محمد بن عبد الواحد الغافقي الملّاحي، وأبي محمد عيسى بن سليمان الرعيني، وغيرهم الكثير، في الأندلس والمغرب. واستفاد من إجازات العلماء المشارقة فاتسعت مشيخته وكثر رجالها. تنوعت معارفه وعلومه، فتعلم علوم القرآن، والفقه، والنحو، والتاريخ وغيرها فأخذ عنه الكثير ببلده. فأخذ عنه: ابن أخته أبو بكر بن خميس الأنصاري المالقي، وأبو عبد الله محمد بن علي ابن برطال الأموي، وأبو بكر بن أبي العيون، وأبو عبد الله محمد بن أبي بكر البُرّي، وأبو عبد الله بن الأبار القضاعي، وأبو القاسم بن عمران وغيرهم. وكتب بالإجازات إلى مختلف الأقاليم. مارس الإفتاء، وشاوره القضاء، بجانب اشتغاله بالعلم تدريسًا وتأليفًا. ثم تولى القضاء بمسقط رأسه نيابة عن القاضي أبي عبد الله بن الحسن الجذامي مدة، في عده دولة‌ أبي عبد الله بن هود. ثم تولى قضائها مستقلاً، حينما تحولت مالقة إلى دولة أبي عبد الله بن نصر. توفي ابن عسكر هو يتولى قضاء مالقة في ظهر اليوم 4 جمادى الآخرة سنة 636/ 11 يناير 1239. مؤلفاته ترك كثيرًا من المؤلفات في مختلف العلوم والفنون، منها: «المشروع الروي في الزيادة على غريبي الهروي»، وهو في غريبي القرآن والحديث «أربعون حديثًا»، التزم فيها موافقة اسم شيخه اسم الصحابي. «نزهة الناظر في مناقب عمار بن ياسر»، وقد ألّفه لأحد أصفيائه من أسرة بني سعيد، وهو القائد عبد الله بن سعيد. «الجزء المختصر في السلو عن ذهاب البصر»، وقد ألّفه للواعظ أبي محمد بن أبي خرص. «رسالة ادخار الصبر في افتخار القصر والقبر» «شرح الآيات التي استشهد بها سيبويه في الكتاب» تكلمة كتاب التعريف والإعلام فيها أبهم في القرآن من الأسماء الأعلام لأبي القاسم السهيلي، أسماه «التكميل والإتمام لكتاب التعريف والإعلام» فهرسة شيوخه «الإكمال والإتمام في صلة الإعلام بمحاسن الأعلام من أهل مالقة الكرام»، وهو بتسمية أخرى: «مطلع الأنوار ونزهة البصائر والأبصار فيما احتوت عليه مالقة من الأعلام والرؤساء والأخيار وتقييد ما لهم من المناقب والآثار»، وهو الكتاب المشهور بـ«أعلام مالقة». والكتاب في أصله ذيل على كتاب أصبغ بن أبي العباس المسمى بـ«الإعلام بمحاسن الأعلام من أهل مالقة الكرام». والمعروف أن ابن عسكر قد وافته المنية قبل أن يكمل هذا الذيل، ولذلك تتمه ابن أخته أبو بكر بن خميس. خَلِيليَّ إِنَّ القَلبَ في أَبحُرِ الهَوى يُراغُ بِها طُولَ المَدى وَتُراغُ فَهَل ساحِلٌ لِلوَصلِ يَلجَأ عِندَهُ غَريقٌ لَهُ الماءُ الأَجاجُ مُساغُ يبرّحُ بي أَنّ الفُؤادَ مُوَكّلٌ بِذِي غَنَجٍ مِنهُ الجَمالُ يُصاغُ أَهِيمُ وَأُهمِي دَمعَ عَيني صَبابَةً وَهَيهاتَ ما لي لِلوِصالِ بَلاغُ أَمرِّغُ وَجهي في الترابِ لَعَلَّهُ يَرِقّ وَما يُغني لَدَيهِ مَراغُ يُصَرِّفُ قَلبي في يَدَيهِ فَما يُرى لِقَلبي وَإِن طالَ الزَمانُ فَراغُ

ابن عبدون الفهري

ذو الوزارتين اليابري كنيته أبو محمد، هو عبد المجيد بن عبدون اليابري، منسوب إلى جده لأمه عبد المجيد بن عبد الله بن عبدون الفهري الأندلسي اليابرتي النحوي، الشاعر المفلق. أخذ عن أبي الحجاج الأعلم وعاصم بن أيوب وأبي مروان بن سراج، وله نظم فائق، ومؤلف في الانتصار لأبي عبيد على ابن قتيبة، وكان من بحور الآداب، كتب الإنشاء للمتوكل بن الأفطس صاحب بطليوس وأشبونة، وله فيهم مرثية باهرة أولها: الدهـر يفجـع بعد العيـن بالأثـر فمـا البكاء على الأشباح والصـور ثم تضعضع واحتاج وعمر فقال أبو بكر بن زهر : دخل علينا رجل رث الهيئة ، كأنه بدوي ، فقال : يا بني ، استأذن لي على الوزير أبي مروان ، فقلت : هو نائم ، فقال : ما هذا الكتاب ؟ قلت : وما سؤالك عنه ؟ ! هذا من كتاب الأغاني ، فقال : تقابله؟ فقلت : ما هنا أصل . قال: إني حفظته في الصغر ، فتبسمت ، فقال : فأمسك علي ، فأمسكت ، فو الله ما أخطأ شيئا ، وقرأ نحوا من كراسين ، فقمت مسرعا إلى أبي ، فخرج حافيا وعانقه ، وقبل يده واعتذر ، وسبني وهو يخفض عليه ، ثم حادثه ، ووهبه مركوبا ، ثم قلت : يا أبت ، من هذا ؟ قال: ويحك ! هذا أديب الأندلس ابن عبدون ، أيسر محفوظاته كتاب «الأغاني». وفاته توفي ابن عبدون بيابرة سنة سبع وعشرين وخمس مائة. هو أبو محمد عبد المجيد بن عبد اللّه بن عبدون الفهري اليابري، من يابره Évora غربي بطليوس، وهي اليوم مدينة برتغالية حدودية مع مدينة بطليوس الإسبانية. عنى أبوه بتربيته، و طمحت نفسه إلى التلمذة على أعلام العربية من مثل الأعلم الشنتمري المتوفي سنة 476 هجرية و عبد الملك بن سراج المتوفي سنة 486 هجرية و أبي بكر عاصم بن أيوب البطليوسي المتوفي سنة 494 هجرية. كان ابن عبدون عالما بالخبر و الأثر و معاني الحديث و أن الناس أخذوا عنه. و استيقظت ملكته الشعرية مبكرة، فمدح المتوكل عمر بن المظفر أمير بطليوس الذي كان كاتبا شاعرا مع شجاعة و فروسية، و كان مثل أبيه ملاذا لأهل الأدب و الشعر، و كانت إمارته تشمل مدن يابرة و شنترين و أشبونه إلى المحيط. أعجب المتوكل بالشاعر ابن عبدون و اتّخذه جليسا و رفيقا له في زياراته لمدن إمارته، و أسبغ عليه من الود حللا ضافية، جعلته يلهج بمديحه و يقصر شعره عليه مَضَوا يَظلِمونَ اللَيلَ لا يَلبسونهُ وَإِن كانَ مِسكِيّ الجَلابيبِ ضافِيا يُؤمّونَ بيضاً في الأَكِنَّةِ لَم تَزَل قُلوبُهُم حُبّاً عَلَيها أَداحِيا وَأَغربَةُ الظَلماءِ تَنفُضُ بَينَهُم قَوادِمَها مَبلَولَةً وَالخَوافِيا إِذا مَرَقوا مِن بَطنِ لَيلٍ رَقَت بِهِم إِلى ظهرِ يَومٍ عَزمَةٌ هِيَ ما هِيا وَإِن زَعزَعَتهُم رَوعَةٌ زعزَعوا الدُجى إِلَيها كُماةً وَالرِياح مَذاكِيا وَلَو أَنَّها ضَلَّت لَكانَ أَمامَها سَنا عمرٍ في فَحمَةِ اللَيلِ هادِيا وَصَلَّت بِهِ الهَيجا عَلَيهِ وَسَلَّمَت فَما اِرتَضَيا حاشاهُ ساقاً وَساقِيا هُمامٌ أَقامَ الحَربَ وَهيَ قَعيدَةٌ وَرَوّى القَنا فيها وَكانَت صَوادِيا شَريفُ المَطاوي تَحتَ خَتمِ ضُلوعِهِ تَميمَةُ تَقوى رَدَّتِ الدَهرَ صاحِيا إِذا قُرِئَت لا بِالنَواظِرِ طبّقت سُرى أُختِها ذاتِ البُروجِ مَساعِيا وَهَديٌ لَو اِستَشفى المُعَنّى بِرَوحِهِ لَما كانَ بِالوَجدِ المُبَرِّحِ صالِيا وَرِقَّةُ طَبعٍ لَو تَحَلّى بِها الهَوى لأَعدى عَلى عَصرِ الشَبابِ البَواكِيا إِلَيهِ أَكلتُ الأَرضَ بِالعيسِ ثائِرا وَقَد أَكَلَت مِنها الذُرى وَالحَوامِيا وَعاوِن عَلى اِستِنجازِ طَبعٍ بِهَبَّةٍ ترقّصُ في أَلفاظِهنَّ المَعانِيا وَأَجعَلُ أَرضَ الرومِ تَجلو تِلاعُها عَلَيكَ زَروداً وَالحِمى وَالمَطالِيا وَقَد نَشَرَت مِن ذي القُروحِ وَخالهُ وَعَمرُو بن كُلثومٍ عِظاماً بَوالِيا وَقيلَ لَهُم مَن ذا لَها فَتَخَيَّروا أَخيراً يَبُذُّ القائِلينَ الأَوالِيا فَإِن نُسِقوا عَلى الوَلاءِ وَلَم يَكُن بِذَلِكَ فَاِجعَل مِنهُ ظِلَّكَ عارِيا وَعَزَّ عَلى العَلياءِ أَن يُلقِيَ العَصا مُقيماً بِحَيثُ البَدر أَلقى المَراسِيا وَمَن قامَ رَأيُ اِبنِ المُظَفَّرِ بَينَهُ وَبَينَ اللَيالي نامَ عَنهُنَّ لاهِيا

ابن عبد ربه

ولد أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حدير بن سالم في قرطبة في 10 رمضان 246 هـ. جده سالم كان مولى للأمير هشام الرضا. نشأ ابن عبد ربه في قرطبة، وأمتاز بسعة الاطلاع في العلم والرواية والشعر. كتب الشعر في الصب والغزل، ثم تاب وكتب أشعارًا في المواعظ والزهد سماها «الممحصات». وكان يتكسب من الشعر بمدحه للأمراء، فعُدّ بذلك أحد الذين أثروا بأدبهم بعد الفقر. كما كان من الرواد في نشر فن الموشحات التي أخذه عن مخترعه مقدم بن معافى القبري. إلا أن أعظم أعماله فهو كتابه «العقد الفريد» الذي كان بمثابة موسوعة ثقافية تبين أحوال الحضارة الإسلامية في عصره. كما كان ابن عبد ربه راوية سمع من بقي بن مخلد وابن وضاح وغيرهما. توفي ابن عبد ربه في 18 جمادى الأولى 328 هـ، ودُفن في قرطبة، وقد أصيب بالفالج قبل وفاته بأعوام. مؤلفاته العقد الفريد. أمثال العرب. سحر البيان. أبناء النور. طبائع النساء وما جاء فيها من عجائب وغرائب وأخبار وأسرار. كريمٌ على العِلَّاتِ جَزلٌ عطاؤهُ يُنيل وإِنْ لم يُعتَمَدْ لنَوالِ وما الجُودُ مَن يُعطي إذا ما سألتَهُ ولكنَّ مَن يُعطي بغَيرِ سُؤالِ بَدا وَضَحُ المَشيبِ على عِذاري وهل ليلٌ يكونُ بلا نهارِ وَأَلبَسَني النُّهى ثَوباً جَديداً وجَرَّدَني مِنَ الثَّوْبِ المُعارِ شَربتُ سَوادَ ذا بِبَياضِ هذا فَبَدَّلتُ العِمامةَ بالخِمارِ وما بِعْتُ الهَوى بَيعاً بِشَرطٍ وَلا اسْتَثْنَيْتُ فيهِ بِالخِيارِ صَاحِبٌ في الحُبِّ مَكذُوبُ دَمْعُهُ لِلشَّوْقِ مَسْكوبُ كُلُّ مَا تَطْوِي جَوَانِحُهُ فَهوَ في الْعَيْنَين مَكْتُوبُ أَيَقْتُلُني دائي وَأَنتَ طَبيبي قَريبٌ وَهلْ منْ لا يُرى بقَريبِ لَئِنْ خُنْتَ عَهْدِي إنَّني غَيْرُ خَائنٍ وَأَيُّ مُحبٍّ خَانَ عَهْدَ حَبِيبِ وَسَاحِبَةٍ فَضْلَ الذُّيُولِ كأَنَّهَا قَضِيبٌ مِنَ الرَّيْحانِ فَوْقَ كَثيبِ إِذَا ما بَدَتْ مِنْ خِدْرِهَا قَالَ صَاحِبي أَطِعْني وَخُذْ مِنْ وَصلِهَا بِنَصيبِ فَما كُلُّ ذي لُبٍّ بِمُؤْتِيكَ نُصْحَهُ وَمَا كُلُّ مُؤْتٍ نُصْحَهُ بِلَبِيبِ

