https://follow.it/amir-samdani?action=followPub

Tuesday 17 October 2023

ابن مرج الكحل

أبو عبد الله محمد بن إدريس بن علي الجَزيري الأندلسي يعرف عمومًا بـمَرجْ الكُحْل أو ابن مَرجْ الكُحْل (1159م - 2 ديسمبر 1236م) (554هـ - 2 ربيع الآخر 634هـ) شاعر عربي‌ أندلسي من أهل القرن الثاني عشر الميلادي/ السادس الهجري. ولد في قرية مرج الكحل على مقربة من بلدة جزيرة شقُر قرب بلنسية ونشأ بها. صحب شعراء عصره وكان أديبًا بارعًا نظمًا ونثرًا وهو من الشعراء الموحدين. له ديوان شعر تناقله الناس في أيامه وقد جمع أشعاره المغاربة عبر العصور. هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن علي بن عبد الله الشُقري الجزيري الأندلسي. عرف بـ«مَرجْ الكُحْل» أو «ابن مَرجْ الكُحْل»، نسبة إلى مرج الكحل على مقربة من بلدة جزيرة شقُر قرب بلنسية التي ولد فيها. ولد في مرج كحل سنة 554 هـ/ 1159 م ونشأ بها يعمل ببيع السمك في الأسواق، وقيل كان أُميًّا. وكذلك كان يتزيّا بزي أهل البادية. فقد قَرَن ابن سعيد المغربي بينه وبين الوأواء الدمشقي الشاعر المشرقي الذي كان فقيرًا واشتغل دلالًا في سوق الفاكهة بدمشق. وكذلك مرج الكحل كان «ينادي‌ في الأسواق حتى إنه تعيَّش ببيع السمك». وذكر ابن عبد الملك المراكشي أنه «كان مُبتذل اللباس على هيئة أهل البادية». وكان مرج الكحل يشتغل بالفلاحة أيضًا. وعن تعلمه ذكر ابن عبد الملك المراكشي: يقال «أنه كان أميًّا»، وذهب ابن سعيد إلى أنه قد «تَرقَّت به همّتُهُ إلى الأدب قليلًا قليلًا إلى أن قال الشعرَ، ثم ارتفعت فيه طبقته ومدح الملوك والأعيان.» وهذا الوصف يَصدُقُ عليه في بداية حياته، قبل أن يتفرّغ للدرس والتحصيل. فصحب صفوان بن إدريس، وأصبح خبيرًا بالكتابة والأدب عليمًا بفنون الكلام. توفي ابن مرج الكحل في جزيرة شُقر يوم الإثنين 2 ربيع الآخر 634/ 2 ديسمبر 1236 عن عمر حوالي 80 عامًا ودفن في يوم الثلاثاء. أدبه كان مرج الكحل أديبًا بارعًا نظمًا ونثرًا، وهو شاعرٌ وجدانيٌ رقيقٌ، وأكثر شعره الوصف والنسيب والعتاب. له ديوان شعر تناقله الناس في أيامه. لقد ارتبط بصلاتٍ وثيقةٍ من أدباء عصره، وجمعته بهم صداقاتٌ أحيانًا، وصراعات أحيانًا أخرى. ومن أكثر أدباء العصر صلة به هو صفوان بن إدريس التجيبي، فإن المراسلات النثرية والشعرية التي بقيت للشاعرين تشكف عن عمق هذه الصلة. ومن أشهر تلامذته أبو الحسن الرعيني الفخار وأبو عبد الله بن عسكر، وابن الأبار القضاعي. ومن شعره في طلب الرزق: مثَلُ الرّزق الَّذي تطلبُه مثَلُ الظّلّ الَّذي يمشي مَعَكْ أنت لا تُدركه متّبعاً وإذا ولّيتَ عنهُ تَبِعَكْ مراجع عِجِبتُ لِمَن يَرجو مَتاباً لِجاهِلٍ وَما عِندَهُ أَنَّ الذُنوبَ ذُنوبُ إِذا كانَ ذَنبُ المَرءِ لِلمَرءِ شَيمَةً وَلَم يَرَهُ ذَنباً فَكَيفَ يَتوبُ الديوان » العصر الأندلسي » مرج الكحل » سقى سدرة الوادي السحاب الغوائث عدد الابيات : 7 طباعة سَقى سَدرةَ الوادي السحابُ الغَوائِثُ وَإِن غَيَّرَت مِنهُ اللَيالي العَوائِثُ عَذيري مِن الآمالِ خابَت قُصودُها وَنالَت جَزيلَ الحَظّ مِنها الأَخابِثُ وَقالوا ذُكِرنا بِالغِنى فَأَجَبتَهُمُ خُمولاً وَما ذِكرٌ معَ البُخلِ ماكِثُ يَهون عَلينا أَن يبيد أَثاثُنا وَتَبقى عَلَينا المُكرَماتُ الأَثائِثُ وَما ضَرَّ أَصلاً طَيّباً عدمُ الغِنى إِذ لَم يُغيّرهُ مِن الدَهر حادِثُ وَهَل عِندَ صَفوان بِن إِدريس أَنَّني مُقيمٌ عَلى عَهدِ المَوّدَةِ ماكِثُ وَإِن كُنتُ قَد خاطَبتُ فَصل خِطابِهِ فَعاقَت عَن الوّد الخَطوبُ الكَوارِثُ

ابن مجبر

شاعر زمانه الأوحد ، البليغ أبو بكر يحيى بن عبد الجليل بن مجبر ، الفهري المرسي ، ثم الإشبيلي . مدح الملوك ، وشهد له بقوة عارضته ، وسلامة طبعه ، وفحولة نظمه قصائده التي سارت أمثالا ، وبعدت منالا . أخذ عنه أبو القاسم بن حسان ، وغيره . بالغ ابن الأبار في وصفه . ومات بمراكش ليلة النحر سنة ثمان وثمانين وخمسمائة كهلا وقيل : سنة سبع وله هذه أتراه يترك العذلا وعليه شب واكتهلا كلف بالغيد ما علقت نفسه السلوان مذ عقلا [ ص: 216 ] غير راض عن سجية من ذاق طعم الحب ثم سلا نظرت عيني لشقوتها نظرات وافقت أجلا غادة لما مثلت لها تركتني في الهوى مثلا خشيت أني سأحرقها إذ رأت رأسي قد اشتعلا ليتنا نلقى السيوف ولم نلق تلك الأعين النجلا أشرعوا الأعطاف مائسة حين أشرعنا القنا الذبلا نصروا بالحسن فانتهبوا كل قلب بالهوى خذلا منها : ثم قالوا سوف نتركها سلبا للحب أو نفلا قلت أوما وهي عالقة بأمير المؤمنين فلا وله : دعا الشرق قلبي والركائب والركبا فلبوا جميعا وهو أول من لبى ومنها : يقولون داو القلب يسل عن الهوى فقلت لنعم الرأي لو أن لي قلبا الرئيسية الأخبار مفتاح وثائقيات المكتبة المصورة المكتبة المرئية أقلام بمختلف الألوان اشترك بمسابقة كنز المعرفة آخر المواضيع المضافة مواصفات المؤمن في نظر علي بن أبي طالب (عليه السلام) / التعفف صفات المتقين / كظم الغيظ الدِّينُ وَاسِعٌ ماذا تعني المواد المبللة والناشرة المستخدمة في المبيدات وما هي أنواعها وكيف تعمل؟ قطة ليست بحية ولا ميتة مـــشــروعـــيــة الـــوكـــالـــة مـــن الـبــاطـــن التعريف القضائي في القضاء المقارن التعريف القضائي للموظف العام في القضاء العراقي الإفصاح عن السياسات المحاسبية والتقديرات الهامة في إعداد القوائم المالية الإيضاحـات المرفـقـة للقوائـم الماليـة Notes to the Financial Statements قائمة التغيرات في حقوق الملكية Statement of Changes in Equity و قائمة التدفقات النقدية Cash Flow Statement ما هو تعريفك للمواد المستحلبة Emulsifiers المستخدمة في المبيدات؟ قائمـة الدخـل الشامـل Statement of comprehensive income وافصاحاتـها وبنـود عـرضـها محتوى قائمة الدخل Income Statement وأهدافـها ومحدداتـها المعلومات التي يجب عرضها والافصاح عنها في الميزانية العمومية وقائمة المركز المالي والقوائـم المالية الاخرى الأدب الــعربــي عدد المواضيع في هذا القسم 3299 موضوعاً الأدب النقد البلاغة العروض تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب أبحث عن شيء أخر ترجمة ابن مجبر وشعره 847 11:27 صباحاً التاريخ: 14/12/2022 المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب الجزء والصفحة : مج3 ص:237-241 القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي / ترجمة ابن مجبر وشعره وابن مجبر هو أبو بكر يحيى بن عبد الجليل بن عبد الرحمن بن مجبر الفهري، كان في وقته شاعر المغرب ، ويشهد له بقوة عارضته وسلامة طبعه قصائده التي صارت مثالا ، وبعدت على قربها منالا، وشعره كثير يشتمل على أكثر من تسعة آلاف وأربعمائة بيت ، واتصل بالأمير أبي عبد الله ابن سعد بن مردنيش ، وله فيه أمداح ، وأنشد يوسف بن عبد المؤمن يهنيه بفتح : إن خير الفتوح ما جاء عفواً مثل ما يخطب الخطيب ارتجالا وكان أبو العباس الجراوي حاضراً ، فقطع عليه لحسادة وجدها ، وقال : یا سیدنا اهتدم بيت وضاح: خير شراب ما كان عفواً كأنه خطبـة ارتجـال فبدر(1) المنصور، وهو حينئذ وزير أبيه وسنه قريب العشرين ، وقال : إن كان اهتدمه فقد استحقه لنقله إياه من معنى خسيس إلى معنى شريف ، فسر أبوه بجوابه ، وعجب الحاضرون. ومر المنصور أيام إمرته بأونبة(2) من أرض شلب ، فوقف على قبر الحافظ أبي محمد ابن حزم ، وقال : عجباً لهذا الموضع ، يخرج منه مثل هذا العالم ، ثم قال كل العلماء عيال على ابن حزم ، ثم رفع رأسه وقال : كما أن الشعراء عيال عليك يا أبا بكر ، يخاطب ابن مجبر. ومن شعر ابن مجبر يصف خيل المنصور من قصيدة في مدحه: له حلبة الخيل العتاق كأنها نشاوى تهاوت تطلب العزف والقصفا عرائس أغنتها الحجول عن الحلى فلم تبغ خلخالا ولا التمست وقفا فمن يقق كالطرس نحسب أنه وإن جردوه في ملاءته التفا ۲۳۸ وأبلق أعطى الليل نصف إهابه وغار عليه الصبح فاحتبس التصفا وورد نغشى جلده شفق الدجى فإذ حازه دلى له الذيل والعرفا وأشقر مج الراح صرفاً أديمه وأصفر لم يمسح بها جلده صرفا وأشهب فيضي الأديم مدثر عليه خطوط غير مفهمة حرفا كما خطط الزاهي بمهرق كاتب فجر عليه ذيله وهو ما جفا تهب على الأعداء منها عواصف ستنسف أرض المشركين بها نسفا ترى كل طرف كالغزال فتمتري أظبيا ترى تحت العجاجة أم طرفا وقد كان في البيداء يألف سربه فريشته مهراً وهي تحسبه خشفا تناوله لفظ الجواد لأنه إذا(3) ما أردت الجري أعطاكه ضعفا ولما اتخذ المنصور مقصورة الجامع بمراكش بدار ملكها ، وكانت مدبرة على انتصابها إذا استقر المنصور ووزراؤه بمصلاه ، واختفائها إذا انفصلوا عنها ، أنشد في ذلك الشعراء فقال ابن مجبر من قصيدة أولها: أعلمتني ألقي عصا التسيار في بلدة ليست بدار قرار إلى أن قال(4): طورا تكون بمن حوته محيطة فكأنها سور من الأسوار وتكون حينا عنهم مخبوءة فكأنها سر من الأسرار وكأنها علمت مقادير الورى فتصرفت لهم على مقدار فإذا أحست بالإمام يزورها في قومه قامت إلى الزوار يبدو فتبدو ثم تخفى بعده كتكون الهالات للأقمار ۲۳۹ وممن روى عنه أبو علي الشلوبين وطبقته ، وتوفي بمراكش سنة 588 ، وعمره 53 سنة، رحمه الله تعالى. وقد حكى الشريف الغرناطي شارح المقصورة هذه الحكاية بأتم مما ذكرناه ، فقال عن الكاتب ابن عياش كاتب يعقوب المنصور الموحدي ، قال(5): كانت لأبي بكر ابن مجبر وفادة على المنصور في كل سنة ، فصادف في إحدى وفاداته فراغه من إحداث المقصورة التي كان أحدثها بجامعه المتصل بقصره في حضرة(6) مراكش ، وكانت قد وضعت على حركات هندسية ترفع بها لخروجه وتخفض لدخوله ، وكان جميع من بباب المنصور يومئذ من الشعراء والأدباء قد نظموا أشعاراً أنشدوه إياها في ذلك ، فلم يزيدوا على شكره ، وتجزينه الخير فيما جدد من معالم الدين وآثاره ، ولم يكن فيهم من تصدى لوصف الحال، حتى قام أبو بكر ابن مجبر فأنشد قصيدته التي أولها " أعلمتني ألقي عصا التسيار " واستمر فيها حتى ألم بذكر المقصورة فقال يصفها " طوراً تكون – إلخ " فطرب المنصور لسماعها ، وارتاح لاختراعها ، انتهى. وقد بطلت حركات هذه المقصورة الآن، وبقيت آثارها حسبما شاهدته سنة عشر وألف، والله تعالى وارث الأرض ومن عليها. ومن نظم ابن مجير أيضا ما كتب به إلى السلطان ملك المغرب، رحمه الله تعالى، وقد ولد له ابن، اعني لأبن مجير: ولد العبد الذي إنعامكم طينة أنشى منها جسده وهو دون اسم لعلمي أنه لا يستمي العبد إلا سيده وقوله: ملك ترويك منه شيمة أنست الظلمان زرق النطف ٢٤٠ جمعت من كل مجد فحكت لفظة قد جمعت من أحرف يعجب السامع من وصفي لها ووراء العجز ما لم أصف لو أعار السهم ما في رأيه من سداد وهدى لم يصف حلمه الراجح ميزان الهدى يزن الأشياء وزن المنصف ۲۱- وقال ابن خفاجة(7): صح الهوى منك ولكنني أعجب من بين لنا يقدر كأننا في فلك دائر فأنت تخفى وأنا أظهر وهما الغاية في معناهما ، كما قاله ابن ظافر، رحمه الله تعالى. ۲۲- وقال الأعمى التطيلي(8): أما اشتفت مني الأيام في وطني حتى تضايق فيما عز من وطري فلا قضت من سواد العين حاجتها حتى تكر على ما طل" في الشعر . ۲۲- وقال الأعمى التطيلي(8): أما اشتفت مني الأيام في وطني حتى تضايق فيما عز من وطري فلا قضت من سواد العين حاجتها حتى تكر على ما طل" في الشعر ۲۳- وقال القاضي أبو حفص ابن عمر القرطبي(9): هم نظروا لواحظها فهاموا وتشرب لب شاربها المدام يخاف الناس مقلتها سواها أيذعر قلب حامله الحسام سما طرفي إليها وهو باك وتحت الشمس ينسكب الغمام وأذكر قدما فأنوح وجداً على الأغصان تنتدب الحمام فأعقب بينها في الصدر غما إذا غربت ذكاء أتى الظلام ٢٤- وقال الحاجب عبد الكريم بن مغيث(10): ٢٤١ طارت بنا الخيل ومن فوقها شهب بزاة لحمام الحمام كأنما الأيدي قسي لها والطير أهداف ومن السهام ٢٥- وقال أخوه أحمد : اشرب على البستان من كف من يسقيك من فيه وأحداقه وانظر إلى الأيكة في برده ولاحظ البـدر بأطواقه وقد بدا السرو على نهره كخائض شمر عن ساقه ٢٦- وقال أبو العباس أحمد بن أبي عبد الله ابن أمية البلنسي : إذا كان ودي وهو أنفس قربة يجازى ببغض فالقطيعة أحزم ومن أضيع الأشياء ود صرفته إلى غير من تحظى لديه وتكرم

ابن لبال الشريسي

علي بن أحمد بن فتح، أبو الحسن بن لبال، من بني أمية. قاضي أندلسي، من الأدباء الشعراء، من أهل شريش، ولي قضاءها. له: كتاب في (شرح المقامات الحريرية) .[١] أبو الحسن علي بن أحمد بن علي القُرشي الأندلسي يعرف عمومًا بـابن لَبّال الشَّريشي (1116 - 2 فبراير 1188) (509 - 3 ذو الحجة 583) عالم مسلم وشاعر عربي أندلسي من أهل القرن الثاني عشر الميلادي/ السادس الهجري. ولد في شَريش شَذونَة بجنوب الأندلس ونشأ ودرس بها وفي إشبيلية على علماء عصره بالدولة الموحدية. اشتغل بالتدريس في مسقط رأسه، وعُيِّن قاضيًا له لمدة. يُنعتُ بـ«القاضي الزاهد». توفي بها. وقد اهتم محمد بن شريفة بسيرته وجمع أشعاره ونشره سنة 1996.[٢] قصائد ابن لبال الشريشي تعجبت أن رأت مشيبي قوس الشيب قناتي سلام على حمص وإن غير البلى بنفسي هاتيك الزوارق أجريت ومهفهف عبث الشمول بقده بكت أميم أن رأت مشيبي إذا أبصر المحزون أرض شذونة أهلا بخطاف أتانا زائرا إذا اضطربت سمر اليراع بكفه سبيئتان اثنتان هذي وخديمة للعلم في أحشائها ودعتها ومدامعي ومعتنقين ما اتهما بعشق منعلة بالهلال ملجمة وإذا اضطررت لآدمي ميتا يا من أتى يخرص الزيتون فارغة نشرت ثلاث ذوائب من شعرها لا مثل ضمي عليا وهو يتحفني هاك مني بيتا سيكثر إن مت تكاملت فيك أوصاف خصصت بها ومدامة لبست غلالة نرجس معانقة العجوز أشد عندي لما تقوس مني الجسم عن كبر متى أقول وقد كلت ركائبنا أيا حبذا إجانة كيفما اغتدت انظر إلى الهلال إذ ألبسني حلة الضنى قمر انظر إلى البدر في السماء وقد سائل بغرته الهلال المقمرا جلوت لنا شيئا من الدر عاطلا فحم ذكت في حشاه نار قوس ظهري المشيب والكبر يا سيدي والزمان يبلى وبهار يحكى كؤوس لجين سلام ولا أقرا سلاما على هند عندي فديتك راءات ثمانية يا بأبي ظبي إذا مارنا ألمت وما غير الوشاح وشاح كأن جنى القوطي في رونق الضحى يا هلالا قد تبدى يا خليلي بالركاب سحيرا المراجع معجم الشعراء العرب ابن لبال الشريشي - ويكيبيديا تصنيف: الأدباء والشعراء : متى أقولُ وقد كلّت ركائبُنا من السّرى وارتكاب البيدِ في البُكَرِ يا نائمين على الأكوارِ ويحَكُمُ شدّوا المطي بذكر اللَّهِ في السّحَرِ أما سمعتم بحادينا وقد سَجَعَت وُرق الحمائمِ فوق الأيكِ والسَّمُر هَذي البشَارة يا حُجّاجُ قد وَجَبَت غَداً تحطّونَ بين الرُّكنِ والحجَرِ

