https://follow.it/amir-samdani?action=followPub

Monday 16 October 2023

ابن خاتمة

أبو جعفر أحمد بن علي ابن محمد بن خاتمة الأنصاري المريني (بالإسبانية: Ibn Jatima)‏ ولد بمدينة المرية عام (734 هـ- 1333 م) الواقعة جنوب شرق الأندلس، وبها حفظ القرآن الكريم، وقرأ علوم العربية والدين على أساتذة العصر المشهورين ببلده، وتردد منذ صباه على بعض المدن الأندلسية ولا سيما غرناطة العاصمة، وأخذ عن دد من العلماء هناك، توفي في 9 شعبان عام (770 هـ-1369 م)، حيث دفن بمسقط رأسه المرية. وقد درس ببلده أولاً ثم بالمدرسة اليوسفية التي أنشأها السلطان يوسف الأول ابن الأحمر في العاصمة (733 ـ 755 هـ/ 1333 ـ1354 م) من تأليفه الطبية: (تحصيل غرض القاصد في تفصيل المرض الوافد) وضعه سنة 747 هجرية، وقد ظهر في تلك السنة وباء في المرية انتشر في كثير من البلدان سماه الإفرنج الطاعون الأسود. بين ابن الخطيب وابن خاتمة الوزير لسان الدين ابن الخطيب (713 ـ 776 هـ) حينما عقد النية على مغادرة الأندلس، التمس إلى سلطانه الغني بالله محمد الخامس ان يسمح له بالسفر إلى المغرب، ثم إلى الحج ان تيسر له، بعد أن ضاق ذرعا بأحوال المملكة يومئذ، بسبب سعاية الوشاة من حساده ومنافسه، فأثار عزمه هذا جزع الكثيرين من أصدقائه الخواص، وفي مقدمة هؤلاء الكاتب الكبير ابن خاتمة الأنصاري، فكتب إلى ابن الخطيب من المرية رسالة مؤثرة، يحاول فيها أن يثنه عن عزمه، وان يقنعه بضرورة البقاء في وطنه، وفيها يقول مخاطبا إياه: «... وإلى هذا يا سيدي، ومحل تعظيمي وإجلالي، أمتع الله الوجود بطول بقائكم، وضاعف في العز درجات ارتقائكم، فانه من الأمر الذي لم يغب عن رأي المقول، ولا اختلف فيه أرباب المحسوس والمعقول، إنكم بهذه الجزيرة شمس أفقها، وتاج مفرقها، وواسطة سلكها، وطراز ملكها، وقلادة نحرها، وفريدة دهرها، وعقد جيدها المنصوص، وكمال زينتها على المعلوم والمخصوص. ثم انتم مدار أفلاكها، وسر سياسة أملاكها، وترجمان بيانها، ولسان إحسانها، وطبيب مارستانها، والذي عليه عقد إدارتها، وبه قوام إمارتها. فلديه يحل المشكل، واليه يلجأ في الأمر المعضل، فلا غرو أن تتقيد بكم الأسماع والأبصار، وتحدق بكم الأذهان والأفكار» ))، وكان ابن خاتمة قد لاحظ حقا رغبة ابن الخطيب في أن يلقي عصا التسيار بالمغرب، وأنه سيستقر فيه نهائيا حتى ولو ذهب إلى الحرمين ثم أدى الفريضة، لذلك علق ابن خاتمة على رغبة ابن الخطيب في رسالته المشار إليها بقوله: «ومتى توازن الأندلس والمغرب، أو يعوض عنها الا بمكة أو يترب. ما تحت أديمها أشلاء أولياء وعباد، وما فوقه مرابط جهاد، ومعاقد ألوية في سبيل الله ومضارب أوتاد. ثم يبوأ ولده مبوأ أجداده، ويجمع له بين طرافه وتلاده. أعيد أنظاركم المسددة من رأى فائل، ومعنى طويل لم يحل منه بطائل. فحسبكم من هذا الإياب السعيد، والعود الحميد». ثم يقول: «والله قد عوض الدنيا بمحبته، فإذا راجعها مثلي من بعد الفراق، وقد رقى لدغتها الف راق، وجمعتني بها الحجرة، ما الذي تكون الأجرة... إني إلى الله تعالى مهاجر، وللعرض الأدنى هاجر، ولأظعان السرى زاجر». ثم يختتم رسالته بقوله: «.. لكني للحرمين جنحت، وفي جو الشوق إليها سرحت، فقد أفضت إلى طريق قصدي محجته، ونصرتني ـ والمنة لله ـ حجته. وقصد سيدي أسنى قصد، توخاه الشكر والحمد... والآمال ـ والحمد لله ـ بعد تمتار، والله يخلق ما يشاء ويختار. ودعاؤه بظهر الغيب مدد، وعدة وعدد، وبره حالي الظعن والإقامة معتمل معتمد، ومجال المعرفة ـ بفضله ـ لا يحصره أحد. والسلام» )). ويرجع تاريخ هذه الرسالة (الجواب) إلى ثاني عشر شعبان سنة 770 هـ ابن خاتمة والوباء الكبير لقد حل بالأندلس على عصر ابن خاتمة الطاعون الجارف الذي اجتاح المشرق والمغرب على السواء، وتفشى في منطقة البحر الأبيض المتوسط عام 749 ـ 750 هـ (1347 ـ 1348 م) وسقطت جمهرة عظيمة من أهل الاندلس بسببه، في مقدمتهم مشاهير من رجالات السياسة والعلم والأدب، من أمثال الرئيس أبي الحسن علي بن الجياب، والقاضي أحمد بن محمد ابن برطال، الذي توفى في مالقة ليلة الجمعة 5 صفر عام 750 هـ، وخرجت جنازته في اليوم التالي في ركب من الأموات يناهز الالف وينيف بمائتين. واستمر ذلك الوباء مدة. وقد تحدث عن هذا الوباء ـ ضمن من تحدثوا ـ ابن خاتمة الأنصاري، حيث وصف عصف الطاعون بثغر المرية، وذلك في رسالة أسماها تحصيل غرض القاصد، في تفصيل المرض الوافد ، وهي مخطوطة بمكتبة الإسكوريال، وتوجد ضمن مجموعة خطية تحت رقم 1785 من فهرست الغزيري. اقوال عنه لسان الدين ابن الخطيب: "صدر يشار إليه، متفنن مشارك، قوي الإدراك، سديد النظر، قوي الذهن، جيد القريحة. إسماعيل ابن الأحمر:«فارس الكتيبة الشعرية، وعالم القلة الأشعرية. ورب المدح المبرأ من القدح، وزند الإدراك لما ورى القدح. والمرسل لنحو العى من الإفصاح بالسرية، المتكلم في فنون العموم بتحقيق النفس السرية. وبه افتخرت المرية؛ إذ ذاته ـ بحسن الثناء ـ هي الحرية. وكتب عن أهل بلده للسلطان، فبرز في الكتب بتلك الأوطان». نماذج من شعره هو الدهر لا يبقى على عائد به فمن شاء عيشا يصطبر لنوائبه فمن لم يصب في نفسه فمصابه بفوت أمانيه وفقد حبائبه ومن قوله العذب في الغزل: فيك الحديث ومورد الانشاد ولك الخطاب اذا أراد الشادي ومنهـــا: يا سالكا بالحسن مسلك آمن طرح اللحاظ خلال ذاك الوادي أياك، وأحذر من عيون ظبائه فلقد سطت عدوا على الآساد أن العيون به قواض، والطى بيض مراض، والظباء عواد ومن النواظر أسعد لكنها بقدودها محروسة بصعاد اني أمرؤ ما زلت أحذر بأسها لكن على حذر سلبت فؤادي يا سرحة الوادي وظلك وارق من لي بجعلي أفوديك وسادي ولابن خاتمة ديوان شعر.