Monday 16 October 2023

ابن زيدون

أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن زيدون المخزومي القرشي المعروف بـابن زيدون (394هـ/1003م في قرطبة - أول رجب 463 هـ/5 أبريل 1071 م) وزير وكاتب وشاعر أندلسي، عُرف بحبه لولادة بنت المستكفي. ولد أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون في قرطبة لأسرة من فقهاء قرطبة من بني مخزوم. تولى ابن زيدون الوزارة لأبي الوليد بن جهور صاحب قرطبة، وكان سفيره إلى أمراء الطوائف في الأندلس، ثم اتهمه ابن جهور بالميل إلى المعتضد بن عباد صاحب إشبيلية، فحبسه. حاول ابن زيدون استعطاف ابن جهور برسائله فلم يعطف عليه. وفي عام 441 هـ، تمكن ابن زيدون من الهرب، ولحق ببلاط المعتضد الذي قربه إليه، فكان بمثابة الوزير. وقد أقام ابن زيدون في إشبيلية حتى توفي ودفن بها في أول رجب 463 هـ في عهد المعتمد بن عباد. شعره برع ابن زيدون في الشعر والنثر، وله رسالة تهكمية شهيرة، بعث بها عن لسان ولادة بنت المستكفي إلى ابن عبدوس الذي كان ينافسه على حب ولادة، ولابن زيدون ديوان شعر طُبع عدة مرات. ومن أشهر قصائد ابن زيدون قصيدته المعروفة بالنونية، والتي مطلعها: أضحى التنائي بديلاً من تدانينا وناب عن طيب لقيانا تجافينا بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقا إليكم ولا جفت مآقينا يكاد حين تناجيكم ضمائرنا يقضي علينا الأسى لولا تأسينا حالت لبعدكم أيامنا فغدت سودا وكانت بكم بيضا ليالينا وله قصيدة مشهورة يذكر فيها ولادة ويتشوق إليها: إنّي ذكرْتُكِ، بالزّهراء، مشتاقا، والأفقُ طلقٌ ومرْأى الأرض قد راقَ وَللنّسيمِ اعْتِلالٌ، في أصائِلِهِ، كأنهُ رَقّ لي، فاعْتَلّ إشْفَاقَا والرّوضُ، عن مائِه الفضّيّ، مبتسمٌ، كما شقَقتَ، عنِ اللَّبّاتِ، أطواقَا يَوْمٌ، كأيّامِ لَذّاتٍ لَنَا انصرَمتْ، بتْنَا لها، حينَ نامَ الدّهرُ، سرّاقَا نلهُو بما يستميلُ العينَ من زهرٍ جالَ النّدَى فيهِ، حتى مالَ أعناقَا كَأنّ أعْيُنَهُ، إذْ عايَنَتْ أرَقى ، بَكَتْ لِما بي، فجالَ الدّمعُ رَقَرَاقَا وردٌ تألّقَ، في ضاحي منابتِهِ، فازْدادَ منهُ الضّحى ، في العينِ، إشراقَا سرى ينافحُهُ نيلوفرٌ عبقٌ، وَسْنَانُ نَبّهَ مِنْهُ الصّبْحُ أحْدَاقَا كلٌّ يهيجُ لنَا ذكرَى تشوّقِنَا إليكِ، لم يعدُ عنها الصّدرُ أن ضاقَا لا سكّنَ اللهُ قلباً عقّ ذكرَكُمُ فلم يطرْ، بجناحِ الشّوقِ، خفّاقَا لوْ شاء حَملي نَسيمُ الصّبحِ حينَ سرَى وافاكُمُ بفتى ً أضناهُ ما لاقَى لوْ كَانَ وَفّى المُنى ، في جَمعِنَا بكمُ، لكانَ منْ أكرمِ الأيّامِ أخلاقَا يا علقيَ الأخطرَ، الأسنى ، الحبيبَ إلى نَفسي، إذا ما اقتنَى الأحبابُ أعلاقَا كان التَّجاري بمَحض الوُدّ، مذ زمَن، ميدانَ أنسٍ، جريْنَا فيهِ أطلاقَا فالآنَ، أحمدَ ما كنّا لعهدِكُمُ، سلوْتُمُ، وبقينَا الرئيسية / أدباء وشعراء / الشاعر الأندلسي ابن زيدون الشاعر الأندلسي ابن زيدون تمت الكتابة بواسطة: مريانا قمصية آخر تحديث: ٠٩:٢٨ ، ٧ يناير ٢٠٢٠ محتويات ١ ابن زيدون ٢ مولد ابن زيدون ٣ نشأة ابن زيدون وطموحاته ٤ شيوخ ابن زيدون وأساتذته ٥ منزلة ابن زيدون ٦ بيئة ابن زيدون ٧ علاقة ابن زيدون بالخلفاء ٨ رسائل ابن زيدون ٩ شعر ابن زيدون ١٠ الأغراض الشعريّة لابن زيدون ١١ ابن زيدون وولاّدة بنت المستكفي ١٢ نونيّة ابن زيدون ١٣ وفاة ابن زيدون ١٤ المراجع ذات صلة ابن زيدون وحياته شعر ابن زيدون في وصف الطبيعة ابن زيدون ابن زيدون هو أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزوميّ الأندلسيّ، وهو من أبرز شعراء الأندلس، تنوّع شعره فكتب في الغزل العفيف وفي الرثاء والفخر، ووصف الطبيعة، حيث كان لنشأته في مدينة قرطبة التي اشتهرت بطبيعتها الرائعة دورٌ في إبداعه في هذا المجال، كما امتاز شعر ابن زيدون بطول القصيدة وكثرة الفنون الشعريّة التي اتبعها، فكان من أبرع شعراء عصره.[١] مولد ابن زيدون وُلد ابن زيدون في خريف سنة 394هـ (1003م) في حيّ من أحياء قرطبة المتراصّة، وتمتدّ جذوره العربية الأصيلة إلى قبيلة بني مخزوم التي كان لها شأن كبير ومكانة عظيمة في الجاهليّة والإسلام، وقد جاء أجداده من المغرب، كما كان بيت بني زيدون من أكبر بيوت قبيلة مخزوم عزاً وجاهاً وثقافةً وأدباً، وكانت عائلتاه من جهة أبيه ومن جهة أمه تعتبران من أبرز عائلات الأندلس، وأيضًا كان أبوه رجلاً ثرياً ومن وجهاء الأندلس ومن أهل العلم والمعرفة باللغة والآداب، كما كان فقيهاً وقاضٍ له شأن كبيٌر وصاحب رأي مسموع، فقد كان قاضي القضاة آنذاك أحمد بن محمد بن ذكوان يشاوره ويراجعه في فتاويه وأحكامه، كما كان موضع ثقة لغيره من القضاة، و يقال إنّ (أبا بكر) وهي كنيته قد توفي بالبيرة بالقرب من غرناطة، حيث كان ذاهباً إلى هناك لتفقد أملاكه ودُفن فيها.[٢] كان ابن زيدون في الحادية عشر من عمره عند وفاة والده فكفله جده لأمه، وكان من المشايخ فعُرف عنه الالتزام والحزم، فنشأ ابن زيدون في كنفه ورعايته، كما كان وحيد أبويه وبعد موت والده صار وحيد أمه التي دللته كثيراً، فكان لهذا الدلال إضافة إلى نفسه الحساسة وحبه للمرح الأثر الأكبر في حياته.[٣] نشأة ابن زيدون وطموحاته نشأ ابن زيدون في أحضان جده ودلال والدته التي كانت تربطه بها علاقة مميزة جداً لا سيما وأنه كان وحيدها، فقد كان لهذه العلاقة الأثر الكبير في تكوين شخصيته النرجسيّة، فنشأ معجباً بنفسه مغتراً بشبابه ووسامته، حيث كان تأثير والدته عليه أقوى من تأثير جده، وقد كانت هذه الحياة المُترفة التي عاشها ابن زيدون سبباً في انصرافه إلى اللهو والمتعة، لا سيما أنّ العصر الذي عاش فيه كان عصر انفتاحٍ ومجون، فأُغرم ابن زيدون بالفنون والموسيقى والغناء، وكان لكلّ هذه الظروف التي أحاطت بنشأته أثر بالغ في حياته، فقد أصبح شابا معتزاً بثرائه وبحسبه ونسبه اعتزازاً كبيراً، وطموحاً ليس لطموحه حد، وقد كان طموحه هذا سبباً في دخوله السجن فيما بعد.[٣] شيوخ ابن زيدون وأساتذته كان والد ابن زيدون معلمه الأول، فقد كان ضليعاً في علوم اللغة العربية وآدابها، فعلم ولده منذ صغره وأحضر له الأساتذة الذين علموه مختلف العلوم، وفي هذا يقول دكتور شوقي ضيف: (ونظن ظناً أنّ ابن زيدون لزم صديق أبيه عباس بن ذكوان، وأفاد من علمه وفقهه، فقد كان عالم قرطبة الأول في عصره، وامتدت حياته بعد أبيه إلى سنة 413هـ)، كما تتلمذ ابن زيدون على يدي أبي بكر مسلم بن أحمد وهوابن أفلح النحوي الذي كان عالماً في اللغة والأدب ورواية الشعر، هذا وكان ابن زيدون مقبلاً على العلم راغباً فيه، فأخذ ينهل من العلم من هنا وهناك، فكان يحضر الدروس في الجوامع ويرتاد دور الكتب، ويتردد على جامعة قرطبة الكبيرة ليحضر الدروس التي كانت تُلقى فيها، وكانت قرطبة في ذلك الحين مركزاً للعلم والعلماء، مما ساعد ابن زيدون على الإقبال على العلم والرغبة في تحصيله، هذا ولم يذكر الذين عاصروا ابن زيدون أسماء أساتذة تولوا تعليمه بالترتيب، وفي ذلك يقول وليم الخازن: (ولم يعطنا الذين دنوا حياة الشاعرأسماء أساتذة بالتتابع).[٢] منزلة ابن زيدون كان ابن زيدون من أبرع وأقدر شعراء العصر الذي عاشوا فيه، لذا أُطلق عليه لقب بحتريّ المغرب تشبيهاً له بالشاعر البحتريّ؛ وذلك لتميّزه في موهبته وتميز شعره بالسهولة والعذوبة، فقد قال المقرّي مادحاً له: (من لبس البياض وتختم بالعقيق وقرأ لأبي عمرو وتفقه للشافعي وروى شعر ابن زيدون فقد استكمل الظرف)، كما جاء رأي علماء الغرب مثل رأي علماء الشرق في ابن زيدون بشأن منزلتة، فقال آنخل جنثالث بالنثيا: (أهم شعراء قرطبة في ذلك العصر هو أبو الوليد أحمد بن زيدون المخزومي)، هذا وقد كان لابن زيدون منزلة مرموقة في قرطبة لما امتاز به من تفوق ونبوغ، وعلم غزير، وقدرة على التعبير عن نفسه ومشاعره وأفكاره.[٤] بيئة ابن زيدون الحياة السياسيّة عاصر ابن زيدون الاضطرابات التي حدثت في في الأندلس، وشهد تداعي الخلافة الأموية فيها التي امتد حكمها للأندلس منذ عام 756م حتى عام 1030م، حيث تأسس الحكم على يد عبد الرحمن الداخل وهو ابن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، وبعده توالى على الحكم عدد من الأمراء، فبلغت الدولة الأموية أوج عزها وعظمتها في فترة حكم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد الذي لُقّب بالناصر لدين الله وهو أول من سُمي بأمير المؤمنين، وقد دام حكمه خمسين سنة ثمّ تولى الحكم بعده ولده الذي سار على نهج أبيه إلى حين وفاته 976م، ثمّ توالى على الحكم عدد من الحكام لإمارتها وانتهى حكم الأمويين في الأندلس ليبدأ بعده حكم ملوك الطوائف،[٥] وعلى الرغم من حدوث بعض الاضطرابات في تلك الفترة إلا أنّ الأندلس شهدت فيها نشاطاً وازدهاراً في الحركة الفكريّة والأدبيّة فانتشرت المكتبات، واهتم الأندلسيون بكتب المشارقة من ناحية الدراسة والمعارضة، وقد ظهر العديد من العلماء والفلاسفة الذين اشتُهروا بالعلوم التطبيقية، مثل علم الرياضيات الذي برز فيه علماء أمثال الكرماني، وعلم المنطق والطب أمثال ابن جبيرول، والفلسفة وعلم النبات أمثال البطليوسي، وابن باجة، كما أصبحت قصور الأمراء مجالس ونوادٍ أدبية يؤمّها الشعراء والكتاب ليحصلوا على العطايا والهبات.