زجل أندلسي

الزجل هو فن من فنون الأدب الشعبي يعود أصله إلى بلاد المغرب والأندلس. وهو شكل تقليدي من أشكال الشعر العربي باللغة المحكية. وهو ارتجالي، وعادة ما يكون في شكل مناظرة بين عدد من الزجالين (شعراء ارتجال الزجل) مصحوباً بإيقاع لحني بمساعدة بعض الآلات الموسيقية. ينتشر الزجل بشكل كبير في لبنان وشمال فلسطين وشمال الأردن وغرب سورية. يضعف الاهتمام الأكاديمي به ويعتقد أن السبب في ذلك يرجع إلى انعدام تقيده بالإعراب، وبالتالي عدم وصوله إلى الفهم المشترك للعرب. تعريف الزجل لغويا استخدمت مفردة (زجل) في اللغة العربية قبل أن يصطلح على استخدامها لفن الزجل الشعري، وسنستفيد من تتبع بعض المواضع التي وردت فيها قبل نشوء فن الزجل الشعري، لندرك السبب في اختيار مفردة (زجل) اسما لهذا الفن الشعري. 1- الدلالة الأولى: الرمي، عرف ابن المنظور مفردة (الزجل) بتسكين الجيم بقوله: «الرمي بالشيء تأخذه بيدك فترمي به»، ومنه زجل الشيء يزجله وزجل به زجلا وزجلت به، ومن الأقوال الدلالة على استخدام مفردة (زجل) بهذا المعنى الحديث: «أخذ الحربة لأبي بن خلف فزجله بها فقتله» أي رماه بها، وحديث الصحابي عبد الله بن سلام: «فأخذ بيدي فزجل بي» أي رماني ودفع بي، وقال الشاعر: بتنا وباتت رياح الغور تزجله... حتى استتتب تواليه بأنجاد الغور: تهامة، وأنجاد: جمع نجد، وتزجله: أي تدفعه ، ويقال: «لعن الله أما زجلت به»، «وزجلت الناقة بما في بطنها زجلا» أي رمت به. 2- الدلالة الثانية: (الزجل) بفتح الجيم، الصوت الصادر من الجمادات، وعرفتها الموسوعة العربية العالمية بـ«درجة معينة من درجات شدة الصوت، وهي الدرجة الجهيرة ذات الجلبة والأصداء»، ومن ما ورد في ذلك من الأقوال، قولهم: «سحاب زجل»: إذا كان فيه الرعد، و«غيث زجل»: لرعده صوت، و«نبت زجل»: صوتت فيه الريح، ونجد شعرا للأعشى منه قوله: تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت كما استعان بريح عشرق زجل، أي ريح مصوته، وقول أبو الرضا المعري عبرت بربع من سياث فراعني به زجل الأحجار تحت المعاول أي الصوت الصادر من جراء ضرب الأحجار بالمعاول. 3- الدلالة الثالثة: اللعب والجلبة ورفع الصوت، وخص به التطريب، كما جاء في معجم لسان العرب لابن المنظور، أو رفع الصوت المرنم كما جاء في الموسوعة العربية العالمية، فكان يطلق على صوت الحمام، ثم الصوت البشري المطرب. ومما ورد فيه من الأقوال، حديث الرسول محمد: «نزلت علي سورة الأنعام جملة واحدة، وشيعها سبعون ألفا من الملائكة لهم زجل بالتسبيح والتحميد»، وأنشد سيبويه: له زجل كأنه صوت حاد إذا طلب الوسيقة أو زمير، وربما قصد به الغناء، فقيل: وهو يغنيها غناء زاجلا، «وقد يؤكد هذا الارتباط الدلالي بين كلمة زجل ومعنى الصوت العالي المنغم أن كلمة زجالة مازالت تطلق، في بعض الواحات المصرية، على جماعة من الشباب الذين يجتمعون في مكان بعيد ليؤدوا الرقص والغناء الصاخب بمصاحبة آلاتهم الموسيقية» اصطلاحا يحاول صفي الدين الحلي في كتابه (العاطل الحالي والمُرخَص الغالي) إيجاد تعليل للربط بين الاستعمال اللغوي والاستعمال الاصطلاحي، فيقول: «وإنما لا يلتذ به ويفهم مقاطع أوزانه ولزوم قوافيه حتى يغنى به ويصوت فيزول اللبس بذلك». وهكذا غدت كلمة زجل في الدوائر الأدبية والغنائية مصطلحا يدل على شكل من أشكال النظم العربي، وأداته اللغوية هي إحدى اللهجات العربية الدارجة، وأوزانه مشتقة أساسا من أوزان العروض العربي، وإن تعرضت لتعديلات وتنويعات تتواءم بها منظوماته مع الأداء الصوتي للهجات، ويتيح هذا الشكل من النظم تباين الأوزان وتنويع القوافي وتعدد الأجزاء التي تتكون منها المنظومة الزجلية، غير أنه يلزم باتباع نسق واحد ينتظم فيه كل من الوزن والقافية وعدد الشطرات التي تتكون منها الأجزاء، في إطار المنظومة الزجلية الواحدة . ونجد تعريفا أكثر تحديدا لأحمد مجاهد يعرف فيه الزجل بـ«شعر عامي لا يتقيد بقواعد اللغة، وخاصة الإعراب وصيغ المفردات، وقد نظم على أوزان البحور القديمة، وأوزان أخرى مشتقة منها» . ويظهر أن تعريفات الزجل لا تختلف عن تعريفات الشعر، والجدل الدائر حولها، إلا باستخدامها اللهجات العامية، وترك الفصحى، وهو ما عبر عنه صفي الدين الحلي بقوله -متحدثا عن موضوع كتابه (العاطل الحالي) وهو الفنون العامية- : «هذه الفنون إعرابها لحن، وفصاحتها لكن، وقوة لفظها وهن، حلال الإعراب فيها حرام، وصحة اللفظ بها سقام، يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صناعاتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهي السهل الممتنع، والأدنى المرتفع» . أصله يعود أصل الزجل إلى العصر الجاهلي، وكان من أشهر الزجالين الشاعرة الخنساء. كلمة زجل بالعربية تعني «الصوت». والزجل في اللغة هو التصويت والتطريب، وهو اسم أطلقه الأندلسيون على شعرهم العامي الذي شاع واشتهر في القرن الثاني عشر الميلادي، خاصة على يد ابن قزمان وجماعته، وانتشر بعد ذلك في لهجات الأقطار العربية الأخرى في المشرق. في بدايات القرن العشرين، أطلق اللبنانيون وصف «الزجل» على شعرهم العامي، إذ كان يعرف قبل ذلك في سوريا ولبنان، بـ «القول» أو«المعنّى». كما كان يسمى الشاعر «بالقوّال». وكان يعرف في فلسطين، بـ «الحدا» أو «الحدادي» وعرف الشاعر بال«حادي»، وخاصة في الجليل والكرمل. ودام بقاء الزجل حتى آخر أيام الوجود العربي في الأندلس. يقول صفي الدين الحلي أن مخترعي الزجل هم أهل المغرب العربي، ثم انتقل إلى العراق وباقي الدول العربية. ويعتبر الأندلسيون السبّاقون في مجال الشعر المحكي، إلا أنّ الشعب الذي عاش في جبال لبنان، مما عنده ثروة طبيعية ضخمة وفنون متعددة أضاف العديد من ألوان الشِّعر الشعبي. و«لئن كان الشعر الشعبي نتيجة طبيعيّة لظهور اللّغة العاميّة، فإنّه من الثابت أنّ تطورّه في لبنان كان بتأثير الألحان السريانية الكنسية». أنواع الزجل النوع الشكل مثال معنى وهو على بحر الرجز: مستفعلن مستفعلن مستفعلن (أو الكامل: متفاعلن متفاعلن متفاعلن) يا بيرق الشعر لمجدك ما انطوى رفرف مع النسمات وتمايل غوى زند اللي شالك زند ماكن ما التوى سلاحو عقل من معجن الحكمة ارتوى عتابا البحر المتناهي 9 مقاطع كل شطر، أو السريع وهو الشائع 10 مقاطع في كل شطر، والبسيط 11 مقطعا في كل شطر لا تظني عن ربوعك بعدنـا على درب الهوى مشينا بعدنا تعالي انظري انشـغلي بعدنا تريني براس قايمة الحبـاب ميجانا الوزن اليعقوبي الذي تتألف دعامتيه من 24 حركة صوتية 12 في كل شطر يا ميجانا يا ميجانا يا ميجانا اعطينا عيونك تا نسـل سيوفنا قد الحلو ما يوم قدامي خطر الا ما حبه مر عَ بالي وخطر وشو هم حبو يكون مرصود بخطر ما دام كل الحب تعتير وهنــا قلبي انا كيف شكل فيني احملو وكل ما حلو قبالو مرق بشعلو وحتى اذا بنوم الهنا بيبصر حلو بيشعل حريق الحب بنوم الهنا أبو الزلف الوزن المزدوج الذي يتألف من 13 مقطع صوتي – 7 حركات في الشطر الأول و6 حركات في الشطر الثاني، هيهات يا بو الزلف عيني يا موليا قلبي أماني معـك لا تنكرو عليـا يا حلو حاجي بقا تسرق غفا مني تمرّد علي الشـقا في غيبتك عنـي كنا بليل النقـا عا ليلنا نغني ما عدت بعد اللقا شــفتك بعينيـــا الشـروقي من البحر الوفائي، صدوره من قافية وأعجازه من قافية أخرى ويتألف كل شطر من 13 حركة يلِّي هديتك قلب حـب ووفـا مليان وغنيت فيكـي بِكر شـعر والهـامي ياما وياما نظمت بمحاسنك قصدان وما كان وادي الوفا يردد صدى هيامي الروزانا البيت مبنٍ على 13 مقطع صوتي، فالشطر الأول من 7 مقاطع والشطر الثاني من 6 مقاطع (حركات). أما الدور فيتألف من أربعة أبيات، قافية صدورها واحدة وكذلك قافية اعجازها ما عدا عجز البيت الأخير إذ يعود إلى القافية العامة للمطلع ويبنى على 7 حركات في الشطر الأول و6 حركات في الشطر الثاني عَ الروزانا عَ الروزانا كل الحلا فيها شو عملـت الروزانا حتّـى نجافيها الندب وطريقة الندب جعل القافية فيه على طريقة المعنى ويأتي من البحر المتفاوت الذي تتألف كل من دعامتيه من 8 حركات دموعكم لا تحجبوها من المحاجر اسكبوها واتركو الزهرة اللطيفة الباكيي تودع أبـوها زغرودة كناية عن بيتين تكون القافية في الصدر والإعجاز واحدة. وتبدأ على الغالب بلفظة "أويها" وتنتهي بـ"لي لي لي لي لي". وأوزانها من البحر البسيط الذي تتألف كل من دعامتيه من 11 حركة ومجموع حركات البيت 22 اويها مبروك يابني انشال الهم من بالك اويها اليوم عرسك كنار الأرز غنّالك اويها حقك تشوف بعروسك عالمدى حالك اويها بالحسن اخت البدر يا ألف نيّالك لي لي لي لي لي أنواع أخرى القرادي هو على البحر المتدارك. يرتكز هذا البحر على شطرين ومجموع عدد حركات البيت بكامله هي 14، 7 في الشطرالأول و7 في الشطر الثاني مثال: ضيعتنا عمْ بتنادي أهلا و سهلا يا ولادي إن كلمة قرّادي مصدرها القَردَ أي «لجلجة اللِّسان» بحيث يتلجلج اللِّسان عند غنائها لسرعة وزنها وأنواعها كثيرة، بحيث يتألف البيت من أربعة عشر مقطعاً صوتياً، سبعة مقاطع في الصدروسبعة مقاطع في العجز. منها المثناة المسمّاة عند عامة الشَّعب (قرادي عالحرف) ومنها المربعّة أي (قرّادي عالحرفين). للقرادي فنون عديدة منها ما أهمل النظم فيه، وقد ذكره رشيد نخله في ديوانه: القلاّب، وكرج الحجل، ومشي الست، والمطبق، والشلوقي، والكناري، والمسجع، ودق المطرقة، والمربع، والمجوز، والشوفاني (نسبة إلى جبل الشوف) والشوفاني القديم، ونقلة العروس، والمربوط. وهناك العديد من أنواع الزجل الأخرى، خاصة الزجل الغنائي اللبناني ومنها: سكابا، عاليادي اليادي، عالالاولالا، عالماني، ليا وليا، ويا غزيل والمعنى. أشهر الزجالين تعد المصادر الأندلسية عددا من الزجالة، فابن سعيد الأندلسي تحدث عن سبعة عشر زجالا في كتابه (المغرب في حلي المغرب)، وعن ثمانية زجالين في كتابه (المقتطف من أزاهر الطرف)، وعن ثلاثة زجالين في كتابه (اختصار القدح المحلى في التاريخ المحنى)، ولم يفته التحدث عن ابن قزمان، في كتابه «رايات المبرزين وغايات المميزين»، وهؤلاء الزجالة يمثلون القرنيين السادس والسابع الهجريين. ولسان الدين ابن الخطيب نص على ذكر ستة زجالين من القرون السادس والسابع والثامن، توفي آخرهم سنة 761هـ، وذلك في كتابه (الإحاطة في أخبار غرناطة). وسوف نكتب في هذا الفصل نبذا عن أبرز الزجالة في الأندلس، نبدأها بإمام الزجالة، أبو بكر ابن قزمان: ابن قزمان (ت550)[عدل]  مقالة مفصلة: ابن قزمان "اسم ابن قزمان غير عربي وجرسه أسباني بحت، ويخبرنا أصحاب التراجم أن بني قزمان يرتفع نسبهم من غير شك إلى مولد عرف باسم ابن قزمان الزهري، وكان مقام بني قزمان في قرطبة منذ القرن الرابع على الأقل. وأصحاب التراجم مقلون جدا في أخبار ابن قزمان، فلا مناص من جمع حياته من آثاره، ولو أن الذي نجمعه قليل. اسمه أبو بكر محمد بن عيسى بن عبد الملك ويلقبه بعضهم بلقب الأصغر، تمييزا له عن سمي له هو عمه أبو بكر محمد بن عبد الملك الأكبر، وكان العم شاعرا كلاسيكيا على شيء من الشهرة ووزر لبني الأفطس ببطليوس، ومات في عام 508هـ. والغريب أنه وقع خلط بين العم وابن أخيه وقع في هذا الخلط ابن الأبار وابن الخطيب والهولندي دوزي والتشيكي نيكل، ولقد نبهت إلى هذا الخلط في مقالة عنوانها (شيء من جديد ابن قزمان) نشرتها في القاهرة ولندن ومدريد في وقت واحد، وأثبت فيها أن ما يوصف به ابن قزمان من التعمير جاء من إضافة عمره إلى عمر عمه، ومن جعل مولده في أوائل القرن الخامس بدل آخره وتحديدا عام 480هـ. ولد ابن قزمان بعد معركة الزلاقة (479هـ)، ببضع سنين، وهي المعركة التي بدأ بها تدخل المرابطين في الحياة السياسية الأندلسية. وقضى ابن قزمان حياته في قرطبة، ولكنه ارتحل لزيارة مدن الأندلس الكبرى، واتصل في غرناطة بشاعرة مشهورة هي نزهون، وكان في قرطبة وفي كل المدن التي زارها مقربا من حماة الأدب الأندلسي، فمدحهم بمدائح، ومات في قرطبة عام 550هـ، بعد أن جاوز الستين، وترك على ألأقل ولدا واحدا اسمه أحمد، وأقام أحمد هذا بمالقة، ومات بها أول القرن السادس الهجري، وتدلنا بعض أشعار ابن قزمان على صفاته الجسمية: كان أشقر الشعر، أزرق العينين، يتكلم الرومانية كما يتكلم العربية، وعلى حظ من الثقافة القديمة، لأنه حاول في شبابه قرض الشعر على الطريقة القديمة، وقد نقل لنا ابن سعيد أمثلة من هذه المحاولات. وكان ابن قزمان أول عمره يقرض بلغة معربة، ثم رأى أنه لم يبلغ في ذلك مبلغ كبار الشعراء في زمانه، كـابن خفاجة، فعمد إلى طريقة لا يمازجه فيها أحد منهم فأصبح إمام الزجل المنظوم بكلام عامة الأندلس وكان عزمه على صرف جهده وصنعته الشعرية إلى اللغة العامية عزما حكيما، وشاهد ذلك ما لقي من توفيق وما كان من ذيوع فنه إلى ما وراء الأندلس وبلوغ صيته إلى بغداد نفسها. وقد بقيت آثار ابن قزمان العامية محفوظة كاملة تقريبا إلى الآن في مخطوط وحيد نسخ بصفد بفلسطين منتصف القرن السادس ومحفوظ فيمتحف ليننغراد الآسيوي، ونشر عدة مرات نشرا غير جيد، ولكن المستشرق الفرنسي ج.س.كولان نشره أخيرا بشكل محكم". مدغليس وهذا الاسم مركب من كلمتين، وأصله مضغ الليس، والليس جمع ليسه وهي ليقة الدواة، وذلك لأنه كان صغيرا بالمكتب يمضغ ليقته، والمصريون يبدلون الضاد دالا فانطلق عليه هذا الاسم وعرف به وكنيته في ديوانه أبو عبد الله ابن الحاج، وعرف بمدغليس. ومدغليس من أهل القرن السادس، وهو الخليفة الأوحد لابن قزمان في زمانه وقد وقعت له العجائب في هذه الطريقة، ونقل العلامة المقري فينفح الطيب عن أهل الأندلس قولهم: ابن قزمان في الزجالين بمنزلة المتنبي في الشعراء، ومدغليس بمنزلة أبو تمام، بالنظر إلى الانطباع والصناعة، فابن قزمان ملتفت إلى المعنى، ومدغليس ملتفت إلى اللفظ، وكان أديبا معربا في كلامه مثل ابن قزمان، ولكنه رأى نفسه في الزجل أنجب فاقتصر عليه. ومن قوله في زجله المشهور: ورزاذ دق يـــنـــــزل وشعاع الشمس يضـــــرب فترى الواحـد يفـضـض وتـرى الآخـــــــــر يذهـب والنبات يشرب ويسـكـر والغصون ترقص وتطرب وبـريد تـجـي إلـينــــــا ثم تــــــــستـحـي وتـهـرب. إبراهيم بن سهل الإشبيلي (ت649)  مقالة مفصلة: ابن سهل الأندلسي وقد عَدَّه المقري في نفح الطيب من شعراء اليهودية وقيل إنه مات على الإسلام، وبعضهم ينفي ذلك كأبي الحسن علي بن سمعة الأندلسي فإنه قال: ’’شيئان لا يصحان: إسلام إبراهيم بن سهل، وتوبة الزمخشري من الاعتزال’’ وله أزجال ذكرها ابن حجة الحموي في بلوغ الأمل لكنَّهُ نبغ في فن الموشحات وبه اشتهر وفيه مهر. أبو الحسن الشستري(610-668)  مقالة مفصلة: أبو الحسن الششتري وكان باقعةً في الزجل والشعر والتصوف، وصفه لسان الدين ابن الخطيب في الإحاطة بقوله:’«عروس الفقراء، وأمير المتجردين، وبركة الأندلس، لابس الخرقة، أبو الحسن. من أهل شستر، قرية من عمل وادي آش معروفة، وزقاق الشستري معروف بها. وكان مجوداً للقرآن، قايماً عليه، عارفاً بمعانيه، من أهل العلم والعمل». وقد خَلُص بعض الباحثين إلى أن الشستري هذا كان أوَّلَ من استعمل الزَّجل في المعاني الصوفية، كما كان محي الدين بن عربي أوَّلَ من استعمل الموشح في ذلك. وقد أكثر الشستري التَّطواف في البلاد الأندلسية، ورحل إلى المغرب واجتال أقاليمها، حتى ألقى عصى التَّجوال في دمياط من بلاد المشرق ودفن بها. وقد أولعَ المشارقة لهذا العهد بمقاطيع من أزجاله وتغنوا بها في مجالسهم، حتى إن رائعته الشهيرة (شويخ من أرض مكناس) اشتهرت في أقطار المشرق وتنفَّقت بين المشارقة أكثر من حواضر المغرب. وهذه قطعةٌ منها كما وردت في إيقاظ الهمم لابن عجيبة وقدم لها بقوله: ’’الشستري كان وزيراً وعالماً وأبوه كان أميراً فلما أراد الدخول في طريق القوم قال له شيخه لا تنال