ابن حنون الاشبيلي

أحمد بن حنون الإشبيلي، أبو العباس. شاعر من بيوت إشبيلية وأغنيائها، آل أمره إلى أن اتهم بالقيام على السلطان ففر على وجهه، ثم عفي عنه، في مدة المنصور بن يوسف بن عبد المؤمن، وهو ممن ذكره صفوان في كتاب زاد المسافر، له موشحات مشهورة. يا طَلعَةً أَبدَت قَبائِحَ جَمَّةً فَالكُلُّ مِنها إِن نَظَرتَ قَبيحُ أَبِعَينِكَ الشَّترَاءِ عَينٌ ثَرَّةٌ مِنها تَرَقرَقَ دَمعُها المَسفوحُ شَتِرَت فَقُلتُ أَزَورَقٌ في لُجَّةٍ مالَت بِإِحدي دفَّتَيهِ الرِّيحُ وَكَأَنَّما إِنسانُها مَلاحُها قَد خافَ مِن غَرَقٍ فَظَلَّ يَميحُ

ابن حمديس

أبو محمد عبد الجبار بن أبي بكر الصقلي المعروف بـ ابن حمديس الصقلي (447 - 527 هـ) (1055 - 1133)، شاعر عربي ولد ونشأ في صقلية، ثم تركها ورحل إلى الأندلس سنة 471 هـ، وأقام فيها لفترة ثم انتقل إلى المغرب الأوسط وإفريقية حتى توفي في جزيرة ميورقة سنة 527 هـ، وقد تميز بثقافة دينية جعلت منه حكيمًا من حكماء الحياة، وانعكس ذلك على قصائده. ولد أبو محمد عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد بن حمديس الأزدي في سرقوسة بصقلية أثناء حكم المسلمين لها، وتعلّم فيها، وشارك في بعض معارك المسلمين في إيطاليا في شبابه. وبعد سقوط إمارة صقلية سنة 464 هـ، رحل ابن حمديس إلى الأندلس سنة 471 هـ، فمدح المعتمد بن عباد وكان من شعراء بلاطه. وقد أطال ابن حمديس المدائح في المعتمد وفي ابنه الرشيد، مشيدًا بشجاعته والنصر في معركة الزلاقة. بقصيدة مطلعها: حَمَيْتَ حمى الإسلام إذ ذُدْتَ دونه هزبراً ورشَّحت الرشيد له شبلاً وبعد أن استولى المرابطون على إشبيلية، انتقل ابن حمديس إلى إفريقية سنة 484 هـ، فتردد على المعتمد في محبسه في أغمات وفاءً، ثم غادر بلاط بني زيري في إفريقية يمتدحهم ليتكسّب، فمدح أبي طاهر يحيى بن تميم الصنهاجي، ثم ابنه عليًّا، فابنه الحسن سنة 516 هـ. ولما اضطربت أحوال بني زيري انتقل إلى بني حماد في بجاية. توفي ابن حمديس في رمضان 527 هـ في جزيرة ميورقة وقد بلغ من العمر نحو الثمانين وقد كُفّ بصره، ودُفن إلى جوار قبر الشاعر ابن اللبانة، وقيل مات ببجاية. ولابن حمديس ديوان شعر قال عنه ابن خلكان: «أكثره جيد». ومن هذا الديوان مخطوطة محفوظة في مكتبة الفاتيكان كتبها إبراهيم بن علي الشاطبي سنة 607 هـ. وقد قال ابن بسام الشنتريني عن ابن حمديس في كتابه الذخيرة: «شاعر ماهر يقرطس أغراض المعاني البديعة ويعبر عنها بالألفاظ النفيسة الرقيقة ويتصرف في التشبيه ويغوص في بحر الكلم على درّ المعنى الغريب». ومن شعر ابن حمديس في صقلية التي ظل قلبه معلّقًا بها، قوله: ولله أرضٌ إن عَدِمتم هواءها فأهواؤكم في الأرض منثورةُ النظم وعزّكم يفضي إلى الذل والنوى من البَيْن ترمي الشمل منكم بما ترمي فإنَّ بلاد الناس ليست بلادكم ولا جارها والخِلْم كالجار والخِلم(1) إِلى مَتى مِنكُمُ هَجري وإقْصَائي ويلي وجدتُ أحِبّائي كأعْدائي هُمْ أظمؤُوني إلى ماءِ اللّمى ظمأً تَرَحّلَ الرِّيُّ بي منهُ عنِ الماءِ وخالفونيَ فيما كنْتُ آمُلُهُ منهمْ وَرُبَّ دواءٍ عادَ كالداءِ أَعيا عَليّ وعُذري لا خفاءَ بِهِ رِياضَةُ الصعبِ مِن أَخلاقِ عذراءِ يا هَذِهِ هَذِهِ عَيني الَّتي نَظَرتْ تَبلّ بالدَّمْعِ إِصباحي وَإِمسائي مِن مُقلَتَيكَ كَساني ناظِري سَقَماً فَما لِجسميَ فَيءٌ بيْنَ أفيَاءِ وَكُلُّ جَدْبٍ لَه الأنوَاءُ ماحِيةٌ وَجَدْبُ جسميَ لا تمحوهُ أنْوَائي إنّي لَجَمرُ وَفاءٍ يُستَضاءُ بهِ وأنْتِ بالغدرِ تختارينَ إطفائي حاشاكِ مما اقتضاهُ الذمّ في مثلٍ قد عادَ بعد صَنَاعٍ نقضُ خرقاءِ ما في عتابِكِ من عُتْبَى فأرقبها هل يُسْتَدَلّ على سلمٍ بِهَيْجاءِ ولا لوعدكِ إنجازٌ أفوزُ بهِ وكيف يُرْوي غليلاً آلُ بيداءِ مُؤنِّبي في رَصينِ الحلم حين هَفَا لم يَهْفُ حلميَ إلّا عند هيفاءِ دعْ حيلةَ البُرْءِ في تبريح ذي سَقَم إنّ المشارَ إليه ريقُ لمياءِ مُضنى يردّ سلامَ العائداتِ له مثلَ الغريق إذا صلّى بإيماءِ كأنّه حينَ يستشفيْ بغانيةٍ غيرِ البخيلة يَرْمي الداءَ بالداءِ ما في الكواكب من شمس الضحى عوَضٌ ولا لأسماءَ في أترابِ أسماءِ نَفَى همُّ شيبي سرورَ الشبابِ لقد أظلمَ الشيبُ لمّا أضاءَ قضيتُ لظلّ الصبا بالزوالِ لمّا تحوّلَ عنّي وفاءَ أتعرفُ لي عن شبابي سُلُوّاً ومَن يجدِ الداءَ يبغِ الدواءَ أأكسو المشيبَ سوادَ الخضاب فأجعلَ للصبح ليلاً غطاءَ وكيفَ أُرَجّي وفاءَ الخضاب إذا لم أجِدْ لشبابي وفاءَ وريحٍ خفِيفَةٍ رَوْحِ النّسِيمِ أطّتْ بليلاً وهبّت رُخاءَ سرت وحياها شقيقُ الحياةِ على مَيّت الأرض تُبكي السماءَ فمن صَوْتِ رَعدٍ يسوق السحابَ كما يسمعُ الفحلُ شولاً رغاءَ وتُشْعِلُ في جانبيها البروقُ بريقَ السيوف تُهزّ انتضاءَ فبتّ من الليل في ظلمةٍ فيا غُرّةَ الصبح هاتي الضياءَ ويا ريحُ إمّا مَرَيْتِ الحيا ورَوّيْتِ منه الربوعَ الظماءَ فسوقي إليّ جهامَ السحاب لأملأهنّ من الدمع ماءَ ويسقي بكائيَ ربع الصبا فما زالَ في المحل يسقي البكاءَ ولا تعطِشي طللاً بالحمى تَدَانى على مُزْنَةٍ أو تنائى وإن تَجْهَلِيهِ فَعِيدانُهُ لظى الشمس تلذَعُ منها الكباءَ ولا تعجبي فمغاني الهوى يطيّب طيبُ ثراها الهواءَ ولي بينها مهجةٌ صَبّةٌ تزودتُ في الجسم منها ذماءَ ديارٌ تمشّتْ إليها الخطوبُ كما تتمشّى الذئابُ الضراءَ صحبتُ بها في الغياض الأسودَ وزرتُ بها في الكناس الظباءَ وراءَك يا بحرُ لي جَنّةٌ لبستُ النّعيم بها لا الشقاءَ إذا أنا حاولت منها صباحاً تعرضتَ من دونها لي مساءَ فلو أنّني كنتُ أُعطى المنى إذا مَنَعَ البحرُ منها اللّقاءَ ركبتُ الهلالَ به زورقاً إلى أن أعانقَ فيها ذُكاءَ