[٥] الحياة الثقافيّة شهدت الأندلس في عصر ابن زيدون نهضةً حضاريةً وفكريةً في كافة العلوم، كانت عواصم الدول الأندلسية وعواصم المشرق الإسلامي تتنافس فيما بينها في مجال الشعر، وقد أُلّفت في تلك الفترة عدد من الكتب كان ضخماً جداً قياساً بالفترة الزمنية التي أُلّفت فيها، ولعلماء وحكام الأندلس فضل في ذلك، فمن أهم الحكام الذين لعبوا دوراً مهماً في ذلك الازدهار الفكري عبد الرحمن الناصر، والحكم المستنصر والمنصور بن أبي عامر، كما كان أهل الأندلس أنفسهم يرغبون في العلم ويحبون المعرفة، وكان ملوك الطوائف يعملون على استقدام العلماء لتصبح دولهم بمستوى فكري أعلى من مستوى الممالك الأخرى.[٦] الحياة الأدبيّة كان ابن زيدون من أشهر أدباء وشعراء الأندلس لا سيما في عهد ملوك الطوائف، وكان العرب في تلك الحقبة من الزمن إذا فتحوا بلداً من البلدان لم يكتفوا بفتحه سياسياً بل فتحوه لغوياً وجعلوا اللغة العربية تحل محل لغته الأصلية ، كما علّموا أهله علوم القرآن الكريم، ورغبوا أبناءه بأدبهم وشعرهم حتى أعجبوا به أشد إعجاب، فأصبحت اللغة العربية هي اللغة المسيطرة والرئيسية في الأندلس والأقاليم المجاورة، فصار أهل هذه البلاد يعبرون بها عن مشاعرهم وعواطفهم، ويقلدون نماذجها المشرقيّة، وينقلون الكتب الأدبيّة إلى بلادهم حال ظهورها في البلاد المشرقيّة؛ مثل رسالة التوابع والتدوير للجاحظ، وديوان المتنبي وأبي تمام، ورسائل بديع الزمان ومقاماته، ومقامات الحريري، فقد كانت هذه هي المرحلة الأولى من الأدب في الأندلس، وهي مرحلة انتقال الأدب المشرقي إلى المغرب كما هي دون أي تعديل.[٦] بلغت الحياة الأدبيّة أوج ازدهارها في عهد ملوك الطوائف، فقد كان كلّ ملك يجمع حوله عدداً من الأدباء والشعراء للتفاخر ومنافسة من حوله من الملوك والسلاطين، فظهرت أسواق النثر والشعر وتعددت هذه الأسواق، وصار الكتاب يبتدعون أساليب جديدة لإظهار مواهبهم، فألّف ابن شهيد رسالة التوابع والزوابع وهي رحلة للشاعر في عالم الجن وقد تأثر بالمقامة الإبليسية لأبي بديع الزماني، كما كان الاثنان مصدرا إلهامٍ لأبي العلاء المعري في رسالة الغفران، أما ابن زيدون فكانت له رسالتان جدية وهزلية بعث من سجنه بالأولى لأبي الحزم بن جهور أيام الفتنة يعاتبه ويستعطفه ويدافع عن نفسه مما اتهم فيه، أما الرسالة الثانية فقد بعث بها إلى الوزير عامر بن عبدوس على لسان ولّادة بنت المستكفي يتهكم عليه ويهجوه فهو عدوه الذي ينافسه في حب ولّادة، وقد بالغ ملوك الطوائف في تكريم الشعراء وبذل المكافآت والجوائز لهم مما جعلهم يتنافسون في مدحهم فبرزت مواهبهم وأبدعوا، فنهض الشعر وازدهر إلى أقصى حدٍ ولم يقتصر قول الشعر على فئة الشعراء فحسب بل عمّ حتى طال كافة طبقات المجتمع الأندلسيّ.[٦] علاقة ابن زيدون بالخلفاء عاش ابن زيدون في عصر ملوك الطوائف الذي ضعُفت فيه قوّة دولة الأندلس وتشتت وتقلصت، فبعد سقوط الدولة الأموية نتيجة ضعفها وانحلالها قامت على أنقاضها دويلات منها قرطبة التي تولى إمارتها أبو الحزم ابن جهور، فكان ابن زيدون من وزرائه المقربين، ثمّ أوقع بينهما الوشاة فتغيرت العلاقة وذهب الودّ فقام ابن جهور بسجنه لكنّه استطاع الفرار من السجن بعد أن مكث فيه سنةً ونصف، ثمّ لجأ إلى ولي عهد ابن جهور، وأدخله بوساطةٍ بينه وبين ابن جهور فعفى عنه، وبعد أن توفي الأمير أبو الحزم سنة 435هـ تولى ابنه أبو الوليد الإمارة فكان ابن زيدون صديقاً مقرباً له فولاه وزارةً لكنه سرعان ما عزله بعد أن أصغى إلى الوشاةِ من أعداء الشاعر ومنافسيه، ثمّ عاد ورضي عنه بعد عدة أعوام لكن ابن زيدون هجر الأمير وانتقل إلى إشبيلية حيث بنو عباد.[٧] بعد وفاة أبو القاسم بن عباد الذي حكم إشبيلية منذ عام (414هـ) حتى عام (433هـ) تولى الحكم ابنه المعتضد بن عباد، وكان شاعراً يحب الشعر، فاجتمع في بلاطه عدد كبير من الشعراء كان ابن زيدون زعيمهم، فأصبح صديقاً للأمير وولاه وزارته، ولما توفي المعتضد سنة 461هـ تولى بعده ابنه المعتمد وكان من أصدقاء ابن زيدون فأبقى عليه في منصبه، واستطاع الأمير فتح قرطبة وقد ساعده ابن زيدون في ذلك بحنكته السياسية، هذا وقد كان لكلّ الأحداث التي حصلت حينها في البيئة التي نشأ فيها ابن زيدون أثر واضح في شعره مما جعله يتربع على عرش زعامة الشعر بلا منافس.[٧] رسائل ابن زيدون الرسائل الهزليّة كتب ابن زيدون رسالةً هزليّة وهو في سجنه كما سبق وذكر، نقلتها ولاّدة على لسانها إلى ابن عبدوس الذي كان ينافسه على حبها، وقد جاء في هذه الرسالة هجاءٌ وتشفٍّ وسخط وحقد أظهرت قوة وبأس نفس ابن زيدون الذي تأثر فيها برسالة التربيع والتدوير للجاحظ، وقد شرح هذه الرسالة الأديب ابن نباتة سنة 768هـ في كتاب سماه: (سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون).[١] الرسائل الجديّة الرسالة الجدية هي رسالة أرسلها ابن زيدون إلى حاكم قرطبة ابن جهور بعد سقوط الخلافة الأموية في الأندلس سنة 422هـ، طالباً الرحمة منه مستعطفاً إيّاه ليطلق صراحه من السجن الذي وضعه فيه ظلماً نتيجة الدسائس والمؤامرات، وقد أجمع القدماء والمعاصرون على أنّ هذه الرسالة تعتبر من أهم الرسائل الأدبية في تاريخ الأدب العربيّ، لذا لاقت الكثير من التقدير والاهتمام قديماً وحديثاً، ومن مظاهر تقدير الأقدمين لها أنّ بعض الأدباء اقتدى بها وقلدها مثل، محمد بن نصر القيسراني الذي استفاد منها من الناحية الشكلية وليس من ناحية المقاصد، في تأليف ظلامة أبي تمام، كما قلّد هذه الرسالة محي الدين بن ظاهر، وصلاح الدين الصفدي، ومن مظاهر الاهتمام بتلك الرسالة أيضاً قديماً وحديثاً ترجمتها إلى بعض اللغات وكثرة الشارحين لها، هذا ولم تزل تلك الرسالة محطّ اهتمام للدارسين حتى الآن.[٨] شعر ابن زيدون كتب ابن زيدون الكثير من قصائد المدائح في أبي الحزم بن جهور، وأبي الوليد، وفي المعتضد، وابنه المعتمد، كما مدح بعض أمراء الطوائف، وكتب الرثاء في أبي جهور وفي المعتضد وبعض أبناء الخاصة، ولا يوجد في مدح ابن زيدون ورثائه تجديداً إذ كان يتناول المعاني المتداولة عند القدماء، مثل صفات الكرم والشجاعة والتقوى وجميع المعاني المعروفة عند شعراء المشرق، كما يمتاز شعره بالمبالغة في اللفظ والمعنى مقلداً في ذلك القدامى، أما شعره في الغزل فهو مرتبطٌ بولاّدة التي أحبها وهام في عشقها، وهو من نوع الغزل الصادق الذي ينبع عاطفة وحنيناً، وشكوى وعتاباً وألماً، ويبدو فيه ساخطاً على الوشاة حاقداً على الدهر.[٥] يمتاز شعر ابن زيدون بشكل عام بالمبالغة بهدف التأثير في السامع لتحريك مشاعره، كما يظهر في شعره تأثره بالقديم بالرغم من أنّه عاش في بيئة تختلف عن تلك التي عاش فيها المشارقة، وقد سُمي ابن زيدون كما قلنا ببحتري المغرب لسببين، أولهما طول النفس، فقد جاءت قصائده في المدح والغزل طويلةً، وثانيهما كثرة الزخارف الشعرية والصور البيانية والمحسّنات البديعية، فجاء شعره شبيهاً بشعر البحتري، ورغم تأثر ابن زيدون بالمشارقة إلا أنّه ظلّ محتفظاً بشخصيته المميزة في شعره واهتمامه بإبراز ذاته في أعماله الشعرية.[٥] الأغراض الشعريّة لابن زيدون كان لابن زيدون في حياته ثلاث تجارب أثرت في تنوّع شعره بشكل عميق، والتي عُدّت مصدراً لإلهام ابن زيدون في كلّ المواضيع التي عبّر عنها، أما التجربة الأولى فقد تمثلت بهيامه لولاّدة بنت المستكفي، وأما الثانية فقد حدثت عند سجنه في عهد أبي الحزم بن جهور، إذ نتجت من معاناته في السجن العديد من الأبيات الشعرية التي كانت تتمحور حول العتاب والاستعطاف، أما التجربة الثالثة فقد حصلت معه حين كان قريبًا من الحكام بصفته وزيراً وسفيراً في الدولة، فمكانة ابن زيدون تلك جعلته ينظم أشعار المديح لأولي الأمر، والهجاء لأعدائه، كما اعتُبرت مصدراً لإخوانياته ومداعباته، ولما كتبه من قصائد الوصف، وفيما يأتي شرح للأغراض الشعرية لابن زيدون مع ذكر بعض الأمثلة على قصائده:[٩] الغزل: كان لعشق ابن زيدون لولادة، وحبه الشديد لها وتعلق قلبه وأحاسيسه بها، دور كبير في إشعال نفسه وإكسابها شاعرية خصبة، لذا ترجمت ما في صدره من مكنون الحب والوفاء إلى شعرٍ عذبٍ وإبداعٍ لا حدود له في شعر الغزل، فتنوعت أشعاره ما بين الشكوى والحنين والعتاب والهجر وما إلى ذلك مما تفيض به نفس الشاعر العاشق من مشاعر. الشكوى: للشكوى النصيب الأكبر من قصائد الغزل في شعر ابن زيدون، والتي امتازت مثل باقي أشعاره بالسهولة والعذوبة والموسيقى والمشاعر الغزيرة، فيقول في إحداها: كم ذا أُريدُ وَلاَ أُرادُ؟ يا سوء ما لقِيَ الفؤادُ العتاب: أما العتاب فيحتل المرتبة الثانية في شعر ابن زيدون ويقول في إحدى قصائده: أيوحشني الزمان وأنت أنسي ويظلم لي النهارُ وأنت شمسي الحنين والشوق: تفيض قصائد الحنين والشوق في شعر ابن زيدون حباً وحنيناً، ويقول في إحداها: متى أبثّكِ ما بي يا راحتي وعذابي متى ينوبُ لساني في شرحه عن كتابي الهجر: إنّ قصائد الهجر في شعر ابن زيدون مرتبطة بحبيبته ولادة، فمعظمها تتحدث عن هجرها له، فيقول في إحداها: يا نازحًا وضميرُ القلب مثواهُ أنسَتْكَ دنياك عبدًا أنت دنياهُ الفراق: يقول ابن زيدون في الفراق: لحا اللهُ يومًا لستُ فيه بملتقِ مُحيَّاكَ مِن أجل النَّوى والتَّفرُّقِ وكيف يطيبُ العيشُ دُون مسرةٍ؟ وأيُّ سُرورٍ للكئيب المؤرَّق الاعتذار: يوجد مقطعة واحدة في الاعتذار في ديوان ابن زيدون يعتذر فيها لحبيبته بسبب ضربه لها فيقول فيها: إن تكن نالتكِ بالضرب يدي وأصابتك بما لم أُرِد فلقد كُنتُ -لعمري- فاديًا لك با لمال وبعض الولد الوصال: تناول ابن زيدون لذّة الوصال في مقطعة قال فيها: سري وجهري أنني هائمُ قام بك العذرُ فلا لائمُ البكاء: قصيدة (أضحى التنائي) هي من أشهر البكائيات في الشعر العربي، وهي التي جعلته أشهر شعراء الغزل في عصره، وفيها يذوب أساً وألماً على فراق ولادة وحبل الوصال الذي قُطع بينه وبينها، وقد استهلها بقوله: أضحى التنائي بديلاً من تدانينا وناب عن طيب لقيانا تجافينا المديح: أبدع ابن زيدون في قصائد المدح التي وجهها إلى ابن جهور وابن عباد وغيرهم من الملوك والأمراء، كقوله: ونهجك سبل الرُّشدِ في قمع منْ غوى وعدْلك في استئصال مَن جار واعتدى الإخوانيات: إنّ قصائد الإخوانيات عند ابن زيدون متنوعة المواضيع، فمنها ما هو عتاب ومنها ما هو اعتذار، أو طلب استشفاع أو شكر، ومنها ما هو دعابة، كقوله ممازحاً أبا عبد الله البطليوسي: أصِخْ لمقالتي.. واسمعْ وخذ فيما ترى.. أو دع وأَقْصِرْ بعدها أو زِدْ وطِرْ في إثرها أو قَع الرثاء: تعددت قصائد ابن زيدون في الرثاء، فمنها ما هو رثاءٌ خالص ومنها ما خالطه المديح كقوله: هو الدهرُ فاصبر للذي أحدث الدهرُ فمن شيم الأبرار -في مثلها- الصبرُ الحبسيات: تنوعت مواضيع الحبسيات في شعر ابن زيدون كذلك، فمنها الغزل والمديح والحنين، والتي جمعها مع بعضها موضوع أساسي، ألا وهو سجنه ومعاناته فيه ورغبته الملحّة في الخروج منه، وهذه إحدى قصائد السجن التي استهلها بالغزل: ما جال بعدكِ لحظي في سنا القمر إلا ذكرتُك ذِكْر العين بالأثر الوصف: إنّ جميع قصائد ابن زيدون احتوت على الوصف، فهو يصف الحبيبة ويصف حاله معها، ويصف الخمر، ويصف الممدوح، لكن أيضاً توجد له قصائد تختص بالوصف وحده كقوله في وصف نزول المطر على شاطئ النهر: كأنّا عشيَّ القطر في شاطئ النهر وقد زهرت فيه الأزاهر كالزُّهر الخمريات: يوجد لابن زيدون ثلاث مقطعات فقط في الخمريات، فقد بدأ حياة القصور في بلاط ابن جهور الذي لم يكن ممن يتعاطون الخمر، كما أنّ انشغال الشاعر بهمومه الخاصة صرفته عن حياة اللهو والترف خاصةً بعد هجر حبيبته له، فيقول ابن زيدون واصفاً ليلة من ليالي الأنس والبهجة في حدائق إشبيلية وهو يشرب الخمر مع أصحابه: وليلٍ أَدْمنا فيه شُرْبَ مدامةٍ إلى أن بدا للصبح -في الليل- تأشيرُ وجاءت نجوم الصبح تضربُ في الدُّوجى فولت نجومُ الليل والليلُ مقهور الحنين إلى الوطن: لم يكتب ابن زيدون في الحنين إلى الوطن سوى أرجوزة واحدة وهو في مدينة بطليوس جاء فيها: يا دمعُ صُب ما شئت تَصُوبا ويا فُؤادي آنَ أنْ تذوبا إذِ الرزايا أصبحت ضروبا المطيرات: هو فن ابتكره ابن زيدون وهو نوع من النظم يقوم على الألغاز والأحاجي التي تدور حول أنواع الطيور، ويكون في القصيدة بيت أو بيتين فيهما مفتاح اللغز، حيث يدل كل حرف على طير من الطيور، وعلى الشاعر الآخر أن يرد بقصيدة يذكر فيها البيت المجهول الذي يحتوي على حل اللغز، لكن يبدو أن هذا النوع من الشعر لم يستهوي الشعراء لذا مات بموت ابن زيدون. ابن زيدون وولاّدة بنت المستكفي يعود نسب ولّادة ابنة المستكفي إلى بيت أموي عريق، فوالدها هو الخليفة المستكفي بالله الذي أجمع المؤرخون على أنّه كان منغمساً في الملذات ومشهوراً بالبطالة وشرب الخمر، فكان توليه أمر المسلمين في قرطبة نقمة عليهم، وقد تزوج من أمةٍ مسيحيةٍ حبشيةٍ قيل إنّها أم ولاّدة، وعلى الرغم من عظمة أجداد ولاّدة إلا أنها كانت قد اكتسبت بعض صفات والديها.[٣] عشق ابن زيدون في شبابه ولّادة وشغفته حباً أيام خدمته لبني جهور، وتوثقت علاقته بها مدةً من الزمن ونظم في حبها مجموعة من القصائد الرائعة، ثمّ ساءت العلاقة بينهما وهجرته ولادة فنظم قصائد مؤثرةً يستعطفها بها، وكان ينافسه في حبها ابن عبدوس الذي تزوجته فيما بعد، وقد كانت ولّادة سيدة عصرها وكانت أديبةً وشاعرةً واثقة من نفسها لدرجة الغرور، فطرزت بالذهب على ثوبها هذين البيتين:[١٠] أنا والله أصلُح للمعال وأمشي مشيتي وأتيه تيها وأمكِّنُ عاشقي من َصحنِ خدّي وأُعطي قُبلتي من يَشتهيها أحبت ولادة الوزير ابن زيدون أولاً، ثمّ انصرفت عن حبّه إلى حبّ الوزير أبي عامر ابن عبدوس، وكان يلقّب بالفأر، وفي هذا يقول ابن زيدون: أكرِم بولاّدةَ علقاً لمعتلقٍ لو فرقت بين بيطارٍ وعطارِ قالوا أبو عامرٍ أضحى يلمُ بها قلت الفراشةَ قد تدنو من النارِ نونيّة ابن زيدون مناسبة القصيدة كتب ابن زيدون هذه القصيدة لولاّدة بعد هروبه من السجن وأرسلها إليها يرجوها أن تحفظ الود وتظل على العهد، فتذكر أيام الوصال بينهما وتحسر عليها، وقد استخدم الشاعر في هذه القصيدة ألفاظاً معبرة عن حبه وعاطفته النبيلة، كما اختار الصور البيانية بمهارةٍ لتعبر عن الأحوال النفسية التي عاشها، واستخدم فيها مُحسنات اللفظ والمعنى بكلّ إبداع فجاءت مناسبةً لعواطفه وأحاسيسه.[١١] نظم ابن زيدون نونيته على وزن (بحر الكامل) الذي يعد من أهم البحورالعربية لكثرةِ النظم فيه، والذي يمتاز بجرسٍ واضحٍ ينبعث من هذه الحركات الكثيرة الواضحة، وهو مناسب لقصيدة ابن زيدون التي تحتاج مساحة من الزمن للتعبير عن معانيها، أما القافية فهي مردوفة مطلقة وحرف الروي هو النون، وهو شبيه بروي معلقة ابن كلثوم التي مطلعها: ألا هبّي بصحنكِ فأصبحينا ولا تُبقي خُموَر الأندرينا هذا ومع اختلاف غرضي القصيدة، فقصيدة عمرو في الفخر والحماسة وقصيدة ابن زيدون في الغزل.[١٢] الأسلوب المستخدم في القصيدة بنى ابن زيدون قصيدته هذه بأسلوب جميلٍ رقيقٍ وهادئ مختومة بحرف النون الذي من مميزاته أنّه يعطي في الوقف نبرة حزنٍ مع جرسٍ مصحوبٍ بالحنين، كما أنّه من الحروف الذلاقة، وله جرس لطيف ونغم موسيقيٌّ عذب في ترتيب القوافي.[١٢] رأي النقاد في القصيدة تحدث النقاد كثيرًا عن هذه القصيدة، فمنهم من مدحها ومنهم من ذمها، لكن من المؤكد أنّها من أروع قصائد الغزل الوجداني، ومما يطلق عليه السهل الممتنع، حيث لا يصعب لمن سمع الشطر الأول أن يكمل الشطر الثاني، من خلال الجناس والطباق اللذين زادا القصيدة روعة على روعة، إضافةً إلى الألفاظ المتضادة.[١٢] ألفاظ القصيدة استخدم ابن زيدون في قصيدته ألفاظاً ذات جرسٍ رنانٍ هادئ لتعبر بصدق عن موضوعها، ولكنها في نفس الوقت ألفاظ جزيلة متينة، كما أنّ لغتها مثل لغة قصائد الشعراء السابقين، لكنّ كثيراً من النقاد انتقد تكرار ابن زيدون للمعاني مع اختلاف الألفاظ.[١٢] هذه بعض الأبيات من هذه القصيدة:[١٣] أَضحى التَنائي بَديلاً مِن تَدانينا وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا أَلّا وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ صَبَّحَنا حَينٌ فَقامَ بِنا لِلحَينِ ناعينا مَن مُبلِغُ المُلبِسينا بِاِنتِزاحِهِمُ حُزناً مَعَ الدَهرِ لا يَبلى وَيُبلينا وفاة ابن زيدون بعد أن هرب ابن زيدون من السجن اتصل بوالي إشبيلية المعتضد، فعاش في كنفه، وولاه وزارة وفوض إليه شؤون مملكته، وظل في بلاطه في إشبيلية معززاً مكرماً حتى توفي المعتضد وتولى ابنه المعتمد على الله الحكم، فظل إلى جانبه ومات في أيام حكمه في صدر رجب سنة ثلاث وستين وأربعمئة بمدينة إشبيلية ودفن بها، وقال ابن بشكوال إنّه توفي سنة خمس وأربع مائة، وكانت وفاته بالبيرة وسيق إلى قرطبة ودُفن بها رحمه الله.[١٠]