منها شيئاً حتى تبيع متاعك وتلبس قشابة وتأخذ بنديراً وتدخل السوق ففعل جميع ذلك فقال له ما تقول في السوق فقال قل بدأت بذكر الحبيب فدخل السوق يضرب بنديره ويقول: بدأت بذكر الحبيب فبقي ثلاثة أيام وخرقت له الحجب فجعل يغني في الأسواق بعلوم الأذواق ومن كلامه شويخ من أرض مكناس في وسط الأسواق يغني آش علي من الـنـاس وآش على الناس منـي ثم قال: اش حـد مـن حــد أفهموا ذي الأشـاره وأنظروا كبر سـنـي والعصا والـغـراره هكذا عشـت بـفـاس وكـد هـان هـونـي آش علي من الـنـاس وآش على الناس مني وما أحسـن كـلامـه إذا يخطر في الأسواق وترى أهل الحوانـت تلتفت لو بالأعـنـاق بالغرارة في عنـقـو بعكيكـز وبـغـراف شيخ يبني على سـاس كأنشاء اللـه يبـنـي اش علي من الـنـاس واش على الناس مني. أبو عبد الله اللوشي وكان من المجيدين لهذه الطريقة وله فيها قصيدة طويلة الذيل يمدح فيها السلطان ابن الأحمر ذكرها ابن خلدون في المقدمة منها: تحت العكاكن منها خصر رقـيق من رقتو يخفي إذا تـطـلـبـو أرق هو من ديني فيمـا تـقـــــول جديد عتبك حـق مـا أكـذبـو أي دين بقا لي معاك وأي عـقـل من يتبعك من ذا وذا تسـلـبـو تحمل أرداف ثقال كـالـرقـــــيب حين ينظر العاشق وحين يرقبـو قلت: والعكاكن مأخوذة من عُكَن الثوب أو الدرع وهو ما تثنى منها على اللابس إذا كانت واسعة. والمعنى أن هذه العُكن المتثنية من الثوب تخفي تحتها خصراً رقيقاً لطيفاً. الحسن بن أبي النصر الدباغ أغرم بالزجل إنشاء وجمعا، فقال كثيرا من قصائد الزجل وبخاصة في الهجاء، كما جمع مختارات للزجالين في مجموعتين، أطلق على المجموعة الأولى عنوان (مختار ما للزجالين المطبوعين) وجعل عنوان الثانية (ملح الزجالين). من لبنان: اسعد الخوري الفغالي، محمد محمود الزين، زين شعيب الملقب بـأبو علي، جوزيف الهاشم الملقب بـ زغلول الدامور، موسى زغيب، خليل روكز، طليع حمدان، خليل شحرور، السيد محمد مصطفى، إدوار حرب، جريس البستاني، أسعد سعيد، حسون الأخضر، نايف تلحوق، كميل زياده. من فلسطين: يوسف الحسون «أبو العلاء» الذي يعتبر رائداً في فن العتابا والشروقي ، موسى حافظ، المذيع نعمان الجلماوي، المذيع اكرم قعوار، مذيع البرامج صالح رباع [منذ 2006]، شادي البوريني... الخ. من سوريا: فؤاد حيدر وسمير هلال وشفيق ديب وعصام يوسف وفراس زودة من الأردن: نايف أبو عبيد، الدوقراني، حسن عبد الفتاح ناجي، رزق الله المناع، روضة أبو الشعر، سليمان عويس، عادل مصطفى الروسان، سليم خليل النمري، عيسى عباسي، موسى نزال الأزرعي، يعقوب نصر عازر من المغرب:أحمد لمسيح ،ادريس المسناوي،احميدة بلبالي، محمد الراشق، عبد الحفيظ المتوني، نهاد بنعكيدا، أسماء بنكيران علاقة الموشح والشعر الملحون بالزجل الموشح والشعر الملحون (القصيدة الزجلية) والزجل، جميعها فنون أندلسية مترابطة. فالموشح هو كلام منظوم في بنية مختلفة عن الشعر العمودي الموحد الوزن والقافية، وهو في مبناه هذا مشابه للزجل، كما أنه مشابه له في غلبة استخدامه للغناء، وارتباطه بالآلات الموسيقية. وأما الشعر الملحون ويسمى أيضا القصيد الزجلي، فهو شعر موحد الوزن والقافية، إلا أنه بلغة مختلفة، لغة عامية، غير معربة. ويبدو أن الشعر الزجلي أو الشعر الملحون أقرب إلى الزجل من الموشح، حتى إن بعض المراجع لا تفرق بينهما، مثل صفي الدين الحلي الذي عد قصائد مدغليس الثلاث عشرة التي وجدها في ديوانه أزجالا، ولم ينتبه لتسمية الأندلسيين لهذا اللون «شعرا ملحونا»، وأن الزجل لديهم ذو دلالة مخالفة، أما ابن سعيد الأندلسي فيورد لأحدهم زجلا ثم يورد للزجال نفسه نموذجا يميزه باسم الشعر الملحون والفرق بينهما في ابتعاد الزجل عن شكل القصيدة، لا بقاؤه قصيدة سقطت منها الروابط الإعرابية، فإن كانت آية الزجل إسقاط الإعراب، فليس كل ما جرد من الإعراب سمي زجلا. إلا أن في رأي صفي الدين الحلي ما يستعين به بعض النقاد في تأييد القول بأسبقية الشعر الزجلي على الزجل، واشتقاق الزجل منه وليس من الموشح، مستشهدين بقول الحلي: «وهذه القصائد لما كثرت واختلفت، عدلوا عن الوزن العربي الواحد إلى تفريع الأوزان المتنوعة، وتضعيف لزومات القوافي، ليكون ذلك فنا لهم بمفردهم، وذلك لأنهم لما لحنوا تلك القصائد بألحان طيبة السماع، رائقة في الأسماع، متناسبة في الأنغام والإيقاع، اضطر جدول كل منهم إلى شط ينتهي إليه، ومقطع يقف الدور عليه، وكانت همتهم الشريفة، وطباعهم اللطيفة، ناهضة بالجمع بين أصول الطرب، وصحة أوزان العرب، ولم يكن لهم اطلاع على ما اخترعته الأعاجم من تلفيق الترانات والأوزان والأوانكشتات، المتمم به نقص الأدوار والسربندات»، والذين يستدلون بنص الحلي يرون أن طبيعة الأشياء هي التي تقرر أن الانتقال يكون عادة من السهولة إلى الصعوبة، تدرجا، ومن البساطة إلى التعقيد، من بساطة في التركيب متمثلة بوحدة الوزن والقافية في القصيدة الزجلية، إلى ما اتصف به الزجل من تعقيد تمثل بتعدد الأوزان واختلاف القوافي في الأقفال والأدوار، مع اشتراك الفنيين في الأغراض وفي اللغة وأساليب التعبير، وبتأكيد قاطع، يقول مقداد رحيم: «ومهما يكن من أمر، فإن الشعر الزجلي أسبق من الزجل في النشأة». والقول بهذا الرأي يبنى عليه أسبقية الزجل على الموشح، فإذا كان اختراع الزجل مر بهذه المراحل، فإن الموشح بالتأكيد لم يبدأ من جديد بنفس الحكاية، فيكون مشتقا من الشعر العمودي، ليصل إلى نفس هيكل الزجل تماما، فهذه ستكون صدفة صعبة، بل الأقرب أن الموشح سيكون فقط تعريبا للزجل، وهذا ما لا يتفق مع رأي فريق آخر من المؤرخين، كابن خلدون، الذي يرى الموشح سابقا للزجل، وندرك هذا في قوله: «ولما شاع فن التوشيح في أهل الأندلس، وأخذ به الجمهور لسلاسته، وتنميق كلامه، وترصيع أجزاءه، نسجت العامة من أهل الأمصار على منواله، ونظموا في طريقته بلغتهم الحضرية، من غير أن يلتزموا فيه إعرابا، واستحدثوا فنا سموه بالزجل، والتزموا اللفظ فيه على مناحيهم، لهذا العهد، فجاءوا فيه بالفرائد، واتسع فيه للبلاغة مجال بحسب لغتهم المستعجمة». ويدعم قول ابن خلدون ما صرح به ابن قزمان بنظم زجلة له على عروض موشح معروف واستعار الخرجة منه، ومنه قوله: ريت وحد النهار خرج بالكميت وفي قلب من اجل مما دريت قلت فيه ذا الزجل كما قد رويت عرض التوشيح الذي سميت عقد الله راية النصر لأمير العلا أبو زكري وهي خرجة مأخوذة من موشح لابن باجة «عقد الله راية النصر لأمير العلا أبي بكر». وإذا كان المعتاد في الموشحة أن تكون خرجتها عامية أو أعجمية، فإن المعتاد في الزجلة أن تكون خرجتها معربة، وهو ما كان يفعله ابن سناء الملك حيث يفرق بين الزجل والموشح بقرينة لطيفة، وهو أنه جعل في آخر غالب موشحاته خرجة مزجلة تكون من نظم أئمة الزجالة، وغالب أئمة الوشاحة فعلوا ذلك ليظهر الفرق، وذلك لأن الفنيين يتداخلان أحيانا بسبب عيب يسمى التزنيم، وهو في الزجل الإعراب، وفي الموشح اللحن. «وعند الجميع أن التزنيم في الموشح أقبح منه في الزجل، لأن من أعرب في الملحون فقد رد الشيء إلى أصله، ومن لحن في المعرب فقد زل وخالف». موضوعات الزجل رغم أن الزجل ابتدأ كفن للعامة في الأندلس، إلا أن موضوعاته تعددت حتى شملت جميع موضوعات الشعر العربي التقليدي، حتى الجليل منها، كمديح الملوك والحكام، والرثاء، ووصف القصور والضياع، ثم الزهد والزجل الصوفي في وقت لاحق. وقد كان الزجل في بدايته مقصورا على الغزل واللهو والمجون والأحماض، ثم كان للزجالين في كل عهد معين وبيئة معينة، مجالات يرتبطون بها، ومن ثم كان مركز اهتمامهم ينتقل من موضوعات بعينها، -تلقى قبولا في هذا المجال أو ذاك- إلى موضوعات أخرى، تختلف باختلاف العهود والبيئات الثقافية التي ينتمون إليها. ومن ذلك ما نقرأه في أزجال زجالي الأندلس من انشغال بالعشق والشراب ووصف الرياض ومجالس الصحاب، نتيجة للالتفاف زجالي ذلك العصر حول دوائر الخاصة، والتحاقهم بمجالسهم التي كان مدارها الغناء والتنافس في إظهار المهارة والتأنق والتظرف. ثم صار فن الزجل وعاء لـالشعر الديني والتصوف، وبلغ ذروته على يد الشيخ المتصوف الأكبر محيي الدين بن عربي الأندلسي، ومن بعد الشيخ أبو الحسن الشوستري، الذي استطاع نقل الزجل إلى مكانة رفيعة في الوسط الأدبي منذ القرن السابع الهجري، وأدخله في حلقات الذكر، وغناء الصوفية. كما كان الهجاء أيضا من موضوعات الزجل، ويحتوي ديوان ابن قزمان على الهجاء، إلا أن الدباغ يعتبر رائد الهجاء في الزجل. وقد مزج الزجل في الزجلة الواحدة بين موضوعين أو أكثر، فالـغزل يمتزج بالخمريات، والمدح يأتي معه الغزل أو وصف الطبيعة ومجالس الشراب، ووصف الطبيعة تصحبه مجالس الطرب والغناء، وأما الأزجال التي اختصت بغرض واحد فقليلة، ويعد الزجل الصوفي من الأزجال ذات الغرض الواحد. وسنعرض نموذجين لأزجال من الخمريات ووصف الأماكن: قال أبو بكر بن صارم الأشبيلي: حقاً نحب العقار فالدير طول النهار نرتهن خلع أنا لس قدا عن فلان نشرب بشقف القدح كف ما كن للدير مر وتراني عيان قد التويت فالغبار وماع كانون بنار فالدكان ومذهبي فالشراب القديم وسكرا من هُ المنى والنعيم ولس لي صاحب ولا لي نديم فقدت أعيان كبار واخلطن مع ذا العيار الزمن لا تستمع من يقول كان وكان وانظر حقيق الخبر والعيان بحال خيالي رجع ذا الزمان فأحلى ما يوريك ديار غيبها واخرج جوار اليمن وصف الأماكن[عدل] وخرج ابن قزمان إلى منتزه مع بعض أصحابه، فجلسوا تحت عريش وأمامهم تمثال أسد من رخام يصب الماء من فمـه على صفائح منالحجر متدرجة فقال: وعريش قد قام على دكــان بحال رواق وأسد قد ابتلع ثعبــــان من غلظ ساق وفتح فمه بحال إنســـــان بيه الفراق لغة الزجل كانت الأندلس بلادا متعددة الثقافات، ونتيجة لهذا التعدد تكونت لغات أندلسية كريولية، مختلطة من اللغات الرومانية والبربرية والعربية، والتي بدورها تتفرع إلى لهجات عديدة، ومستويات متفاوتة، فكانت العاميات المتكونة «بعيدة بعدا شديدا عن اللغة العربية الفصحى». نشأت من هذه العاميات فنون شعبية فلكلورية، منها الفنون اللغوية، مثل الغناء للأطفال، والغناء للأعراس، وظاهرة التروبادو أي الشاعر الجوال أو الشاعر المنشد الذي يلقي أناشيده العامية في القصور، وأفنية الكنائس، والأسواق، والساحات الشوارع، وغيرها من الفلكلور. و أحد الآراء يذهب إلى أن الزجل كان من هذه الفنون الشعبية في مرحلته الأولى، وأنه ابتدع ليرضي النهم الفني للعامة من سكان الأندلس. ويبدو أن الزجل بعد مرحلة الأغنية الشعبية دخل في مرحلة من التفصح بعض الشيء، وأخذ نظامه يتشبهون بالموشحين، حتى كاد يمحى الفرق بين الزجل والموشح، ولولا ذلك ما انتشرت أزجال الأندلسيين في العراق وبلاد الشام، واستعذبها المشارقة ونسجوا على منوالها، حتى قال ابن سعيد: «ورأيت أزجاله - ابن قزمان – مروية ببغداد أكثر مما رأيتها بحواضر المغرب»، بل وإننا اليوم، وباستخدام لغتنا العربية المعيارية، نجد أننا نفهم الكثير من الزجل الأندلسي، وهذا ما أدركه الأولون عندما أسموا الزجل فنا غير معرب، ويقصدون بهذا الاسم: أشكال النظم العربية التي ظهرت في العصر الأدبي الوسيط، والتي لم يلتزم ناظموها باللغة الفصحى المعيارية، وخاصة بالنسبة لقواعد الإعراب، واعتماد ذلك التصنيف على هذا الفارق اللغوي يدل على إدراك نافذ، فالواقع أن هذه الأشكال غير المعربة ظلت على صلة وثيقة بالأشكال المعربة، وتتبنى تقاليدها الفنية، رغم فارق مستوى الأداء اللغوي، بل إن لغة الزجل، وإن كانت غير معربة، كانت تقترب من الفصحى بقدر كبير، فلغة المنظومات الزجلية كانت لهجة دارجة خاصة بالزجالين، بوصفهم أفرادا يلتحقون بالدوائر الأدبية السائدة، وتتحد أطرهم المرجعية في داخل نوع الثقافة العربية التي تقرها هذه الدوائر. وقد ظل هذا الفارق في مستوى الأداء اللغوي أحد مقومات تمايز الزجل عن الموشح، كما كان في الوقت نفسه أحد مقوّمات تمايز الزجل عن أشكال الشعر الشعبي (الفولكلوري) وعن حركة شعر العامية واختلافه معها، فقد «كتب بلغة ليست عامية بحتة بل هي مهذبة وإن كانت غير معربة». ويبدوا أن خشية الزجالة من غلبة التعريب على الزجل، وجعله فنا خاضعا لـقواعد اللغة العربية المعيارية، جعلهم يشددون على اشتراط اللحنفي الزجل، حتى قال ابن قزمان: «الإعراب في الزجل لحن»، فالزَّجل لون من الكلام لا يحتمل الإعراب عند الزجالة فهو ملحون أبدا، ولا يجيزون فيه أن يختلط اللحن والإعراب فتكون بعض ألفاظ البيت معربة وبعضها ملحونة، وقد قرر هذه القاعدة واضع هذا الفن أبو بكر بن قزمان في مقدمة ديوانه لما قال: وجردت فني من الإعـراب كما يجرد السيف من القراب فمن دخل علي من هذا الباب فقد أخـطـأ ومـا أصـاب ومن أعرب في الزجل فقد أساء وسموا ذلك منه تزنيما، وعدوه عيبا فاحشا. وقال صفي الدين الحلي: «وهذه الفنون إعرابها لحن، وفصاحتها لكن، وقوة لفظها وهن، حلال الإعراب فيها حرام، وصحة اللفظ بها سقام، يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صناعتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهى السهل الممتنع، والأدنى المرتفع»، وقال أيضا: «فإذا أحكم عليهم – الزجالة - فيها لفظة معربة غالطوا فيها بالإدماج في اللفظ والحيلة في الخط كالتنوين فإنهم يجعلون كل منون منصوباً أبدا، فيكتبون اللفظة بمفردها مجردة من التنوين، وبعدها ألفا ونونا، كأن يكتبوا (رجلا) على هذه الصورة (رجلن)». ويجب أن نشير أيضا إلى أن الزجالة لم يولوا اهتماما لأعجمية أهل الأندلس، فلا نجد من اللهجة الرومانسية إلا بعض الألفاظ، متناثرة في أزجال ابن قزمان، وما جاء على لسان العجم والأعجميات في أزجال الحوار، ولم نجد خرجة أعجمية في الزجل كما هو الشأن في بعض الموشحات، لكون لغة الزجل غير معربة، فيلجأ الزجال إلى الفصيح بدلا من الألفاظ الأعجمية، أو إلى التحايل، كأن يمهد للخرجة بألفاظ تدل على أن الزجل قد أوشك على النهاية. لقد استخدم ابن قزمان في أزجاله بعض المقطوعات بالأعجمية، ومن المؤكد أنه ورث هذه الطريقة عن الوشاحين الذين كانوا يستعملون الأعجمية في خرجات موشحاتهم، فمن ذلك قوله في الخرجة من زجل له: نمضي إن شاء الله من سرور لسرور والسعاد بشاشتْ إذ مطور وعدوك يذاق فشوال طــــتلـور لعن الله من لا يقول نعم لقد استخدم ابن قزمان في هذه المقطوعة لفظة «إذ ماطور» (d'amator)، وهي عجمية بمعنى «للعاشق»، كما استخدم أيضا – وهو يتوعد الفقيه بعد شهر رمضان – لفظة «طلور» (dolor)، وهي أعجمية بمعنى الألم. أما المستشرقون فقد أولوا اهتماما بالغا بالأزجال الأندلسية، وبالأخص ديوان ابن قزمان، وزعموا أن أزجاله تمثل ذروة الشعر العربي وواقعالمجتمع الإسلامي، إذ ركزوا بحوثهم على الألفاظ الأعجمية التي استخدمها ابن قزمان في أزجاله، وقد زعموا أن الزجال الأندلسي نظم بعض الخرجات الزجلية باللغة الأعجمية. لكن خرجات الزجل لم تكتب بالرومانسية كما يذهب هؤلاء المستشرقون، وإنما وجدت بعض الألفاظ في ثنايا أزجال ابن قزمان لا علاقة لها بالوزن أو الموسيقى أو القافية، وهي ألفاظ تعوّد الأندلسيون على استخدامها في حديثهم اليومي مع المسيحيين، ولم نجد ألفاظا أعجمية عند الزجالة الذين تقدموا ابن قزمان أو عاصروه أو خلفوه، فيما وصل إلينا من أزجالهم. نقابات وجمعيات للحفاظ على الزجل بصفته تراثاً شعبياً ونوعاً من أنواع الأدب ولتوحيد شعراء الزجل في مؤسسة تجمعهم ومتخصصة في الزجل أطلق في لبنان «عصبة شعراء الزجل» والتي أصبحت فيما بعد «نقابة شعراء الزجل». كما أطلق في سوريا «جمعية شعراء الزجل» والتي يترأسها الشاعر السوري فؤاد حيدر. انظر أيضاً زجل أندلسي عتابا أبو الزلف بيرم التونسي روابط خارجية صفحات ذات صلة ابن قزمان شاعر أندلسي أبو الحسن الششتري شاعر أندلسي بلوغ الأمل في فن الزجل