ابن جزي الكلبي

محمد بن أحمد بن عبد الله بن يحيى بن يوسف بن عبد الرحمن بن جُزَي الكلبي الغرناطي (ولد يوم التاسع من ربيع الثاني عام 693 هـ الموافق 15 مارس عام 1294 م في مدينة غرناطة عاصمة الأندلس آنذاك، وقُتل في معركة طريف الشهيرة التي دارت رحاها في الأندلس بداية شهر جمادى الأولى من عام 741 للهجرة، الموافق أواخر أكتوبر عام 1340 للميلاد) هو مؤلّف وشاعر وخطيب ومؤرّخ وفقيه إسلامي عاش في نهاية القرن السابع الهجري وبداية الذي تلاه في بلاد الأندلس التي كانت تعيش وقتها فترة نزاعٍ شرس بين المسلمين والمسيحيين على السيادة في أراضيها، وقد كان خطيباً لجامع غرناطة الأعظم. كان كاتباً لأبي الحجاج يوسف النصري. كان من أهل غرناطة. من كتبه كتاب تاريخ غرناطة وأهل الخير وله تفسير للقرآن سمي بالتسهيل في علوم التنزيل. إلا أن معظم الباحثين يرجعون هذا الكتاب لأبيه أبو القاسم بن جزي(1). اشتهر بشعر المدح والتشكي(2). كان له ثلاثة أبناء هم أحمد ومحمد وعبد الله، وقد عملوا في نفس مجالات أبيهم. من مؤلفاته كتاب (القوانين الفقهية) والذي وضع فيه ملخصا للفقه الإسلامي على كافة المذاهب، واتبع في تصنيفه أسلوبا عبقريا غير مسبوق جعله رغم صغر حجمه؛ كتابا قيما وفريدا من نوعه. أملى ابن بطوطة أخبار رحلته على محمد بن جزي الكلبي بمدينة فاس سنة 756 هـ، وسماها تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار. مولده ونسبه هو محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمٰن بن يوسف ابن جُزي، اتفق المؤرّخون على انتمائه لقبيلة بني كلب العربية، والتي يعود نسبها لحمير، ويعود تاريخ اقتطان سلفه بالأندلس نهاية الأول من القرن الهجري الثاني، حين نزل أحد أجداده بمدينة ولبة (ثغر)، التي تقع جنوب غرب إشبيلية أواخر العقد الثالث من القرن الهجري الثاني، وتنقّلت أسرته بين عدة مدن أندلسية في الأجيال السابقة لولادته. ووُلد يوم التاسع من شهر ربيع الآخر عام 693 هـ الموافق 8 مارس عام 1294 م في مدينة غرناطة عاصمة الأندلس. حياته كان على طريقة مثلى من العكوف على العلم، والاشتغال بالنّظر، والتقييد والتدوين، فقيها حافظا، قائما على التدريس، مشاركا في فنون من عربية، وأصول، وقراءات، وحديث، وأدب، حافظا للتفسير، مستوعبا للاقوال، جماعة للكتب، ملوكي الخزانة، حسن المجلس، ممتع المحاضرة، صحيح الباطن. 8 شيوخه قرأ على الامام أبي جعفر بن الزبير (ت708هـ)، وأخذ عنه العربية والفقه والحديث والقرآن الكريم، أبي عبد الله بن الكماد (ت712هـ) ، الخطيب الفاضل أبا عبد الله بن رُشيْد (ت721) ، أبا المجد بن الأحوص، القاضي أبا عبد الله بن برطال، الاستاذ النظار المتفنن أبا القاسم قاسم بن عبد الله بن الشاط. تلاميذه تخرج به الكثير من العلماء، منه : لسان الدين بن الخطيب (ت776هـ) ، ومحمد بن محمد الأنصاري المعروف بابن الخشاب (ت774هـ) ، وأبو عبد الله الشديد (ت بعد 776هـ) ، وكذا أولاده الثلاثة، وهم: أبو عبد الله محمد بن محمد الكاتب(ت757هـ) ، وأبو بكر أحمد بن محمد القاضي (ت758هـ) ، وأبو محمد عبد الله بن محمد. وفاته معركة طريف (1340) التي قُتل فيها ابن جزي في 30 أكتوبر 1340م الموافق 9 جمادى الأولى 741 هجري قُتل ابن جزي الكلبي في معركة طريف التي وقعت جنوب الأندلس بين جيش المسلمين المكوَّن من تحالف المرينيين وبنو نصر الغرناطيين وجيش المسيحيين المكوَّن من تحالف مملكة قشتالة ومملكة البرتغال، وكان ابن جزي مشاركاً مع جيش المسلمين يحثهم على القتال ويشحذ همهم، لكن عندما انتهت المعركة بهزيمة جيوش المسلمين كان ابن جزي قد فُقِد. مؤلفاته التسهيل لعلوم التنزيل تفسير المختصر البارع في قراءة نافع أصول القرّاء الستة غير نافع تصفية القلوب في الوصول إلى حضرة علام الغيوب وسيلة المسلم في تهذيب صحيح مسلم الأنوار السنية في الألفاظ السُنية. حديث. النور المبين في قواعد عقائد الدين. تقريب الوصول إلى علم الأصول. أصول فقه. القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية. فقه مالكى. الفوائد العامة في لحن العامة. المراجع

ابن جابر

هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن جابر الأندلسي الهواري المالكي الأعمى، وكان قد عمي بسبب مرض الجُدَريّ الذي عرض له في صغره بعد دخوله المكتب في أواخر السنة الخامسة من عمره. ولد بالمرية في الأندلس سنة 698 هجرية/1298م، ونشأ بها ودرس على عدد من علمائها في القرآن والنحو والفقه والحديث. صحبه إلى الديار المصرية أحمد بن يوسف الغرناطي الرعينيّ فكان ابن جابر يؤلف وينظم، والرعينيّ يكتب. واشتهرا بالأعمى والبصير، ثم دخلا الشام، فأقاما بدمشق قليلا. وتحولا إلى حلب سنة 743 وسكنا «البيرة» بشاطئ الفرات ثم تزوج ابن جابر، فافترقا، ومات الرعيني فرثاه ابن جابر ومات بعده بنحو سنة في «البيرة». تتلمذ على عدد من الشيوخ مثل: أحمد بن أبي بكر بن عبد الله الأسدي العبشمي أحمد بن علي بن حسن الجزري، أبو العباس الهكاري، 649- 743هـ. خليل بن أيبك الصفدي فاطمة بنت علي بن محمد اليونينية البعلية، بنت الحافظ شرف الدين اليونيني، 665- 730هـ. عبد الله بن محمد بن أبي القاسم فرحون اليعمري علي بن عمر بن إبراهيم القيجاطي، 650- 730هـ. محمد بن سعيد الرندي، محمد الزواوي محمد بن يعيش محمد بن يوسف بن علي بن حيان النفزي يوسف بن الزكي عبد الرحمان المزي ومن تلاميذه: إبراهيم بن علي بن محمد بن فرحون اليعمري إبراهيم بن محمد بن خليل سبط ابن العجمي عبد الله بن محمد بن أبي القاسم فرحون اليعمري عبد الواحد بن عمر بن عياد الأنصاري الأندلسي محمد بن أحمد ابن الحريري محمد بن علي بن محمد بن عشائر السلمي محمد بن محمد ابن الجزري مؤلفاته ألّف الأندلسي العديد من الكتب منها: «شرح ألفية ابن مالك» فرغ منه 756هـ وفيه (315) شاهداً شعرياً. قال السيوطي: وهو كتاب مفيد يعتني بالإعراب للأبيات، وهو جليل جداً، نافع للمبتدئين. وقال حاجي خليفة أيضاً عن الشرح: (هو شرح مفيد، نافع للمبتدئ، لاعتنائه بإعراب الأبيات، وتفكيكها، وحل عبارته. قال السيوطي: لكنه وقع فيه وهم، تتبعتها في تأليفي المسمى بـ: تحرير شرح الأعمى والبصير). و«شرح ألفية ابن معطي» في ثمانية أجزاء. و«نظم فصيح ثعلب». و«نظم كفاية المتحفظ». وبديعية بقافية الميم من بحر البسيط على طريقة الحلي سماها «الحلة السيرا في مدح خير الورى» وتسمى «بديعية العميان». و«غاية المرام في تثليث الكلام». و«المنحة في اختصار الملحة». و«المقصد الصالح في مدح الملك الصالح». وله ديوان نظم العقدين في مدح سيد الكونين، «نُشِر بتحقيق أحمد فوزي الهيب» في دمشق عام 2005م. وله ديوان شعر مطبوع، «جمعه وحققه أحمد فوزي الهيب» ونُشِر في دمشق عام 2006م. شعره نظم ابن جابر الشعر وأكثر من النظم في المديح النبوي، وله فيه ديوان سماه «العقدين في مدح سيد الكونين». وله مشاركة خصبة في الشعر التعليمي إذ نظم فيه فصيح ثعلب وكفاية المتحفظ وغير ذلك، وله بديعية اشتهرت بين البديعيات، وهي قصائد في المديح النبوي. وهذه القصيدة من أشهر قصائده التي يمدح بها النبي محمدا والتي تضمنت أسماء سور القرآن وقد غلا فيها وتوسل توسّلًا غير مشروع: في كلّ فاتحة للقول معتبرة حق الثناء على المبعوث بالبقرَه في آل عمران قِدماً شاع مبعثه رجالهم والنساء استوضحوا خبَرَه قد مدّ للناس من نعماه مائدة عمّت فليست على الأنعام مقتصرَه أعراف نعماه ما حل الرجاء بها إلا وأنفال ذاك الجود مبتدرَه به توسل إذ نادى بتوبته في البحر يونس والظلماء معتكرَه هود ويوسف كم خوفٍ به أمِنا ولن يروّع صوت الرعد من ذكَرَه مضمون دعوة إبراهيم كان وفي بيت الإله وفي الحجر التمس أثرَهْ ذو أمّة كدَوِيّ النحل ذكرهم في كل قطر فسبحان الذي