ابن زمرك

أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد الصريحي (733 هـ - 793 هـ / 1333 - 1392 م) المعروف بابن زمرك من كبار الشعراء والكتّاب في الأندلس، وكان وزيرًا لبني الأحمر ،ولد بروض البيازين بغرناطة وتتلمذ على يد لسان الدين بن الخطيب . وزير من كبار الشعراء والكتاب في الأندلس. أصله من شرقيها، ومولده بروض البيازين (بغرناطة) تتلمذ للسان الدين بن الخطيب وغيره، وترقى في الأعمال الكتابية إلى أن جعله صاحب غرناطة (الغني بالله) كاتم سره، سنة 773هـ، ثم المتصرف برسالته وحجابته. ونكب مدة، وأعيد إلى مكانته، فأساء إلى بعض رجال الدولة، فختمت حياته بأن بعث إليه ولي أمره من قتله في داره وهو رافع يديه بالمصحف. وقتل من وجد معه من خدامه وبنيه. وكان قد سعى في أستاذه لسان الدين بن الخطيب حتى قتل خنقاً، فلقي جزاء عمله. وقد جمع السلطان ابن الأحمر شعر ابن زمرك وموشحاته في مجلد ضخم سماه (البقية والمدرك من كلام ابن زمرك) رآه المقري في المغرب ونقل كثيراً منه في نفح الطيب وأزهار الرياض. وقال ابن القاضي: كان حياً سنة 792 ذكر في الكوكب الوقاد فيمن دفن بسبتة من العلماء والزهاد. ترقى في الأعمال الكتابية إلى أن جعله صاحب غرناطة الغني بالله أمين سره عام 773 هـ. ثم عينه متصرفا برسالته وحجابته. نكب مدة، وأعيد إلى مكانته . أساء إلى بعض رجال الدولة، فبعث إليه حاكمه من قتله في داره، وقد قتل من وجد معه من خدامه وبنيه، وكان قد حرض على أستاذه لسان الدين بن الخطيب حتى قتل ابن الخطيب خنقًا. جمع السلطان ابن الأحمر شعر ابن زمرك وموشحاته في مجلد ضخم سماه البقية والمدرك من كلام ابن زمرك، كتب عنةالمقري ونقل كثيراً منه في نفح الطيب وأزهار الرياض. لمن قبةٌ حمراء مُدْ نُضارُها تطابق منها أرضُها وسماؤُها وما أرضها إلا خزائنُ رحمةٍ وما قد سما من فوق ذاك غطاؤُها وقد شبّه الرحمن خلقتنا به وحسبُك فخراً بان منه اعتلاؤُها ومعروشةِ الأرجاء مفروشةٍ بها صنوفٌ من النعماء منها وطاؤُها ترى الطير في أجوافها قد تصفّفت على نعم عند الإله كفاؤُها ونسبتها صنهاجة غير أنها تُقَصِّرُ عمَّا قد حوى خلفاؤها حبتني بها دون العبيد خلافةٌ على الله في يوم الجزاء جزاؤها على الطائر الميمون والطالع السعد أتتني مع الصنع الجميل على وعدِ وأحييت يا يحيى بها نفس مغرم يجيل جيادَ الدمع في ملعب السعدِ نسيتُ وما أنسى وفائي وخلتي وأقفر ربع القلب إلاّ من الوجد وما الطلُّ في ثغرٍ من الزهر باسم بأزكى وأصفى من ثنائي ومن وُدِّي فأصدقتها من بحر فكري جواهراً تنظّم من در الدراريّ في عقدِ وكنتُ أطيلُ القولَ إلاَّ ضرورةً دعتني إلى الإيجاز في سورة الحمدِ نفسي الفداء لشادن مهما خطرْ فالقلب من سهم الجفون على خطرْ فضح الغزالة والأقاحة والقنا مهما تثنَى أو تبسّم أو نظرْ عجباً لليل ذوائبِ من شعرهِ والوجه يُسفر عنْ صباح قد سفرْ عجباً بعِقدِ الثغر منه منظماً والعِقد من دمعي عليه قد انتثرْ ما رمتُ أن أجني الأَقاحَ بثغره إلاّ وقد سلَّ السيوف من الحورْ لم أنسَهُ ليلَ ارتقاب هلاله والقلب من شك الظهور على غَررْ بتنا نراقبه بأول ليلةٍ فإِذا به قد لاح في نصف الشهرْ طالعته في روضة كخلاله والطيب من هذي وتلك قد اشتهرْ وكلاهما يُبدي محاسن جمة مِلْءَ التنسّم والمسامع والبصرْ والكأسُ تطلع شمسها في خدِّهِ فتكادُ تُعشي بالأشعة والنظرْ نورية كجبينة وكلاهما يجلو ظلامَ الليل بالوجه الأغرْ هي نسخة للشيخ فيها نسبة ما إن يزالا يرعشان من الكبرْ أفرغتَ في جسم الزجاجة روحها فرأيتُ روح الأنس فيها قد بهرْ لا تسقِ غير الروض فضلة كأسها فالغصن في ذيل الأزاهر قد عثرْ ما هبَ خفاق النسيم مع السحرْ إلا وقد شاق النفوس وقد سحرْ ناجى القولبَ الخافقات كمثله ووشى بما تخفي الكِمام مع الزهرْ وروى عبد الضحاك عن زَهر الربُّى ما أسند الزهري عنه عن مطرْ وتحملت عنه حديث صحيحه رُسُلُ النسيم وصدّق الخُبُرُ الخَبَرْ يا قصر شنّيل وربعك آهلٌ والروض منك على الجمال قد اقتصرْ لله بحرك والصِّبا قد سرَّدْتْ منه دروعاً تحت أعلام الشجرْ والآس حفَّ غداره من حوله عن كلِّ من يهوى العِذارَ قد اعتذرْ قَبِّلْ بثغر الزهر كفَّ خليفة يُغنيك صوبُ الجود منه عن المطرْ وافرشْ خدود الورد تحت نعاله واجعل بها لون المضاعف عبد خفرْ وانظمْ غناء الطير فيه مدائحاً وانثر من الزهر الدراهم والدررْ المنتقى من جوهر الشرف الذي في مدحه قد أنزلت آيُ السورْ والمجتبى من عنصر النور الذي في مطلع الهَدي المقدس قد ظهرْ ذو سطوة مهما كفى ذو رحمة مهما عفا ذو عفة مهما قدرْ كم سائل للدهر أقسمَ قائلاً والله ما أيامُهُ إلا غُرَرْ مولايَ سعدك كالمهنّد في الوغى لم يُبق من رسم الضلال ولم يَذَرْ مولاي وجهُك والصباحُ تشابها وكلاهما في الخافقين قد اشتهرْ إن الملوك كواكبٌ أخفيتها وطلعت وَحْدَك في مظاهرها قمرْ في كل يوم من زمانك موسمٌ في طَيّهِ للخلق أعيادٌ كُبَرْ فاستقبل الأيام يندَى روضها ويرف والنصر العزيز له ثمرْ قد ذهَبتْ منها العشايا ضعف ما قد فضَّضَتْ منها المحاسن في السحرْ يا ابن الذين إذا تُعَدُّ خلالهم نفِدَ الحسابُ وأعجزت منها القدرْ إن أوردوا هِيمَ السيوف غدائراً مصقولةٌ فلطالما حَمِدُوا الصِّدَرْ سائلْ ببدرٍ عنهمُ بدرَ الهدى فبهم على حزب الضلال قد انتصرْ واسألْ مواقفهم بكل مشهّر واقرَ المغازي في الصحيح وفي السِّيَرْ تجد الثناء ببأسهم وبجودهم في مصحف الوحي المنزل مُستطرْ فبمثل هديك فلتُنِزْ شمس الضحى وبمثل قومِكَ فليفاخر من فَخَرْ ماذا أقول وكل وصف معجزٌ والقول فيك مع الإطالة مختصرْ تلك المناقب كالثواقب في العلا من رامها بالحصْرِ أدركه الحَصَرْ إن غاب عبدُك عن حماك فإنه بالقلب في تلك المشاهد قد حضرْ فاذْكُرْهُ إن الذكرَ منك سعادةٌ وبها على كل النام قد افتخرْ ورضاك عنه غايةٌ ما بعدها إلا رضى الله الذي ابتدع البشرْ فاشكر صنيع الله فيك فإنه سبحانه ضمن المزيد لمن شكرْ وعليك من رَوْح الإله تحيةٌ تهفو إليك مع الأصائل والبُكَرْ

ابن دراج القسطلي

ولد أبو عمر أحمد بن محمد بن العاصي بن أحمد بن سليمان بن عيسى بن درّاج القسطلي في المحرم 347 هـ في قرطبة لأسرة أصولها من بربر صنهاجة كانت تسكن قرية «قسطلة دراج» غرب الأندلس. قال عنه الثعالبي في يتيمة الدهر: «هو بالصقع الأندلسي، كالمتنبي في صقع الشام.» أورد ابن بسام الشنتريني في كتابه «الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة» نماذجًا من رسائله وشعره، ولابن دراج ديوان شعر مطبوع. توفي ابن دراج القسطلي في 16 جمادى الآخرة 421 هـ. لَكَ اللهُ بِالنَّصْرِ العزيزِ كَفيلُ أَجَدَّ مُقامٌ أَم أَجدَّ رَحيلُ هوَ الفتحُ أَمَّا يَومُهُ فَمُعَجَّلٌ إليكَ وَأَمَّا صُنعُهُ فَجزِيلُ وآياتُ نصرٍ مَا تزالُ وَلَمْ تزَلْ بهنَّ عماياتُ الضَّلالِ تَزولُ سيوفٌ تنيرُ الحقَّ أنَّى انْتَضَيْتَها وخيلٌ يجولُ النصرُ حَيْثُ تَجولُ أَلا فِي سبيلِ اللهِ غزوُكَ من غَوى وَضلَّ بِهِ فِي النَّاكثينَ سَبِيلُ لئِنْ صَدِئَتْ أَلبابُ قومٍ بمكرِهِمْ فسيفُ الهدى فِي راحَتَيْكَ صَقيلُ فَإِنْ يَحْيَ فيهم بَغْيُ جالُوتَ جَدِّهِمْ فَأَحجارُ دَاودٍ لَديْكَ مُثُولُ هُدىً وَتُقىً يُودِي الظلامُ لَدَيْهِما وحقٌّ بدفعِ المُبْطِلينَ كَفيلُ بجمعٍ لَهُ من قائدِ النصرِ عاجِلٌ إِلَيْهِ ومن حَقِّ اليقينِ دَليلُ تحمَّلَ منه البحرُ بحراً من القَنَا يروعُ بِهَا أَمواجَهُ وَيَهُولُ بِكُلِّ مَعَالاةِ الشِّرَاعِ كَأَنَّها وَقَدْ حملَتْ أُسْدَ الحَقائِقِ غِيلُ إِذا سَابَقَتْ شَأْوَ الرِّيَاحِ تخَيَّلَتْ خيولاً مدى فُرْسَانِهِنَّ خُيُولُ سحائبُ تزجيها الرياح فإِنْ وَفَتْ أَنافَتْ بِأَجْيَادِ النعامِ فُيُولُ ظباءُ سِمَامٍ مَا لَهُنَّ مَفَاحِصٌ وزُرْقُ حَمامٍ مَا لَهُنَّ هَدِيلُ سَوَاكِنُ فِي أَوْطانهنَّ كَأَنْ سَمَا بِهَا الموجُ حَيْثُ الرَّاسِيَاتُ تَزُولُ كما رفع الآلُ الهوادجَ بالضُّحى غَداةَ استَقَلَّتْ بالخليطِ حُمُولُ أَراقِمُ تَقْرِي ناقعَ السّمِّ مَا لَهَا بما حَملت دون الغواة مقيلُ إِذا نَفَثَتْ فِي زوْرِ زِيري حُماتَها فَوَيْلٌ لَهُ من نَكْزِها وأَليلُ هنالك يَبْلُو مرتعَ المكْرِ أَنَّهُ وخِيمٌ عَلَى نفس الكَفُورِ وَبِيلُ كَتائبُ تعتامُ النفاقَ كَأَنَّها شآبيبُ فِي أَوطانه وَسُيُولُ بكُلِّ فتىً عارِي الأَشَاجِع مَا لَهُ سِوَى الموت فِي حَمْيِ الوطيسِ مَثِيلُ خفيفٌ عَلَى ظهرِ الجواد إِذَا عدا ولكن عَلَى صَدْرِ الكَمِيِّ ثقيلُ وجرداءَ لَمْ تبخل يداها بغايةٍ ولا كَرُّها نحو الطعان بخيلُ لها من خوافي لَقْوَةِ الجَوِّ أَرْبَعٌ وَكَشحانِ من ظبي الفَلا وَتَلِيلُ وَبيضٍ تَرَكْنَ الشِّرْكَ فِي كل مُنْتَأىً فُلُولاً وَمَا أَزرى بهنَّ فُلُولُ تمورُ دماءُ الكُفرِ فِي شَفَراتِها ويرجعُ عنها الطرفُ وهوَ كليلُ وأَسمرَ ظمآنِ الكعوبِ كَأَنَّما بِهِنَّ إِلَى شُرْبِ الدماءِ غليلُ إِذا مَا هوى للطعنِ أَيقنتَ أَنه لصرف الرَّدَى نحو النفوس رسولُ وَحنَّانَةِ الأَوتَارِ فِي كلِّ مهجةٍ لعاصيكَ أَوْتَارٌ لَهَا وَذُحُولُ إِذا نَبْعُها عنها أَرَنَّ فإنما صداه نحيبٌ فِي العدى وعويلُ كَتائبُ عِزُّ النصرِ فِي جَنَبَاتِها فكلُّ عزيزٍ يمَّمَتْهُ ذليلُ يُسَيِّرُها فِي البرِّ والبحر قائدٌ يسيرٌ عَلَيْهِ الخطبُ وَهْوَ جليلُ جوادٌ لَهُ من بهجة العزِّ غُرَّةٌ ومن شِيَمِ الفضلِ المبينِ حُجولُ به أَمِنَ الإسلامُ شرقاً ومغرباً وغالت غواياتِ الضلالةِ غُولُ يَصُولُ بسيفِ اللهِ عَنَّا وإنما بِهِ السيف فِي ضَنْكِ المقام يصولُ حُسامٌ لداءِ المكر والغدر حاسمٌ وظلٌّ عَلَى الدين الحنيف ظليلُ إِذا انْشَقَّ ليلُ الحربِ عن صُبحِ وجههِ فقد آن من يوم الضلالِ أَصيلُ كَريمُ التأَنِّي فِي عِقَابِ جُنَاتِهِ وَلَكِنْ إِلَى صوت الصَّرِيخ عَجُولُ لِيَزْهُ بِهِ بحرٌ كَأَنَّ مُدُودَدُ نوافلُ من معروفه وفضُولُ ويا رُبَّ نجمٍ في الدُّجى وَدَّ أَنَّه من المركَبِ الحاوي سناه بديلُ تهادت بِهِ أَنفاسُ رَوْحٍ من الصَّبا وَخَدٌّ من البحر الخِضَمِّ أَسيلُ وقد أَوْمَتِ الأَعلامُ نحوَ حُلُولِهِ وحنَّ من الغُرِّ الجياد صهيلُ فجلّى سناه العدْوَتَيْنِ وَبَشَّرَتْ خوافقُ راياتٍ لَهُ وَطبولُ وأَيقنَ باغِي حتفِه أَنَّ أُمَّه وَقَدْ أَمَّهُ الليثُ الهصورُ هَبُولُ فواتحُ عِزٍّ مَا لَهَا دونَ زمزمٍ وَلا دُونَ سَعْي المروتَيْنِ قُفُولُ وهل عائقٌ عنها وكلّ سَنِيَّةٍ إليك تَسَامى أَوْ إليكَ تَؤولُ سيوفٌ عَلَى الجُرْدِ العِتاقِ عَزِيزَةٌ وَأَرْضٌ إِلَى البَيْتِ العَتيقِ ذَلُولُ فقد أَذِنتْ تِلْكَ الفِجَاجُ وَدُمِّثَتْ حُزونٌ لِمَهوَى مَرِّهَا وسُهولُ وقامَ بِهَا عند المقامِ مُبَشِّرٌ وشَامَ سناها شَامَةٌ و طَفِيلُ فيَهنيك يَا منصورُ مبدأُ أَنْعُمٍ عَوائدُه صنعٌ لديكَ جَمِيلُ وفرعان من دوح الثناء نمتهما من المجد فِي التُّرْبِ الزَّكِيِّ أُصولُ عقيبان بَيْنَ الحربِ وَالمُلْكِ دولة وعزٌّ مُدَالٌ منهما ومُديلُ مليكانِ عَمَّ السّلمَ والحربَ منهما غِنىً وَغَنَاءٌ مُبْرَمٌ وَسحيلُ وَيَهْنِيكَ شَهْرٌ عند ذي العرش شاهِدٌ بأَنك بَرٌّ بالصيام وَصُولُ فَوُفِّيتَ أَجرَ الصابرين ولا عَدَا مساعِيكَ فَوزٌ عاجلٌ وَقَبُولُ