ابن قزمان

أبو بكر بن قزمان (1078 – 1160) كان واحدا من أشهر شعراء الزجل في الأندلس، وهو يعد من أحد أصول هذا النوع من الشعر، ولد في قرطبة وتوفي بها خلال عهد المرابطين، لكن على ما يبدو قضى معظم وقته في اشبيلية. عاش ابن قزمان في القرن الخامس الهجري في أسرة كان لها حضور ثقافي وأدبي وسياسي في البيئة الأندلسية. وكان مبدعا، عاش حياته في اللذة والمتعة واقتناص لذات الحياة حتى في شهر رمضان المبارك. وهو يشبه أبا نواس في وصفه الخمر وذكر اللذات والشهوات الدنيوية. شعره ويعد ابن قزمان زعيم الزجالين خاصة في ديوانه المشهور«إصابة الأغراض في ذكر الأعراض» الذي وثقه الكثير من المستشرقين والدارسين المسلمين. وقد أشاد بشاعرية ابن قزمان الزجلية الدارسون القدماء أمثال: ابن خلدون والمقري وابن سعيد و ابن الأبار وصفي الدين الحلبي... والدارسون المسلمون المحدثون كعبد العزيز الأهواني وإحسان عباس ومصطفى الشكعة... والمستشرقون والمستعربون كجنزبرج Gunzberg، والمستشرق التشيكي نيكلA.R.Nykl، وكولان Colin، والإسباني إيميليو گارسيا كوميث، وكوريينتي، دون أن نغض الطرف عن المستشرق الروسي كراتشكوفسكي والمستشرق الإسباني أنخل گونثالث بالنثيا. أما ديوان الشاعر فقد حملته الأقدار من بلد لآخر، ومن يد لأخرى بصورة عجيبة وغريبة. وذكر علي مكي لهذا الديوان قصة طريفة نقلها عن المستشرق الروسي كراتشوفسكي تصور رحلة الديوان في المكان والزمان. ويتبين لنا من كل هذا أن المستشرقين الغربيين هم الذين اهتموا بابن قزمان وديوانه الشعري إلى أن أفرد له عبد العزيز الأهوان يقسما خاصا به في كتابه«الزجل في الأندلس». وسيتحقق للديوان الظهور في سنة 1990 م، وأن يظفر بتحقيق من قبل الإسباني فيديريكو كوريينتي تحت عنوان«ديوان ابن قزمان القرطبي: إصابة الأعراض في ذكر الأغراض» بتقديم الدكتور محمد علي مكي، وصدر عن المجلس الأعلى للثقافة بجمهورية مصر. وسيظهر لكوريينتي بعد ذلك في سنة 1989م كتاب بعنوان:«ابن قزمان: الزجال الأندلسي». ومن مميزات شعر ابن قزمان أن زجله يعبر عن تمازج الحضارة الإسلامية بالحضارة الأيبيرية، كما تحضر اللغة الرومانثية بشكل ملحوظ في مفرداته وعباراته الشعرية، وهذا دليل على حضور اللاتينية في شعر ابن قزمان. كما يظهر زجله الشعري تشابه الشعر الأندلسي والشعر الأوربي على مستوى البناء والوزن والتقفية. أما إيقاع الزجل فقد أثار اختلافات متفاوتة بين الباحثين المسلمين والمستشرقين، فهناك من سار به مسارا إسلاميا، وهناك من قاربه على ضوء العروض المقطعي اللاتيني، وهناك من دافع عن خصوصيته الأندلسية المحلية. ولابد أن ننتبه إلى أن الأزجال زاخرة بالغنائية الموسيقية المشرقية والأندلسية المحلية. مواضيع متعلقة زجل زجل أندلسي هو محمد بن عيسى بن عبد الملك بن عيسى الزُّهري القرطبيُّ، أبو بكر، المعروف بابن قُزْمان، شاعر وزجال من أشهر الزجَّالين بالأندلس، نشأ في بيت سيادة من بيوت قرطبة، لم يزل أهله بين عالم ووزير. عُرف اثنان باسم ابن قُزمان؛ هذا وعمُّه محمد بن عبد الملك الوزير كاتب المتوكل آخر أمراء بني الأفْطس في بَطَلْيَوس، ومما يُذكر أنَّ صـاحب «نفح الطيب» خلط بينه وبين عمِّه محمد بن عبد الملك؛ وسار على نهجه هذا بعض المُحْدَثين منهم «سيبولد» في «دائرة المعارف». وقد لقَّبه «ابن بسَّـام» بابن قزمان الأصغر تمييزاً له من عمِّه. [5] اشْتُهِرَ بالزَّجل حتى رُوي زجله ببغداد، وأحسن، فصار شيخ الصِّناعة في الزجل المنظوم بكلام العامَّة في الأندلس. قال المقَّري في «أزهار الرياض»: «لمّا شاع فن التَّوشيح في أهل الأندلس، وأخذ به الجمهور لسلاسته وتنميق كلامه وتصريع أجزائه؛ نسجت العامة من أهل الأمصار على منواله، ونظموا على طريقته بلغتهم الحضريَّة، من غير أن يلتزموا فيه إعراباً، واستحدثوا فنّاً سمّوه بالزَّجل، والتزموا النظم فيه على مناحيهم إلى هذا العهد، فجاؤوا فيه بالغرائب، واتسع فيه للبلاغ مجال … وأوَّلُ من أبدع في هذه الطريقة الزَّجلية أبو بكر بن قُزمان، وإن كانت قيلت قبله بالأندلس، لكن لم تظهر حُلاها، ولا انسبكت معانيها، ولا اشتهرت رشاقتها إلا في زمانه»، وقال ابن سعيد: «رأيت أزجاله مروية ببغداد أكثر مما رأيتها بحواضر المغرب». كان ابن قزمان قرطبيَّ الدار؛ غير أنَّه تردد كثيراً إلى إشبيلية، وانتاب نهرها، خرج مرَّة إلى متنزه مع بعض أصحابه؛ فجلسوا تحت عَريش وأمامهم تمثال أسد من رخام يصب الماء من فيه على صفائح من الحجر، فقال زاجلاً: وعريشْ قد قام على دكَّـان بحــال رُواقْ وأســد قد ابتلعَ الثُّعبـان في غِلَظِ سـاقْ وفتح فمَهْ بحالْ إنســـانْ بـه الفَــواقْ من أزجاله التي سارت في الناس قوله: أُفني زماني على اختيـاري وأقطع العمـر باجتهادْ لم يخْلُ حسّ الطَّربْ بداري حتى يميلْ راسِ للوِسادْ واحدْ مؤذّنْ سـكنْ جِواري شـيخْ مليحْ أزهد العِبادْ إذا طلعْ في السَّحَرْ يَعِظْنِي يقـولْ حيَّ على الفلاحْ خرج بالزجل إلى غير الغزل والمجون، فجعله في الوصف والمديح والشكوى، فمن ذلك قوله شاكياً دهره بالعيد: قُلّي يا عيدْ فيما يسرُّني جِيتْ أو تجدِّدْ عليّ ما قد نسيتْ إذا انقطعْ زمــاني الأطولْ وعليه الثَّنا يكون ما بقيتْ أخذ معاني بعض زجله من شــعراء المشرق والمغرب، من ذلك ما أخذه عن المتنبي، كما يتضح في قوله في العيد في زجله المذكور آنفاً. ظل ابن قزمان زعيم صناعة الزجل وإمام الزجالين بالأندلس مطلقاً، إذ يرجع إلى مهارته في نظم الزجل ولعُ الأندلسيين والمغاربة بهذا الفن المستحدث، فنظموا على طريقته، وخرجوا عن الأوزان الخليلية المعروفة، وإن ظهر النظم في بعض زجلهم، غير أنَّهم تركوا الإعراب في كل حال، ولذلك قال ابن قزمان: وجرَّدت فنِّي من الإعراب كما يُجَرَّدُ السَّيف من القِراب قال ذلك نهياً عن تقصد الإعراب وتتبعه والاستكثار منه؛ لئلا يغلب على معظم أزجالهم. ذكر لسان الدين بن الخطيب أنه كان «نسيج وحده، أدباً وظرفاً ولوذعية وشهرة»، وكان شاعراً أول شأنه؛ غير أنَّ شعره قصَّر عن شعر أعلام العصر كابن خفاجة، فلما انصرف إلى الزَّجل اشْتُهِر، فمن شعره قوله يعتذر ارتجالاً وقد رقص في مجلس شراب، فأطفأ السِّراج بأكمامه: يا أهلَ ذا المجلس السَّامي سرادقُهُ ما مِلتُ لكنَّني مالتْ بيَ الرَّاحُ فإنْ أكنْ مُطفئاً مصبــاحَ بيتِكُمُ فكلّ مَن فيكمُ في البيت مصباحُ لايخلو بعض شعره من تكلُّفٍ في اللفظ، أما سائر غزله فرقيق عذب، يصلح للغناء لحلاوة اللفظ وطلاوته كقوله: يا رُبَّ يومٍ زارني فيه مَن أطلــعَ من غرَّتهِ كوكبا ذو شــفةٍ لمياءَ معسولةٍ ينشعُّ من خدَّيه ماءُ الصبَا تردد ابن قزمان إلى غرناطة غير مرة، وامتدح جماعة من أهلها بقرطبة، وجرت عليه في آخر أيامه محنة كبيرة، بسبب شـراسة خُلُقٍ كان موصوفاً بها، وكانت وفاته بقرطبة والأمير أبو عبد الله محمد بن سعد بن مردنيش إذ ذاك يحاصرها. له «إصابة الأغراض في ذكر الأعراض» وهو جزء من ديوان أزجاله.

ابن فركون

ابن فركون هو أبو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي، المعروف بابن فـُركون، وأبو الحسين اسمه لا كنيّـته، و( ابن فُركون ) شهرته وشهرة أبيه أحمد وعمّه أبي الطاهر وجدّه سليمان وجدّ أبيه أحمد قاضي الجماعة، وبنو فُركون هؤلاء أصلهم من ألمرية. وكان انتقال جدّ الأسرة أحمد بن محمد إلى غرناطة وولايته قضاء الجماعة فيها بداية لشهرة هذه الأسرة ومشاركة عدد من أعلامها في الحياة السياسية والعلمية والأدبية بمملكة بني نصر، وكان أبو الحسين كاتب سرّ يوسف الثالث وشاعر دولته ومؤرخ أيامه. ولد أبو الحسين حوالي 781هـ بغرناطة، ونشأ في حِجر والده القاضي الأديب ودرس على أعلام العلم بالحضرة النّصرية يومئذ، وبعد أن أكمل دراساته واستكمل أدواته دخل ديوان الإنشاء النّصري في عهد محمد السابع من عام 808هـ وترقّى في عهد يوسف الثالث، فكلّفه أول الأمر في عام 811هـ بتنفيذ النفقات المخصّصة للغزاة والمجاهدين المتطوعين، ثمّ اختاره لتولّي كتابة سرّه عام 814هـ، وظلّ في هذا المنصب إلى وفاة يوسف الثالث عام 820هـ، وبعد هذا التاريخ لا يُعرَف شيءٌ، وأغلب الظنّ أنه أصيب في غمرة الفتن التي حصلت بعد وفاة يوسف الثالث . وترك لنا آثارا شعرية تتمثّل أولا في ديوانه الذي وصل إلينا السّفر الثاني منه، وثانيا في المجموع الشعري الكبير المسمّى «مظهر النور الباصر في أمداح الملك الناصر». أغراض شعر ابن فركون وهي المدح، الشعر السياسي، الوصف، الغزل، الإخوانيات ، الهجاء، الرثاء، أغراض أخرى شعر المدح كان ابن فُركون من الشعراء السبّاقين المبّرزين في مضمار المدح، ووقف مدحه على الملك يوسف الثالث، ووليّ نعمته تقرّبا منه، وهذا سبيله وسبيل من أراد من الشعراء أن يصل إلى المجد الأدبيّ والمكانة الاجتماعية ، فنال ابن فركون بغيّته عندما ألحق بديوان الكتابة ثمّ صار شاعر الحمراء في عصره، والمدح أهمّ أغراض شعره ووقفه على الملك يوسف الثالث ولم يتحوّل بهذا الغرض عنه إلى غيره من الملوك والأمراء. وظهرت المِدْحة عنده متّصلة بحياته اتصالا وثيقا، وحدّدت ملامحها، وأبرزتها في صورة واضحة المعالم، وبدأت مع تولّي يوسف الثالث أمور الحكم في غرناطة عام ( 811هـ) وكان ابن فركون وقتئذ فتى طامحا إلى المعالي، يتحيّن فرصته المناسبة، فوجّه إلى الملك قصيدته هنّأه فيها بمنصبه الجديد، قال في مطلعها : إليك تباشيرُ البشائر ِ مُقبلـَهْ تلوحُ بآفاق الهدى مُتهلـِّلهْ وأشار في القصيدة إلى امتلاك الملك يوسف الثالث زمام الأمور في غرناطة، فهنّأه ودعا له، ووصفه بالعدل والهدى، فقال : فَهُـنِّـئتَ ما استقبلتَ يا ملك الهدى من العزّ لا زالت سُعودك مُقبِلَـهْ لقد قلّد الرحمنُ أمـرَ عبادهِ إمامًا له في العدل أرفعُ منزلـَهْ إمام هدى قد شرّفَ المُلك باسمه كما شرّفَ السيفُ اليمانيُّ مِحمَلَـهْ الشعر السياسيّ كان شعر ابن فُركون السياسيّ وثيقة تاريخية وسياسيّة مهمّة، ترصد الأحداث التي عاشها ابن فُركون في كنف الملك يوسف الثالث، فقد سجّل الوقائع الحربيّة والمنافسات السياسيّة التي جرت بين ملك غرناطة وبين المغاربة والقشتاليين ولابن فُركون قصيدة رفعها للملك يوسف الثالث يهنِّئه فيها بالنصر الذي حقّقه أخوه الأمير معزّ الدولة وصوّر فيها لقاءه بالإسبان والبلاء الحسن الذي أبلاه حتى تحقّق له النصر عليهم، وممّا قاله في هذه القصيدة : لمّا التقى الجَمْعانُ في أرض العدا ورميْتَ جمعَـهُـمُ ببأس ٍ مُعْجـِل ِ نادى بأبطال الجهاد ألا اقْدُمـــوا وأجالَ فيهم نظرةَ المتأمــل ِ ضاقت عليهم أرضُهُمْ فتوقّفوا والماءُ يجمعُ نفسَه في الجدولِ وتجمّعتْ فِرقُ العدا ثمّ انثنتْ ما بينَ منهزمٍ وبين مـُجدَل ِ شعر الغزل كان لابن فركون نصيبٌ وافر من شعر الغزل، توزّع بين غزل المرأة في مقدمات المدائح وفي قصائد مستقلّة، وغزل بالمُذكر، وقد ظنّ الشعراء يفتتحون مدائحهم بالغزل مدركين أنّ هذا مجرد تقليد ساروا عليه، غير أنهم لم يرغبوا في الخروج عليه، ويبدو أنّ ابن فركون وجد في أساليب القدماء ما يكفيه مؤونة البحث عن أساليب جديدة فردّد ما قالوه في مقدماتهم الغزلية، فذكر الأماكن التي ذكروها ومن هذا قوله في مقدمة مِدحة نظمها عام (811 هـ ) : أمِنْ بارق أعلام نجدٍ يصافحُ تذكرْتَ عهدًا بالحمى وهو نازحُ؟ يلوحُ بآفـــاقِ الثنايا كأنـّــه مُصافي وِداد ٍ بالسلام مُـصافح ُ كَلِفـْتُ على بُعدِ المزار بجيرة ٍ جوانحُنا وجْدًا إليهم جوانــحُ لقد قيدَ الأبصارَ حسنُ أوانس ٍ لهنّ قلوبُ الهائمينَ مسارح ُ وقد نهج في عدد من مقدمات مدائحه أسلوبا قصصيا أسماه المقاولة، ومنه قوله في مقدّمة مِدحة: وربّ لائمةٍ تُلقي الملامَ على حُبِّ التي ودُّها طبعٌ ومكتسبُ قالت: لما هِمْتَ من بعدِ السّلوِّ بها؟ فقلْتُ: كلّ فتى قد هزّهُ الطربُ قالت: تمتّعْ ببـِدْعٍ من محاسنها فقلتُ: قد سُدِلَتْ من دونها الحُجُبُ وذكر في مقدماته الغزلية الطيف، وكثيرا من المعاني التي تناولها الشعراء من قبل كالعذول والواشي، وأوصاف المرأة الحسيّة على أنه بقي عفّ اللفظ طاهر القول، وهي مقدمات مهّد بها النظم في غرض المدح. وظَبْيةِ إنْسٍ ليسَ يُرْجى وصالُها مدَى الدّهْرِ إلا بالتوهّمِ والفكْرِ كلِفْتُ بها كالزُّهْرِ والزَّهْرِ في الرُبى لِما راقَ منْ بِشْرٍ وما رقَّ منْ نَشْرِ عجبْتُ لها والوُدُّ منْها سجيّةٌ وعنْ خبَري يُغْنيكَ في حُبِّها خُبْري تقولُ بأنّي قد سلَوْتُ عنِ الهَوى ولا عُذْرَ في ترْكِ اتّباعِ الهَوى العُذْري وتُخبِرُ أنّي ناظمٌ وصْفَ غيرِها وما شعرَتْ إنْ قلتُ في غيرِها شِعْري وتزْعمُ أنّي لا أبالي بهجْرِها وأنّ الهَوى منّي خِداعٌ لها يجْري فلِمْ ذا يَصوبُ الدّمْعُ والطرفُ شاخِصٌ وأطْوي الحَشا لهْفاً على لهَب الجَمْرِ منعْتُ إذاً وفْري وخُنْتُ أذمَّتي وسالَمْتُ أعْدائي ولمْ أكُ ذا أمْرِ ألَسْتُ المُسمّى باسْمِ صِدّيقِ ربِّه وناصِرَ دين اللهِ في الحادِثِ النُّكْرِ ألسْتُ الذي تعْنُو المُلوكُ لعِزِّه وتَرْهَبُهُ في حالَي النّهْي والأمْرِ ألسْتُ الذي تخشى الكُماةُ نِزالهُ وترْهَبُ منهُ البطشَ بالبيضِ والسُمْرِ ألستُ الذي ترْجو العُفاةُ نَوالَهُ وقد جادَها منْهُ بمُنْهَمِلِ القَطْرِ فلِمْ لا أوَفّي العهْدَ والفضْلُ شيمَتي وأنّ وفائِي لا يُروَّعُ بالغَدْرِ وعِزّةُ مُلْكي طوعُها كُلُّ مالِك وأيْنَ عُلا الشهْبانِ من رِفْعَةِ البَدْرِ فلا حُكْمَ إلا كُنتُ فيهِ مُحَكَّماً ولا أمْرَ إلا وهْوَ يصدُرُ عنْ أمْري . بو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي. شاعر، هو ابن أحمد بن فركون أحد تلاميذ ابن الخطيب ومن خاصته. وقد ورث شاعرنا عن أبيه الذكاء الحاد والنبوغ المبكر، وقال الشعر صغيراً ولا يعرف له اسم سوى كنيته أبو الحسين. وكان ينظر في شبابه إلى العمل في ديوان الإنشاء ، وقد حصل له ما أراد بعمله في كتاب المقام العلي. ولما بويع يوسف الثالث مدحه ابن فركون، فنال عنده الحظوة، وغدا شاعره المختص المؤرخ لأيامه بشعره وأصبح ابن فركون بفضل منصبه وأدبه مرموقاً في المجتمع الغرناطي بالحمى وهو نازحُ؟ يلوحُ بآفـــاقِ الثنايا كأنـّــه مُصافي وِداد ٍ بالسلام مُـصافح ُ كَلِفـْتُ على بُعدِ المزار بجيرة ٍ جوانحُنا وجْدًا إليهم جوانــحُ لقد قيدَ الأبصارَ حسنُ أوانس ٍ لهنّ قلوبُ الهائمينَ مسارح ُ وقد نهج في عدد من مقدمات مدائحه أسلوبا قصصيا أسماه المقاولة، ومنه قوله في مقدّمة مِدحة: وربّ لائمةٍ تُلقي الملامَ على حُبِّ التي ودُّها طبعٌ ومكتسبُ قالت: لما هِمْتَ من بعدِ السّلوِّ بها؟ فقلْتُ: كلّ فتى قد هزّهُ الطربُ قالت: تمتّعْ ببـِدْعٍ من محاسنها فقلتُ: قد سُدِلَتْ من دونها الحُجُبُ وذكر في مقدماته الغزلية الطيف، وكثيرا من المعاني التي تناولها الشعراء من قبل كالعذول والواشي، وأوصاف المرأة الحسيّة على أنه بقي عفّ اللفظ طاهر القول، وهي مقدمات مهّد بها النظم في غرض المدح. المراجع مَوْلَى المُلوكِ بمغرِبٍ وبمَشْرِقِ عن شُكْرِ ما أولاهُ أعْجَزَ مَنْطِقي أهْدَى إلى الممْلوكِ من مَنظومِهِ دُرّاً ولكِن مِثْلُهُ لمْ ينْسَقِ وافَى ليُعْلِمَني بأفْضَل مِنحَةٍ جادَتْ بها كَفُّ الكريمِ المُشْفِقِ وأتى يُبشِّرُني برائِقةِ الحُلَى فطَفِقْتُ بيْنَ تشوُّفٍ وتشوُّقِ ميّادَة الأعْطافِ ساحِرُ لَحظِها يرْمي بسهْمٍ للقُلوبِ مُفَوَّقِ لمْ لا يَفوقُ الشُّهْبَ نيِّرُ وجْهِها وسناهُ عن بَدرِ الكَمالِ المُشرِقِ لمْ لا يَروقُ الآنَ روْضُ مَحاسِنٍ منها بجودِ نَدى يَمينِكَ قد سُقي جاءَتْ بها البُشْرَى فأيُّ صَبابةٍ تَخْفَى وأيُّ جَوانحٍ لمْ تخْفِقِ قد كِدتُ أذْهَبُ لوعةً لو لمْ تَجُدْ بالوَعْدِ أنّا عن قَريبٍ نَلْتَقي أنا في العشيّةِ بينَ قلبٍ مولَعٍ فيها وجَفْنٍ للطّريقِ مُحدِّقِ والعبدُ يمْسي بينَ فعْلِ مُرْسَلٍ فيها وقلبٍ بالصَبابةِ موثَقِ فاعْجَبْ لهُ يرْتاحُ تحتَ ضُلوعِه أو فوقَها بمقَيَّدٍ وبمُطْلَقِ فتخالهُ مثْلَ الجَوادِ لدى الوَغى حيناً وحيناً يرْتَمي أو يرْتَقي موْلايَ أبْدَى من بديعِ جَمالِها وصْفاً ثَنى قَلبي رهينَ تعَشُّقِ لا شيْءَ أشرفُ في الوجودِ من التي يتخيَّر المَوْلَى الهُمامُ وينْتَقي وُفِّقْتَ للشكْرِ الجميلِ وقد أتَتْ من عِندِ موْلىً ناصِرٍ لموَفَّقِ لا زالَ موْلانا يجودُ لعَبْدِهِ من قصْدِهِ الأرْضى بما هوَ مُنْتَقِ

