https://follow.it/amir-samdani?action=followPub

Sunday 22 October 2023

الرثاء في الشعر الأندلسي

 احتل الرثاء في الشعر الأندلسي منزلة كبيرة بين أغراض الشعر الأخرى، فقد واكب التطور الذي طرأ على الشعر العربي، وكان له دور في نقل مجريات الأحداث الذي شهده العصر الأندلسي خصوصًا في أواخر عهده؛ كونه الوسيلة الوحيدة القادرة على نقل المآسي والمعاناة حينها، تجدر الإشارة بأن رثاء الأقارب، والمدن والدويلات في الشعر الجاهلي حظي بنصيب أكبر من باقي الموضوعات الأخرى، وذلك بسبب الفتن التي أطاحت في الأندلسيين وأدّت إلى فقدان الكثير منهم وذهاب شملهم وفقدان مدنهم.[٢]




أبرز موضوعات الرثاء في الشعر الأندلسي

اشتمل الرثاء في الشعر الأندلسي على العديد من الموضوعات، منها:



رثاء النفس

هو رثاء الشاعر لحاله ومآله بعد اقترابه من الموت أو لأسباب أخرى، ومنها قصيدة أبو الصلت أمية بن عبد العزيز القائل فيها:[٣]




سَـكَـنـتُـكِ يـا دارَ الفَـناءِ مُصَدِّقا

بِــأَنّــى إِلى دارِ البَـقـاء أَصـيـرُ

وَأَعـظَـمُ مـا فـي الأَمرِ أَنّي صائِرٌ

إِلى عـادِلٍ فـي الحُـكـمِ لَيسَ يَجورُ

فَيا لَيتَ شِعري كَيفَ أَلقاهُ بَعدَها

وَزادي قَــليــلٌ وَالذُنــوبُ كَــثـيـرُ

فَـإِن أَكُ مُـجـزيّـاً بِـذَنـبـي فَـإِنَّني

بِــحَــرِّ عَــذابِ المُـذنِـبـيـنَ جَـديـرُ

وَإِن يَــكُ عَــفـو ثُـمَّ عَـنّـى وَرَحـمـة

فَـــثَـــمَّ نَـــعـــيـــمٌ دائر وَسُـــرورُ





ويشتمل رثاء النفس على العديد من الأمور الدينية، منها؛ التوبة والاستغفار، والتفكر بالموت والإعداد له، والزهد في الدنيا، والاستشهاد وتمني الموت، والوصية، والاستشفاع وغيرها، ومنها قصيدة أبو الوليد بن الفرضي الذي كتبها عندما شعر بدنو أجله طالبًا المغفرة من الله، فقال فيها:[٤]




أَسـيـرُ الخَـطـايـا عـندَ بابكَ واقفٌ

عــلى وجــلٍ مــمــا بــه أَنـتَ عـارفُ

يـخـافُ ذنـوبـاً لم يغب عنكَ غيبها

ويـرجـوكَ فـيـهـا فـهـو راجٍ وخَـائفُ

ومـن ذا الذي يـرجـى سِـواكَ ويتقي

ومـا لكَ مـن فـضـلِ القـضـاءِ مخالفُ

فـيـا سـيـدي لا تخزني في صَحيفتي

إذا نُـشِـرتْ يـوم الحـسابِ الصحائفُ





رثاء المدن والمماليك

كثر رثاء المدن والمماليك بعد أن سيطر المرابطين والإسبان على المماليك الأندلسية في فترات زمنية متفرقة، ومنها قصيدة رثاء لأبي القاسم السُّهيلي التي رثى بها مدينة بَلَنسية فقال فيها:[٥]




يَا دَارُ أَيْنَ البِيضُ وَالآرَامُ

أَمْ أَيْنَ جِيرَانٌ عَلَيَّ كِرَامُ

رَابَ المُحِبَّ مِنَ المَنَازِلِ أَنَّهُ

حَيَّا فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ سَلاَمُ

لَمَّا أَجَابَنِيَ الصَّدَى عَنْهُمْ وَلَمْ

يَلِجِ المَسَامِعَ لِلْحَبِيبِ كَلاَمُ

طَارَحْتُ وُرْقَ حَمَامِهَا مُتَرَنِّمًا

بِمَقَالِ صَبٍّ وَالدُّمُوعُ سِجَامُ

يَا دَارُ مَا فَعَلَتْ بِكِ الأَيَّامُ

ضَامَتْكِ وَالأَيَّامُ لَيْسَ تُضَامُ




No comments:

Post a Comment