ابن خيرة المواعيني

أبو القاسم محمّد بن إبراهيم القُرطُبي الإشبيلي يعرف بـابن خِيَرَةَ المواعيني (؟ - 1169م/ 564 هـ) ناثر وشاعر عربي أندلسي من أهل القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الهجري. ولد في قرطبة ونشأ بها ثم سكن إشبيلية وأصبح من أعيانها. عمل كاتبًا في بلاط الموحدين. كان أديبًا ناثرًا ومُتَرَسِّلًا وشاعرًا وناقدًا. وقد برز بكتابه في النقد وهو «ريحان الألباب وريعان الشباب». توفي في مدينة مراكش. هو أبو القاسم محمّد بن إبراهيم القرطبيُّ الإشبيلي، ولد في قرطبة بالدولة الموحدية ثم سكن إشبيلية وأصبح من أعيانها. سنة ولادته غير واضحة. تلقّى على أبو بكر بن العربي وابن أبي الخصال. دخل بلاط الموحدين، فقد كان كاتبًا لِوالي غرناطة أبي سعيد بن عبد المؤمن ثم لأخية أبي حفص عمر بن عبد المؤمن والي إشبيلية. ولمّا جاء أبو يعقوب إلى عرش الموحدين سنة 558 هـ/ 1163 م، أصبح ابنُ خيرةَ كاتبًا له وانتقل إلى مرّاكُش ثم توفي فيها سنة 564 هـ/ 1169 م. في الأدب ونقده كان ابن خيرة أديبًا ناثرًا ومُتَرَسِّلًا وشاعرًا وناقدًا. ولعلّ النقدَ أبرزُ فنونه. له كتاب «ريحان الألباب ورَيَعان الشباب في مراتب الآداب» في النقد الأدبي، جعله سبع مراتب في أبواب متنوّعة هي، 1) مرتبةُ تدريجِ النُمُوّ والارتقاء إلى مراقي السُمو والاعتلاء، 2) مرتبة لُمَع من قانون العربية ونُبَذٍ من الألفاظ اللغوية، 3) مرتبة الإبهام بالمعاريض والكلام المُحتمل التعريض، 4) مرتبة الفصاحة في البلاغة وجامعٌ في لوازم إنشاء الصناعة، 5) مرتبة نظام القريض والتزام ميزان العروض، 6) مرتبة اقتضاب شجرة النسب ومنتهاه من ولد آدم ونوح إلى جذم العرب، 7) مرتبة اختيار الأشعار والأخبار وما يتعلّق بها من مأثور الحديث والآثار، وفيه تاريخ بني أمية وبني العبّاس وفتح الأندلس وذكر ولاتها إلى سنة 559 هـ. أعتمد المواعيني على المشرقيين في آرائه الأدبية والنقدية، خصوصًا كتاب البيان والتبيين للجاحظ. عرض إحسان عباس في كتابه «تاريخ النقد الأدبي عند العرب» آراء ابن المواعيني، وقال عنه «يؤمن المواعيني أن الشاعر المولد يجب ألا يشذّ عن الاجتماع والجماعة، وليس له أن يكسر الشعر ويحتج بأشعار عبيد بن الأبرص ولا أن يزاحف ولا أن يخرم ولا أن يخزم...». وتأثير الشعر في رأي المواعيني إنما يتمّ بسبب التلاؤم بين الموضع ونفسية السامع، كالمدح في حال المفاخرة والمنافرة، والهجاء في حال المنابذة، والنسيب في حال شكوى العاشق، واهتياج شوقه ولوعه. ولا جديد عنده في قسمة الشعراء إلى مطبوع ومثقف متكلف أو في الحديث عن البديعة والروية. أو عن الجزالة الأعرابية والليونة الحضرية. وهو يرى الجمع المتوسط بين الجزالة والرقة. كأنه كان يرجو التوفيق بين المذهبين المتباعدين في الأندلس. لقد صرّح عمر فروخ بهذا أيضًا، وقال: «لعلّ من آراء المواعيني البارزة أنّه كان يُحاول أن يرى الصواب في جودة الشعر اجتماعَ الجَزالة (العربية القديمة) والرقّة (الأندلسية الحديثة) في القصائد كَي يُوَفَّق بينَ آراء النقّاد في الأندلس.» وكذلك فرّق بين الشعر والخطبة بالوزن ووحد بينهما في بعض المعاني. شعره له أشعار متفرقة، قصيدة يمدح بها أبا حفص بن عبد المؤمن، وقصيدة يمدح الزبير بن عمر. ومن شعره في الكلام الحَسَن مكتوبًا بخطِّ جميلِ: يا مَن مَنطَقٌ كالدُّرِّ في نَسَقِ يُزهى به الحِبرُ في وَشيِ من الحَبَر ويُشرِقُ الطِرسُ مَمَشوقًا بأسطُرهِ كأنمّا هُوَ مُشتَقٌّ من الحَوَر مؤلفاته «الأمثال». «الوشاح المفصل». «ريحان الألباب وريعان الشباب». «زاد المعاد في هدي خير العباد». لَك الأنمل السبط أقلامها تغص بِخمْس على سادس فطورا تخط بقرطاسها وطورا تقط طلى الْفَارِس فريحان خطك روض المنى تعلق من خوطه المائس

ابن خفاجة

ابن خَفَاجة (450 ـ 533هـ، 1058 ـ 1138م). إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد الله بن خفاجة الهواري، يُكنى أبا إسحاق. من أعلام الشعراء الأندلسيين في القرنين الخامس والسادس الهجريين. ولد بجزيرة شقْر شرقي الأندلس، وفيها قضى معظم شبابه وشيخوخته، عاش في عصر المرابطين بعد زوال دولة بنى امية والدولة العامرية ودولة بني عباد، أي في عصر قد نضجت اللغة بلغ فيه منتهاه. ركز ابن خفاجة في شعره على وصف الطبيعة وجمالها؛ وراح يبرز الجمال المعنوي في صور مختلفة من الجمال اللفظي وقد وقف عند المناظر الحسية في استيحاء أشعاره ومن شعره قوله: يا أهل الأندلس لله دركم ماء و ظل و أنهار و أشجار ما جنة إلا في دياركم و لو تخيرت هذي كنت أختار إن للجنة بالأندلس تجتلى عين و ريا نفس فسنا صبحتها من شنب و دجا ليلتها من لعس . يا رب ليل فيه معانقي طيف ألم لظبية الوعساء فجمعت بين رضابه و شرابه و شربت من ريق و من صهباء لاعب تلك الريح ذاك اللهب فعاد عين الجد ذاك اللعب و بات في مسرى الصبا يتبعه فهو لها مضطرم مضطرب أُراعي نُجومَ اللَيلِ حُبّاً لِبَدرِهِوَلَستُ كَما ظَنَّ الخَلِيُّ مُنَجِّماوَما راعَني إِلّا تَبَسُّمُ شَيبَةٍنَكَرتُ لَها وَجهَ الفَتاةِ تَجَهُّما كَفاني شَكوى أَن أَرى المَجدَ شاكِيا وَحَسبُ الرَزايا أَن تَراني باكِيا أُداري فُؤاداً يَصدَعُ الصَدرَ زَفرَةً وَرَجعَ أَنينٍ يَحلُبُ الدَمعَ ساجِيا وَكَيفَ أُوارى مِن أُوارٍ وَجَدتُني لَهُ صادِراً عَن مَنهَلِ الماءِ صادِيا وَها أَنا تَلقاني اللَيالي بِمِلئِها خُطوباً وَأَلقى بِالعَويلِ اللَيالِيا وَتَطوي عَلى وَخزِ الأَشافي جَوانِحي تَوالي رَزايا لا تَرى الدَمعَ شافِيا ضَمانٌ عَلَيها أَن تَرى القَلبَ خافِقاً طِوالَ اللَيالي أَو تَرى الطَرفَ دامِيا وَإِنَّ صَفاءَ الوُدِّ وَالعَهدُ بَينَنا لِيَكرَهُ لي أَن أَشرَبَ الماءَ صافِيا وَكَم قَد لَحَتني العاذِلاتُ جَهالَةً وَيَأبى المُعَنّى أَن يُطيعَ اللَواحِيا فَقُلتُ لَها إِنَّ البُكاءَ لَراحَةٌ بِهِ يَشتَفي مَن ظَنَّ أَن لا تَلاقِيا أَلا إِنَّ دَهراً قَد تَقاضى شَبيبَتي وَصَحبي لَدَهرٌ قَد تَقاضى المَرازِيا وَقَد كُنتُ أُهدي المَدحَ وَالدارُ غُربَةٌ فَكَيفَ بِإِهدائي إِلَيهِ المَراثِيا أَأَحبابَنا بِالعَدوَتَينِ صَمَمتُمُ بِحُكمِ اللَيالي أَن تُجيبوا المُنادِيا فَقَيَّدتُ مِن شَكوى وَأَطلَقتُ عَبرَتي وَخَفَّضتُ مِن صَوتي هُنالِكَ شاكِيا وَأَكبَرتُ خَطباً أَن أَرى الصَبرَ بالِياً وَراءَ ظَلامِ اللَيلِ وَالنَجمَ ثاوِيا وَإِن عُطِّلَ النادي بِهِ مِن حِلاكُمُ وَكانَ عَلى عَهدِ التَفاوُضِ حالِيا وَما كانَ أَحلى مُقتَضى ذَلِكَ الجَنى وَأحسَنَ هاتيكَ المَرامي مَرامِيا وَأَندى مُحَيّا ذَلِكَ العَصرِ مَطلَعاً وَأَكرَمَ نادي ذَلِكَ الصَحبِ نادِيا زَمانٌ تَوَلّى بِالمَحاسِنِ عاطِرٌ تَكادُ لَياليهِ تَسيلُ غَوالِيا تَقَضّى وَأَلقى بَينَ جَنبَيَّ لَوعَةً أُباكي بِها أُخرى اللَيالي البَواكِيا كَأَنّي لَم أَنسَ إِلى اللَهوِ لَيلَةً وَلَم أَتَصَفَّح صَفحَةَ الدَهرِ راضِيا وَلَم أَتَلَقَّ الريحَ تَندى عَلى الحَشى شَذاءً وَلَم أَطرَب إِلى الطَيرِ شادِيا وَكانَت تَحايانا عَلى القُربِ وَالنَوى تَطيبُ عَلى مَرِّ اللَيالي تَعاطِيا فَهَل مِن لِقاءٍ مُعرِضٍ أَو تَحِيَّةٍ مَعَ الرَكبِ يَغشى أَو مَعَ الطَيفِ سارِيا فَها أَنا وَالأَرزاءُ تَقرَعُ مَروَةً بِصَدري وَقَلباً بَينَ جَنبَيَّ حانِيا أَحِنُّ إِذا ماعَسعَسَ اللَيلُ حِنَّةً تُذيبُ الحَوايا أَو تَفُضَّ التَراقِيا وَأُرخِصُ أَعلاقَ الدُموعِ صَبابَةً وَعَهدي بِأَعلاقِ الدُموعِ غَوالِيا فَما بِنتُ أَيكٍ بِالعَراءِ مُرِنَّةٌ تُنادي هَديلاً قَد أَضَلَّتهُ نائِيا وَتَندُبُ عَهداً قَد تَقَضّى بِرامَةٍ وَوَكراً بِأَكنافِ المُشَقَّرِ خالِيا بِأَخفَقَ أَحشاءً وَأَنبا حَشِيَّةً وَأَضرَمَ أَنفاساً وَأَندى مَآقِيا فَهَل قائِلٌ عَنّي لِوادٍ بِذي الغَضا تَأَرَّج مَعَ الأَمساءِ حُيّيتَ وادِيا وَعَلِّل بِرَيّا الرَندِ نَفساً عَليلَةً مَعَ الصُبحِ يَندى أَو مَعَ اللَيلِ هادِيا فَكَم شاقَني مِن مَنظَرٍ فيكَ رائِقٍ هَزَزتُ لَهُ مِن مِعطَفِ السُكرِ صاحِيا وَضاحَكَني ثَغرُ الأَقاحِ وَمَبسِمٌ فَلَم أَدرِ أَيُّ بانَ ثُمَّ أَقاحِيا وَدونَ حِلى تِلكَ الشَبيبَةِ شَبيبَةٌ جَلَبتُ بِها غَمّاً وَلَم أَكُ خالِيا وَإِنَّ أَجَدَّ الوَجدِ وَجدٌ بِأَشمَطٍ تَلَدَّدَ يَستَقري الرُسومَ الخَوالِيا وَتَهفو صَبا نَجدٍ بِهِ طيبَ نَفحَةٍ فَيَلقى صَبا نَجدٍ بِما كانَ لاقِيا فَقُل لِلَّيالي الخيفِ هَل مِن مُعَرِّجٍ عَلَينا وَلَو طَيفاً سُقيتَ لَيالِيا وَرَدِّد بِهاتيكَ الأَباطِحِ وَالرُبى تَحِيَّةَ صَبٍّ لَيسَ يَرجو التَلاقِيا فَما أَستَسيغُ الماءَ يَعذُبُ ظامِئاً وَلا أَستَطيبُ الظِلَّ يَبرُدُ ضاحِيا وَلَولا أَمانٍ عَلَّلَتني عَلى النَوى بِلُقيا اِبنِ زَهرٍ ماعَرَفتُ الأَمانِيا أَخو المَجدِ لَم يَعدُل عَنِ النَجدِ نازِلاً بِأَرضٍ وَلَم يَشمَخ مَعَ العِزِّ ثاوِيا تَلوذُ بِرُكنَي حالِقٍ مِنهُ شاهِقٍ فَتَغشى كَريماً حامِلاً عَنكَ حامِيا يُساجِلُ طَوراً كَفُّهُ الغَيثَ غادِياً وَيَحمِلُ طَوراً دِرعُهُ اللَيثَ عادِيا وَتَبأى العُلى مِنهُ بِأَبيَضَ ماجِدٍ يُجَرِّدُ دونَ المَجدِ أَبيَضَ ماضِيا وَيَحطِمُهُ مابَينَ دِرعٍ وَمِغفَرٍ وَإِن كانَ عَضبَ الشَفرَتَينِ يَمانِيا شَريفٌ لِآباءٍ نَمَتهُ شَريفَةٍ يَطولُ العَوالي بَسطَةً وَالمَعالِيا يُسابِقُ أَنفاسَ الرِياحِ سَماحَةً وَيَحمِلُ أَوضاحَ الصَباحِ مَساعِيا إِذا نَحنُ أَثنَينا عَلَيها وَجَدتُنا نُحَلّي صُدوراً لِلعُلى وَهَوادِيا كَفى قَومَهُ عَلياءَ أَن كانَ غايَةً لَهُم وَكَفاهُ أَن يَكونوا مَبادِيا تَبَوَّأَ مِن رَسمِ الوِزارَةِ رُتبَةً تَمَنّى مَراقيها النُجومُ مَراقِيا وَأَحرَزَ في أُخرى اللَيالي فَضائِلاً تُعَدُّ عَلى حُكمِ المَعالي أَوالِيا مَكارِمُ نَستَضحي بِها مِن مُلِمَّةٍ تَنوبُ وَنَستَسقي الغَمامَ غَوادِيا لَقيتُ بِهِ وَاللَيلُ رائِشُ نَبلِهِ أَخا فَهمٍ لايُخطِئُ الرَأيَ رامِيا وَأَروَعَ يَندى لِلطَلاقَةِ صَفحَةً وَيَقدَحُ زَنداً لِلنَباهَةِ وارِيا فَيَجمَعُ بَينَ الماءِ أَبيَضَ سَلسَلاً يَسُحُّ وَبَينَ الجَمرِ أَحمَرَ حامِيا أَحِنُّ إِلَيهِ حَنَّةَ النيبِ هَجَّرَت وَقَد ذَكَرَت ماءَ العُضاهِ صَوادِيا فَيا أَيُّها النائي مَعَ النَجمِ هِمَّةً وَمَرقى خِلالٍ في الوَزارَةِ سامِيا تَرى فَرقَدَ اللَيلِ السُرى مِنهُ ثالِثاً وَتَرعى بِهِ بَدَر الدُجُنَّةِ ثانِيا حَنانَيكَ في ناءٍ شَكا مَسَّ لَوعَةٍ فَسَفَّرَ مِن شَوقٍ إِلَيكَ القَوافِيا وَحَيّا بِها أَذكى مِنَ الرَوضِ نَفحَةً وَأَرهَفَ مِن لَدنِ النَسيمِ حَواشِيا وَقَد نَدَبَت مِن حَيثُ لَم أَدرِ رُقعَةً أُنَمِّقُ أَم دَمعاً أُرَقرِقُ جارِيا وَإِنَّكَ لِلعَذبُ الفُراتُ عَلى الصَدى وَإِن بِنتَ وَالبَرُّ الكَريمُ أَيادِيا شَقيقُ النَدى وَاِبنُ النُهى وَأَبو العُلا وَحَسبُكَ بَيتاً في المَكارِمِ عالِيا