ابن عميرة المخزومي

ابن عُمَيْرَة (582 - 656 هـ / 1186 - 1258) هو أبو المطرف أحمد بن عبد الله بن محمد بن الحسين ابن عميرة المخزومي القرشي العربي. أديب وشاعر ومؤرخ، من أهل جزيرة شقر. نشأ في بلنسية وانتقل إلى غرناطة ومات في تونس. جمع ابن هاني السبتي شعره ونثره في مجلدين: «بغية المستطرف، ونخبة المتطرف». والتزم في كتابته السجع، وأكثر فيها وفي شعره من مصطلحات العلوم. ولمحمد بن شريفة كتاب «أبو المطرف ابن عميرة، حياته وآثاره» في سيرته. ذكر ابن الأبار القضاعي في كتابه تحفة القادم بأن ابن عميره اتصف بالإبداع واعترف بأمجاده الجميع. كما قال عنه الغبريني في كتاب عنوان الدراية: هو الشيخ الفقيه المجيد المجتهد، العالم الجليل الفاضل، أعلم العلماء وتاج الأدباء فاق الناس بلاغة وأربى على من قبله وتهادته الدول وولى القضاء بأريوله وشاطبة من الأندلس ومكناسة من العدوة وقسنطينه وقابس من بلاد إفريقية وغيرها. أما صاحب الإحاطة فقد قال في حقه: "وعلى الجملة فذات أبي المطرف فيما ينزع إليه، ليست من ذوات الأمثال، فقد كان نسيج وحده، إدراكاً وتفنناً، بصيراً بالعلوم، محدثاً مكثراً، راوية ثبتاً، سجراً في التاريخ والأخبار، دياناً مضطلعاً بالأصلين، قائماً على العربية واللغة، كلامه كثير الحلاوة والطلاوة، جم العيون غزير المعاني والمحاسن، وافد أرواح المعاني، شفاف اللفظ حر المعنى، ثاني بديع الزمان في شكوى الحرفة وسوء الحظ ورونق الكلام ولطف المأخذ، وتبريز النثر على النظم والقصور في السلطانيات". مؤلفاته كتاب تاريخ ميورقة كتاب اختصار كتاب ثورة المريدين لابن صاحب الصلاة كتاب تعقب فيه الإمام فخر الدين بن الخطيب الرازي في كتابه المعالم في أصول الفقه كتاب التنبيهات على ما في التبيان من التمويهات، وقد رد فيه على كمال الدين الزَّمْلكاني، وهو من معاصريه. رسائل ديوانية رسائل إخوانية قصائده ذكر ابن الأبار في كتابه تحفه القادم قصيدة لابن عميرة المخزومي القرشي يقول فيها: يا والياً أمرَ الجمالِ بسيرةٍ قلَّ الحديث بمثلها عن والِ حتَّى متى قلبي عليك متيّمٌ وإذا سألتُ يُقال قلبُكَ سالِ أرضى رضاك عن الوشاة وأنت لا ترضيك موجدتي على العذالِ وبيانُ حبّك لم أؤخره وفي جدواه عندكَ غايةُ الإجمالِ قد حرت في حالٍ لديك ولستُ من أهلِ الكلام أحارُ في الأحوالِ وأجلتُ فكري في وشاحك فانثنى شوقاً إليك يجول في جوَّالِ أنصفْتَ غصنَ البانِ إذ لم تدعُهُ لَتأَوّدٍ مع عطفكَ الميَّالِ ورحمْتَ دُرَّ العقدِ حين وضعته متوارياً عن ثغركَ المتلال يكيف اللقاء وفِعلُ وعدكَ سينهُ أبداً تخلِّصهُ للاستقبالِ وكُماةُ قومكَ نارهُمْ ووقودها للطَّارقينَ أسِنَّةٌ وعَوالِ وقال من قصيدة أنشدنيها بإشبيلية، إثر نُزهة جمعتنا بخارجها، صدر سنة سبع عشرة وستمائة، وأنا اقترحت وصفها عليه، وأولها: لو غيرُ طرفِكَ مَوْهِناً يأتيني ما كانَ في عَقب الصِّبا يُصبيني وافَى وقد هجعَ الخليطُ فبات في ثَوب الدُّجى أُدْنيه أو يُدنيني وله بعد انفصاله من بلنسية عن وحشةٍ في ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وستمائة: أسيرُ بأرجاءِ الرجاءِ وإنَّما حديثُ طريقي طارقُ الحدثانِ وأُحضرُ نفسي إن تقدمتُ خيفةً لغضِّ عنانٍ أو لعضِّ زمانِ أينزلُ حظِّي للحضيضِ وقد سرى لإمكانِهِ فوق الذُّرى جبلانِ وأخبطُ في ليلِ الحوادثِ بعدما أضاءَ لعيني منهما القمرانِ فيحيى لآمالي حياةً معادةً وإنَّ عزيزاً عِزَّةٌ لمكاني وقالوا اقترح إنَّ الأمانيَّ منهما وإن كنَّ فوق النَّجم تحت ضمانِ فقلت إذا ناجاهما بقَضيَّتي ضميريَ لم أحفلْ بشرح لساني وفاته توفي ابن عميرة المخزومي القرشي في تونس ليلة الجمعة عشرين لذي الحجة من عام 658 هـ. 1260 م. شعر لأبي المطرف ابن عميرة وقال الأديب الكاتب القاضي أبو المطرف ابن عميرة المخزومي. لما قص شعر ملك شرق الأندلس زيان بن مردنيش مزين ، في يوم رفع فيه أبو المطرف شعراً ، فخرجت صلة المزين ، ولم تخرج صلة أبي المطرف(1): أرى من جاء بالموسى مواسي وراحة من أذاع المدح صفرا فأنجح سعي ذا إذ قص شعراً وأخفق سعي ذا إذ قص شعرا واسم أبي المطرف أحمد ، وهو من جزيرة شقر ، من كورة بلنسية.

ابن عسكر المالقي

اجم عبر التاريخ محمد بن علي بن خضر الغساني المالقي ابن عسكر مشاركة تاريخ الولادة 584 هـ تاريخ الوفاة 636 هـ العمر 52 سنة مكان الولادة غير معروف مكان الوفاة غير معروف أماكن الإقامة مالقة - الأندلس الأساتذة الطلاّب نبذة القَاضِي العَلاَّمَةُ ذُو الفُنُوْنِ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خضر الغساني، المالقي، المالكي، ابن عسكر. وذكره ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: رَوَى عَنْ أَبِي الحَجَّاجِ ابْنِ الشَّيْخِ، وَأَبِي زَكَرِيَّا الأَصْبَهَانِيّ، وَأَبِي الخَطَّابِ بنِ وَاجِبٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ بنِ حَوْطِ اللهِ، وَعِدَّةٍ. وَاعْتَنَى بِالرِّوَايَةِ عَلَى كِبَرٍ، وَكَانَ جَلِيْلَ القَدْرِ، دَيِّناً، صَاحِبَ فُنُوْن؛ فَقهٍ وَنَحْوٍ وَأَدَبٍ وَكِتَابَةٍ، وَكَانَ شَاعِراً مُتَقَدِّماً فِي الشُّرُوْطِ، حَسَنَ العِشْرَةِ، سَمْحاً، جَوَاداً. وَلِيَ قَضَاءَ بَلَدِهِ بَعْدَ أَنْ حَكَمَ نِيَابَةً، وَصَنَّفَ وَمَالَ إِلَى الاجْتِهَادِ، تَأَسَّفَ عَلَى تَفْرِيْطِهِ فِي تَرْكِ الأَخْذِ عَنِ الكِبَارِ. ولد في حدود سنة 584 هـ/ 1188 م في مالقة ونشأ فيها، وأصله من قرية بغربيها. تتلمذ على شيوخها، فأخذ عن: أبي إسحاق إبراهيم بن علي الخولاني الزوالي، وأبي جعفر أحمد بن المربيطري يعرف بابن قنترال،‌ وعبد الحميد الجيار المالقي، وأبي الحسن علي بن أحمد الغافقي الشقوري، وأبي الحجاج يوسف المالقي، وأبي زيد عبد الرحمن بن محمد القمارشي، وأبي سليمان داوود بن حوط الله الأنصاري، وأبي علي عمر بن عبد المجيد الرندي، وأبي عمر سالم بن صالح المالقي، وأبي الفضل عياض بن محمد، وأبي محمد عبد الله بن الحسن الأنصاري القرطبي، وأبي القاسم محمد بن عبد الواحد الغافقي الملّاحي، وأبي محمد عيسى بن سليمان الرعيني، وغيرهم الكثير، في الأندلس والمغرب. واستفاد من إجازات العلماء المشارقة فاتسعت مشيخته وكثر رجالها. تنوعت معارفه وعلومه، فتعلم علوم القرآن، والفقه، والنحو، والتاريخ وغيرها فأخذ عنه الكثير ببلده. فأخذ عنه: ابن أخته أبو بكر بن خميس الأنصاري المالقي، وأبو عبد الله محمد بن علي ابن برطال الأموي، وأبو بكر بن أبي العيون، وأبو عبد الله محمد بن أبي بكر البُرّي، وأبو عبد الله بن الأبار القضاعي، وأبو القاسم بن عمران وغيرهم. وكتب بالإجازات إلى مختلف الأقاليم. مارس الإفتاء، وشاوره القضاء، بجانب اشتغاله بالعلم تدريسًا وتأليفًا. ثم تولى القضاء بمسقط رأسه نيابة عن القاضي أبي عبد الله بن الحسن الجذامي مدة، في عده دولة‌ أبي عبد الله بن هود. ثم تولى قضائها مستقلاً، حينما تحولت مالقة إلى دولة أبي عبد الله بن نصر. توفي ابن عسكر هو يتولى قضاء مالقة في ظهر اليوم 4 جمادى الآخرة سنة 636/ 11 يناير 1239. مؤلفاته ترك كثيرًا من المؤلفات في مختلف العلوم والفنون، منها: «المشروع الروي في الزيادة على غريبي الهروي»، وهو في غريبي القرآن والحديث «أربعون حديثًا»، التزم فيها موافقة اسم شيخه اسم الصحابي. «نزهة الناظر في مناقب عمار بن ياسر»، وقد ألّفه لأحد أصفيائه من أسرة بني سعيد، وهو القائد عبد الله بن سعيد. «الجزء المختصر في السلو عن ذهاب البصر»، وقد ألّفه للواعظ أبي محمد بن أبي خرص. «رسالة ادخار الصبر في افتخار القصر والقبر» «شرح الآيات التي استشهد بها سيبويه في الكتاب» تكلمة كتاب التعريف والإعلام فيها أبهم في القرآن من الأسماء الأعلام لأبي القاسم السهيلي، أسماه «التكميل والإتمام لكتاب التعريف والإعلام» فهرسة شيوخه «الإكمال والإتمام في صلة الإعلام بمحاسن الأعلام من أهل مالقة الكرام»، وهو بتسمية أخرى: «مطلع الأنوار ونزهة البصائر والأبصار فيما احتوت عليه مالقة من الأعلام والرؤساء والأخيار وتقييد ما لهم من المناقب والآثار»، وهو الكتاب المشهور بـ«أعلام مالقة». والكتاب في أصله ذيل على كتاب أصبغ بن أبي العباس المسمى بـ«الإعلام بمحاسن الأعلام من أهل مالقة الكرام». والمعروف أن ابن عسكر قد وافته المنية قبل أن يكمل هذا الذيل، ولذلك تتمه ابن أخته أبو بكر بن خميس. خَلِيليَّ إِنَّ القَلبَ في أَبحُرِ الهَوى يُراغُ بِها طُولَ المَدى وَتُراغُ فَهَل ساحِلٌ لِلوَصلِ يَلجَأ عِندَهُ غَريقٌ لَهُ الماءُ الأَجاجُ مُساغُ يبرّحُ بي أَنّ الفُؤادَ مُوَكّلٌ بِذِي غَنَجٍ مِنهُ الجَمالُ يُصاغُ أَهِيمُ وَأُهمِي دَمعَ عَيني صَبابَةً وَهَيهاتَ ما لي لِلوِصالِ بَلاغُ أَمرِّغُ وَجهي في الترابِ لَعَلَّهُ يَرِقّ وَما يُغني لَدَيهِ مَراغُ يُصَرِّفُ قَلبي في يَدَيهِ فَما يُرى لِقَلبي وَإِن طالَ الزَمانُ فَراغُ