ابن بقي

أبو بكر يحيى بن محمد بن عبد الرحمن بن بقي الشهير ابن بقيّ (توفي 1145 أو 1150) كان شاعرا أندلسيا من قرطبة أو طليطلة. يعتبر ابن بقي من أشهر شعراء الأندلس. انتقل بين المغرب والأندلس وألف أشعار المدح لأعضاء الأسرة المغربية بني عشرة وهم قضاة مدينة سلا المغربية، ويشتهر بموشحاته. تظهر أشعاره في مختارات المؤرخ أحمد المقري التلمساني. وأفخر على الناس ملء الأرض من شمم العزّ أقعس والآباء أمجاد هل يستوي الناس قالوا كلنا بشر فالمندل الرطب والطرفاء أعواد يا زهر زهر أياد لا كما زعمت زهر النجوم فما للعين أنداد حقا سلكت الفيافي كل موحشة بهماء ساكنها ظبي وفياد يجيب فيها الصدى من ليس يسأله ويقتل الجوع فيها من له زاد وينضب الماء وهو الجم مورده الرمل رمل وهو أعقاد والمرء في الحرّة الرجلاء قد حميت كأنهن من العشاق أكباد من شر ما طرق الأقوام من نوب وخير ما ارتاده للنجم مرتاد يخرجن من جنبات النقع طائرة كأنهن سقوط وهي أزناد ولوا جميعاً بما في الدهر من حسن لا عيب في القوم الا انهم بادوا ،،،،,,,,,,,,,, من ظنّ أن الدهر ليس يصيبه بالحادثات فانه مغرور فالق الزمان مهونا لخطوبه وأنجرّ حيث يجرك المقدور وإذا تقلبت الأمور ولم تدم فسواء المحزون والمسرور

ابن بسام الشنتريني

هو أبو الحسن علي بن بسام الشنتريني (شنترين، 450 هـ - إشبيلية، 542 هـ). من أهل شنترين بالبرتغال حاليا، انتقل إلى قرطبة بعد سقوط مدينته الأصلية في أيادي مسيحيي الشمال بقيادة ألفونسو الأول وقد وصف الكاتب هذا الحادث في أشهر أعماله وكيف خرج من بلده مقهورا وتأثره بهذا المصاب. صنف ابن بسام كتابه «الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة» والذي يعد من أهم المراجع الأدبية والحضارية في بلاد الأندلس. وكان ذلك في سنة 502 هـ في أشبيلية حيث استقر وتفرغ للتأليف معتمدا في كسب عيشه على قلمه يكيل المديح لمن يجزيه عنه بالمال. وله عدة مصنفات أخرى منها: كتاب في شعر المعتمد بن عباد وكتاب في شعر ابن وهبون ورسالة عنوانها سلك الجواهر في ترسيل ابن طاهر ومجموعة مختارة من شعر ابي بكر بن عمار (المصدر موسوعة إعلام الفكر الإسلامي) توفي سنة 542 هـ. أبو الحسن عليّ بن بسّام الشَنْتَريني التغلبي. أديب وعالم في اللغة وشاعر أندلسي. ولد في منتصف القرن الخامس الهجري بشَنْتَرين غربي الأندلس، وهي اليوم في البرتغال إلى الشمال الشرقي من لشبونة (أشبونة) العاصمة، على الضفة اليسرى لنهر التاجُه. كان عصر ابن بسام عصراً مضطرباً يُعدّ أخطر مرحلة في تاريخ الأندلس، أواخر عصر ملوك الطوائف وأوائل الفتح المرابطي، وهي مرحلة بداية انهيار الحكم العربي الإسلامي. ولذلك غادر ابن بسام بلده هارباً من الزحف الإسباني، فارتحل أولاً إلى أشبونة ثم إلى إشبيلية حيث أمضى بضعة أعوام في بؤس ومشقة درس فيها على شيوخها يتعيّش بقلمه وأدبه، لكنه لم يلق فيها التكريم الذي يستحقّ. وفي سنة 494هـ قصد قرطبة، ودرس على شيوخها، واستقرّ فيها بقية حياته. ظهر ابن بسّام على غير توقّع في ذلك الركن القصيّ من الأندلس، حتى إن عبدالله بن إبراهيم الحجاري الأندلسي صاحب «المسهب في أخبار المغرب» يقول: «العجب أنه لم يكن في حساب الآداب الأندلسية أنه سُيبعث من شَنترين قاصية المغرب، ومحلّ الطعن والضرب مَنْ ينظمها قلائد في جيد الدهر، ويُطلعها ضرائر للأنجم الزهر...». كان ابن بسّام حاضر الجواب ممدَّحاً بألسنة الشعراء، لقي ابن عَبْدون (ت520هـ) وابن حَمْديس (ت527هـ)، وأبا بكر مُحمّد بن عُبادة القزّاز (ت484هـ) الذي خاطبه في أثناء مقامه بأشبونة بقوله: يا منيفاً على السِمَاكَين سامِ حُزْتَ فَضْلَ السّباقِ عن بسّام لم يعرف عن ابن بسام أنه خدم أحداً من الأمراء، أو تطفّل على موائدهم أو تقلب في صلاتهم على غرار معاصريه من الأدباء، بل كان عصامياً عزيز النفس يحتمل شظف العيش ولا يريق ماء وجهه. حدّد ابن بسام صلته في الشعر، فقال: «ومع أن الشعر لم أرضه مركباً ولا اتخذته مكسباً، ولا ألفته مثوى ولا مُنقلباً، إنما زرته لِماماً، ولمحته تَهمّماً لا اهتماماً». وقد روي له في «المُغرِب» مقطوعة عدّت من الطبقة الراقية مطلعها: ألا بادِرْ فما ثانٍ سوى ما عهدت: الكأسُ والبدرُ التمام ولئن لم يجرِ ابن بسام في ميدان الشعر طويلاً فإنه قد عوّض عن ذلك بانكبابه على شعر أهل الأندلس يجمعه دواوين ومختارات، وقد عُدَّ الأثر الباقي له «الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة» أهم آثاره، وقد ذكر دوافعه إلى تأليف هذا الكتاب في مقدمته، فذكر أنه رأى انصراف أهل العصر والقطر إلى أدب المشرق والتزوّد منه والإعجاب به وإهمال أدب الأندلس، فأراد أن يبصّر بكتابه هذا أهل الأندلس بتفوّق أدبائهم وروعة إنتاجهم الذي لا يقصّر عمّا أنتجه المشارقة، كما أراد أن يعارض «بالذخيرة» «يتيمة الدهر» للثعالبي، إذ إنّ كلاً من المؤلّفين يتحدث عن محاسن أهل عصره وقطره. ويعدّ ابن بسّام في «الذخيرة» رأس المنحازين إلى الأدب الأندلسي في وجه طغيان أدب المشرق ولم يعرض ابن بسّام لشيء من أشعار الدولة المروانية، ولا للمدائح العامرية، فلم يتعدّ أهل عصره ممن شاهده أو لحقه بعض أهل دهره. يعدّ كتاب «الذخيرة» من أصول الأدب العربي في الأندلس، أبرز فيه مآثر عدد من الشخصيات الفكرية والسياسية والأدبية، ولاسيما محاسن معاصريه من الأدباء والشعراء. وذكر طائفة من مشهوري المغاربة والمشارقة على غرار ما فعل الثعالبي عندما ذكر في «اليتيمة» طائفة من الشعراء المغاربة. ويتجلى في «الذخيرة» علم ابن بسام وإلمامه بتاريخ العرب وتمثّله وحفظه أشعارهم وأمثالهم. وقد قدم لأقسام الكتاب بتمهيد تاريخي ذكر فيه أنه كفاه مؤونته مؤرخ قرطبة ابن حيان (ت469هـ) كما اعتمد تاريخاً منظوماً للأندلس لأبي طالب عبد الجبار المتيني من جزيرة شَقَر، وقد عاش هذا المؤرخ في حدود سنة 520هـ، وبعد هذا التمهيد بدأ تراجم الأعلام فذكر اسم المترجم له ولقبه ونسبه وبلده وبعضاً من شعره ونثره. وقد خالف ابن بسّام كتب التراجم، فكان ينتقل من الجدّ إلى الهزل لتنشيط القارئ، كما أدخل كتابه في حيز الدراسات النقدية والبلاغية، وهي ميزة تضاف إلى ميزات الكتاب، فكان يورد آراء النقاد والأدباء، ويدلي بدلوه في ذلك بآراء وأحكام تدلّ على سعة اطّلاعه على بلاغات العرب السابقين والتفطّن إلى ما ينطوي عليه الكلام من نوادر الأدب والأدباء في عصره، وقد سجّلها في نثر شديد الشبه بنثر الثعالبي في «اليتيمة»، ومع أنه لم يدرج الموشّحات في كتابه، ولم يشارك في هذا الفن، فإنه أثنى على اختراع الأندلسيين له. تذكر لابن بسّام طائفة من المؤلفات، لم تصل إلينا، وهي: «الاعتماد على ما صحّ من شعر المعتمد بن عبّاد» و«الإكليل» المشتمل على شعر عبد الجليل و«سلك الجواهر في ترسيل ابن طاهر» و«نخبة الاختيار من أشعار ذي الوزارتين أبي بكر بن عمّار» و«ذخيرة الذخيرة» و«سرّ الذخيرة»