ابن خاتمة

أبو جعفر أحمد بن علي ابن محمد بن خاتمة الأنصاري المريني (بالإسبانية: Ibn Jatima)‏ ولد بمدينة المرية عام (734 هـ- 1333 م) الواقعة جنوب شرق الأندلس، وبها حفظ القرآن الكريم، وقرأ علوم العربية والدين على أساتذة العصر المشهورين ببلده، وتردد منذ صباه على بعض المدن الأندلسية ولا سيما غرناطة العاصمة، وأخذ عن دد من العلماء هناك، توفي في 9 شعبان عام (770 هـ-1369 م)، حيث دفن بمسقط رأسه المرية. وقد درس ببلده أولاً ثم بالمدرسة اليوسفية التي أنشأها السلطان يوسف الأول ابن الأحمر في العاصمة (733 ـ 755 هـ/ 1333 ـ1354 م) من تأليفه الطبية: (تحصيل غرض القاصد في تفصيل المرض الوافد) وضعه سنة 747 هجرية، وقد ظهر في تلك السنة وباء في المرية انتشر في كثير من البلدان سماه الإفرنج الطاعون الأسود. بين ابن الخطيب وابن خاتمة الوزير لسان الدين ابن الخطيب (713 ـ 776 هـ) حينما عقد النية على مغادرة الأندلس، التمس إلى سلطانه الغني بالله محمد الخامس ان يسمح له بالسفر إلى المغرب، ثم إلى الحج ان تيسر له، بعد أن ضاق ذرعا بأحوال المملكة يومئذ، بسبب سعاية الوشاة من حساده ومنافسه، فأثار عزمه هذا جزع الكثيرين من أصدقائه الخواص، وفي مقدمة هؤلاء الكاتب الكبير ابن خاتمة الأنصاري، فكتب إلى ابن الخطيب من المرية رسالة مؤثرة، يحاول فيها أن يثنه عن عزمه، وان يقنعه بضرورة البقاء في وطنه، وفيها يقول مخاطبا إياه: «... وإلى هذا يا سيدي، ومحل تعظيمي وإجلالي، أمتع الله الوجود بطول بقائكم، وضاعف في العز درجات ارتقائكم، فانه من الأمر الذي لم يغب عن رأي المقول، ولا اختلف فيه أرباب المحسوس والمعقول، إنكم بهذه الجزيرة شمس أفقها، وتاج مفرقها، وواسطة سلكها، وطراز ملكها، وقلادة نحرها، وفريدة دهرها، وعقد جيدها المنصوص، وكمال زينتها على المعلوم والمخصوص. ثم انتم مدار أفلاكها، وسر سياسة أملاكها، وترجمان بيانها، ولسان إحسانها، وطبيب مارستانها، والذي عليه عقد إدارتها، وبه قوام إمارتها. فلديه يحل المشكل، واليه يلجأ في الأمر المعضل، فلا غرو أن تتقيد بكم الأسماع والأبصار، وتحدق بكم الأذهان والأفكار» ))، وكان ابن خاتمة قد لاحظ حقا رغبة ابن الخطيب في أن يلقي عصا التسيار بالمغرب، وأنه سيستقر فيه نهائيا حتى ولو ذهب إلى الحرمين ثم أدى الفريضة، لذلك علق ابن خاتمة على رغبة ابن الخطيب في رسالته المشار إليها بقوله: «ومتى توازن الأندلس والمغرب، أو يعوض عنها الا بمكة أو يترب. ما تحت أديمها أشلاء أولياء وعباد، وما فوقه مرابط جهاد، ومعاقد ألوية في سبيل الله ومضارب أوتاد. ثم يبوأ ولده مبوأ أجداده، ويجمع له بين طرافه وتلاده. أعيد أنظاركم المسددة من رأى فائل، ومعنى طويل لم يحل منه بطائل. فحسبكم من هذا الإياب السعيد، والعود الحميد». ثم يقول: «والله قد عوض الدنيا بمحبته، فإذا راجعها مثلي من بعد الفراق، وقد رقى لدغتها الف راق، وجمعتني بها الحجرة، ما الذي تكون الأجرة... إني إلى الله تعالى مهاجر، وللعرض الأدنى هاجر، ولأظعان السرى زاجر». ثم يختتم رسالته بقوله: «.. لكني للحرمين جنحت، وفي جو الشوق إليها سرحت، فقد أفضت إلى طريق قصدي محجته، ونصرتني ـ والمنة لله ـ حجته. وقصد سيدي أسنى قصد، توخاه الشكر والحمد... والآمال ـ والحمد لله ـ بعد تمتار، والله يخلق ما يشاء ويختار. ودعاؤه بظهر الغيب مدد، وعدة وعدد، وبره حالي الظعن والإقامة معتمل معتمد، ومجال المعرفة ـ بفضله ـ لا يحصره أحد. والسلام» )). ويرجع تاريخ هذه الرسالة (الجواب) إلى ثاني عشر شعبان سنة 770 هـ ابن خاتمة والوباء الكبير لقد حل بالأندلس على عصر ابن خاتمة الطاعون الجارف الذي اجتاح المشرق والمغرب على السواء، وتفشى في منطقة البحر الأبيض المتوسط عام 749 ـ 750 هـ (1347 ـ 1348 م) وسقطت جمهرة عظيمة من أهل الاندلس بسببه، في مقدمتهم مشاهير من رجالات السياسة والعلم والأدب، من أمثال الرئيس أبي الحسن علي بن الجياب، والقاضي أحمد بن محمد ابن برطال، الذي توفى في مالقة ليلة الجمعة 5 صفر عام 750 هـ، وخرجت جنازته في اليوم التالي في ركب من الأموات يناهز الالف وينيف بمائتين. واستمر ذلك الوباء مدة. وقد تحدث عن هذا الوباء ـ ضمن من تحدثوا ـ ابن خاتمة الأنصاري، حيث وصف عصف الطاعون بثغر المرية، وذلك في رسالة أسماها تحصيل غرض القاصد، في تفصيل المرض الوافد ، وهي مخطوطة بمكتبة الإسكوريال، وتوجد ضمن مجموعة خطية تحت رقم 1785 من فهرست الغزيري. اقوال عنه لسان الدين ابن الخطيب: "صدر يشار إليه، متفنن مشارك، قوي الإدراك، سديد النظر، قوي الذهن، جيد القريحة. إسماعيل ابن الأحمر:«فارس الكتيبة الشعرية، وعالم القلة الأشعرية. ورب المدح المبرأ من القدح، وزند الإدراك لما ورى القدح. والمرسل لنحو العى من الإفصاح بالسرية، المتكلم في فنون العموم بتحقيق النفس السرية. وبه افتخرت المرية؛ إذ ذاته ـ بحسن الثناء ـ هي الحرية. وكتب عن أهل بلده للسلطان، فبرز في الكتب بتلك الأوطان». نماذج من شعره هو الدهر لا يبقى على عائد به فمن شاء عيشا يصطبر لنوائبه فمن لم يصب في نفسه فمصابه بفوت أمانيه وفقد حبائبه ومن قوله العذب في الغزل: فيك الحديث ومورد الانشاد ولك الخطاب اذا أراد الشادي ومنهـــا: يا سالكا بالحسن مسلك آمن طرح اللحاظ خلال ذاك الوادي أياك، وأحذر من عيون ظبائه فلقد سطت عدوا على الآساد أن العيون به قواض، والطى بيض مراض، والظباء عواد ومن النواظر أسعد لكنها بقدودها محروسة بصعاد اني أمرؤ ما زلت أحذر بأسها لكن على حذر سلبت فؤادي يا سرحة الوادي وظلك وارق من لي بجعلي أفوديك وسادي ولابن خاتمة ديوان شعر.