ابن عبدون الفهري

ذو الوزارتين اليابري كنيته أبو محمد، هو عبد المجيد بن عبدون اليابري، منسوب إلى جده لأمه عبد المجيد بن عبد الله بن عبدون الفهري الأندلسي اليابرتي النحوي، الشاعر المفلق. أخذ عن أبي الحجاج الأعلم وعاصم بن أيوب وأبي مروان بن سراج، وله نظم فائق، ومؤلف في الانتصار لأبي عبيد على ابن قتيبة، وكان من بحور الآداب، كتب الإنشاء للمتوكل بن الأفطس صاحب بطليوس وأشبونة، وله فيهم مرثية باهرة أولها: الدهـر يفجـع بعد العيـن بالأثـر فمـا البكاء على الأشباح والصـور ثم تضعضع واحتاج وعمر فقال أبو بكر بن زهر : دخل علينا رجل رث الهيئة ، كأنه بدوي ، فقال : يا بني ، استأذن لي على الوزير أبي مروان ، فقلت : هو نائم ، فقال : ما هذا الكتاب ؟ قلت : وما سؤالك عنه ؟ ! هذا من كتاب الأغاني ، فقال : تقابله؟ فقلت : ما هنا أصل . قال: إني حفظته في الصغر ، فتبسمت ، فقال : فأمسك علي ، فأمسكت ، فو الله ما أخطأ شيئا ، وقرأ نحوا من كراسين ، فقمت مسرعا إلى أبي ، فخرج حافيا وعانقه ، وقبل يده واعتذر ، وسبني وهو يخفض عليه ، ثم حادثه ، ووهبه مركوبا ، ثم قلت : يا أبت ، من هذا ؟ قال: ويحك ! هذا أديب الأندلس ابن عبدون ، أيسر محفوظاته كتاب «الأغاني». وفاته توفي ابن عبدون بيابرة سنة سبع وعشرين وخمس مائة. هو أبو محمد عبد المجيد بن عبد اللّه بن عبدون الفهري اليابري، من يابره Évora غربي بطليوس، وهي اليوم مدينة برتغالية حدودية مع مدينة بطليوس الإسبانية. عنى أبوه بتربيته، و طمحت نفسه إلى التلمذة على أعلام العربية من مثل الأعلم الشنتمري المتوفي سنة 476 هجرية و عبد الملك بن سراج المتوفي سنة 486 هجرية و أبي بكر عاصم بن أيوب البطليوسي المتوفي سنة 494 هجرية. كان ابن عبدون عالما بالخبر و الأثر و معاني الحديث و أن الناس أخذوا عنه. و استيقظت ملكته الشعرية مبكرة، فمدح المتوكل عمر بن المظفر أمير بطليوس الذي كان كاتبا شاعرا مع شجاعة و فروسية، و كان مثل أبيه ملاذا لأهل الأدب و الشعر، و كانت إمارته تشمل مدن يابرة و شنترين و أشبونه إلى المحيط. أعجب المتوكل بالشاعر ابن عبدون و اتّخذه جليسا و رفيقا له في زياراته لمدن إمارته، و أسبغ عليه من الود حللا ضافية، جعلته يلهج بمديحه و يقصر شعره عليه مَضَوا يَظلِمونَ اللَيلَ لا يَلبسونهُ وَإِن كانَ مِسكِيّ الجَلابيبِ ضافِيا يُؤمّونَ بيضاً في الأَكِنَّةِ لَم تَزَل قُلوبُهُم حُبّاً عَلَيها أَداحِيا وَأَغربَةُ الظَلماءِ تَنفُضُ بَينَهُم قَوادِمَها مَبلَولَةً وَالخَوافِيا إِذا مَرَقوا مِن بَطنِ لَيلٍ رَقَت بِهِم إِلى ظهرِ يَومٍ عَزمَةٌ هِيَ ما هِيا وَإِن زَعزَعَتهُم رَوعَةٌ زعزَعوا الدُجى إِلَيها كُماةً وَالرِياح مَذاكِيا وَلَو أَنَّها ضَلَّت لَكانَ أَمامَها سَنا عمرٍ في فَحمَةِ اللَيلِ هادِيا وَصَلَّت بِهِ الهَيجا عَلَيهِ وَسَلَّمَت فَما اِرتَضَيا حاشاهُ ساقاً وَساقِيا هُمامٌ أَقامَ الحَربَ وَهيَ قَعيدَةٌ وَرَوّى القَنا فيها وَكانَت صَوادِيا شَريفُ المَطاوي تَحتَ خَتمِ ضُلوعِهِ تَميمَةُ تَقوى رَدَّتِ الدَهرَ صاحِيا إِذا قُرِئَت لا بِالنَواظِرِ طبّقت سُرى أُختِها ذاتِ البُروجِ مَساعِيا وَهَديٌ لَو اِستَشفى المُعَنّى بِرَوحِهِ لَما كانَ بِالوَجدِ المُبَرِّحِ صالِيا وَرِقَّةُ طَبعٍ لَو تَحَلّى بِها الهَوى لأَعدى عَلى عَصرِ الشَبابِ البَواكِيا إِلَيهِ أَكلتُ الأَرضَ بِالعيسِ ثائِرا وَقَد أَكَلَت مِنها الذُرى وَالحَوامِيا وَعاوِن عَلى اِستِنجازِ طَبعٍ بِهَبَّةٍ ترقّصُ في أَلفاظِهنَّ المَعانِيا وَأَجعَلُ أَرضَ الرومِ تَجلو تِلاعُها عَلَيكَ زَروداً وَالحِمى وَالمَطالِيا وَقَد نَشَرَت مِن ذي القُروحِ وَخالهُ وَعَمرُو بن كُلثومٍ عِظاماً بَوالِيا وَقيلَ لَهُم مَن ذا لَها فَتَخَيَّروا أَخيراً يَبُذُّ القائِلينَ الأَوالِيا فَإِن نُسِقوا عَلى الوَلاءِ وَلَم يَكُن بِذَلِكَ فَاِجعَل مِنهُ ظِلَّكَ عارِيا وَعَزَّ عَلى العَلياءِ أَن يُلقِيَ العَصا مُقيماً بِحَيثُ البَدر أَلقى المَراسِيا وَمَن قامَ رَأيُ اِبنِ المُظَفَّرِ بَينَهُ وَبَينَ اللَيالي نامَ عَنهُنَّ لاهِيا

ابن عبد ربه

ولد أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حدير بن سالم في قرطبة في 10 رمضان 246 هـ. جده سالم كان مولى للأمير هشام الرضا. نشأ ابن عبد ربه في قرطبة، وأمتاز بسعة الاطلاع في العلم والرواية والشعر. كتب الشعر في الصب والغزل، ثم تاب وكتب أشعارًا في المواعظ والزهد سماها «الممحصات». وكان يتكسب من الشعر بمدحه للأمراء، فعُدّ بذلك أحد الذين أثروا بأدبهم بعد الفقر. كما كان من الرواد في نشر فن الموشحات التي أخذه عن مخترعه مقدم بن معافى القبري. إلا أن أعظم أعماله فهو كتابه «العقد الفريد» الذي كان بمثابة موسوعة ثقافية تبين أحوال الحضارة الإسلامية في عصره. كما كان ابن عبد ربه راوية سمع من بقي بن مخلد وابن وضاح وغيرهما. توفي ابن عبد ربه في 18 جمادى الأولى 328 هـ، ودُفن في قرطبة، وقد أصيب بالفالج قبل وفاته بأعوام. مؤلفاته العقد الفريد. أمثال العرب. سحر البيان. أبناء النور. طبائع النساء وما جاء فيها من عجائب وغرائب وأخبار وأسرار. كريمٌ على العِلَّاتِ جَزلٌ عطاؤهُ يُنيل وإِنْ لم يُعتَمَدْ لنَوالِ وما الجُودُ مَن يُعطي إذا ما سألتَهُ ولكنَّ مَن يُعطي بغَيرِ سُؤالِ بَدا وَضَحُ المَشيبِ على عِذاري وهل ليلٌ يكونُ بلا نهارِ وَأَلبَسَني النُّهى ثَوباً جَديداً وجَرَّدَني مِنَ الثَّوْبِ المُعارِ شَربتُ سَوادَ ذا بِبَياضِ هذا فَبَدَّلتُ العِمامةَ بالخِمارِ وما بِعْتُ الهَوى بَيعاً بِشَرطٍ وَلا اسْتَثْنَيْتُ فيهِ بِالخِيارِ صَاحِبٌ في الحُبِّ مَكذُوبُ دَمْعُهُ لِلشَّوْقِ مَسْكوبُ كُلُّ مَا تَطْوِي جَوَانِحُهُ فَهوَ في الْعَيْنَين مَكْتُوبُ أَيَقْتُلُني دائي وَأَنتَ طَبيبي قَريبٌ وَهلْ منْ لا يُرى بقَريبِ لَئِنْ خُنْتَ عَهْدِي إنَّني غَيْرُ خَائنٍ وَأَيُّ مُحبٍّ خَانَ عَهْدَ حَبِيبِ وَسَاحِبَةٍ فَضْلَ الذُّيُولِ كأَنَّهَا قَضِيبٌ مِنَ الرَّيْحانِ فَوْقَ كَثيبِ إِذَا ما بَدَتْ مِنْ خِدْرِهَا قَالَ صَاحِبي أَطِعْني وَخُذْ مِنْ وَصلِهَا بِنَصيبِ فَما كُلُّ ذي لُبٍّ بِمُؤْتِيكَ نُصْحَهُ وَمَا كُلُّ مُؤْتٍ نُصْحَهُ بِلَبِيبِ