Sunday 15 October 2023

ابن باجة

فيلسوف من القرن الثاني عشر وطبيب وفيلسوف ومسح وموسيقي وشاعر الأندلس أَبُو بَكْرْ مُحَمَّدْ بِنْ يَحْيَى بْنْ اَلصَّائِغْ بْنْ بَاجَهْ اَلتَّجِيبِي المَعروف بِابْنِ بَاجَهْ، من أبرز الفلاسفة المسلمين، اهتم بالطب والرياضيات والفلك والأدب والموسيقى، كان أحد وزراء وقضاة الدولة المرابطية. يعرف عند الغرب (باللاتينية: Avempace: آفيمبس) نشأ في سرقسطة وعمل كاتبا لإبراهيم بن تيفلويت الذي كان يكرمه بسخاء بالغ إذ كان كلاهما يحب الموشحات والموسيقى حتى عينه بن تيفلويت وزيرا وبقي كذلك حتى وفاته بعد أن استطاع ألفونسو المحارب إسقاط دولة بني هود في سرقسطة، اتجه بن باجة إلى شاطبة حيث كانت لا تزال تحت سيطرة أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن تاشفين وكانت علاقة بن باجة بابن أبي الزهر والفتح بن خاقان سيئة حتى أن بن خاقان ألف كتاب قلائد العقيان ومحاسن الأعيان ردا على بن باجة اتهمه فيه بالإلحاد والزندقة ومع ذلك بقي بن باجة وزيرا للمرابطين لمدة عشرين سنة على الأقل حتى مات. تشير عدة مصادر إلى أنه قتل مسموما في مدينة فاس المغربية من قبل بعض خصومه من الأطباء والأدباء. رغم موقف المرابطين المتشدد من العلماء أمثال بن باجة، إلا أنه عين قاضيا على مراكش وفاته ولقد کان للفلاسفة في إفریقیة خصوم الدّاء، ولعل ابن باجة کان اسوأ فلاسفة من خصومه حظاً رموہ بالمروق والإلحاد، وقام الفتح ابن خاقان یغري به العامة والرؤساء، وقد کان ابن باجة یشارك الأطباء في صناعتهم فحدوہ حتی بلي بتحن کثیرۃ وشناعات من العوام وقصدوا إھلاکه وسلمه الله منھم۔ وأخیراً نجح الطیب أبو العلاء بن زھر في دس السم له فمات متأثراً به في رمضان عام 533 هـ (مايو 1138م) في فاس، وبھا دفن، وکان قبرہ قرب قبر ابن العربي. وودع ابن باجة الدنیا ولما یتجاوز مضمار الشباب. مؤلفاته يسرد ابن أبي أصيبعة لائحة بثمانية وعشرين مؤلفاً ينسبها إلى ابن باجّة، تقع في ثلاث فئات مختلفة: شروح أرسطوطاليس، تآليف إشراقية، ومصنفات طبية. فمن تآليفه في الطب: كلام على شيء من كتاب الأدوية المفردة لجالينوس، كتاب التجربتين على أدوية ابن وافد، وكتاب اختصار الحاوي للرازي وكلام في المزاج بما هو طبي. كان لكتاباته أثر عظيم على ابن رشد ولفلسفة ابن باجّة قيمتان أساسيتان، أولاهما أنه بنى الفلسفة العقلية على أسس الرياضيات والطبيعيات فنزع عن الفلسفة الإسلامية سيطرة الجدل، وخلع عليها لباس العلم. وثانيتهما أنه أول فيلسوف في الإسلام فصل بين الدين والفلسفة في البحث، وانصرف إلى العقل ولهذا اتهم بالإلحاد والخروج عن تعاليم الدين، وقد لام أبو حامد الغزالي لميله إلى التصوف. وقال ابن باجة إن الإنسان يستطيع بلوغ السعادة عن طريق العلم والتفكير لا بإماتة الحواس وتجسيم الخيال، كما يفعل المتصوفون، وقد رأى أن الغزالي خدع نفسه، وخدع الناس حين قال في كتابه «المنقذ من الضلال» إنه بالخلوة ينكشف العالم للإنسان" ابن باجة —أصل ابن باجة جميع أصول كتبه العربية ضاعت ولم ينتقل إلينا منها إلا ما ترجم في حينه إلى اللاتينية وما نقله من جاء بعده من الفلاسفة كابن رشد. وابن ميمون وأشهر هذه المترجمات (تدبير المتوحد) الذي تخيل فيه مدينة لا يشغل أهلها غير (تدبير) واحد أو غاية واحدة طريقها العقل فتتحقق لها ولهم السعادة. ويقسم ابن باجة غايات الإنسان إلى جسدية وروحانية وعقلية وهذه الأخيرة هي أرقاها. ولابن باجة أيضا (رسالة الوداع) التي أهداها لأحد أصحابه وهو على أهبة سفر طويل خشي ألا يراه بعده، ورسالة (الاتصال) و(كتاب النفس) وكتاب (الكون والفساد)، وكتاب (رسالة الوداع). تآليف إشراقية رسائل ابن باجة الإلهية مصنفات في الطب كلام على شيء من كتاب الأدوية المفردة لجالينوس كتاب التجربتين على أدوية ابن وافد كتاب اختصار الحاوي للرازي كلام في المزاج بما هو طب مشروعه عمد ابن باجة إلى العودة بالفلسفة إلى أصولها الأرسطية خالصة كما هي في كتب أرسطو مبتعدا عن أفكار العرفان والأفلاطونية المحدثة فكان بذلك أحد أفراد تيار تجديدي أندلسي حاول فصل الأفكار العرفانية التي اختلطت كثيرا بالفكر الإسلامي والذي بدأ بمشروع ابن حزم الذي عمد إلى تأسيس منهج العودة إلى الأصول واستبعاد القياس في الفقه واستأنف بعد ابن باجة بابن رشد الذي عمد إلى فصل نظام البيان الفقهي عن نظام البرهان الفلسفي. بمصطلح آخر فصل الدين عن الفلسفة كأنظمة استنتاجية وربطهما عن طريق الغايات والأهداف. فلسفته في الإنسان : ابن باجة كل حي يشارك الجمادات في أمور، وكل إنسان يشارك الحيوان في أمور... لكن الإنسان يتميز عن الحيوان غير الناطق والجماد والنبات بالقوة الفكرية، ولا يكون إنسانا إلا بها ابن باجة —أصل ابن باجة في منازل الناس: المرتبة الجمهورية: وهؤلاء لا ينظرون إلا للمعقول. المرتبة النظرية: وهؤلاء ينظرون إلى الموضوعات أولاً، وإلى المعقول ثانياً ولأجل الموضوعات. مرتبة السعداء: وهم الذين يرون الشيء بنفسه. يا شائقي حيث لا أسطيع أدركه ولا أقــول غـداً أغـدو فـألقـاه أمّـا النـهار فليلي ضمّ شملته عـلى الصّـبـاح فـأولاه كأخراه أغــرّ نــفــســي بــآمـالٍ مـزورّةمـنـها لقاؤك والأيّام تأباه