ابن حنون الاشبيلي

أحمد بن حنون الإشبيلي، أبو العباس. شاعر من بيوت إشبيلية وأغنيائها، آل أمره إلى أن اتهم بالقيام على السلطان ففر على وجهه، ثم عفي عنه، في مدة المنصور بن يوسف بن عبد المؤمن، وهو ممن ذكره صفوان في كتاب زاد المسافر، له موشحات مشهورة. يا طَلعَةً أَبدَت قَبائِحَ جَمَّةً فَالكُلُّ مِنها إِن نَظَرتَ قَبيحُ أَبِعَينِكَ الشَّترَاءِ عَينٌ ثَرَّةٌ مِنها تَرَقرَقَ دَمعُها المَسفوحُ شَتِرَت فَقُلتُ أَزَورَقٌ في لُجَّةٍ مالَت بِإِحدي دفَّتَيهِ الرِّيحُ وَكَأَنَّما إِنسانُها مَلاحُها قَد خافَ مِن غَرَقٍ فَظَلَّ يَميحُ

ابن حمديس

أبو محمد عبد الجبار بن أبي بكر الصقلي المعروف بـ ابن حمديس الصقلي (447 - 527 هـ) (1055 - 1133)، شاعر عربي ولد ونشأ في صقلية، ثم تركها ورحل إلى الأندلس سنة 471 هـ، وأقام فيها لفترة ثم انتقل إلى المغرب الأوسط وإفريقية حتى توفي في جزيرة ميورقة سنة 527 هـ، وقد تميز بثقافة دينية جعلت منه حكيمًا من حكماء الحياة، وانعكس ذلك على قصائده. ولد أبو محمد عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد بن حمديس الأزدي في سرقوسة بصقلية أثناء حكم المسلمين لها، وتعلّم فيها، وشارك في بعض معارك المسلمين في إيطاليا في شبابه. وبعد سقوط إمارة صقلية سنة 464 هـ، رحل ابن حمديس إلى الأندلس سنة 471 هـ، فمدح المعتمد بن عباد وكان من شعراء بلاطه. وقد أطال ابن حمديس المدائح في المعتمد وفي ابنه الرشيد، مشيدًا بشجاعته والنصر في معركة الزلاقة. بقصيدة مطلعها: حَمَيْتَ حمى الإسلام إذ ذُدْتَ دونه هزبراً ورشَّحت الرشيد له شبلاً وبعد أن استولى المرابطون على إشبيلية، انتقل ابن حمديس إلى إفريقية سنة 484 هـ، فتردد على المعتمد في محبسه في أغمات وفاءً، ثم غادر بلاط بني زيري في إفريقية يمتدحهم ليتكسّب، فمدح أبي طاهر يحيى بن تميم الصنهاجي، ثم ابنه عليًّا، فابنه الحسن سنة 516 هـ. ولما اضطربت أحوال بني زيري انتقل إلى بني حماد في بجاية. توفي ابن حمديس في رمضان 527 هـ في جزيرة ميورقة وقد بلغ من العمر نحو الثمانين وقد كُفّ بصره، ودُفن إلى جوار قبر الشاعر ابن اللبانة، وقيل مات ببجاية. ولابن حمديس ديوان شعر قال عنه ابن خلكان: «أكثره جيد». ومن هذا الديوان مخطوطة محفوظة في مكتبة الفاتيكان كتبها إبراهيم بن علي الشاطبي سنة 607 هـ. وقد قال ابن بسام الشنتريني عن ابن حمديس في كتابه الذخيرة: «شاعر ماهر يقرطس أغراض المعاني البديعة ويعبر عنها بالألفاظ النفيسة الرقيقة ويتصرف في التشبيه ويغوص في بحر الكلم على درّ المعنى الغريب». ومن شعر ابن حمديس في صقلية التي ظل قلبه معلّقًا بها، قوله: ولله أرضٌ إن عَدِمتم هواءها فأهواؤكم في الأرض منثورةُ النظم وعزّكم يفضي إلى الذل والنوى من البَيْن ترمي الشمل منكم بما ترمي فإنَّ بلاد الناس ليست بلادكم ولا جارها والخِلْم كالجار والخِلم(1) إِلى مَتى مِنكُمُ هَجري وإقْصَائي ويلي وجدتُ أحِبّائي كأعْدائي هُمْ أظمؤُوني إلى ماءِ اللّمى ظمأً تَرَحّلَ الرِّيُّ بي منهُ عنِ الماءِ وخالفونيَ فيما كنْتُ آمُلُهُ منهمْ وَرُبَّ دواءٍ عادَ كالداءِ أَعيا عَليّ وعُذري لا خفاءَ بِهِ رِياضَةُ الصعبِ مِن أَخلاقِ عذراءِ يا هَذِهِ هَذِهِ عَيني الَّتي نَظَرتْ تَبلّ بالدَّمْعِ إِصباحي وَإِمسائي مِن مُقلَتَيكَ كَساني ناظِري سَقَماً فَما لِجسميَ فَيءٌ بيْنَ أفيَاءِ وَكُلُّ جَدْبٍ لَه الأنوَاءُ ماحِيةٌ وَجَدْبُ جسميَ لا تمحوهُ أنْوَائي إنّي لَجَمرُ وَفاءٍ يُستَضاءُ بهِ وأنْتِ بالغدرِ تختارينَ إطفائي حاشاكِ مما اقتضاهُ الذمّ في مثلٍ قد عادَ بعد صَنَاعٍ نقضُ خرقاءِ ما في عتابِكِ من عُتْبَى فأرقبها هل يُسْتَدَلّ على سلمٍ بِهَيْجاءِ ولا لوعدكِ إنجازٌ أفوزُ بهِ وكيف يُرْوي غليلاً آلُ بيداءِ مُؤنِّبي في رَصينِ الحلم حين هَفَا لم يَهْفُ حلميَ إلّا عند هيفاءِ دعْ حيلةَ البُرْءِ في تبريح ذي سَقَم إنّ المشارَ إليه ريقُ لمياءِ مُضنى يردّ سلامَ العائداتِ له مثلَ الغريق إذا صلّى بإيماءِ كأنّه حينَ يستشفيْ بغانيةٍ غيرِ البخيلة يَرْمي الداءَ بالداءِ ما في الكواكب من شمس الضحى عوَضٌ ولا لأسماءَ في أترابِ أسماءِ نَفَى همُّ شيبي سرورَ الشبابِ لقد أظلمَ الشيبُ لمّا أضاءَ قضيتُ لظلّ الصبا بالزوالِ لمّا تحوّلَ عنّي وفاءَ أتعرفُ لي عن شبابي سُلُوّاً ومَن يجدِ الداءَ يبغِ الدواءَ أأكسو المشيبَ سوادَ الخضاب فأجعلَ للصبح ليلاً غطاءَ وكيفَ أُرَجّي وفاءَ الخضاب إذا لم أجِدْ لشبابي وفاءَ وريحٍ خفِيفَةٍ رَوْحِ النّسِيمِ أطّتْ بليلاً وهبّت رُخاءَ سرت وحياها شقيقُ الحياةِ على مَيّت الأرض تُبكي السماءَ فمن صَوْتِ رَعدٍ يسوق السحابَ كما يسمعُ الفحلُ شولاً رغاءَ وتُشْعِلُ في جانبيها البروقُ بريقَ السيوف تُهزّ انتضاءَ فبتّ من الليل في ظلمةٍ فيا غُرّةَ الصبح هاتي الضياءَ ويا ريحُ إمّا مَرَيْتِ الحيا ورَوّيْتِ منه الربوعَ الظماءَ فسوقي إليّ جهامَ السحاب لأملأهنّ من الدمع ماءَ ويسقي بكائيَ ربع الصبا فما زالَ في المحل يسقي البكاءَ ولا تعطِشي طللاً بالحمى تَدَانى على مُزْنَةٍ أو تنائى وإن تَجْهَلِيهِ فَعِيدانُهُ لظى الشمس تلذَعُ منها الكباءَ ولا تعجبي فمغاني الهوى يطيّب طيبُ ثراها الهواءَ ولي بينها مهجةٌ صَبّةٌ تزودتُ في الجسم منها ذماءَ ديارٌ تمشّتْ إليها الخطوبُ كما تتمشّى الذئابُ الضراءَ صحبتُ بها في الغياض الأسودَ وزرتُ بها في الكناس الظباءَ وراءَك يا بحرُ لي جَنّةٌ لبستُ النّعيم بها لا الشقاءَ إذا أنا حاولت منها صباحاً تعرضتَ من دونها لي مساءَ فلو أنّني كنتُ أُعطى المنى إذا مَنَعَ البحرُ منها اللّقاءَ ركبتُ الهلالَ به زورقاً إلى أن أعانقَ فيها ذُكاءَ

ابن جزي الكلبي

محمد بن أحمد بن عبد الله بن يحيى بن يوسف بن عبد الرحمن بن جُزَي الكلبي الغرناطي (ولد يوم التاسع من ربيع الثاني عام 693 هـ الموافق 15 مارس عام 1294 م في مدينة غرناطة عاصمة الأندلس آنذاك، وقُتل في معركة طريف الشهيرة التي دارت رحاها في الأندلس بداية شهر جمادى الأولى من عام 741 للهجرة، الموافق أواخر أكتوبر عام 1340 للميلاد) هو مؤلّف وشاعر وخطيب ومؤرّخ وفقيه إسلامي عاش في نهاية القرن السابع الهجري وبداية الذي تلاه في بلاد الأندلس التي كانت تعيش وقتها فترة نزاعٍ شرس بين المسلمين والمسيحيين على السيادة في أراضيها، وقد كان خطيباً لجامع غرناطة الأعظم. كان كاتباً لأبي الحجاج يوسف النصري. كان من أهل غرناطة. من كتبه كتاب تاريخ غرناطة وأهل الخير وله تفسير للقرآن سمي بالتسهيل في علوم التنزيل. إلا أن معظم الباحثين يرجعون هذا الكتاب لأبيه أبو القاسم بن جزي(1). اشتهر بشعر المدح والتشكي(2). كان له ثلاثة أبناء هم أحمد ومحمد وعبد الله، وقد عملوا في نفس مجالات أبيهم. من مؤلفاته كتاب (القوانين الفقهية) والذي وضع فيه ملخصا للفقه الإسلامي على كافة المذاهب، واتبع في تصنيفه أسلوبا عبقريا غير مسبوق جعله رغم صغر حجمه؛ كتابا قيما وفريدا من نوعه. أملى ابن بطوطة أخبار رحلته على محمد بن جزي الكلبي بمدينة فاس سنة 756 هـ، وسماها تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار. مولده ونسبه هو محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمٰن بن يوسف ابن جُزي، اتفق المؤرّخون على انتمائه لقبيلة بني كلب العربية، والتي يعود نسبها لحمير، ويعود تاريخ اقتطان سلفه بالأندلس نهاية الأول من القرن الهجري الثاني، حين نزل أحد أجداده بمدينة ولبة (ثغر)، التي تقع جنوب غرب إشبيلية أواخر العقد الثالث من القرن الهجري الثاني، وتنقّلت أسرته بين عدة مدن أندلسية في الأجيال السابقة لولادته. ووُلد يوم التاسع من شهر ربيع الآخر عام 693 هـ الموافق 8 مارس عام 1294 م في مدينة غرناطة عاصمة الأندلس. حياته كان على طريقة مثلى من العكوف على العلم، والاشتغال بالنّظر، والتقييد والتدوين، فقيها حافظا، قائما على التدريس، مشاركا في فنون من عربية، وأصول، وقراءات، وحديث، وأدب، حافظا للتفسير، مستوعبا للاقوال، جماعة للكتب، ملوكي الخزانة، حسن المجلس، ممتع المحاضرة، صحيح الباطن. 8 شيوخه قرأ على الامام أبي جعفر بن الزبير (ت708هـ)، وأخذ عنه العربية والفقه والحديث والقرآن الكريم، أبي عبد الله بن الكماد (ت712هـ) ، الخطيب الفاضل أبا عبد الله بن رُشيْد (ت721) ، أبا المجد بن الأحوص، القاضي أبا عبد الله بن برطال، الاستاذ النظار المتفنن أبا القاسم قاسم بن عبد الله بن الشاط. تلاميذه تخرج به الكثير من العلماء، منه : لسان الدين بن الخطيب (ت776هـ) ، ومحمد بن محمد الأنصاري المعروف بابن الخشاب (ت774هـ) ، وأبو عبد الله الشديد (ت بعد 776هـ) ، وكذا أولاده الثلاثة، وهم: أبو عبد الله محمد بن محمد الكاتب(ت757هـ) ، وأبو بكر أحمد بن محمد القاضي (ت758هـ) ، وأبو محمد عبد الله بن محمد. وفاته معركة طريف (1340) التي قُتل فيها ابن جزي في 30 أكتوبر 1340م الموافق 9 جمادى الأولى 741 هجري قُتل ابن جزي الكلبي في معركة طريف التي وقعت جنوب الأندلس بين جيش المسلمين المكوَّن من تحالف المرينيين وبنو نصر الغرناطيين وجيش المسيحيين المكوَّن من تحالف مملكة قشتالة ومملكة البرتغال، وكان ابن جزي مشاركاً مع جيش المسلمين يحثهم على القتال ويشحذ همهم، لكن عندما انتهت المعركة بهزيمة جيوش المسلمين كان ابن جزي قد فُقِد. مؤلفاته التسهيل لعلوم التنزيل تفسير المختصر البارع في قراءة نافع أصول القرّاء الستة غير نافع تصفية القلوب في الوصول إلى حضرة علام الغيوب وسيلة المسلم في تهذيب صحيح مسلم الأنوار السنية في الألفاظ السُنية. حديث. النور المبين في قواعد عقائد الدين. تقريب الوصول إلى علم الأصول. أصول فقه. القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية. فقه مالكى. الفوائد العامة في لحن العامة. المراجع