https://follow.it/amir-samdani?action=followPub

Friday 20 October 2023

عبد المنعم الجلياني

 

عبد المنعم بن عمر بن عبد الله الجلياني الغساني الأندلسي أبو الفضل. شاعر أديب متصوف، كان يقال له حكيم الزمان، من أهل جليانة وهي حصن من أعمال (وادي آش) بالأندلس. انتقل إلى دمشق وأقام فيها. وكانت معيشته من الطب ، يجلس على دكان بعض العطارين ، وهناك لقيه ياقوت الحموي وزار بغداد (سنة 601 هـ) وتوفي بدمشق. كان السلطان صلاح الدين يحترمه ويجله، ولعبد المنعم فيه مدائح كثيرة ، أشهرها قصائده ( المدبجان - خ ) العجيبة في أسلوبها وجداولها وترتيبها أتمها سنة 568 هـ وتسمى روضة المآثر والمفاخر في خصائص الملك الناصر ) وله عشرة دواوين بين نظم ونثر، وقد أتى ابن أبي أصيبعة على بيان موضوعات الدواوين العشرة، وشعره حسن السبك فيه جودة.


العَزمُ يَنفُذُ لَيسَ البيضُ وَالسُمُرُ

تِلكَ العَزيمَةُ مِنها هَذِهِ الأَثَرُ

فَتحٌ يُضَيِّقُ صَدرَ الكُفرِ شارِحُهُ

صَدرَ الهُدى فَالتَقَت بُشراهُ وَالنُذُرُ

كَأَنَّهُ سُحُبٌ تَرمي صَواعِقُها

أَرضاً وَيَنزِلُ في أُخرى بِها المَطَرُ

كَأَنَّ مِصرَ وَصورَ السورِ باطِنُهُ

فينا وَظاهِرُهُ فيهِمُ بِما كَفَروا

لَولا المَليكُ صَلاحُ الدينِ ما لَبِثَت

في مِصرَ أَن تُعبَدُ الصُلبانُ وَالصورُ

فَسَدَّ ثُغرَتَها وَاِشتَدَّ مُعتَمِداً

أَرضَ العَدُوِّ فَلَم يَلبَث بِها الظَفَرُ

يُبكي الفِرِندَ سُرورُ المُسلِمينَ كَما

يَطيبُ ثَوبٌ بِوَردٍ وَهوَ مُعتَصِرُ

جاءَت أَكابِرُهُم تَلقى مُكابَرَةً

فَأَلبَسَ الصُغُرُ ذاكَ الكِبرُ وَالكِبَرُ

وَاِستَلأَموا لتَرُدَّ البَأسَ لامَتهُم

وَلا يَرُدُّ مِجَنٌّ ما رَمى القَدَرُ

وَجهُ اللِعَينِ إِلى الدَوارومِ مُنضَغِطاً

وَلِلبَواتِرِ مِنهُ وَالقَنا الدُبُرُ

كَأَنَّ مُرّي يُبَكّي مُرَّ نَكبَتِهِ

عودٌ يُقَطِّرُ ماءً وَهوَ يَستعِرُ

ما كانَ يَحسَبُ أَنَّ اللَهُ يَقهَرُهُ

مِن مِصرَ إِذ هِيَ أُنثاهُ وَلا ذَكَرُ

قَد كانَ ذا طَمَعٍ فيها وَذا طُعَمٍ

فَعادَ يَأساً وَبَأَساً صَوبُهُ دِرَرُ

فَلَيسَ يَدري أَيَبكي شَجوَ مَملَكَةٍ

فاتَتهُ أَم خَوفَ ما يَخشى وَيَنتَظِرُ

وَغَزَّةٌ غَرَّةٌ الكُفرِ الَّذي وَطِئتُ

جَبينَهُ الغُزُّ لَم يَترُك لَها أَثَرُ

سالَ الحَرَمانِ فيها مائِرَينَ مَعاً

دَمٌ وَخَمرٌ وَلا كُفرٌ وَلا سَكَرُ

وَأُضرِمَت لَهَباً فيهِ العِدى جُثَثاً

كَأَنَّها وَهُم يَصِلونَها سَقَرُ

فَالحَمدُ لِلَّهِ هَذيِ نَعمَةً شَمَلَت

ديناً وَدُنيا فَلا عُذرٌ وَلا ذُعُرُ

أَبا المُظَفَّرِ فَاِهنَأ حَظَّ مُنتَخِبٍ

أُخرى الزَمانِ لِدينٍ كادَ يَنبَتِرُ

زَهِدتَ فيما سَبى الأَملاكُ مُنكَدِراً

عِلماً بِمُلكِ نَعيمٍ ما بِهِ كَدَرُ

وَطِبتَ نَفساً عَنِ الدُنيا وَزُخرُفَها

وَجِئتُ تُقَدِّمُ حَيثُ الهَولُ وَالخَطَرُ

فَأَنتَ لِلعُمَرَينِ ثالِثٌ وَرَعاً

وَعَزمَةً شَبَّ مِنها لِلهُدى عُمُرُ




اللَهُ أَكبَرَ أَرضُ القُدسِ قَد صَفَرتَ

مِن آلِ الأَصفَرِ إِذ حينَ بِهِ حانوا

أَسباطُ يوسُفَ مِن مِصرَ أَتَو وَلَهُم

مِن غَيرِ تيهٍ بِها سَلوى وَأَمنانُ

لَهُم فَلَسطينُ أَن يَخرُجَ مُنفَرِجاً

عَنها وَإِلّا عَدَّت بيضٌ وَخَرصانُ

حَتّى بَنَيتَ رِتاجَ القُدسِ مُنفَرِجاً

وَيَصعَدُ الصَخرَ الغَرّاءَ عُثمانُ

وَاِستَقبَلَ الناصِرُ المِحرابُ يَعبُدُ مَن

قَد تَمَّ مِن وَعدِهِ فَتحٌ وَإِمكانُ

وَجازَ بَعضُ بَنيهِ البَحرُ تَجفَلُ مِن

غاراتِهِ الرومُ وَالصِقلابِ وَاللانُ

حَتّى يُوَحِّدُ أَهلُ الشِركِ قاطِبَةَ

وَيُرهِبُ القَولَ بِالثالوثِ رُهبانُ

وَلِاِبنِ أَيّوبَ في الإِفرِنجِ مَلحَمَةٌ

دَلَّت عَلَيها أَساطيرٌ وَحُسبانُ

وَمَن أَحَقُّ بِمُلكِ الأَرضِ مِن مَلِكٍ

كَأَنَّهُ مَلِكٌ في الخَلقِ حَنانُ


حَمى المَسجِدَ الأَقصى فَطالَ مَطهَراً

وَأَودَعَهُ جَمعاً كِباراً رِجالُهُ

بُذولاً لِفانٍ شَرَفَ الخَلقِ نائِلاً

فُعولاً لِباقٍ شارَفَ الأَفُقُ نالُهُ

فَواتِحُ نَعماهُ بِها قَرَّودُهُ

وَإِكرامُ مَثوى عَهدِهِ وَاِشتِمالُهُ

فَفي القَلقَةِ الشَهباءِ مِن بَعدِهِ اِبنِهِ

بِقُوَّةِ عَزمِ كُلِّ عِيالُهُ





No comments:

Post a Comment