ابن سفر المريني

ابن سفر المريني هو أبو الحسن محمد بن سفر، من شعراء عصر الموحدين في المئة السادسة وهو شاعر المرية «بشرقي الأندلس» حيث نشأ وترعرع. وأكثر شعره في وصف الطبيعة، قال عنه المقري التلمساني في كتابه «نفح الطيب» أحد الشعراء المتأخرين عصراً المتقدمين قدراً والإحسان له عادة. وهو أحدالشعراء في بلاد الأندلس. ابن سفر المريني يتعلق بالأندلس فيراها روضة الدنيا وما سواها صحراء. فــي أرض أنـدلسٍ تـلتذّ نـعماء ولا يـفـارق فـيها الـقلب سـرّاء أنـهارها فـضةٌ والـمسك تـربتها والـخزّ روضـتها، والـدُرُّ حصباء ولـلـهواء بـها لـطف يـرقّ بـ ـمن لا يـرقّ وتـبدو مـنه أهواء لـيس الـنّسيم الذي يهفو بها سحراً ولا انـتـشار لآلـي الـطلّ أنـداء ُ وإنّـمـا أرج الـنـدّ اسـتثار بـها ف ـي مـاء ورد فـطابت منه أرجاء وأيـن يـبلغ مـنها مـا أُصـنّفه؟ وكـيف يحوي الذي حازته أحصاء؟ قد مُيّزت من جهات الأرض حين بدت فـريـدةً وتـولّـى مـيزها الـماءُ دارت عـليها نـطاقاً أبـحر خـفقت وَجْـَداً بـها إذ تَـبدّت وهي حسناء لـذاك يـبسم فـيها الزّهر من طربٍ والـطّير يـشدو ولـلأغصان إصغاءُ فـيها خـلعت عِـذارِي ما بها عوضٌ فـهي الرّياض وكل الأرض صحراء

ابن شهيد

عبد الملك بن أحمد بن عبد الملك بن شهيد القرطبي، أبو مروان. وزير، من أعلام الأندلس ومؤرخيها وندماء ملوكها. ولد ومات بقرطبة. له (تاريخ) كبير يزيد على مئة جزء، بدأه بعام الجماعة (سنة 40 هـ) وختمه عام وفاته، مرتباً على السنين. وجمع ما وجد من شعره في (ديوان - ط). أَمِن رَسْمِ دارٍ بالعَقِيقِ مُحيلِ وَلمّا هَبَطْنَا الغَيْثَ تُذْعَرُ وحْشُهُ على كُلِّ خَوَّارِ العِنانِ أَسِيلِ وَثارَتْ بَناتُ الأَعْوَجِيّاتِ بالضُّحَى أَبابِيلَ مِن أَعْطَافِ غَيْرِ وَبِيلِ مُسَوَّمةً نَعْتَدُّها مِن خِيارِها لطَرْدِ قَنِيصٍ أَوْ لطَرْدِ رعِيلِ إِذا ما تَغَنَّى الصَّحْبُ فَوْقَ مُتُونها ضُحيّا أَجابَتْ نَحْتَهُمْ بصَهِيلِ نَدُوسُ بها أَبْكارَ نَوْرٍ كأَنَّهُ رِداءُ عَرُوسٍ أُوذِنَتْ بحَلِيلِ رَمَيْنا بها عرْضَ الصُّوارِ فأَقْعَصَتْ أَغَنَّ قَتَلْنَاهُ بغَيْرِ قَتِيلِ وبادَرَ أَصْحابي النُّزُولَ فأَقَبَلَتْ كَرادِيسُ من عَضِّ الشَّواءِ نَشِيلِ نُمَسِّحُ بالجودان مِنه أَكُفَّنا إِذا ما اقْتَنَصْنا منه غَيْرَ قَلِيلِ فقُلْنا لساقِيها أَدِرْها سُلافةً شَمُولاً ومِن عَيْنَيْكَ صِرْفَ شَمُولِ فقامَ بكأسَيْهِ مُطيعاً لأَمْرِنا يَمِيلُ به الإِدْلالُ كُلَّ ممِيلِ وشَعْشَعَ راحَيْه فَمازالَ مائِلاً برأَسٍ كَرِيمٍ منهُمُ وتَلِيلِ إِلَى أَن ثَناهُمْ راكِدِينَ لِما احْتَسوا خَلِيعِينَ مِن بَطْشٍ وفَضْلِ عُقُولِ نَشاوَى على الزَّهْراءِ صَرْعَى كأَنَّهُمْ أَساطِينُ قَصْرٍ أَوْ جُذُوعُ نَخِيلِ

ابن الكتاني

أخذ مهنة الطب عن عمه محمد بن الحسين، فكتب عددًا من الرسائل في الطب، كما كتب في الأدب عدة رسائل أشهرها «نُقط العروس». أخذ ابن الكتاني أيضًا علم المنطق عن جملة من العلماء منهم المجريطي، كما له دراية واسعة بعلوم الفلسفة والنجوم إلى جانب كونه شاعرًا وأديبًا. خدم ابن الكتاني الحاجب المنصور وابنه المظفر، وانتقل زمن الفتنة إلى سرقسطة. عاش ابن الكتاني بضعًا وسبعين سنة، وكتب العديد من الكتب أشهرها «محمد وسعدى» و«كتاب التشبيهات من أشعار أهل الأندلس» و«معالجة الأمراض الخطرة البادية على البدن من الخارج» والأخير محفوظ منه نسخة في المكتبة الوطنية لعلم الطب في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد أثنى عليه ابن وافد، فقال: «كان دقيق الذهن، ذكي الخاطر، جيد الفهم، حسن التوحيد والتسبيح، وكان ذا ثروة وغنى واسع». توفي ابن الكتاني نحو عام 420 هـ، وقد قارب الثمانين.

