https://follow.it/amir-samdani?action=followPub

Monday 16 October 2023

ابن حمديس

أبو محمد عبد الجبار بن أبي بكر الصقلي المعروف بـ ابن حمديس الصقلي (447 - 527 هـ) (1055 - 1133)، شاعر عربي ولد ونشأ في صقلية، ثم تركها ورحل إلى الأندلس سنة 471 هـ، وأقام فيها لفترة ثم انتقل إلى المغرب الأوسط وإفريقية حتى توفي في جزيرة ميورقة سنة 527 هـ، وقد تميز بثقافة دينية جعلت منه حكيمًا من حكماء الحياة، وانعكس ذلك على قصائده. ولد أبو محمد عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد بن حمديس الأزدي في سرقوسة بصقلية أثناء حكم المسلمين لها، وتعلّم فيها، وشارك في بعض معارك المسلمين في إيطاليا في شبابه. وبعد سقوط إمارة صقلية سنة 464 هـ، رحل ابن حمديس إلى الأندلس سنة 471 هـ، فمدح المعتمد بن عباد وكان من شعراء بلاطه. وقد أطال ابن حمديس المدائح في المعتمد وفي ابنه الرشيد، مشيدًا بشجاعته والنصر في معركة الزلاقة. بقصيدة مطلعها: حَمَيْتَ حمى الإسلام إذ ذُدْتَ دونه هزبراً ورشَّحت الرشيد له شبلاً وبعد أن استولى المرابطون على إشبيلية، انتقل ابن حمديس إلى إفريقية سنة 484 هـ، فتردد على المعتمد في محبسه في أغمات وفاءً، ثم غادر بلاط بني زيري في إفريقية يمتدحهم ليتكسّب، فمدح أبي طاهر يحيى بن تميم الصنهاجي، ثم ابنه عليًّا، فابنه الحسن سنة 516 هـ. ولما اضطربت أحوال بني زيري انتقل إلى بني حماد في بجاية. توفي ابن حمديس في رمضان 527 هـ في جزيرة ميورقة وقد بلغ من العمر نحو الثمانين وقد كُفّ بصره، ودُفن إلى جوار قبر الشاعر ابن اللبانة، وقيل مات ببجاية. ولابن حمديس ديوان شعر قال عنه ابن خلكان: «أكثره جيد». ومن هذا الديوان مخطوطة محفوظة في مكتبة الفاتيكان كتبها إبراهيم بن علي الشاطبي سنة 607 هـ. وقد قال ابن بسام الشنتريني عن ابن حمديس في كتابه الذخيرة: «شاعر ماهر يقرطس أغراض المعاني البديعة ويعبر عنها بالألفاظ النفيسة الرقيقة ويتصرف في التشبيه ويغوص في بحر الكلم على درّ المعنى الغريب». ومن شعر ابن حمديس في صقلية التي ظل قلبه معلّقًا بها، قوله: ولله أرضٌ إن عَدِمتم هواءها فأهواؤكم في الأرض منثورةُ النظم وعزّكم يفضي إلى الذل والنوى من البَيْن ترمي الشمل منكم بما ترمي فإنَّ بلاد الناس ليست بلادكم ولا جارها والخِلْم كالجار والخِلم(1) إِلى مَتى مِنكُمُ هَجري وإقْصَائي ويلي وجدتُ أحِبّائي كأعْدائي هُمْ أظمؤُوني إلى ماءِ اللّمى ظمأً تَرَحّلَ الرِّيُّ بي منهُ عنِ الماءِ وخالفونيَ فيما كنْتُ آمُلُهُ منهمْ وَرُبَّ دواءٍ عادَ كالداءِ أَعيا عَليّ وعُذري لا خفاءَ بِهِ رِياضَةُ الصعبِ مِن أَخلاقِ عذراءِ يا هَذِهِ هَذِهِ عَيني الَّتي نَظَرتْ تَبلّ بالدَّمْعِ إِصباحي وَإِمسائي مِن مُقلَتَيكَ كَساني ناظِري سَقَماً فَما لِجسميَ فَيءٌ بيْنَ أفيَاءِ وَكُلُّ جَدْبٍ لَه الأنوَاءُ ماحِيةٌ وَجَدْبُ جسميَ لا تمحوهُ أنْوَائي إنّي لَجَمرُ وَفاءٍ يُستَضاءُ بهِ وأنْتِ بالغدرِ تختارينَ إطفائي حاشاكِ مما اقتضاهُ الذمّ في مثلٍ قد عادَ بعد صَنَاعٍ نقضُ خرقاءِ ما في عتابِكِ من عُتْبَى فأرقبها هل يُسْتَدَلّ على سلمٍ بِهَيْجاءِ ولا لوعدكِ إنجازٌ أفوزُ بهِ وكيف يُرْوي غليلاً آلُ بيداءِ مُؤنِّبي في رَصينِ الحلم حين هَفَا لم يَهْفُ حلميَ إلّا عند هيفاءِ دعْ حيلةَ البُرْءِ في تبريح ذي سَقَم إنّ المشارَ إليه ريقُ لمياءِ مُضنى يردّ سلامَ العائداتِ له مثلَ الغريق إذا صلّى بإيماءِ كأنّه حينَ يستشفيْ بغانيةٍ غيرِ البخيلة يَرْمي الداءَ بالداءِ ما في الكواكب من شمس الضحى عوَضٌ ولا لأسماءَ في أترابِ أسماءِ نَفَى همُّ شيبي سرورَ الشبابِ لقد أظلمَ الشيبُ لمّا أضاءَ قضيتُ لظلّ الصبا بالزوالِ لمّا تحوّلَ عنّي وفاءَ أتعرفُ لي عن شبابي سُلُوّاً ومَن يجدِ الداءَ يبغِ الدواءَ أأكسو المشيبَ سوادَ الخضاب فأجعلَ للصبح ليلاً غطاءَ وكيفَ أُرَجّي وفاءَ الخضاب إذا لم أجِدْ لشبابي وفاءَ وريحٍ خفِيفَةٍ رَوْحِ النّسِيمِ أطّتْ بليلاً وهبّت رُخاءَ سرت وحياها شقيقُ الحياةِ على مَيّت الأرض تُبكي السماءَ فمن صَوْتِ رَعدٍ يسوق السحابَ كما يسمعُ الفحلُ شولاً رغاءَ وتُشْعِلُ في جانبيها البروقُ بريقَ السيوف تُهزّ انتضاءَ فبتّ من الليل في ظلمةٍ فيا غُرّةَ الصبح هاتي الضياءَ ويا ريحُ إمّا مَرَيْتِ الحيا ورَوّيْتِ منه الربوعَ الظماءَ فسوقي إليّ جهامَ السحاب لأملأهنّ من الدمع ماءَ ويسقي بكائيَ ربع الصبا فما زالَ في المحل يسقي البكاءَ ولا تعطِشي طللاً بالحمى تَدَانى على مُزْنَةٍ أو تنائى وإن تَجْهَلِيهِ فَعِيدانُهُ لظى الشمس تلذَعُ منها الكباءَ ولا تعجبي فمغاني الهوى يطيّب طيبُ ثراها الهواءَ ولي بينها مهجةٌ صَبّةٌ تزودتُ في الجسم منها ذماءَ ديارٌ تمشّتْ إليها الخطوبُ كما تتمشّى الذئابُ الضراءَ صحبتُ بها في الغياض الأسودَ وزرتُ بها في الكناس الظباءَ وراءَك يا بحرُ لي جَنّةٌ لبستُ النّعيم بها لا الشقاءَ إذا أنا حاولت منها صباحاً تعرضتَ من دونها لي مساءَ فلو أنّني كنتُ أُعطى المنى إذا مَنَعَ البحرُ منها اللّقاءَ ركبتُ الهلالَ به زورقاً إلى أن أعانقَ فيها ذُكاءَ

No comments:

Post a Comment