Monday 16 October 2023

ابن زيدون

أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن زيدون المخزومي القرشي المعروف بـابن زيدون (394هـ/1003م في قرطبة - أول رجب 463 هـ/5 أبريل 1071 م) وزير وكاتب وشاعر أندلسي، عُرف بحبه لولادة بنت المستكفي. ولد أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون في قرطبة لأسرة من فقهاء قرطبة من بني مخزوم. تولى ابن زيدون الوزارة لأبي الوليد بن جهور صاحب قرطبة، وكان سفيره إلى أمراء الطوائف في الأندلس، ثم اتهمه ابن جهور بالميل إلى المعتضد بن عباد صاحب إشبيلية، فحبسه. حاول ابن زيدون استعطاف ابن جهور برسائله فلم يعطف عليه. وفي عام 441 هـ، تمكن ابن زيدون من الهرب، ولحق ببلاط المعتضد الذي قربه إليه، فكان بمثابة الوزير. وقد أقام ابن زيدون في إشبيلية حتى توفي ودفن بها في أول رجب 463 هـ في عهد المعتمد بن عباد. شعره برع ابن زيدون في الشعر والنثر، وله رسالة تهكمية شهيرة، بعث بها عن لسان ولادة بنت المستكفي إلى ابن عبدوس الذي كان ينافسه على حب ولادة، ولابن زيدون ديوان شعر طُبع عدة مرات. ومن أشهر قصائد ابن زيدون قصيدته المعروفة بالنونية، والتي مطلعها: أضحى التنائي بديلاً من تدانينا وناب عن طيب لقيانا تجافينا بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقا إليكم ولا جفت مآقينا يكاد حين تناجيكم ضمائرنا يقضي علينا الأسى لولا تأسينا حالت لبعدكم أيامنا فغدت سودا وكانت بكم بيضا ليالينا وله قصيدة مشهورة يذكر فيها ولادة ويتشوق إليها: إنّي ذكرْتُكِ، بالزّهراء، مشتاقا، والأفقُ طلقٌ ومرْأى الأرض قد راقَ وَللنّسيمِ اعْتِلالٌ، في أصائِلِهِ، كأنهُ رَقّ لي، فاعْتَلّ إشْفَاقَا والرّوضُ، عن مائِه الفضّيّ، مبتسمٌ، كما شقَقتَ، عنِ اللَّبّاتِ، أطواقَا يَوْمٌ، كأيّامِ لَذّاتٍ لَنَا انصرَمتْ، بتْنَا لها، حينَ نامَ الدّهرُ، سرّاقَا نلهُو بما يستميلُ العينَ من زهرٍ جالَ النّدَى فيهِ، حتى مالَ أعناقَا كَأنّ أعْيُنَهُ، إذْ عايَنَتْ أرَقى ، بَكَتْ لِما بي، فجالَ الدّمعُ رَقَرَاقَا وردٌ تألّقَ، في ضاحي منابتِهِ، فازْدادَ منهُ الضّحى ، في العينِ، إشراقَا سرى ينافحُهُ نيلوفرٌ عبقٌ، وَسْنَانُ نَبّهَ مِنْهُ الصّبْحُ أحْدَاقَا كلٌّ يهيجُ لنَا ذكرَى تشوّقِنَا إليكِ، لم يعدُ عنها الصّدرُ أن ضاقَا لا سكّنَ اللهُ قلباً عقّ ذكرَكُمُ فلم يطرْ، بجناحِ الشّوقِ، خفّاقَا لوْ شاء حَملي نَسيمُ الصّبحِ حينَ سرَى وافاكُمُ بفتى ً أضناهُ ما لاقَى لوْ كَانَ وَفّى المُنى ، في جَمعِنَا بكمُ، لكانَ منْ أكرمِ الأيّامِ أخلاقَا يا علقيَ الأخطرَ، الأسنى ، الحبيبَ إلى نَفسي، إذا ما اقتنَى الأحبابُ أعلاقَا كان التَّجاري بمَحض الوُدّ، مذ زمَن، ميدانَ أنسٍ، جريْنَا فيهِ أطلاقَا فالآنَ، أحمدَ ما كنّا لعهدِكُمُ، سلوْتُمُ، وبقينَا الرئيسية / أدباء وشعراء / الشاعر الأندلسي ابن زيدون الشاعر الأندلسي ابن زيدون تمت الكتابة بواسطة: مريانا قمصية آخر تحديث: ٠٩:٢٨ ، ٧ يناير ٢٠٢٠ محتويات ١ ابن زيدون ٢ مولد ابن زيدون ٣ نشأة ابن زيدون وطموحاته ٤ شيوخ ابن زيدون وأساتذته ٥ منزلة ابن زيدون ٦ بيئة ابن زيدون ٧ علاقة ابن زيدون بالخلفاء ٨ رسائل ابن زيدون ٩ شعر ابن زيدون ١٠ الأغراض الشعريّة لابن زيدون ١١ ابن زيدون وولاّدة بنت المستكفي ١٢ نونيّة ابن زيدون ١٣ وفاة ابن زيدون ١٤ المراجع ذات صلة ابن زيدون وحياته شعر ابن زيدون في وصف الطبيعة ابن زيدون ابن زيدون هو أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزوميّ الأندلسيّ، وهو من أبرز شعراء الأندلس، تنوّع شعره فكتب في الغزل العفيف وفي الرثاء والفخر، ووصف الطبيعة، حيث كان لنشأته في مدينة قرطبة التي اشتهرت بطبيعتها الرائعة دورٌ في إبداعه في هذا المجال، كما امتاز شعر ابن زيدون بطول القصيدة وكثرة الفنون الشعريّة التي اتبعها، فكان من أبرع شعراء عصره.[١] مولد ابن زيدون وُلد ابن زيدون في خريف سنة 394هـ (1003م) في حيّ من أحياء قرطبة المتراصّة، وتمتدّ جذوره العربية الأصيلة إلى قبيلة بني مخزوم التي كان لها شأن كبير ومكانة عظيمة في الجاهليّة والإسلام، وقد جاء أجداده من المغرب، كما كان بيت بني زيدون من أكبر بيوت قبيلة مخزوم عزاً وجاهاً وثقافةً وأدباً، وكانت عائلتاه من جهة أبيه ومن جهة أمه تعتبران من أبرز عائلات الأندلس، وأيضًا كان أبوه رجلاً ثرياً ومن وجهاء الأندلس ومن أهل العلم والمعرفة باللغة والآداب، كما كان فقيهاً وقاضٍ له شأن كبيٌر وصاحب رأي مسموع، فقد كان قاضي القضاة آنذاك أحمد بن محمد بن ذكوان يشاوره ويراجعه في فتاويه وأحكامه، كما كان موضع ثقة لغيره من القضاة، و يقال إنّ (أبا بكر) وهي كنيته قد توفي بالبيرة بالقرب من غرناطة، حيث كان ذاهباً إلى هناك لتفقد أملاكه ودُفن فيها.[٢] كان ابن زيدون في الحادية عشر من عمره عند وفاة والده فكفله جده لأمه، وكان من المشايخ فعُرف عنه الالتزام والحزم، فنشأ ابن زيدون في كنفه ورعايته، كما كان وحيد أبويه وبعد موت والده صار وحيد أمه التي دللته كثيراً، فكان لهذا الدلال إضافة إلى نفسه الحساسة وحبه للمرح الأثر الأكبر في حياته.[٣] نشأة ابن زيدون وطموحاته نشأ ابن زيدون في أحضان جده ودلال والدته التي كانت تربطه بها علاقة مميزة جداً لا سيما وأنه كان وحيدها، فقد كان لهذه العلاقة الأثر الكبير في تكوين شخصيته النرجسيّة، فنشأ معجباً بنفسه مغتراً بشبابه ووسامته، حيث كان تأثير والدته عليه أقوى من تأثير جده، وقد كانت هذه الحياة المُترفة التي عاشها ابن زيدون سبباً في انصرافه إلى اللهو والمتعة، لا سيما أنّ العصر الذي عاش فيه كان عصر انفتاحٍ ومجون، فأُغرم ابن زيدون بالفنون والموسيقى والغناء، وكان لكلّ هذه الظروف التي أحاطت بنشأته أثر بالغ في حياته، فقد أصبح شابا معتزاً بثرائه وبحسبه ونسبه اعتزازاً كبيراً، وطموحاً ليس لطموحه حد، وقد كان طموحه هذا سبباً في دخوله السجن فيما بعد.[٣] شيوخ ابن زيدون وأساتذته كان والد ابن زيدون معلمه الأول، فقد كان ضليعاً في علوم اللغة العربية وآدابها، فعلم ولده منذ صغره وأحضر له الأساتذة الذين علموه مختلف العلوم، وفي هذا يقول دكتور شوقي ضيف: (ونظن ظناً أنّ ابن زيدون لزم صديق أبيه عباس بن ذكوان، وأفاد من علمه وفقهه، فقد كان عالم قرطبة الأول في عصره، وامتدت حياته بعد أبيه إلى سنة 413هـ)، كما تتلمذ ابن زيدون على يدي أبي بكر مسلم بن أحمد وهوابن أفلح النحوي الذي كان عالماً في اللغة والأدب ورواية الشعر، هذا وكان ابن زيدون مقبلاً على العلم راغباً فيه، فأخذ ينهل من العلم من هنا وهناك، فكان يحضر الدروس في الجوامع ويرتاد دور الكتب، ويتردد على جامعة قرطبة الكبيرة ليحضر الدروس التي كانت تُلقى فيها، وكانت قرطبة في ذلك الحين مركزاً للعلم والعلماء، مما ساعد ابن زيدون على الإقبال على العلم والرغبة في تحصيله، هذا ولم يذكر الذين عاصروا ابن زيدون أسماء أساتذة تولوا تعليمه بالترتيب، وفي ذلك يقول وليم الخازن: (ولم يعطنا الذين دنوا حياة الشاعرأسماء أساتذة بالتتابع).[٢] منزلة ابن زيدون كان ابن زيدون من أبرع وأقدر شعراء العصر الذي عاشوا فيه، لذا أُطلق عليه لقب بحتريّ المغرب تشبيهاً له بالشاعر البحتريّ؛ وذلك لتميّزه في موهبته وتميز شعره بالسهولة والعذوبة، فقد قال المقرّي مادحاً له: (من لبس البياض وتختم بالعقيق وقرأ لأبي عمرو وتفقه للشافعي وروى شعر ابن زيدون فقد استكمل الظرف)، كما جاء رأي علماء الغرب مثل رأي علماء الشرق في ابن زيدون بشأن منزلتة، فقال آنخل جنثالث بالنثيا: (أهم شعراء قرطبة في ذلك العصر هو أبو الوليد أحمد بن زيدون المخزومي)، هذا وقد كان لابن زيدون منزلة مرموقة في قرطبة لما امتاز به من تفوق ونبوغ، وعلم غزير، وقدرة على التعبير عن نفسه ومشاعره وأفكاره.[٤] بيئة ابن زيدون الحياة السياسيّة عاصر ابن زيدون الاضطرابات التي حدثت في في الأندلس، وشهد تداعي الخلافة الأموية فيها التي امتد حكمها للأندلس منذ عام 756م حتى عام 1030م، حيث تأسس الحكم على يد عبد الرحمن الداخل وهو ابن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، وبعده توالى على الحكم عدد من الأمراء، فبلغت الدولة الأموية أوج عزها وعظمتها في فترة حكم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد الذي لُقّب بالناصر لدين الله وهو أول من سُمي بأمير المؤمنين، وقد دام حكمه خمسين سنة ثمّ تولى الحكم بعده ولده الذي سار على نهج أبيه إلى حين وفاته 976م، ثمّ توالى على الحكم عدد من الحكام لإمارتها وانتهى حكم الأمويين في الأندلس ليبدأ بعده حكم ملوك الطوائف،[٥] وعلى الرغم من حدوث بعض الاضطرابات في تلك الفترة إلا أنّ الأندلس شهدت فيها نشاطاً وازدهاراً في الحركة الفكريّة والأدبيّة فانتشرت المكتبات، واهتم الأندلسيون بكتب المشارقة من ناحية الدراسة والمعارضة، وقد ظهر العديد من العلماء والفلاسفة الذين اشتُهروا بالعلوم التطبيقية، مثل علم الرياضيات الذي برز فيه علماء أمثال الكرماني، وعلم المنطق والطب أمثال ابن جبيرول، والفلسفة وعلم النبات أمثال البطليوسي، وابن باجة، كما أصبحت قصور الأمراء مجالس ونوادٍ أدبية يؤمّها الشعراء والكتاب ليحصلوا على العطايا والهبات.[٥] الحياة الثقافيّة شهدت الأندلس في عصر ابن زيدون نهضةً حضاريةً وفكريةً في كافة العلوم، كانت عواصم الدول الأندلسية وعواصم المشرق الإسلامي تتنافس فيما بينها في مجال الشعر، وقد أُلّفت في تلك الفترة عدد من الكتب كان ضخماً جداً قياساً بالفترة الزمنية التي أُلّفت فيها، ولعلماء وحكام الأندلس فضل في ذلك، فمن أهم الحكام الذين لعبوا دوراً مهماً في ذلك الازدهار الفكري عبد الرحمن الناصر، والحكم المستنصر والمنصور بن أبي عامر، كما كان أهل الأندلس أنفسهم يرغبون في العلم ويحبون المعرفة، وكان ملوك الطوائف يعملون على استقدام العلماء لتصبح دولهم بمستوى فكري أعلى من مستوى الممالك الأخرى.[٦] الحياة الأدبيّة كان ابن زيدون من أشهر أدباء وشعراء الأندلس لا سيما في عهد ملوك الطوائف، وكان العرب في تلك الحقبة من الزمن إذا فتحوا بلداً من البلدان لم يكتفوا بفتحه سياسياً بل فتحوه لغوياً وجعلوا اللغة العربية تحل محل لغته الأصلية ، كما علّموا أهله علوم القرآن الكريم، ورغبوا أبناءه بأدبهم وشعرهم حتى أعجبوا به أشد إعجاب، فأصبحت اللغة العربية هي اللغة المسيطرة والرئيسية في الأندلس والأقاليم المجاورة، فصار أهل هذه البلاد يعبرون بها عن مشاعرهم وعواطفهم، ويقلدون نماذجها المشرقيّة، وينقلون الكتب الأدبيّة إلى بلادهم حال ظهورها في البلاد المشرقيّة؛ مثل رسالة التوابع والتدوير للجاحظ، وديوان المتنبي وأبي تمام، ورسائل بديع الزمان ومقاماته، ومقامات الحريري، فقد كانت هذه هي المرحلة الأولى من الأدب في الأندلس، وهي مرحلة انتقال الأدب المشرقي إلى المغرب كما هي دون أي تعديل.[٦] بلغت الحياة الأدبيّة أوج ازدهارها في عهد ملوك الطوائف، فقد كان كلّ ملك يجمع حوله عدداً من الأدباء والشعراء للتفاخر ومنافسة من حوله من الملوك والسلاطين، فظهرت أسواق النثر والشعر وتعددت هذه الأسواق، وصار الكتاب يبتدعون أساليب جديدة لإظهار مواهبهم، فألّف ابن شهيد رسالة التوابع والزوابع وهي رحلة للشاعر في عالم الجن وقد تأثر بالمقامة الإبليسية لأبي بديع الزماني، كما كان الاثنان مصدرا إلهامٍ لأبي العلاء المعري في رسالة الغفران، أما ابن زيدون فكانت له رسالتان جدية وهزلية بعث من سجنه بالأولى لأبي الحزم بن جهور أيام الفتنة يعاتبه ويستعطفه ويدافع عن نفسه مما اتهم فيه، أما الرسالة الثانية فقد بعث بها إلى الوزير عامر بن عبدوس على لسان ولّادة بنت المستكفي يتهكم عليه ويهجوه فهو عدوه الذي ينافسه في حب ولّادة، وقد بالغ ملوك الطوائف في تكريم الشعراء وبذل المكافآت والجوائز لهم مما جعلهم يتنافسون في مدحهم فبرزت مواهبهم وأبدعوا، فنهض الشعر وازدهر إلى أقصى حدٍ ولم يقتصر قول الشعر على فئة الشعراء فحسب بل عمّ حتى طال كافة طبقات المجتمع الأندلسيّ.[٦] علاقة ابن زيدون بالخلفاء عاش ابن زيدون في عصر ملوك الطوائف الذي ضعُفت فيه قوّة دولة الأندلس وتشتت وتقلصت، فبعد سقوط الدولة الأموية نتيجة ضعفها وانحلالها قامت على أنقاضها دويلات منها قرطبة التي تولى إمارتها أبو الحزم ابن جهور، فكان ابن زيدون من وزرائه المقربين، ثمّ أوقع بينهما الوشاة فتغيرت العلاقة وذهب الودّ فقام ابن جهور بسجنه لكنّه استطاع الفرار من السجن بعد أن مكث فيه سنةً ونصف، ثمّ لجأ إلى ولي عهد ابن جهور، وأدخله بوساطةٍ بينه وبين ابن جهور فعفى عنه، وبعد أن توفي الأمير أبو الحزم سنة 435هـ تولى ابنه أبو الوليد الإمارة فكان ابن زيدون صديقاً مقرباً له فولاه وزارةً لكنه سرعان ما عزله بعد أن أصغى إلى الوشاةِ من أعداء الشاعر ومنافسيه، ثمّ عاد ورضي عنه بعد عدة أعوام لكن ابن زيدون هجر الأمير وانتقل إلى إشبيلية حيث بنو عباد.[٧] بعد وفاة أبو القاسم بن عباد الذي حكم إشبيلية منذ عام (414هـ) حتى عام (433هـ) تولى الحكم ابنه المعتضد بن عباد، وكان شاعراً يحب الشعر، فاجتمع في بلاطه عدد كبير من الشعراء كان ابن زيدون زعيمهم، فأصبح صديقاً للأمير وولاه وزارته، ولما توفي المعتضد سنة 461هـ تولى بعده ابنه المعتمد وكان من أصدقاء ابن زيدون فأبقى عليه في منصبه، واستطاع الأمير فتح قرطبة وقد ساعده ابن زيدون في ذلك بحنكته السياسية، هذا وقد كان لكلّ الأحداث التي حصلت حينها في البيئة التي نشأ فيها ابن زيدون أثر واضح في شعره مما جعله يتربع على عرش زعامة الشعر بلا منافس.[٧] رسائل ابن زيدون الرسائل الهزليّة كتب ابن زيدون رسالةً هزليّة وهو في سجنه كما سبق وذكر، نقلتها ولاّدة على لسانها إلى ابن عبدوس الذي كان ينافسه على حبها، وقد جاء في هذه الرسالة هجاءٌ وتشفٍّ وسخط وحقد أظهرت قوة وبأس نفس ابن زيدون الذي تأثر فيها برسالة التربيع والتدوير للجاحظ، وقد شرح هذه الرسالة الأديب ابن نباتة سنة 768هـ في كتاب سماه: (سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون).[١] الرسائل الجديّة الرسالة الجدية هي رسالة أرسلها ابن زيدون إلى حاكم قرطبة ابن جهور بعد سقوط الخلافة الأموية في الأندلس سنة 422هـ، طالباً الرحمة منه مستعطفاً إيّاه ليطلق صراحه من السجن الذي وضعه فيه ظلماً نتيجة الدسائس والمؤامرات، وقد أجمع القدماء والمعاصرون على أنّ هذه الرسالة تعتبر من أهم الرسائل الأدبية في تاريخ الأدب العربيّ، لذا لاقت الكثير من التقدير والاهتمام قديماً وحديثاً، ومن مظاهر تقدير الأقدمين لها أنّ بعض الأدباء اقتدى بها وقلدها مثل، محمد بن نصر القيسراني الذي استفاد منها من الناحية الشكلية وليس من ناحية المقاصد، في تأليف ظلامة أبي تمام، كما قلّد هذه الرسالة محي الدين بن ظاهر، وصلاح الدين الصفدي، ومن مظاهر الاهتمام بتلك الرسالة أيضاً قديماً وحديثاً ترجمتها إلى بعض اللغات وكثرة الشارحين لها، هذا ولم تزل تلك الرسالة محطّ اهتمام للدارسين حتى الآن.[٨] شعر ابن زيدون كتب ابن زيدون الكثير من قصائد المدائح في أبي الحزم بن جهور، وأبي الوليد، وفي المعتضد، وابنه المعتمد، كما مدح بعض أمراء الطوائف، وكتب الرثاء في أبي جهور وفي المعتضد وبعض أبناء الخاصة، ولا يوجد في مدح ابن زيدون ورثائه تجديداً إذ كان يتناول المعاني المتداولة عند القدماء، مثل صفات الكرم والشجاعة والتقوى وجميع المعاني المعروفة عند شعراء المشرق، كما يمتاز شعره بالمبالغة في اللفظ والمعنى مقلداً في ذلك القدامى، أما شعره في الغزل فهو مرتبطٌ بولاّدة التي أحبها وهام في عشقها، وهو من نوع الغزل الصادق الذي ينبع عاطفة وحنيناً، وشكوى وعتاباً وألماً، ويبدو فيه ساخطاً على الوشاة حاقداً على الدهر.[٥] يمتاز شعر ابن زيدون بشكل عام بالمبالغة بهدف التأثير في السامع لتحريك مشاعره، كما يظهر في شعره تأثره بالقديم بالرغم من أنّه عاش في بيئة تختلف عن تلك التي عاش فيها المشارقة، وقد سُمي ابن زيدون كما قلنا ببحتري المغرب لسببين، أولهما طول النفس، فقد جاءت قصائده في المدح والغزل طويلةً، وثانيهما كثرة الزخارف الشعرية والصور البيانية والمحسّنات البديعية، فجاء شعره شبيهاً بشعر البحتري، ورغم تأثر ابن زيدون بالمشارقة إلا أنّه ظلّ محتفظاً بشخصيته المميزة في شعره واهتمامه بإبراز ذاته في أعماله الشعرية.[٥] الأغراض الشعريّة لابن زيدون كان لابن زيدون في حياته ثلاث تجارب أثرت في تنوّع شعره بشكل عميق، والتي عُدّت مصدراً لإلهام ابن زيدون في كلّ المواضيع التي عبّر عنها، أما التجربة الأولى فقد تمثلت بهيامه لولاّدة بنت المستكفي، وأما الثانية فقد حدثت عند سجنه في عهد أبي الحزم بن جهور، إذ نتجت من معاناته في السجن العديد من الأبيات الشعرية التي كانت تتمحور حول العتاب والاستعطاف، أما التجربة الثالثة فقد حصلت معه حين كان قريبًا من الحكام بصفته وزيراً وسفيراً في الدولة، فمكانة ابن زيدون تلك جعلته ينظم أشعار المديح لأولي الأمر، والهجاء لأعدائه، كما اعتُبرت مصدراً لإخوانياته ومداعباته، ولما كتبه من قصائد الوصف، وفيما يأتي شرح للأغراض الشعرية لابن زيدون مع ذكر بعض الأمثلة على قصائده:[٩] الغزل: كان لعشق ابن زيدون لولادة، وحبه الشديد لها وتعلق قلبه وأحاسيسه بها، دور كبير في إشعال نفسه وإكسابها شاعرية خصبة، لذا ترجمت ما في صدره من مكنون الحب والوفاء إلى شعرٍ عذبٍ وإبداعٍ لا حدود له في شعر الغزل، فتنوعت أشعاره ما بين الشكوى والحنين والعتاب والهجر وما إلى ذلك مما تفيض به نفس الشاعر العاشق من مشاعر. الشكوى: للشكوى النصيب الأكبر من قصائد الغزل في شعر ابن زيدون، والتي امتازت مثل باقي أشعاره بالسهولة والعذوبة والموسيقى والمشاعر الغزيرة، فيقول في إحداها: كم ذا أُريدُ وَلاَ أُرادُ؟ يا سوء ما لقِيَ الفؤادُ العتاب: أما العتاب فيحتل المرتبة الثانية في شعر ابن زيدون ويقول في إحدى قصائده: أيوحشني الزمان وأنت أنسي ويظلم لي النهارُ وأنت شمسي الحنين والشوق: تفيض قصائد الحنين والشوق في شعر ابن زيدون حباً وحنيناً، ويقول في إحداها: متى أبثّكِ ما بي يا راحتي وعذابي متى ينوبُ لساني في شرحه عن كتابي الهجر: إنّ قصائد الهجر في شعر ابن زيدون مرتبطة بحبيبته ولادة، فمعظمها تتحدث عن هجرها له، فيقول في إحداها: يا نازحًا وضميرُ القلب مثواهُ أنسَتْكَ دنياك عبدًا أنت دنياهُ الفراق: يقول ابن زيدون في الفراق: لحا اللهُ يومًا لستُ فيه بملتقِ مُحيَّاكَ مِن أجل النَّوى والتَّفرُّقِ وكيف يطيبُ العيشُ دُون مسرةٍ؟ وأيُّ سُرورٍ للكئيب المؤرَّق الاعتذار: يوجد مقطعة واحدة في الاعتذار في ديوان ابن زيدون يعتذر فيها لحبيبته بسبب ضربه لها فيقول فيها: إن تكن نالتكِ بالضرب يدي وأصابتك بما لم أُرِد فلقد كُنتُ -لعمري- فاديًا لك با لمال وبعض الولد الوصال: تناول ابن زيدون لذّة الوصال في مقطعة قال فيها: سري وجهري أنني هائمُ قام بك العذرُ فلا لائمُ البكاء: قصيدة (أضحى التنائي) هي من أشهر البكائيات في الشعر العربي، وهي التي جعلته أشهر شعراء الغزل في عصره، وفيها يذوب أساً وألماً على فراق ولادة وحبل الوصال الذي قُطع بينه وبينها، وقد استهلها بقوله: أضحى التنائي بديلاً من تدانينا وناب عن طيب لقيانا تجافينا المديح: أبدع ابن زيدون في قصائد المدح التي وجهها إلى ابن جهور وابن عباد وغيرهم من الملوك والأمراء، كقوله: ونهجك سبل الرُّشدِ في قمع منْ غوى وعدْلك في استئصال مَن جار واعتدى الإخوانيات: إنّ قصائد الإخوانيات عند ابن زيدون متنوعة المواضيع، فمنها ما هو عتاب ومنها ما هو اعتذار، أو طلب استشفاع أو شكر، ومنها ما هو دعابة، كقوله ممازحاً أبا عبد الله البطليوسي: أصِخْ لمقالتي.. واسمعْ وخذ فيما ترى.. أو دع وأَقْصِرْ بعدها أو زِدْ وطِرْ في إثرها أو قَع الرثاء: تعددت قصائد ابن زيدون في الرثاء، فمنها ما هو رثاءٌ خالص ومنها ما خالطه المديح كقوله: هو الدهرُ فاصبر للذي أحدث الدهرُ فمن شيم الأبرار -في مثلها- الصبرُ الحبسيات: تنوعت مواضيع الحبسيات في شعر ابن زيدون كذلك، فمنها الغزل والمديح والحنين، والتي جمعها مع بعضها موضوع أساسي، ألا وهو سجنه ومعاناته فيه ورغبته الملحّة في الخروج منه، وهذه إحدى قصائد السجن التي استهلها بالغزل: ما جال بعدكِ لحظي في سنا القمر إلا ذكرتُك ذِكْر العين بالأثر الوصف: إنّ جميع قصائد ابن زيدون احتوت على الوصف، فهو يصف الحبيبة ويصف حاله معها، ويصف الخمر، ويصف الممدوح، لكن أيضاً توجد له قصائد تختص بالوصف وحده كقوله في وصف نزول المطر على شاطئ النهر: كأنّا عشيَّ القطر في شاطئ النهر وقد زهرت فيه الأزاهر كالزُّهر الخمريات: يوجد لابن زيدون ثلاث مقطعات فقط في الخمريات، فقد بدأ حياة القصور في بلاط ابن جهور الذي لم يكن ممن يتعاطون الخمر، كما أنّ انشغال الشاعر بهمومه الخاصة صرفته عن حياة اللهو والترف خاصةً بعد هجر حبيبته له، فيقول ابن زيدون واصفاً ليلة من ليالي الأنس والبهجة في حدائق إشبيلية وهو يشرب الخمر مع أصحابه: وليلٍ أَدْمنا فيه شُرْبَ مدامةٍ إلى أن بدا للصبح -في الليل- تأشيرُ وجاءت نجوم الصبح تضربُ في الدُّوجى فولت نجومُ الليل والليلُ مقهور الحنين إلى الوطن: لم يكتب ابن زيدون في الحنين إلى الوطن سوى أرجوزة واحدة وهو في مدينة بطليوس جاء فيها: يا دمعُ صُب ما شئت تَصُوبا ويا فُؤادي آنَ أنْ تذوبا إذِ الرزايا أصبحت ضروبا المطيرات: هو فن ابتكره ابن زيدون وهو نوع من النظم يقوم على الألغاز والأحاجي التي تدور حول أنواع الطيور، ويكون في القصيدة بيت أو بيتين فيهما مفتاح اللغز، حيث يدل كل حرف على طير من الطيور، وعلى الشاعر الآخر أن يرد بقصيدة يذكر فيها البيت المجهول الذي يحتوي على حل اللغز، لكن يبدو أن هذا النوع من الشعر لم يستهوي الشعراء لذا مات بموت ابن زيدون. ابن زيدون وولاّدة بنت المستكفي يعود نسب ولّادة ابنة المستكفي إلى بيت أموي عريق، فوالدها هو الخليفة المستكفي بالله الذي أجمع المؤرخون على أنّه كان منغمساً في الملذات ومشهوراً بالبطالة وشرب الخمر، فكان توليه أمر المسلمين في قرطبة نقمة عليهم، وقد تزوج من أمةٍ مسيحيةٍ حبشيةٍ قيل إنّها أم ولاّدة، وعلى الرغم من عظمة أجداد ولاّدة إلا أنها كانت قد اكتسبت بعض صفات والديها.[٣] عشق ابن زيدون في شبابه ولّادة وشغفته حباً أيام خدمته لبني جهور، وتوثقت علاقته بها مدةً من الزمن ونظم في حبها مجموعة من القصائد الرائعة، ثمّ ساءت العلاقة بينهما وهجرته ولادة فنظم قصائد مؤثرةً يستعطفها بها، وكان ينافسه في حبها ابن عبدوس الذي تزوجته فيما بعد، وقد كانت ولّادة سيدة عصرها وكانت أديبةً وشاعرةً واثقة من نفسها لدرجة الغرور، فطرزت بالذهب على ثوبها هذين البيتين:[١٠] أنا والله أصلُح للمعال وأمشي مشيتي وأتيه تيها وأمكِّنُ عاشقي من َصحنِ خدّي وأُعطي قُبلتي من يَشتهيها أحبت ولادة الوزير ابن زيدون أولاً، ثمّ انصرفت عن حبّه إلى حبّ الوزير أبي عامر ابن عبدوس، وكان يلقّب بالفأر، وفي هذا يقول ابن زيدون: أكرِم بولاّدةَ علقاً لمعتلقٍ لو فرقت بين بيطارٍ وعطارِ قالوا أبو عامرٍ أضحى يلمُ بها قلت الفراشةَ قد تدنو من النارِ نونيّة ابن زيدون مناسبة القصيدة كتب ابن زيدون هذه القصيدة لولاّدة بعد هروبه من السجن وأرسلها إليها يرجوها أن تحفظ الود وتظل على العهد، فتذكر أيام الوصال بينهما وتحسر عليها، وقد استخدم الشاعر في هذه القصيدة ألفاظاً معبرة عن حبه وعاطفته النبيلة، كما اختار الصور البيانية بمهارةٍ لتعبر عن الأحوال النفسية التي عاشها، واستخدم فيها مُحسنات اللفظ والمعنى بكلّ إبداع فجاءت مناسبةً لعواطفه وأحاسيسه.[١١] نظم ابن زيدون نونيته على وزن (بحر الكامل) الذي يعد من أهم البحورالعربية لكثرةِ النظم فيه، والذي يمتاز بجرسٍ واضحٍ ينبعث من هذه الحركات الكثيرة الواضحة، وهو مناسب لقصيدة ابن زيدون التي تحتاج مساحة من الزمن للتعبير عن معانيها، أما القافية فهي مردوفة مطلقة وحرف الروي هو النون، وهو شبيه بروي معلقة ابن كلثوم التي مطلعها: ألا هبّي بصحنكِ فأصبحينا ولا تُبقي خُموَر الأندرينا هذا ومع اختلاف غرضي القصيدة، فقصيدة عمرو في الفخر والحماسة وقصيدة ابن زيدون في الغزل.[١٢] الأسلوب المستخدم في القصيدة بنى ابن زيدون قصيدته هذه بأسلوب جميلٍ رقيقٍ وهادئ مختومة بحرف النون الذي من مميزاته أنّه يعطي في الوقف نبرة حزنٍ مع جرسٍ مصحوبٍ بالحنين، كما أنّه من الحروف الذلاقة، وله جرس لطيف ونغم موسيقيٌّ عذب في ترتيب القوافي.[١٢] رأي النقاد في القصيدة تحدث النقاد كثيرًا عن هذه القصيدة، فمنهم من مدحها ومنهم من ذمها، لكن من المؤكد أنّها من أروع قصائد الغزل الوجداني، ومما يطلق عليه السهل الممتنع، حيث لا يصعب لمن سمع الشطر الأول أن يكمل الشطر الثاني، من خلال الجناس والطباق اللذين زادا القصيدة روعة على روعة، إضافةً إلى الألفاظ المتضادة.[١٢] ألفاظ القصيدة استخدم ابن زيدون في قصيدته ألفاظاً ذات جرسٍ رنانٍ هادئ لتعبر بصدق عن موضوعها، ولكنها في نفس الوقت ألفاظ جزيلة متينة، كما أنّ لغتها مثل لغة قصائد الشعراء السابقين، لكنّ كثيراً من النقاد انتقد تكرار ابن زيدون للمعاني مع اختلاف الألفاظ.[١٢] هذه بعض الأبيات من هذه القصيدة:[١٣] أَضحى التَنائي بَديلاً مِن تَدانينا وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا أَلّا وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ صَبَّحَنا حَينٌ فَقامَ بِنا لِلحَينِ ناعينا مَن مُبلِغُ المُلبِسينا بِاِنتِزاحِهِمُ حُزناً مَعَ الدَهرِ لا يَبلى وَيُبلينا وفاة ابن زيدون بعد أن هرب ابن زيدون من السجن اتصل بوالي إشبيلية المعتضد، فعاش في كنفه، وولاه وزارة وفوض إليه شؤون مملكته، وظل في بلاطه في إشبيلية معززاً مكرماً حتى توفي المعتضد وتولى ابنه المعتمد على الله الحكم، فظل إلى جانبه ومات في أيام حكمه في صدر رجب سنة ثلاث وستين وأربعمئة بمدينة إشبيلية ودفن بها، وقال ابن بشكوال إنّه توفي سنة خمس وأربع مائة، وكانت وفاته بالبيرة وسيق إلى قرطبة ودُفن بها رحمه الله.[١٠]