Saturday 14 October 2023

ابن القطاع الصقلي

أبو القاسم ابن القطاع الصقلي، واحد من أئمة اللغة والأدب في تاريخ العربية، وصاحب كتاب الأفعال الذي لم يؤلف مثله، ولعلو منزلته وصف بأنه "بطل لا يناجز، وجبل لا يناهز"، فمن هو ابن القطاع الصقلي؟ اسمه نسبه هو العلامة شيخ اللغة أبو القاسم علي بن جعفر بن علي بن محمد بن عبد الله بن حسين بن أحمد بن محمد بن زيادة الله بن محمد بن الأغلب. الأغلبي، السعدي، الصقلي المولد، المصري المنزل والوفاة، الكاتب اللغوي. المشهور بـ "ابن القطاع الصقلي". والأغالبة أحد بني مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وينتهي نسبهم إلى معد بن عدنان. نشأته وتعليمه ولد ابن القطاع بجزيرة صقلية في العاشر من صفر سنة 433هـ = التاسع من أكتوبر سنة 1041م. وكانت نشأته في بيت علم وأدب ولغه وفضل، قال ياقوت الحموي: "وكان أبوه ذا طبقة عالية في اللغة والنحو، وجده علي شاعرا محسنا، مدح الحاكم، وجد أبيه من الشعراء أيضا، وجد جده الحسين بن أحمد". وفي صقلية قرأ على أبي بكر محمد بن البر الصقلي اللغوي، من أكبر علماء اللغة والنحو بصقلية. وكان مما روى عنه "كتاب الصحاح" لإسماعيل بن حماد الجوهري، ومن طريقه اشتهرت رواية هذا الكتاب في جميع الآفاق. ومن شيوخه والده أبو محمد جعفر بن علي، له مصنفات في اللغة والعروض، قال في الإنباه: "أحد العلماء باللغة المبرز فيها، وله في الترسل طبع نبيل، وفي المعاني، ونقد الشعر حظ جزيل، قد كان في وسط المائة الخامسة موجودا في صقلية. والله أعلم" انتقاله إلى مصر وفي سنة 455هـ رحل ابن القطاع عن صقلية لمّا استولى عليها الإفرنج، قال السلفي: سمعت عبد الواحد بن غلاب يقول: سمعت أبا القاسم بن القطاع يقول: لما خرجت من المغرب (صقلية)، شيعني شيخي أبو بكر محمد بن علي ابن البر التميمي اللغوي، وقال: توجه حيث أردت، فما يرى مثلك. وقد انتهى به المطاف في حدود سنة 500هـ إلى مصر، فاحتفل المصريون لقدومه وصدوره، وبالغ أهلها في إكرامه، وسمعوا منه (صحاح) الجوهري، وأحسنت إليه الدولة العبيدية الفاطمية في مصر فأقام بمدينة القاهرة متصدِّرًا للإفادة، وكلّفه الأفضل بدر الجمالي وزير الآمر بالله العبيدي الفاطمي تعليم أولاده. مكانته قال ياقوت: "وكان إمام وقته ببلده وبمصر في علم العربية وفنون الأدب". وقال ابن خلكان: " كان أحد أئمة الأدب خصوصًا اللغة، وله تصانيف نافعة ..، وأجاد في النحو غاية الإجادة". وقال الذهبي: " العلامة، شيخ اللغة ..، له نظم جيد وفضائل "، وقال: "وكان ذكيًا شاعرًا، راوية للآداب". وقال الفيروزآبادي: "قرأ بها (صقلية) الأدب وبرع وله تصانيف حسان، من أجلها: كتاب الأفعال. لم يؤلف في معناه أجل منه على اختصاره، وله عروض جامع". وقال في حقه ابن فضل الله العمري في مسالك الأبصار: "بطل لا يناجز، وجبل لا يناهز، أعجز بحره من عام به، ورد بحره كل كميّ هز عامله، قعد للإفادة كل أيامه. متح غدر طرفيها ورادا، ويلزّ بنقعها سعدا وورّادا حتى أفاق آنية أفهامهم فأترعها، وأخصب أندية أيامهم فأمرعها، ونقلت الألسنة ما سمعتها فملأت بها الآذان، ونقلتها إلى حيث تسمع الأذان، تجاوز محدودا ولم يكن مثله في القوم على كثرتهم معدودا، فلهذا عرف معماه، وبقي اسمه وقد ذهب مسمّاه". وقد أشارت جلّ المصادر التي ترجمت لابن القطّاع إلى ما أسمته تساهلًا في الرواية عنده، ومن ذلك ما قاله صاحب الإنباه: "وقد كان نقدة المصريين يَسِمونه بالتساهل في الرواية، فمن ذلك أنه لما دخل إلى مصر سئل عن كتاب الصحاح في اللغة للجوهري، فذكر أنه لم يصل إليهم، ثم لمّا رأى اشتغال الطلبة به ورغبة الناس فيه ركّب له طريقًا في روايته، (وعبارة الفيروزآبادي: ركّب إسنادًا) وأخذه الناس عنه مقلدين له إلا الأقل من محققي النقل في ذلك الوقت". وقد ردّد هذا الكلام ابن خلكان، والصفدي، والفيروزآبادي وساق هذا الأخير أدلة تؤيّده. ومهما يكن، فإن تساهله في رواية الصحاح -إن صح ما ذكره صاحب الإنباه ومن تبعه- لم يقلل من مكانته، فقد شهد له أكثر من ترجم له بأنه إمام وقته ببلده وبمصر في علم العربية وفنون الأدب. من تلاميذه عندما دخل ابن القطاع الصقلي مصر تصدر للتدريس والإفادة، وكانت له حلقات علم وأدب ولغة، فكثر تلاميذه في مشارق مصر ومغاربها، بل وخارجها، وكان أبو البركات العرقي وأبو محمد بن بري (ت582هـ) من أشهر تلامذته في مصر. ومن تلاميذه ابنه محمد أبو علي بن القطاع (ت 516هـ)، كانت له حلقة في جامع عمرو بن العاص بمصر لإقراء اللغة وكان دمث الأخلاق مالكي المذهب مائلا إلى الحديث. ومنهم أبو محمد عبد الدائم ابن عمر بن حسين، وسلامة بن غياض بن أحمد أبو الخير الكفرطابي النحوي قرأ الأدب على ابن القطاع. و أبو العز نصرون بن فتوح بن الحسين الخرزي، وهو من خواص أصحابه أبي القاسم ابن القطاع. ومنهم: أبو الحسين هبة الله بن علي بن الحسن المصري الكاتب، وأبو محمد روزبه بن محمد، وأبو البركات عبد الواحد بن عبد الرحمن بن غلاب القضاعي السوسي، وأبو حفص عمر بن عبد العزيز بن عبيد بن يوسف الطرابلسي المالكي، وغيرهم الكثير. غيرته على العلم والكتاب روى الحافظ السلفي عن أبي العز نصرون وهو من خواص أصحاب أبي القاسم ابن القطاع، فقال: "مرضت مرضة أشفيت منها على الموت وبعت فيها كتبا أدبية وغير أدبية، ومن جملتها صحيح البخاري وصحيح مسلم، فذكرت ذلك بعد إفاقتي من مرضي لأبي القاسم بن القطاع، فغضب عليَّ غضبا شديدا، وقال: كنت تقنع ببيع كتب الأدب فعنها عوض وتترك عندك الصحيحين، هل رأيت مسلما يخرج الصحيحين من داره؟! هل رأيت مسلما يخرج الصحيحين من داره؟! ولم يزل يردد ذلك حتى استحييت من نفسي ومن الحاضرين وندمت غاية الندم". كتبه ومصنفاته ولابن القطاع عدة تصانيف وكتب في اللغة والأدب، لم يطبع منها إلا كتابه المشهور "الأفعال"، أما كتبه الأخرى فما زالت بين مخطوط ومفقود، فمن المخطوط كتاب "أبنية الأسماء" جمع فيه أبنية الأسماء كلها، قال ابن خلكان: "جمع فيه فأوعب، وفيه دلالة على سعة اطلاعه"، وكتاب "العروض البارع"، و"الشافي في القوافي"، و"أبيات المعاياة". ومن المفقود: "الدرّة الخطيرة في المختار من شعر شعراء الجزيرة" (يعني جزيرة صقلية) اشتمل على مئة وسبعين شاعرًا، وعشرين ألف بيت من الشعر، وقد بقيت منه نقول متفرقة في المصادر، وقد حقق المستشرق أومبرتو ريتستانو منتخبات من هذا الكتاب. و"لمح الملح" جمع فيه طائفة من أشعار أهل الأندلس، و"فرا ئد الشذور وقلائد النحور" في الأشعار، و"ذكر تاريخ صقلية"، وكتاب "شرح الأمثلة"، و"حواش على كتاب الصحاح" وهي حواش وصفت بأنها نفيسة، اعتمد عليها أبو محمد بن بري فيما تكلم عليه من حواشي الصحاح. كتاب الأفعال وكتاب "الأفعال" أشهر كتب ابن القطا الصقلي، وهو في ثلاث مجلدات، وقد وصفه الفيروزآبادي بأنه من أجل كتبه، وقال ابن خلكان: "أحسن فيه كل الإحسان، وهو أجود من الأفعال لابن القوطية، وإن كان ذلك قد سبقه"، وقال ياقوت: "وكتاب الأفعال هذّب فيه أفعال ابن القوطية وأفعال ابن طريف وغيرهما في ثلاث مجلدات". وقال الذهبي: "وما أغزر فوائده". والناظر في هذا الكتاب يدرك صحة ما قاله ياقوت من أنه تهذيب لأفعال ابن القوطية، إلا أنه خالفه في المنهج، واستدرك عليه طائفة من الأفعال، وكان يشير إلى كلام ابن القوطية بالحرف (ق)، وإلى ما استدركه عليه بالحرف (ع). من أشعاره ولابن القطاع أشعار كثيرة، منها: يا ربّ قافية بكر نظمت بها *** في الجيد عقدا بدرّ المجد قد رصفا يودّ سامعها لو كان يسمعها *** بكلّ أعضائه من حسنها شغفا ومنه: وشادنٍ في لسانه عقدٌ *** حلت عقودي وأوهنت جلدي عابوه جهلًا بها فقلت لهم *** أما سمعتم بالنفث في العقد وله من جملة قصيدة: فلا تنفدن العمر في طلب الصبا *** ولا تشقين يومًا بسعدى ولا نعم ومن شعره: ألا فليوطّن نفسه كلّ عاشق *** على سبعة محفوفة بغرام رقيب وواش كاشح ومفنّد *** ملحّ ودمع واكف وسقام وقال السلفي: سمعت أبا الحسين هبة الله بن على بن الحسن الكاتب الفرضى بمصر يقول: سمعت أبا القاسم على بن جعفر بن علىّ اللغوىّ الصّقلىّ يقول: كتب إلىّ أبو الفضل يوسف بن حسداي الوزير الهارونيّ بسرقسطة من مدن الأندلس حين دخلها: أعيذك بالله من فاضل *** أديب تداهى على صحبه فأعرض محتقرا بزّهم *** وكلّ ينافس فى جلبه فلما أذاع لدينا سرائ *** ر ما كان أودع فى قلبه جلا كل معجزة من نظيم *** لآلئه وحلى عصبه فهل جاز سمعا ولم يلهه *** ومرّ بقلب ولم يصبه! فأجبته مرتجلا: بدأت بفضل أتاه الكريم *** ولا غرو منك ابتداء به لأنك مغرى بفعل الجميل *** مهين لما عزّ فى كسبه أتتنى أبياتك الرائقات *** بشــأو بعيد على قربه ونظم جلا النّظم فى أنقه *** وحلّى له الجدى فى قطبه فأنطقنى حسنه واجترأت *** وقلت من الشعر فى ضربه وعوّلت فيه على فضله *** وما خصّه الله من إربه وفاته ظل ابن القطاع الصقلي رحمه الله في مصر متصدرا للتعليم والإفادة، حتى توفي في صفر سنة 515هـ / 1121م، ودفن قرب ضريح الإمام الشافعي. فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرا. _________________ المصادر والمراجع: - السلفي: معجم السفر، المحقق: عبد الله عمر البارودي، الناشر: المكتبة التجارية - مكة المكرمة. - الذهبي: تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، المحقق: عمر عبد السلام التدمري، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة: الثانية، 1413هـ / 1993م. - القفطي: إنباه الرواة على أنباه النحاة، المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم، الناشر: دار الفكر العربي - القاهرة، ومؤسسة الكتب الثقافية – بيروت، الطبعة: الأولى، 1406 هـ / 1982م. - ياقوت الحموي: معجم الأدباء، المحقق: إحسان عباس، الناشر: دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة: الأولى، 1414هـ / 1993م. - ابن خلكان: وفيات الأعيان، المحقق: إحسان عباس، الناشر: دار صادر – بيروت. - الفيروزآبادى: البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة، الناشر: دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع الطبعة: الأولى 1421هـ / 2000م. - ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب في أخبار من ذهب، حققه: محمود الأرناؤوط، خرج أحاديثه: عبد القادر الأرناؤوط، الناشر: دار ابن كثير، دمشق – بيروت، الطبعة: الأولى، 1406هـ / 1986م. - ابن حجر: لسان الميزان، دائرة المعرف النظامية – الهند، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت – لبنان، الطبعة: الثانية، 1390هـ /1971م. - السيوطي: بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم، الناشر: المكتبة العصرية، صيدا - لبنان.

ابن الفخار القرطبي

الإمام العلامة الحافظ ، شيخ الإسلام ، عالم الأندلس ، أبو عبد الله ، محمد بن عمر بن يوسف بن الفخار ، القرطبي المالكي . ولد سنة نيف وأربعين وثلاثمائة . حدث عن : أبي عيسى الليثي ، وأبي محمد الباجي ، وأبي جعفر بن عون الله ، وطبقتهم ، وحج ، وسمع بمصر من طائفة ، وجاور بالمدينة . وقد تفقه بأبي محمد الأصيلي ، وأبي عمر بن المكوي . وكان رأسا في الفقه ، مقدما في الزهد ، موصوفا بالحفظ ، مفرط الذكاء ، عارفا بالإجماع والاختلاف ، عديم النظير ، يحفظ " المدونة " سردا ، و " النوادر " لأبي محمد بن أبي زيد . أريد على الرسلية إلى أمراء البربر ، فأبى ، وقال : بي جفاء ، وأخاف أن أوذى . فقال الوزير : ورجل صالح يخاف الموت! فقال : إن أخفه ، فقد خافه أنبياء الله ، هذا موسى قد حكى الله عنه : ففررت منكم لما خفتكم . قال ابن حيان : توفي الفقيه الحافظ المشاور ، المستبحر [ ص: 373 ] الرواية ، البعيد الأثر ، الطويل الهجرة في طلب العلم ، الناسك المتقشف ، أبو عبد الله بن الفخار بمدينة بلنسية في عاشر ربيع الأول سنة تسع عشرة وأربعمائة فكان الحفل في جنازته عظيما . وعاين الناس فيها آية من طيور شبه الخطاف وما هي بها تخللت الجمع رافة فوق النعش ، جانحة إليه ، مشفة إليه ، لم تفارق نعشة إلى أن ووري ، فتفرقت ، وتحدث الناس بذلك وقتا . مكث مدة ببلنسية مطاعا ، عظيم القدر عند السلطان والعامة ، وكان ذا منزلة عظيمة في الفقه والنسك ، صاحب أنباء بديعة . قال جماهر بن عبد الرحمن : صلى على ابن الفخار الشيخ خليل التاجر ، ورفرفت عليه الطير إلى أن تمت مواراته . وكذا ذكر الحسن بن محمد القبشي من خبر الطيور ، وزاد : كان عمره نحو الثمانين ، وكان يقال : إنه مجاب الدعوة . واختبرت دعوته في أشياء . وقال أبو عمرو الداني : مات في سابع ربيع الأول سنة 419 عن ست وسبعين سنة ، وهو آخر الفقهاء الحفاظ ، الراسخين العالمين بالكتاب والسنة بالأندلس رحمه الله . [ ص: 374 ] وقال القاضي عياض : كان أحفظ الناس ، وأحضرهم علما ، وأسرعهم جوابا ، وأوقفهم على اختلاف الفقهاء وترجيح المذاهب ، حافظا للأثر ، مائلا إلى الحجة والنظر . فر عن قرطبة إذ نذرت البربر دمه عند غلبتهم على قرطبة .