ابن زمرك

أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد الصريحي (733 هـ - 793 هـ / 1333 - 1392 م) المعروف بابن زمرك من كبار الشعراء والكتّاب في الأندلس، وكان وزيرًا لبني الأحمر ،ولد بروض البيازين بغرناطة وتتلمذ على يد لسان الدين بن الخطيب . وزير من كبار الشعراء والكتاب في الأندلس. أصله من شرقيها، ومولده بروض البيازين (بغرناطة) تتلمذ للسان الدين بن الخطيب وغيره، وترقى في الأعمال الكتابية إلى أن جعله صاحب غرناطة (الغني بالله) كاتم سره، سنة 773هـ، ثم المتصرف برسالته وحجابته. ونكب مدة، وأعيد إلى مكانته، فأساء إلى بعض رجال الدولة، فختمت حياته بأن بعث إليه ولي أمره من قتله في داره وهو رافع يديه بالمصحف. وقتل من وجد معه من خدامه وبنيه. وكان قد سعى في أستاذه لسان الدين بن الخطيب حتى قتل خنقاً، فلقي جزاء عمله. وقد جمع السلطان ابن الأحمر شعر ابن زمرك وموشحاته في مجلد ضخم سماه (البقية والمدرك من كلام ابن زمرك) رآه المقري في المغرب ونقل كثيراً منه في نفح الطيب وأزهار الرياض. وقال ابن القاضي: كان حياً سنة 792 ذكر في الكوكب الوقاد فيمن دفن بسبتة من العلماء والزهاد. ترقى في الأعمال الكتابية إلى أن جعله صاحب غرناطة الغني بالله أمين سره عام 773 هـ. ثم عينه متصرفا برسالته وحجابته. نكب مدة، وأعيد إلى مكانته . أساء إلى بعض رجال الدولة، فبعث إليه حاكمه من قتله في داره، وقد قتل من وجد معه من خدامه وبنيه، وكان قد حرض على أستاذه لسان الدين بن الخطيب حتى قتل ابن الخطيب خنقًا. جمع السلطان ابن الأحمر شعر ابن زمرك وموشحاته في مجلد ضخم سماه البقية والمدرك من كلام ابن زمرك، كتب عنةالمقري ونقل كثيراً منه في نفح الطيب وأزهار الرياض. لمن قبةٌ حمراء مُدْ نُضارُها تطابق منها أرضُها وسماؤُها وما أرضها إلا خزائنُ رحمةٍ وما قد سما من فوق ذاك غطاؤُها وقد شبّه الرحمن خلقتنا به وحسبُك فخراً بان منه اعتلاؤُها ومعروشةِ الأرجاء مفروشةٍ بها صنوفٌ من النعماء منها وطاؤُها ترى الطير في أجوافها قد تصفّفت على نعم عند الإله كفاؤُها ونسبتها صنهاجة غير أنها تُقَصِّرُ عمَّا قد حوى خلفاؤها حبتني بها دون العبيد خلافةٌ على الله في يوم الجزاء جزاؤها على الطائر الميمون والطالع السعد أتتني مع الصنع الجميل على وعدِ وأحييت يا يحيى بها نفس مغرم يجيل جيادَ الدمع في ملعب السعدِ نسيتُ وما أنسى وفائي وخلتي وأقفر ربع القلب إلاّ من الوجد وما الطلُّ في ثغرٍ من الزهر باسم بأزكى وأصفى من ثنائي ومن وُدِّي فأصدقتها من بحر فكري جواهراً تنظّم من در الدراريّ في عقدِ وكنتُ أطيلُ القولَ إلاَّ ضرورةً دعتني إلى الإيجاز في سورة الحمدِ نفسي الفداء لشادن مهما خطرْ فالقلب من سهم الجفون على خطرْ فضح الغزالة والأقاحة والقنا مهما تثنَى أو تبسّم أو نظرْ عجباً لليل ذوائبِ من شعرهِ والوجه يُسفر عنْ صباح قد سفرْ عجباً بعِقدِ الثغر منه منظماً والعِقد من دمعي عليه قد انتثرْ ما رمتُ أن أجني الأَقاحَ بثغره إلاّ وقد سلَّ السيوف من الحورْ لم أنسَهُ ليلَ ارتقاب هلاله والقلب من شك الظهور على غَررْ بتنا نراقبه بأول ليلةٍ فإِذا به قد لاح في نصف الشهرْ طالعته في روضة كخلاله والطيب من هذي وتلك قد اشتهرْ وكلاهما يُبدي محاسن جمة مِلْءَ التنسّم والمسامع والبصرْ والكأسُ تطلع شمسها في خدِّهِ فتكادُ تُعشي بالأشعة والنظرْ نورية كجبينة وكلاهما يجلو ظلامَ الليل بالوجه الأغرْ هي نسخة للشيخ فيها نسبة ما إن يزالا يرعشان من الكبرْ أفرغتَ في جسم الزجاجة روحها فرأيتُ روح الأنس فيها قد بهرْ لا تسقِ غير الروض فضلة كأسها فالغصن في ذيل الأزاهر قد عثرْ ما هبَ خفاق النسيم مع السحرْ إلا وقد شاق النفوس وقد سحرْ ناجى القولبَ الخافقات كمثله ووشى بما تخفي الكِمام مع الزهرْ وروى عبد الضحاك عن زَهر الربُّى ما أسند الزهري عنه عن مطرْ وتحملت عنه حديث صحيحه رُسُلُ النسيم وصدّق الخُبُرُ الخَبَرْ يا قصر شنّيل وربعك آهلٌ والروض منك على الجمال قد اقتصرْ لله بحرك والصِّبا قد سرَّدْتْ منه دروعاً تحت أعلام الشجرْ والآس حفَّ غداره من حوله عن كلِّ من يهوى العِذارَ قد اعتذرْ قَبِّلْ بثغر الزهر كفَّ خليفة يُغنيك صوبُ الجود منه عن المطرْ وافرشْ خدود الورد تحت نعاله واجعل بها لون المضاعف عبد خفرْ وانظمْ غناء الطير فيه مدائحاً وانثر من الزهر الدراهم والدررْ المنتقى من جوهر الشرف الذي في مدحه قد أنزلت آيُ السورْ والمجتبى من عنصر النور الذي في مطلع الهَدي المقدس قد ظهرْ ذو سطوة مهما كفى ذو رحمة مهما عفا ذو عفة مهما قدرْ كم سائل للدهر أقسمَ قائلاً والله ما أيامُهُ إلا غُرَرْ مولايَ سعدك كالمهنّد في الوغى لم يُبق من رسم الضلال ولم يَذَرْ مولاي وجهُك والصباحُ تشابها وكلاهما في الخافقين قد اشتهرْ إن الملوك كواكبٌ أخفيتها وطلعت وَحْدَك في مظاهرها قمرْ في كل يوم من زمانك موسمٌ في طَيّهِ للخلق أعيادٌ كُبَرْ فاستقبل الأيام يندَى روضها ويرف والنصر العزيز له ثمرْ قد ذهَبتْ منها العشايا ضعف ما قد فضَّضَتْ منها المحاسن في السحرْ يا ابن الذين إذا تُعَدُّ خلالهم نفِدَ الحسابُ وأعجزت منها القدرْ إن أوردوا هِيمَ السيوف غدائراً مصقولةٌ فلطالما حَمِدُوا الصِّدَرْ سائلْ ببدرٍ عنهمُ بدرَ الهدى فبهم على حزب الضلال قد انتصرْ واسألْ مواقفهم بكل مشهّر واقرَ المغازي في الصحيح وفي السِّيَرْ تجد الثناء ببأسهم وبجودهم في مصحف الوحي المنزل مُستطرْ فبمثل هديك فلتُنِزْ شمس الضحى وبمثل قومِكَ فليفاخر من فَخَرْ ماذا أقول وكل وصف معجزٌ والقول فيك مع الإطالة مختصرْ تلك المناقب كالثواقب في العلا من رامها بالحصْرِ أدركه الحَصَرْ إن غاب عبدُك عن حماك فإنه بالقلب في تلك المشاهد قد حضرْ فاذْكُرْهُ إن الذكرَ منك سعادةٌ وبها على كل النام قد افتخرْ ورضاك عنه غايةٌ ما بعدها إلا رضى الله الذي ابتدع البشرْ فاشكر صنيع الله فيك فإنه سبحانه ضمن المزيد لمن شكرْ وعليك من رَوْح الإله تحيةٌ تهفو إليك مع الأصائل والبُكَرْ

ابن دراج القسطلي

ولد أبو عمر أحمد بن محمد بن العاصي بن أحمد بن سليمان بن عيسى بن درّاج القسطلي في المحرم 347 هـ في قرطبة لأسرة أصولها من بربر صنهاجة كانت تسكن قرية «قسطلة دراج» غرب الأندلس. قال عنه الثعالبي في يتيمة الدهر: «هو بالصقع الأندلسي، كالمتنبي في صقع الشام.» أورد ابن بسام الشنتريني في كتابه «الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة» نماذجًا من رسائله وشعره، ولابن دراج ديوان شعر مطبوع. توفي ابن دراج القسطلي في 16 جمادى الآخرة 421 هـ. لَكَ اللهُ بِالنَّصْرِ العزيزِ كَفيلُ أَجَدَّ مُقامٌ أَم أَجدَّ رَحيلُ هوَ الفتحُ أَمَّا يَومُهُ فَمُعَجَّلٌ إليكَ وَأَمَّا صُنعُهُ فَجزِيلُ وآياتُ نصرٍ مَا تزالُ وَلَمْ تزَلْ بهنَّ عماياتُ الضَّلالِ تَزولُ سيوفٌ تنيرُ الحقَّ أنَّى انْتَضَيْتَها وخيلٌ يجولُ النصرُ حَيْثُ تَجولُ أَلا فِي سبيلِ اللهِ غزوُكَ من غَوى وَضلَّ بِهِ فِي النَّاكثينَ سَبِيلُ لئِنْ صَدِئَتْ أَلبابُ قومٍ بمكرِهِمْ فسيفُ الهدى فِي راحَتَيْكَ صَقيلُ فَإِنْ يَحْيَ فيهم بَغْيُ جالُوتَ جَدِّهِمْ فَأَحجارُ دَاودٍ لَديْكَ مُثُولُ هُدىً وَتُقىً يُودِي الظلامُ لَدَيْهِما وحقٌّ بدفعِ المُبْطِلينَ كَفيلُ بجمعٍ لَهُ من قائدِ النصرِ عاجِلٌ إِلَيْهِ ومن حَقِّ اليقينِ دَليلُ تحمَّلَ منه البحرُ بحراً من القَنَا يروعُ بِهَا أَمواجَهُ وَيَهُولُ بِكُلِّ مَعَالاةِ الشِّرَاعِ كَأَنَّها وَقَدْ حملَتْ أُسْدَ الحَقائِقِ غِيلُ إِذا سَابَقَتْ شَأْوَ الرِّيَاحِ تخَيَّلَتْ خيولاً مدى فُرْسَانِهِنَّ خُيُولُ سحائبُ تزجيها الرياح فإِنْ وَفَتْ أَنافَتْ بِأَجْيَادِ النعامِ فُيُولُ ظباءُ سِمَامٍ مَا لَهُنَّ مَفَاحِصٌ وزُرْقُ حَمامٍ مَا لَهُنَّ هَدِيلُ سَوَاكِنُ فِي أَوْطانهنَّ كَأَنْ سَمَا بِهَا الموجُ حَيْثُ الرَّاسِيَاتُ تَزُولُ كما رفع الآلُ الهوادجَ بالضُّحى غَداةَ استَقَلَّتْ بالخليطِ حُمُولُ أَراقِمُ تَقْرِي ناقعَ السّمِّ مَا لَهَا بما حَملت دون الغواة مقيلُ إِذا نَفَثَتْ فِي زوْرِ زِيري حُماتَها فَوَيْلٌ لَهُ من نَكْزِها وأَليلُ هنالك يَبْلُو مرتعَ المكْرِ أَنَّهُ وخِيمٌ عَلَى نفس الكَفُورِ وَبِيلُ كَتائبُ تعتامُ النفاقَ كَأَنَّها شآبيبُ فِي أَوطانه وَسُيُولُ بكُلِّ فتىً عارِي الأَشَاجِع مَا لَهُ سِوَى الموت فِي حَمْيِ الوطيسِ مَثِيلُ خفيفٌ عَلَى ظهرِ الجواد إِذَا عدا ولكن عَلَى صَدْرِ الكَمِيِّ ثقيلُ وجرداءَ لَمْ تبخل يداها بغايةٍ ولا كَرُّها نحو الطعان بخيلُ لها من خوافي لَقْوَةِ الجَوِّ أَرْبَعٌ وَكَشحانِ من ظبي الفَلا وَتَلِيلُ وَبيضٍ تَرَكْنَ الشِّرْكَ فِي كل مُنْتَأىً فُلُولاً وَمَا أَزرى بهنَّ فُلُولُ تمورُ دماءُ الكُفرِ فِي شَفَراتِها ويرجعُ عنها الطرفُ وهوَ كليلُ وأَسمرَ ظمآنِ الكعوبِ كَأَنَّما بِهِنَّ إِلَى شُرْبِ الدماءِ غليلُ إِذا مَا هوى للطعنِ أَيقنتَ أَنه لصرف الرَّدَى نحو النفوس رسولُ وَحنَّانَةِ الأَوتَارِ فِي كلِّ مهجةٍ لعاصيكَ أَوْتَارٌ لَهَا وَذُحُولُ إِذا نَبْعُها عنها أَرَنَّ فإنما صداه نحيبٌ فِي العدى وعويلُ كَتائبُ عِزُّ النصرِ فِي جَنَبَاتِها فكلُّ عزيزٍ يمَّمَتْهُ ذليلُ يُسَيِّرُها فِي البرِّ والبحر قائدٌ يسيرٌ عَلَيْهِ الخطبُ وَهْوَ جليلُ جوادٌ لَهُ من بهجة العزِّ غُرَّةٌ ومن شِيَمِ الفضلِ المبينِ حُجولُ به أَمِنَ الإسلامُ شرقاً ومغرباً وغالت غواياتِ الضلالةِ غُولُ يَصُولُ بسيفِ اللهِ عَنَّا وإنما بِهِ السيف فِي ضَنْكِ المقام يصولُ حُسامٌ لداءِ المكر والغدر حاسمٌ وظلٌّ عَلَى الدين الحنيف ظليلُ إِذا انْشَقَّ ليلُ الحربِ عن صُبحِ وجههِ فقد آن من يوم الضلالِ أَصيلُ كَريمُ التأَنِّي فِي عِقَابِ جُنَاتِهِ وَلَكِنْ إِلَى صوت الصَّرِيخ عَجُولُ لِيَزْهُ بِهِ بحرٌ كَأَنَّ مُدُودَدُ نوافلُ من معروفه وفضُولُ ويا رُبَّ نجمٍ في الدُّجى وَدَّ أَنَّه من المركَبِ الحاوي سناه بديلُ تهادت بِهِ أَنفاسُ رَوْحٍ من الصَّبا وَخَدٌّ من البحر الخِضَمِّ أَسيلُ وقد أَوْمَتِ الأَعلامُ نحوَ حُلُولِهِ وحنَّ من الغُرِّ الجياد صهيلُ فجلّى سناه العدْوَتَيْنِ وَبَشَّرَتْ خوافقُ راياتٍ لَهُ وَطبولُ وأَيقنَ باغِي حتفِه أَنَّ أُمَّه وَقَدْ أَمَّهُ الليثُ الهصورُ هَبُولُ فواتحُ عِزٍّ مَا لَهَا دونَ زمزمٍ وَلا دُونَ سَعْي المروتَيْنِ قُفُولُ وهل عائقٌ عنها وكلّ سَنِيَّةٍ إليك تَسَامى أَوْ إليكَ تَؤولُ سيوفٌ عَلَى الجُرْدِ العِتاقِ عَزِيزَةٌ وَأَرْضٌ إِلَى البَيْتِ العَتيقِ ذَلُولُ فقد أَذِنتْ تِلْكَ الفِجَاجُ وَدُمِّثَتْ حُزونٌ لِمَهوَى مَرِّهَا وسُهولُ وقامَ بِهَا عند المقامِ مُبَشِّرٌ وشَامَ سناها شَامَةٌ و طَفِيلُ فيَهنيك يَا منصورُ مبدأُ أَنْعُمٍ عَوائدُه صنعٌ لديكَ جَمِيلُ وفرعان من دوح الثناء نمتهما من المجد فِي التُّرْبِ الزَّكِيِّ أُصولُ عقيبان بَيْنَ الحربِ وَالمُلْكِ دولة وعزٌّ مُدَالٌ منهما ومُديلُ مليكانِ عَمَّ السّلمَ والحربَ منهما غِنىً وَغَنَاءٌ مُبْرَمٌ وَسحيلُ وَيَهْنِيكَ شَهْرٌ عند ذي العرش شاهِدٌ بأَنك بَرٌّ بالصيام وَصُولُ فَوُفِّيتَ أَجرَ الصابرين ولا عَدَا مساعِيكَ فَوزٌ عاجلٌ وَقَبُولُ